أَبَرُّ شُهُودِي أَنَّني لَكَ عاشِقٌ
أَبَرُّ شُهُودِي أَنَّني لَكَ عاشِقٌ / سُهادي وَسُقمي وَالدُمُوعُ الدَوافِقُ
فَجُودا بِلا مَنٍّ وَجُودَا بِلا أَذىً / فَما ماتَ مَومُوقٌ وَلا عاشَ وَامِقُ
فَلا عارَ في وَصلِ اِمرِئٍ ذِي صَبابَةٍ / فَذا الناسُ مُذ كانُوا مَشُوقٌ وَشائِقُ
وَلا تَحسَبِ الشَكوى الدَليلَ عَلى الهَوى / فَكَم صامِتٍ وَالدَمعُ عَن فيهِ ناطِقُ
لَقَد مُنِعَ النُطقَ اللِسانُ وَعاقَهُ / عَنِ البَثِّ وَالشَكوى مِن البَينِ عائِقُ
وَمِن أَينَ لي قَلبٌ يُؤَدّي عِبارَةً / إِلى مَنطِقي وَالبَينُ بِالقَلبِ آبِقُ
فَآهٍ عَلى سُلطانِ حَقٍّ مُوَفَّقٍ / لِما جاءَ في القُرآنِ حَقّاً يُوافِقُ
فَيَقطَعُ في حَقّي يَدَ البَينِ إِنَّهُ / لِسَوداءِ قَلبي يَومَ نُعمانَ سارِقُ
خَليلَيَّ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانَ إِنَّني / بِحِبلِكُما دونَ البَرِيَّةِ واثِقُ
أَبُثُّكُما وَجدي وَأَشكُو إِلَيكُما / جَوىً بَينَ أَثناءِ الحَشا لا يُفارِقُ
وَأُنبِيكُما أَنّي عَلى ما عَهِدتُما / إِذا ضَيَّعَ العَهدَ المَلُولُ المماذِقُ
فَعَزماً فَفي وَخدِ المَطايا تَعِلَّةٌ / لِذي هِمَمٍ وَالمَوتُ غادٍ وَطارِقُ
وَقَد يَفجَأُ المَرءَ الحِمامُ وَما قَضى / لَهُ وَطَراً وَالناسُ ماضٍ وَلاحِقُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / بِحَيثُ اِلتَقى سِقطُ اللِّوى وَالأَبارِقُ
وَهَل أَرَيَنَّ العِيسَ تَهوي رِقابُها / بِنا حَيثُ أَنقاءُ العُيونِ الشَواهِقُ
وَهَل أَرِدَن ماءَ العُذَيبِ غُدَيَّةً / وَقَد مَلَّ حادينا وَضَلَّ الفُرانِقُ
وَهَل تَصحَبَنّي فِتيَةٌ أَبَواهُمُ / عَلِيٌّ وَفَضلٌ لا صَدِىٌّ وَغافِقُ
وَشُعثٌ أطارَ النَومَ عَنها وَلاحَها / رُكوبُ المَرامي وَالهُمومُ الطَوارِقُ
سَرَت مِن قُرى البَحرَينِ وَاِستَنهَضَتهُمُ / هُمومٌ بِأَدناها تَشيبُ المَفارِقُ
أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَسدُو كَأَنَّها / بِنا بَينَ أَجزاعِ المُرارِ النَقانِقُ
صِلُوا اللَيلَ وَخداً بِالمَطايا فَإِنَّها / شَوارِفُ بُزلٌ لَيسَ فيها حَقائِقُ
فَقالَوا رُوَيداً بِالمَطِيِّ فَإِنَّها / رَذايا وَذا يَومٌ مِن الحَرِّ ماحِقُ
فَقُلتُ أَبُقياً كُلُّ هَذا وَرأَفَةً / عَلَيها وَهَل لِلسَيرِ إِلّا الأَيانِقُ
فَمِيلُوا عَلَيها بِالسِياطِ وَعَرِّفُوا / ذَوي الجَهلِ مِنّا كَيفَ تَحوي الوَسائِقُ
وَعَدُّوا وَرُدُّوا عَن كَظيمٍ وَنَكِّبُوا / غَضايا فَما بِالنَومِ تُطوى السَمالِقُ
وَلا تَرِدُوا إِلّا اِلتِقاطاً وَلَو أَتى / ظَماها عَلى أَجرانِها وَالوَدائِقُ
فَإِن هِيَ لِلوَفراءِ تاقَت فَإِنَّني / إِلى مَورِدٍ عَذبٍ بِحَرّانَ تائِقُ
إِلى مَورِدٍ لا يَعرِفُ الأَجنَ ماؤُهُ / وَلا نَبَتَت في حافَتيهِ الغَلافِقُ
جَرى مِن يَمينِ الأَشرَفِ المَلكِ ماؤُهُ / فَكُلُّ خَليجٍ مِنهُ لِلعَينِ رائِقُ
حَرامٌ عَلَيها دُونَهُ الماءُ وَالكَلا / وَأَن تَلتَقي أَعضادُها وَالمَفارِقُ
فَيَومَ تُوافيهِ تُراحُ وَيَنقَضي / شَقاها وَيُلقى مَيسُها وَالنَمارِقُ
وَتُضحي بِحَيثُ العِزُّ عَودٌ لنابِه / صَريخٌ وَحَيثُ الجُودُ غَضٌّ غُرانِقُ
تكَفِّرُ إِجلالاً وَتَسجُدُ هَيبَةً / وَقَد حَزَّتِ الأَوساطَ مِنها المَناطِقُ
مُرِمِّينَ إِلّا عَن حَديثٍ مُصَرَّدٍ / تُخالِسُهُم أَبصارُهُم وَتُسارِقُ
لَدى مَلكٍ مِن آلِ أَيّوبَ لَم تَسِر / بِأَحسَنِ نَشرٍ مِن ثَناهُ المَهارِقُ
كَريمٍ مَتى تَقصِدهُ تَقصِد مُيَمَّماً / جَواداً زَكَت أَعراقهُ وَالخلائِقُ
فَتىً لَو يُباري جُودَهُ البَحرُ لاِلتَقَت / دَرادِيرُ في حِيرَانِهِ وَمَغارِقُ
لَهُ هَيبَةٌ كَم ضَيَّقَت مِن مُوَسَّعٍ / وكَم قَد غَدا رَهواً بِها المتَضايِقُ
يَرُدُّ مِنَ المُستَصعَباتِ بِطَرفِهِ / وَإِيمائِهِ ما لا تَرُدُّ الفَيالِقُ
زَئيرُ لَيُوثِ الحَربِ حينَ تُحِسُّهُ / هَريرٌ وَإِمّا زَمجَرَت فَنَقانِقُ
إِذا غابَ فَهيَ الأُسدُ زأراً وَصَولَةً / وَإِن حَضَرَ الهَيجاءَ فَهيَ خَرانِقُ
أَحَلَّتهُ أَعلى كُلِّ مَجدٍ وَسُؤددٍ / صَوارِمُهُ وَالمُقرَباتُ السَوابِقُ
وَأَلبَسَهُ تاجَ المَعالي سَخاؤُهُ / وَإِقدامُهُ وَالضَربُ فارٍ وَفارِقُ
لَهُ الناسُ وَالدُنيا مِنَ اللَهِ نِحلَةً / حَباهُ بِها وَاللَهُ يُعطي وَيأفقُ
أَحَقُّ مُلوكِ الأَرضِ بِالمُلكِ مَن بِهِ / يَنالُ الغِنى الراجي وَتُحمى الحَقائِقُ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ ضاقَت بِرَحبِها / مَغارِبُها عَن عَزمِهِ وَالمَشارِقُ
يُسابِقُهُ في الرَوعِ عِرنِينُ أَنفِهِ / وَلِلرُّمحِ حملاقٌ وَلِلسَيفِ عاتِقُ
وَيَومٍ يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / وَيَحوَلُ قَبلَ الطَرفِ فيهِ الحَمالِقُ
وَتَمشي نُسورُ الجَوِّ فَوقَ عَجاجِهِ / وَتَبني بِهِ أَوكارَهُنَّ اللقالِقُ
كَأَنَّ العَجاجَةَ عارِضٌ وَكَأَنَّما / بِهِ المَشرَفِيّاتُ المَواضي عَقائِقُ
وَتَحسَبُ مِن رَأيِ الأَسِنَّةِ أَنَّها / قَواذِفُ قَذفٍ صَوَّتَت وَصَواعِقُ
وَقَد أَبطَلَ الضَربُ القِسيَّ وَأُلقِيَت / فَلَم يَبقَ إِلّا ضارِبٌ وَمُعانِقُ
مَشى نَحوَهُم مَشيَ السَبنتى فَداحِضٌ / بِشِكَّتِهِ أَو طائِشُ اللُبِّ زاهِقُ
بِنَصلٍ يَقُولُ المَوتُ حينَ يَشُكُّهُ / بِزَوجَةَ مَن يُعلى بِهِ أَنتِ طالِقُ
فَصَكَّ بِهِ الأَبطالَ صَكّاً بِهِ اِلتَقَت / لِقاءَ قِلىً أَقدامُها وَالعَنافِقُ
سَلِ الكُفرَ مَن أَودى بِدمياطَ رُكنَهُ / وَقَصَّرَ أَعلى فَرعِهِ وَهوَ باسِقُ
يُخَبِّركَ صِدقاً أَنَّ مُوسى هُوَ الَّذي / بِصارِمِهِ باقَت عَلَيهِ البَوائِقُ
وَقَد جاءَت الإِفرَنجُ مِن كُلِّ وجهَةٍ / كَأَنَّ تَداعيها السُيُولُ الدَوافِقُ
كَتائِبُ مِلءُ البَرِّ وَالبَحرِ مَن بَدَت / لَهُ قالَ ذا جُنحٌ مِنَ اللَيلِ غاسِقُ
تَسيرُ بِسَدٍّ مِن حَديدٍ لَوَ اِنَّهُ / هُوَ السَدُّ لَم يَخرِقهُ لِلوَعدِ خارِقُ
لَهُ لجَبٌ كادَت مِراراً لِهَولِهِ / تَقَطَّعُ بَينَ المُسلِمينَ العَلائِقُ
فَما كانَ إِلّا أَن أَحَسُّوا قُدُومَهُ / تَحُفُّ بِهِ تِلكَ البُنودُ الخَوافِقُ
يَهُزُّ حُساماً لَم يَكُن مِن دِمائِها / لَهُ صابِحٌ مِنهُم برِيٍّ وَغابِقُ
وَمالوا لِقَذفِ المالِ في اليَمِّ بِالضُحى / وَبِاللَيلِ ثارَت في الرِحالِ الحَرائِقُ
وَأَزعَجَهُم مَن ذاقَ لِلجُرحِ بَعدَهُم / بِأَمسٍ وَهَل يَستَعذِبُ المَوتَ ذائِقُ
فَوَلّوا فَمُنكَبٌّ عَلى أُمِّ رَأسِهِ / لَدُن ذاكَ لَم يَنفُق وَآخَرُ نافِقُ
وَمُستَعصِمٌ بِالبَحرِ مِنهُ وَعائِدٌ / بِأَخلَقَ تَنبُو عَن صَفاهُ المَطارِقُ
وَلَم يَبقَ يُثني مِن عَنانِ جَوادِهِ / أَبٌ لِاِبنِهِ وَالمَوتُ لِلقَومِ خانِقُ
فَسالَ دَمٌ لَو سالَ في الأَرضِ لَاِستَوى / بِها رَدَغٌ ما عُمِّرَت وَمَزالِقُ
جَرى مِنهُ فَوقَ البَحرِ بَحرٌ فَمَوجُهُ / إِلى الآنِ مِن بَعدِ الأَقاحي شَقائِقُ
فَصارَ نَئيماً ذَلِكَ الزَأرُ وَاِغتَدَت / بُغاماً لِفَرطِ الخَوفِ تِلكَ الشَقائِقُ
وَلَم يُنجِ مِنهُم لُجُّ بَحرٍ وَلا حَمَت / حُصونٌ أُديرَت حَولَهُنَّ الخَنادِقُ
وَلا مَنَعت في مُلتَقاها مُلوكها / قَرابَتُها صُهبُ اللِّحى والبَطارِقُ
فَيا لَكَ عَصراً أَلبَسَ الكُفرَ حُلَّةً / مِنَ الذُلِّ لا تَبلى وَلِلمِسكِ ناشِقُ
وَمَدَّ عَلى الإِسلامِ سِتراً مُوَفَّقاً / مِنَ العِزِّ يَبقى ما تَأَوَّهَ عاشِقُ
فَلَولاهُ لَم يَنطِق بِدِمياطَ داعِياً / إِلى كَلِمَةِ التَوحيدِ وَالعَدلِ ناطِقُ
فَأُقسِمُ ما والاهُ إِلّا مُوَحِّدٌ / تَقِيٌّ وَما عاداهُ إِلّا مُنافِقُ
فَلا يُعدِمَنَّ اللَهُ أَيّامَهُ الَّتي / بِها يَفتُقُ الإِسلامُ ما الكُفرُ راتِقُ
أَبا الفَتحِ لا زالَت بِكَفَّيكَ تَلتَقي / مَفاتيحُ أَرزاقِ الوَرى وَالمَغالِقُ
إِلَيكَ رَمَت بِي نائِباتٌ هَوارِقٌ / لِدَمعي وَأَحداثٌ لِعَظمي عَوارِقُ
أَبِيتُ وَفي صَدري مِنَ البَينِ خارقٌ / وَفي عُنُقي مِن كَظمَةِ الغَمِّ خانِقُ
وَلَم يَبقَ بَعدَ اللَهِ إِلّاكَ مَقصِدٌ / تَمُدُّ إِلَيهِ بِالأَكُفِّ الخَلائِقُ
فَكَم لُجِّ تَيّارٍ إِلَيكَ اِعتَسَفتُهُ / تُهالُ لِرُؤياهُ العُيونُ الرَوامِقُ
وَكَم جُبتُ مِن مَجهولَةٍ وَمُشَيِّعي / بِها قَلبُ مَأثورٍ وَشَيخانُ آفِقُ
وَما لِيَ خُبرٌ بِالفَيافي وَإِنَّما / سَناؤُكَ فيها قائِدٌ لي وَسائِقُ
شُهورٌ تِباعٌ سَبعَةٌ وَثَلاثَةٌ / أُرافِقُ لا أَلوي بِها وَأُفارِقُ
أَسيرُ مُجدّاً أَربَعاً وَيَعوقُني / ثَمانٍ مِنَ الحُمّاءِ وَالخَوفِ عائِقُ
وَأَينَ مِنَ البَحرَينِ سَنجارُ وَالقَنا / وَمِن راحَتَيها كِندَةٌ وَالجَرامِقُ
وَلَكِن إِذا ما المَرءُ لَم يَلقَ يَومَهُ / أَتى أَيَّ أَرضٍ رامَها وَهوَ رافِقُ
وَحُسنَ حَديثِ الناسِ عَنكَ اِستَفَزَّني / إِلَيكَ وَوُدٌّ يَعلَمُ اللَهُ صادِقُ
فَداكَ مِنَ الأَسواءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / عَنِ الرُشدِ لَم يَطرُقه لِلجُودِ طارِقُ
وَلا زِلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُمَلَّكا / رِقابَ عِدى عَلياكَ ما ذَرَّ شارِقُ