المجموع : 4
وَمَحمولَةٍ فَوقَ المَناكِبِ عِزَّةً
وَمَحمولَةٍ فَوقَ المَناكِبِ عِزَّةً / لَها نَسَبٌ في رَوضَةِ الحَزنِ مُعرِقُ
رَأَيتُ بِمَرآها المُنى كَيفَ تَلتَقي / وَشَملَ رِياحِ الطيبِ وَهيَ تَفَرَّقُ
يُضاحِكُها ثَغرٌ مِنَ الشَمسِ واضِحٌ / وَيَلحَظُها طَرفٌ مِنَ الماءِ أَزرَقُ
وَتُجلى بِها لِلماءِ وَالنارِ صورَةٌ / تَروقُ فَطَرفي حَيثُ يَغرَقُ يُحرَقُ
تَحَلَّت بِهِ مِن كَوكَبٍ لَبَّةُ الدُجى
تَحَلَّت بِهِ مِن كَوكَبٍ لَبَّةُ الدُجى / وَحَفَّ بِهِ طَرفٌ مِنَ اللَيلِ أَبلَقُ
وَبِتُّ وَعِندِيَ لِلصَباحِ مُلاءَةٌ / تَروقُ وَجَيبٌ لِلظَلامِ يُمَزَّقُ
يُشافِهُني مِنهُ لِسانُ اِبنِ رَملَةٍ / يَبوحُ بِسِرِّ اللَيلِ وَاللَيلُ مُطرِقُ
وَيَنحَرُ دوني جِنحَ دُجُنَّةٍ / سِنانٌ صَقيلٌ لِلذُبالَةِ أَزرَقُ
لِذِكرِكَ ماعَبَّ الخَليجُ يُصَفِّقُ
لِذِكرِكَ ماعَبَّ الخَليجُ يُصَفِّقُ / وَبِاِسمِكَ ماغَنّى الحَمامُ المُطَوَّقُ
وَمِن أَجلِكَ اِهتَزَّ القَضيبُ عَلى النَقا / وَأَشرَقَ نُوّارُ الرُبى يَتَفَتَّقُ
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّ خُلقَكَ رائِقٌ / يُهَزُّ كَما هُزَّ الرَحيقُ المُعَتَّقُ
حَسُنتَ غِناءً وَاِجتِلاءً وَخِبرَةً / فَكُلُّكَ مَوموقُ الحُلى مُتَعَشَّقُ
وَأَنتَ لُبابُ السَيفِ أَمّا فِرِندُهُ / فَطَلقٌ وَأَمّا غَربُهُ فَمُذَلَّقُ
فَهَل عَلِمَت تِلكَ الإِمارَةُ أَنَّها / يُفاضُ عَلَيها مِن رُوائِكَ رَونَقُ
فَلا عَينَ إِلّا وَهيَ تَظمَأُ لَوعَةً / وَإِنسانُها في ماءِ حُسنِكَ يَغرَقُ
وَكَم مَنطَقٍ فَصلٍ هُوَ الدُرُّ يُجتَلى / عَلى بَحرِ طِرسٍ أَو هُوَ المِسكُ يَفتُقُ
صَدَعَت بِهِ دونَ الحَقيقَةِ سُدفَةً / تَنوبُ عَنِ الإِصباحِ وَاللَيلُ مُطرِقُ
وَيا رُبَّ لَيلٍ بِتَّهُ فَوقَ مَضجَعٍ / مُقِضٍّ بِكَ الفَهمُ الذَكِيُّ فَتُطرِقُ
يَقومُ بِكَ القَلبُ الأَبِيُّ وَتارَةً / يَغوصُ بِكَ الفَهمُ الذَكِيُّ فَتُطرِقُ
فَلَم تَغتَمِض وَالنَجمُ قَد مالَ سَحرَةً / فَأَغفى وَأَذيالُ الظَلامِ تُمَزَّقُ
وَلِلَّيلِ ظِلٌّ قَد تَقَلَّصَ أَخضَرٌ / وَلِلصُبحِ ماءٌ قَد تَسَلسَلَ أَزرَقُ
وَجَدُّكَ يَستَولي وَرَأيُكَ يَنتَضي / وَعَزمُكَ يَستَجري وَسَعدُكَ يَسبِقُ
وَما صَدَّتِ الحَسناءُ عَنكَ زَهادَةً / وَلَكِن زَهاها أَنَّها تُتَعَشَّقُ
فَظَلَّت تَجُرُّ الذَيلَ تيهاً وَإِنَّها / لَأَغلَقُ رَهناً في هَواكَ وَأَعلَقُ
وَإِلّا فَما لِلقَطرِ قَد فاضَ عَبرَةً / هُناكَ وَما لِلرَعدِ قَد باتَ يَشهَقُ
تَخِفُّ بِها ذِكراكَ حَتّى كَأَنَّما / يُطيفُ بِها مِن مَسِّ حُبِّكَ أَولَقُ
وَتُهدي إِلَيكَ الريحُ عَنها تَحِيَّةً / تَفوهُ بِما تَحتَ الضُلوعِ فَتَنطِقُ
فَغازِل بِها خَلفَ الحِجالِ عَقيلَةً / قُصارُ هَواها رَشفَةٌ وَتَعَنُّقُ
يَزُرُّ عَلَيها الصُبحُ جَيبَ قَميصِهِ / فَتَكرَعُ في ماءٍ بِها يَتَدَفَّقُ
وَتَسحَبُّ فيها الشَمسُ ذَيلَ عَشِيَّها / فَتَشرَبُ مِن خَمرٍ هُناكَ تُرَوَّقُ
فَدونَكَها حَسناءَ لا أَنَّ رَبَّها / قَلاها وَلَكِن رُبَّ حَسنا تُطَلَّقُ
تَروقُ فَما تَدري الرُكابُ أَبَلدَةً / تَؤُمُّ بِها أَم كَوكَباً يَتَأَلَّقُ
وَتَأرَجُ أَنفاساً وَتَندى غَضارَةً / فَتَحسِبُها نُوّارَةً تَتَفَتَّقُ
فَخَيِّم بِمَثوى المَجدِ وَالسَعدِ ناظِماً / عَلى نَحرِها عِقداً مِنَ الخَيلِ يُنسَقُ
تَضيقُ بِهِ أَنفاسُها وَيَزينُها / وَأَنفِس بِهِ عِلقاً يَزينُ وَيَخنُقُ
فَهَل مِن نَسيمٍ قَد تَضَوَّعَ يَنتَحي / مَعَ الفَجرِ أَو بَرقٍ تَأَلَّقَ يَخفِقُ
يُهَنِّئُ عَنّي كورَةَ الشَرقِ إِنَّها / لِبَحرِكَ شَطٌّ أَو لِشَمسِكَ مَشرِقُ
تَطابَقتُما مَرأى جَميلاً وَمَخبَراً / فَها أَنتُما تاجٌ يَروقُ وَمَفرِقُ
لَكَ اللَهُ مِن سَهمٍ يُسدَدُ سَعيَهُ / إِذا طاشَتِ الأَلبابُ رَأيٌ مُوَفَقُ
يَهُزُّ بِهِ مِن حِميَرٍ فَرعَ سُؤدُدٍ / كَريمَ الجِنى وَالظِلِّ يَسمو وَيَسمُقُ
يُقَلِّبُ عَيناً لِلحَياءِ مَريضَةً / تَغُضُّ وَأُخرى لِلذَكاءِ تُحَدِّقُ
لَهُ هِمَّةٌ تُملي عَلَيهِ وَعَزمَةٌ / تَخُطُّ بِأَطرافِ الرِماحِ وَتَمشُقُ
تُجَرِّبُهُ في حَومَةِ الحَربِ حَيَّةٌ / تُنَضنِضُ أَو فَتخاً هُناكَ تُحَلِّقُ
وَتَنفُحُ ريحُ النَصرِ في قَبَسٍ بِهِ / فَتَخرُقُ أَقطارَ العَجاجِ وَتُحرِقُ
وَيَنطِقُ عَن سَيفٍ بِفَكَّيهِ صارِمٌ / وَيَرمُقُ عَن سَهمٍ بِجَفنَيهِ يَمرُقُ
وَيَصدَعُ شَملَ اللَيلَةِ الخَبلِ كُلَّما / بَدا فَيلَقٌ مِلءُ الفَضاءِ وَفَيلَقُ
فَناهِض أَبا يَحيى بِعَزمَتِكَ الصَبا / تُباري بِكَ العيسُ المَهاري فَتَعنَقُ
شُهوداً بِأَوضاحِ المَساعي كَأَنَّما / جَرى مِنكَ في صَدرِ الكَتيبَةِ أَبلَقُ
وَسايِر أَخاكَ البَدرَ يُهوي وَيَرتَقي / جَلالاً وَيَربَدُّ اِنكِشافاً وَيُشرِقُ
وَسُحبُكَ شَتّى مِن عَذابٍ وَرَحمَةٍ / فَمِن عارِضٍ يَسقي وَآخَرَ يَصعَقُ
وَكَيفَ تَهابُ اللَيثَ يَزأَرُ صَولَةً / فَيَرعُدُ أَو يَرنو إِلَيكَ وَيَبرُقُ
وَدونَكَ مِن فَتقِ المُثَقَّفِ زُبيَةٌ / تَهولُ وَمِن خَرقِ المُهَنَّدِ خَندَقُ
فَخُذها كَما حَيَّت بِها الهِندُ مِسكَةً / تُعَطِّرُ أَنفاسَ الرُواةِ فَتَعبَقُ
وَعَنبَرَةً شَهباءَ تَحمِلُ نَفحَةً / تَنَفَّسُ في صَدرِ النَدِيِّ فَتُنشَقُ
تُشَبُّ لَها نَفسُ العَدُوِّ فَكُلَّما / أَرى هَذِهِ تُذكى أَرى تِلكَ تَحرُقُ
أَسَلتُ بِها في جَبهَةِ الدَهرِ غُرَّةً / جَرى الحُسنُ ماءً فَوقَها يَتَرَقرَقُ
تُرِنُّ بِها الرُكبانُ شَرقاً وَمَغرِباً / فَتُشئِمُ طَوراً بِالثَناءِ وَتُعرَقُ
وَحَسبُكَ مِن شِعرٍ يَكادُ لُدونَةً / يُغَنّى بِهِ النَبتُ الحَشيمُ فَيورِقُ
فَيا دَوحَةَ العَلياءِ حَيَّتكَ رَوضَةٌ / عَلَيها رِداءٌ لِلرَبيعِ مُنَمَّقُ
لَها صَقيلِ النورِ ثَغرٌ مُفَلَّجٌ / يَشوقُ وَمِن سَجعِ الحَمامَةِ مَنطِقُ
وَها أَنا أُقريكَ السَلامَ عَلى النَوى / مَعَ الريحِ تَندى أَو مَعَ الطَيفِ يَطرُقُ
أَلا لَيتَ لَمحَ البارِقِ المُتَأَلِّقِ
أَلا لَيتَ لَمحَ البارِقِ المُتَأَلِّقِ / يَلُفُّ ذُيولَ العارِضِ المُتَدَفِّقِ
وَيَركَبُ مِن ريحِ الصَبا مَتنَ سابِحٍ / كَريمٍ وَمِن لَيلِ السُرى ظَهرَ أَبلَقِ
فَيُهدي إِلى قَبرٍ بِحِمصَ تَحِيَّةً / مَتى تَحتَمِلها راحَةُ الريحِ تَعبَقِ
فَعِندي لِحِمصٍ أَيُّ نَظرَةِ لَوعَةٍ / وَلِلنَجمِ وَهناً أَيُّ نَظرَةِ مُطرِقِ
حَناناً إِلى قَبرٍ هُنالِكَ نازِحٍ / وَشِلوٍ عَثا فيهِ البِلى مُتَمَزِّقِ
وَكَيفَ بِشَكوى ساعَةٍ أَشتَفي بِها / وَدونَ التَلاقي كُلُّ بَيداءَ سَملَقِ
فَهَل عِندَ عَبدِ اللَهِ ماباتَ يَنطَوي / عَلَيهِ الحَشا مِن لَوعَةٍ وَتَحَرُّقِ
وَقَد أَذكَرَتَني العَهدَ بِالأُنسِ أَيكَةٌ / فَأَذكَرتُها نَوحَ الحَمامِ المُطَوَّقِ
وَأَكبَبتُ أَبكي بَينَ وَجدٍ أَظَلَّني / حَديثٍ وَعَهدٍ لِلشَبيبَةِ مَخلَقِ
وَأَنشَقُ أَنفاسَ الرِياحِ تَعَلُّلاً / فَأَعدَمُ فيها طيبَ ذاكَ التَنَشُّقِ
وَلَمّا عَلَت وَجهَ النَهارِ كَآبَةٌ / وَدارَت بِهِ لِلشَمسِ نَظرَةُ مُشفِقِ
عَطَفتُ عَلى الأَجداثِ أَجهَشُ تارَةً / وَأَلثُمُ طَوراً تُربَها مِن تَشَوُّقي
وَقُلتُ لِمُغفٍ لايَهُبُّ مِنَ الكَرى / وَقَد بِتُّ مِن وَجدٍ بِلَيلِ المُؤَرَّقِ
لَقَد صَدَعَت أَيدي الحَوادِثِ شَملَنا / فَهَل مِن تَلاقٍ بَعدَ هَذا التَفَرُّقِ
وَإِن يَكُ لِلخِلَّينِ ثَمَّ اِلتِقاءَةٌ / فَيا لَيتَ شِعري أَينَ أَو كَيفَ نَلتَقي
فَأَعزِز عَلَينا أَن تَباعَدَ بَينَنا / فَلَم يَدرِ ما أَلقى وَلَم أَدرِ ما لَقي
فَها أَنا وَقفٌ بَينَ دَمعٍ وَزَفرَةٍ / أَرى ذاكَ يُهوي حَيثُ هاتيكَ تَرتَقي
فَسَقياً لِقَبرٍ بَينَ أَضلُعِ تُربَةٍ / مَتى أَتَذَكَّرهُ بِها أَتَشَوَّقِ
وَأَلوي ضُلوعي أَندُبُ المَجدَ وَالنَدى / بِأَفصَحِ دَمعٍ تَحتَ أَخرَسِ مَنطِقِ
إِذا قُمتُ أَخطو خُطوَةً بِفَنائِهِ / تَعَثَّرتُ في دَمعٍ بِهِ مُتَرَقرِقِ
وَمَهما لَثَمتُ الأَرضَ شَوقاً لِلَحدِهِ / وَجَدتُ ثَراها طَيِّبَ المُتَنَشَّقِ
وَمِثلِيَ يَبكي لِلمُصابِ بِمِثلِهِ / فَإِن أَخلَقَ الصَبرُ الجَميلُ فَأَخلِقِ
فَقَد كانَ يَومَ الرَوعِ أَبيَضَ صارِماً / بِكَفّي وَيَومَ الفَخرِ تاجاً بِمَفرَقِ
أَغَرُّ طَليقُ الوَجهِ يَهتَزُّ لِلعُلى / وَيَمضي مَضاءَ المَشرَفِيِّ المُذَلَّقِ
وَيَستَصحِبُ الذِكرَ الجَميلَ فَيَرتَدي / بِأَحسَنَ مِن وَشيِ الرَبيعِ وَأَعبَقِ
وَيَرمي بِسَهمٍ لا يَطيشُ مُفَوَّقٍ / يُقَرطِسُ في يُمنى سَعيدٍ مُوَفَّقِ
قَضى بَينَ كَفٍّ لِلسَماحِ مُغيمَةٍ / تَفيضُ وَوَجهٍ لِلطَلاقَةِ مُبرِقِ
وَكَم لِلحَيا مِن أَدمُعٍ فيهِ ثَرَّةٍ / وَلِلرَعدِ مِن جَيبٍ عَلَيهِ مُشَقَّقِ
وَلِلبَرقِ مِن قَلبٍ بِهِ مُتَمَلمِلٍ / وَلِلنَجمِ مِن طَرفٍ عَلَيهِ مُؤَرَّقِ
كَأَن لَم أَشِم مِن بِشرِهِ بَرقَ مُزنَةٍ / تَصوبُ بِوَكّافٍ مِنَ الجودِ مُغدِقِ
وَلا قِلتُ مِنهُ بَينَ ظِلٍّ لِعَطفَةٍ / تَنَدّى وَنورٍ لِلبَشاشَةِ مونِقِ
وَلَم أَلتَفِت مِن وَجهِهِ لَيلَةَ السُرى / إِلى فَيلَقٍ يَلقى الظَلامَ بِفَيلَقِ
فَما اِبنُ شَمالٍ باتَ يَهفو كَأَنَّما / بِهِ خَلفَ أَستارِ الدُجى مَسُّ أَولَقِ
سَرى بَينَ دَفّاعٍ مِن الوَدقِ مُغدِقٍ / يَسُحُّ وَلَمّاعٍ مِنَ البَرقِ مُحرِقِ
بِأَندى ذُيولاً مِن جُفوني مَوهِناً / وَأَهفى جَناحاً مِن ضُلوعي وَأَخفَقِ