المجموع : 9
أَلَم تَرَ هَذا المَوتَ يَستَعرِضُ الخَلقا
أَلَم تَرَ هَذا المَوتَ يَستَعرِضُ الخَلقا / تَرى أَحَداً يَبقى فَتَطمَعَ أَن تَبقى
لِكُلِّ امرِئٍ حَيٍّ مِنَ المَوتِ خُطَّةٌ / يَصيرُ إِلَيها حينَ يَستَكمِلُ الرِزقا
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ شاخِصٌ / إِلى المُنتَهى وَاجعَل مَطِيَّتَكَ الصِدقا
وَأَمسِك مِنَ الدُنيا الكَفافَ وَجُد عَلى / أَخيكَ وَخُذ بِالرِفقِ وَاجتَنِبِ الخُرقا
فَإِنّي رَأَيتُ المَرءَ يُحرَمُ حَظَّهُ / مِنَ الدينِ وَالدُنيا إِذا حُرِمَ الرِفقا
وَلا تَجعَلَنَّ الحَمدَ إِلّا لِأَهلِهِ / وَلا تَدَعِ الإِمساكَ بِالعُروَةِ الوُثقى
وَلا خَيرَ فيمَن لا يُواسي بِفَضلِهِ / وَلا خَيرَ فيمَن لا يُرى وَجهُهُ طَلقا
وَلَيسَ الفَتى في فَضلِهِ بِمُقَصِّرٍ / إِذا ما اتَّقى الرَحمَنَ وَاتَّبَعَ الحَقّا
طَلَبتُ أَخاً في اللَهِ في الغَربِ وَالشَرقِ
طَلَبتُ أَخاً في اللَهِ في الغَربِ وَالشَرقِ / فَأَعوَزَني هَذا عَلى كَثرَةِ الخَلقِ
فَصِرتُ وَحيداً بَينَهُم مُتَسَبِّراً / عَلى الغَدرِ مِنهُم وَالمَلالَةَ وَالمَذقَ
أَرى مَن بِها يَقضي عَلَيَّ لِنَفسِهِ / وَلَم أَرَ مَن يَرعى عَلَيَّ وَلا يُبقي
وَكَم مِن أَخٍ قَد ذُقتُهُ ذا بَشاشَةٍ / إِذا ساغَ في عَيني يَغَصُّ بِهِ حَلقي
وَلَم أَرَ كَالدُنيا وَكَشفي لِأَهلِها / فَما انكَشَفوا لي عَن وَفاءٍ وَلا صِدقِ
وَلَم أَرَ أَمراً واحِداً مِن أُمورِها / أَعَزَّ وَلا أَعلى مِنَ الصَبرِ لِلحَقِّ
أَلا إِنَّما الإِخوانُ عِندَ الحَقائِقِ
أَلا إِنَّما الإِخوانُ عِندَ الحَقائِقِ / وَلا خَيرَ في وُدِّ الصَديقِ المُماذِقِ
لَعَمرُكَ ما شَيءٌ مِنَ العَيشِ كُلِّهِ / أَقَرَّ لِعَيني مِن صَديقٍ مُوافِقِ
وَكُلُّ صَديقٍ لَيسَ في اللَهِ وُدُّهُ / فَإِنّي بِهِ في وُدِّهِ غَيرُ واثِقِ
أُحِبّو أَخي في اللَهِ ما صَحَّ دينُهُ / وَأَفرِشُهُ ما يَشتَهي مِن خَلائِقِ
وَأَرغَبُ عَمّا فيهِ ذُلٌّ وَريبَةٌ / وَأَعلَمُ أَنَّ اللَهَ ما عِشتُ رازِقي
صَفِيِّ مِنَ الإِخوانِ كُلُّ مُوافِقٍ / صَبورٍ عَلى ما نابَ عِندَ الحَقائِقِ
وَما المَوتُ إِلّا رِهلَةٌ غَيرَ أَنَّها
وَما المَوتُ إِلّا رِهلَةٌ غَيرَ أَنَّها / مِنَ المَنزِلِ الفاني إِلى المَنزِلِ الباقي
أَرى الشَيءَ أَحياناً بِقَلبي مُعَلَّقاً
أَرى الشَيءَ أَحياناً بِقَلبي مُعَلَّقاً / فَلا بُدَّ أَن يَبلى وَأَن يَتَمَزَّقا
تَصَرَّفتُ أَطواراً أَرى كُلَّ عِبرَةٍ / وَكانَ الصِبا مِنّي جَديداً فَأَخلَقا
وَكُلُّ اِمرِئٍ في سَعيِهِ الدَهرُ رُبَّما / تَفَتَّحَ أَحياناً لَهُ أَو تَغَلَّقا
وَمَن يُحرَمِ التَوفيقَ لَم يُغنِ رَأيُهُ / وَحَسبُ امرِئٍ مِن رَأيِهِ أَن يُوَفَّقا
وَما زادَ شَيءٌ قَطُّ إِلّا لِنَقصِهِ / وَما اجتَمَعَ الإِلفانُ إِلّا تَفَرَّقا
أَنا ابنُ الأُلى بادوا فَلِلمَوتِ نُسبَتي / فَيا عَجَباً ما زِلتُ بِالمَوتِ مُعرِقا
وَثِقتُ بِأَيّامي عَلى غَدَراتِها / وَلَم تُعطِني الأَيّامُ مِنهُنَّ مَوثِقا
أَلا حُقَّ لِلعاني بِما هُوَ صائِرٌ / إِلَيهِ وَشيكاً أَن يَبيتَ مُؤَرِّقا
أَيا ذِكرَ مَن تَحتَ الثَرى مِن أَحِبَّتي / وَصَلتُ بِهِم عَهدي عَلى بُعدِ مُلتَقى
تَشَوَّقتُ فَارفَدَّت دُموعي وَلَم أَكُن / بِأَوَّلِ مَحزونٍ بَكى وَتَشَوَّقا
إِذا قَلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ صَديقُهُ
إِذا قَلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ صَديقُهُ / وَضاقَت بِهِ عَمّا يُريدُ طَريقُهُ
وَقَصَّرَ طَرفُ العَينِ عَنهُ كَلالَةً / وَأَسرَعَ فيما لا يُحِبُّ شَقيقُهُ
وَذَمَّ إِلَيهِ خِدنُهُ طَعمَ عودِهِ / وَقَد كانَ يَستَحليهِ حينَ يَذوقُهُ
أَلا أَيُّها القَلبُ الكَثيرُ عَلائِقُه
أَلا أَيُّها القَلبُ الكَثيرُ عَلائِقُه / أَلَم تَرَ هَذا الدَهرَ تَجري بَوائِقُه
تُسابِقُ رَيبَ الدَهرِ في طَلَبِ الغِنى / بِأَيِّ جَناحٍ خِلتَ أَنَّكَ سابِقُه
رُوَيدَكَ لاتَنسَ المَقابِرَ وَالبِلى / وَطَعمَ حُسى المَوتِ الَّذي أَنتَ ذائِقُه
وَما المَوتُ إِلّا ساعَةٌ غَيرَ أَنَّها / نَهارٌ وَلَيلٌ بِالمَنايا تُساوِقُه
وَأَيُّ هَوىً أَو أَيُّ لَهوٍ أَصَبتَهُ / عَلى ثِقَةٍ إِلّا وَأَنتَ مُفارِقُه
إِذا اعتَصَمَ المَخلوقُ مِن فِتَنِ الهَوى / بِخالِقِهِ نَجّاهُ مِنهُنَّ خالِقُه
وَمَن هانَتِ الدُنيا عَلَيهِ فَإِنَّني / لَهُ ضامِنٌ أَن لا تُذَمَّ خَلائِقُه
أَرى صاحِبَ الدُنيا مُقيماً بِجَهلِهِ / عَلى ثِقَةٍ مِن صاحِبٍ لا يُوافِقُه
أَلا رُبَّ ذي طِمرَينِ في مَجلِسٍ غَدا / زَرابِيُّهُ مَبثوثَةٌ وَنَمارِقُه
رَفيقٌ وَجارٌ لِلنَبِيِّ مُحَمَّدٍ / لَقَد أَعظَمَ الزُلفى رَفيقٌ يُرافِقُه
وَرُبَّ مَحَلٍّ قَد صَدَقتَ حَلَلتَهُ / إِذا عَلِمَ الرَحمَنُ أَنَّكَ صادِقُه
أَلا رُبَّ أَحزانٍ شَجاني طُروقُها
أَلا رُبَّ أَحزانٍ شَجاني طُروقُها / فَسَكَّنتُ نَفسي حينَ هَمَّ خُفوقُها
وَلَن يَستَتِمَّ الصَبرَ مَن لا يَرُبُّهُ / وَلَن يَعرِفَ الأَحزانَ مَن لا يَذوقُها
وَلِلناسِ خَوضٌ في الكَلامِ وَأَلسُنٌ / وَأَقرَبُها مِن كُلِّ خَيرٍ صَدوقُها
وَما صَحَّ إِلّا شاهِدٌ صَحَّ غَيبُهُ / وَما تُنبِتُ الأَغصانَ إِلّا عُروقُها
أَراني بِأَعباثِ المَلاعِبِ لاهِياً / وَبِاللَهوِ لَولا جَهلُ نَفسي وَموقُها
أُرَقِّعُ مِن دُنيايَ دُنيا دَنِيَّةً / وَداراً كَثيراً وَهيُها وَخُروقُها
فَإِن كانَ لي سَمعٌ فَقَد أَسمَعُ النِدا / يُنادي غُروبُ الشَمسِ لي وَشُروقُها
وَتَجرَةِ صِدقٍ لِلمَعادِ أَضَعتُها / وَقَد أَمكَنَتني مِن يَدِ الرِبحِ سوقُها
وَلَم تَخلُ نَفسي مِن نَهارٍ يَقودُها / إِلى الغايَةِ القُصوى وَلَيلٍ يَسوقُها
أَلا يا ذَواتِ السَحقِ في الغَربِ وَالشَرقِ
أَلا يا ذَواتِ السَحقِ في الغَربِ وَالشَرقِ / أَفِقنَ فَإِنَّ الأَيرَ أَشفى مِنَ السَحقِ
أَفِقنَ فَإِنَّ الخُبزَ بِالأُدمِ يُشتَهى / وَلَيسَ يَسوغُ الخُبزُ بِالخُبزِ في الحَلقِ
أَراكُنَّ تَرقَعنَ الخُروقَ بِمِثلِها / وَأَيُّ لَبيبٍ يَرقَعُ الخَرقَ بِالخَرقِ
وَهَل يَصلُحُ المِهراسُ إِلّا بِعودِهِ / إِذا اِحتيجَ مِنهُ ذاتَ يَومٍ إِلى الدَقِّ