المجموع : 3
سرى الطيفُ وهنا والرقاد مرنّق
سرى الطيفُ وهنا والرقاد مرنّق / وولّى فجفني إذ تولى مؤرّق
أجل غرنا حتى لقد كاد أن يرى / بجفني الكرى أو كاد في الوعد يصدقُ
ويمنعني مما أحبّ فرقدةُ / أفوزُ بها أو رصدة حين يطرقُ
ولو خفقت عيني به لم تفض له / دموعي ولا قلبي لذكراه يخفق
وقد كان قطع النوم في الحب واجبا / وللطيف في جنح الدجنّة يسرق
ودون الحمى النجديّ حيّ سهامهم / حذاق على ما استبطن القلب تحدق
رنت فرمت قلبي بسهم لوقعه / حشاي على مر الليالي تمزّق
ولا جفن لي إلا وأقرحهُ البكا / ولا قلب إلا قد يراهُ التشوّق
ألا لا تذكرني بأيام جلّقٍ / فتصبي فؤادي بالتذكّر جلّق
ولا بأحاديث الحبيب فإنه / حمامي إذا ما عنّ ذكراه يطرُق
مضت دونه أيام عاد وجرهم / وطار بعيشي طائر ما يحلّق
رعى الله من قلبي لديه مولّه / أسير ومن دمعي لذكراهُ مطلق
يهيج اشتياقي كلما هبّت الصبا / إليه ولاح البارق المتألّق
لحا الله هذا الدهر إن صروفهُ / تصرّفن بالألاف حتى تفّرقوا
ألا ليت شعري هل أعيشنّ ساعةً / ولما أراني بالتفرّقِ أفرقُ
وإنّي كمن قوم همُ يثجُ العُلا / ورأبُ الثأى والعارضُ المندفقُ
أناسُ زكت أحلامهم وأصولهم / فأفعالهم في جبهة الدهر تشرقُ
كبيرهمُ وقف على الجود والندى / وناشبهم في حلبة المجد يسبق
بمأسور علم أو بميسور نائلٍ / لأعراضنا سور منيعُ وخندقُ
وفخري بنفسي أنها ذات رفعةٍ / وعزّ عليه الذلّ ما يتطرّقُ
فللناس من كفّي السماحة والندى / وللدهر من فضلي بهاء وروونق
وهان على عيني الورى حيث لم أجد / سوى من له خزى من العار موبق
إلى أن أتيت الملك عيسى ومن بهِ / غدا يمنح الله العباد ويرزقُ
فعانيت بحراً للفضائل والندى / مكاثرهُ في لجّةٍ منه يفرَقُ
له نظر للمكرمات وغيرهُ / نواظرهُ نحو الرذائلِ ترمُق
ولو لا القرى في الدارميّين لاستوى / جريرُ على علّانه والفرزدق
وما زال عندي نحو رؤياك لوعة / أردّدها بين الحشا وتحرُّق
وقد مسلت أذني بشكركَ فاغتدت / مولّهة والأذن كالعين تعشق
فأيّ فخار لم تنله ورفعة / بها جيد هذا الدهر منك مطوّق
ففضلك إذ نبلى وبأسكَ والندى / فمن حاتم أو عامر والمحرّق
فعلمك لا ما في الدقاتر نافع / وشعرك لا ما نظموه ولفقوا
وبأسك لا أن صال عمروا وعامر / وجودك لا صوب من الغيثِ مغدِق
وما زرتَ أرض الشرك إلا نهدّت / دعائمها من سطوةٍ منك تصعقُ
فما أن يرى إلا بناء مهدّم / يحلّ بقطر بها وهام مغلّق
هنيء لهذا الدين أنك ربّهُ / وأنك لهليه غمام مدفّق
ولو لم تقُد يوم الكريهةِ فيلقاً / لأروى الأعادي من عزيمك فيلقُ
وشاهد ما قد قلت بالأمس ظاهر / وقد رام سلما من يديك الدمستق
بكفّك للراجين بالجود خضرمُ / وفي الروع للأعداء سيف مُذلّق
وقد وجدوا منك المنيّة والمنى / وكلّ فخار حين تولي وتصعقُ
أتيتك يا ملك الملوك وإنّني / أتيتُك أصغي الودّ لا أتملّق
ومثلك من يصغي لمثلي وردهُ / ليعلم ما عندي له ويحقّق
ولم ترعيني من أخيّم عندهُ / فتخدي إلى لقياه إبلى وتعنقُ
وكنت أمنّي النفس منك بزورةٍ / بها رمقي حتى أتيتُ مرمّق
فإن عزّني في قصد بابك ماجد / يعرّفُ قدري حين يثني فيصدقُ
لما فاتين من حسن رأيك عالمٌ / بفضلي فيسدي ما يشاء ويطلق
إلى كم بأبواب الملوك أخو الحجا / مهان وكم من جاهلٍ ينفيهَقُ
وليس يرى فرزان نطع مؤخّراً / عن الشاه إلا أن يقدّم بيدقُ
تملّ بهذا المدح حقّا فإنّه / لملك نور حين يتلى ورونَقُ
أيا شرف الدين الذي سوقُ يحده
أيا شرف الدين الذي سوقُ يحده / بمعروفه بين البريّة نافق
ويا من عطاياه إذا ضنّ بالندى / تُقَصّر عنهنّ الغيوبُ الد وافقُ
إذا شمت برقا من جميل خلاله / شممت به نشرا له المجد فاتق
لئن كان شكري في معاليك صامتا / فعذري بعجزي عن صفاتك ناطقُ
وما غاية المثني وفيك خلائق / تقصّر عن أوصافهنّ الخلائقُ
سعاد اسعدي بالطيف بعد التفرّق
سعاد اسعدي بالطيف بعد التفرّق / ورقّي لجفنٍ من نواك مؤرّق
ولا تجعلي هجري لديك سجيّةً / وحسبك ما يلقى فوادي وما لقي
أروح بدمع هاطل ثم انطوى / على لوعة في الصدر ذات تحرّق
وأعذو بقلب من نواكم مصفّد / أسير ودمعٍ في المنازل مطلق
وأشتاق إن مر النسيم وإنما / أذوب أسى للبارق المتألّق
فاصبوا إلى بان الحمى إن ترنمّت / به الورق من وجد بكم وتشوّق
ويذكر إن لاح برق لياليا / حمدت بها عيشى ببصري وجلّق
سقى السفح من وادي النضا صوب مزنة / وروّى ثراه بالحيا المتدفّق
فعندي لذكرى عيشتي بربوعه / حنين غدت منه الحشا في تمزّق
أجيرتنا إن فرّق الدهر بيننا / فودّكم في القلب غير مفرّق
وإن بعدت أيدي النوى عن مزاركم / فقلبي على عهد من الحبّ موثق
غدا بكم الركب الشآميّ مشئماً / ورحت بركب للتباعد معرق
وإن صدحت ورقاء في غسق الدجى / غدا الدمع تذكاركم ي ترقرق
وما هيّج الشوق القديم ولا الأسى / لبعدكم غي الحمام المطوّق
وماضي شباب مستعار بكيتهُ / بدمع على عصر الشبيبة مغدق
وقد لاح صبح الشيب ي ليل المنى / فاسفر في راسي وفودي ومفرقي
أيمنحني دهري الملّمات بعدما / رماني من ريب الخطوب بأفوق
ولم يدر أني تحت ظلّ ممنّع / لأحمد لا أخشى ملمّة موبق
مليك غدا شمل العلى في تجمّع / به وغدا شمل اللهى في تفرّق
له في ذرى العلياء اشرف موضع / وفي العزّ هضب كالغمام المعلّق
أغرّ له في البذل والجود راحة / أبرّت على فيض الحيا المتدفّق
تجاوز أقصى غاية الحمد جاهدا / وبالع في إحسانه والتخلّق
مليك حباه الله بالحلم والحجا / فاجزل والرأي الاصيل الموفّق
فلو لم يكن بين الورى وغدوت من / سجاياه أنني عندهم لم أصدّق
سلوا إن جهلتم فعله قصد القنا / وأسيافهُ والموت بالموت يلتقى
لقد زلزلت أرض الأعادي جياده / وراح الكماة بين مردى ومصعق
فللّه كم ذلّت بسمر رماحه / قرونة بطريق لهم ودمستق
أيا أسد الدين الذي من رماحه / قرى الوحش والعقبان في كل مملق
بكم عاد وجه الأرض من بعد جدبه / خصيبا بروض من أياديك موفق
وفيكم نفاق الفضل بعد كساده / بجمع لاشتات العلا المتفرّق
سقيت فلا لبّ اللبيب معطّش / لديك ولا رزق الجهول بضيق
وأجزلت لي النعماء حقا وإنني / غدوت بجيد من نداك مطوّق
وأغنيتني عن معشر بامتداحهم / حرمت سلامي بل كلامي ومنطقي
بهم عادت الأيام من بعد نورها / ظلاماً بشمل للمعالي ممزّق
سأركبُ في هجوى لهم كلّ مركب / من الذمّ في بحر من الشعر مفرق
أيا أسد الدين المليك الذي به / غدوت فغصن في المكارم مورق
علقت بود منك لم أك قبله / بودّ امرئٍ من ذا الورى بمعلّق
فإن لم أدوّن فيك مدحا يمرّه / لسان المعالي بالثناء المروّق
فلا نلت من دنيايَ خيرا ولم أزل / بحال على مر الليال مرمّق
تهنّ بشعبان الذي جاء مقبلا / على إثره شهر سريع التطرّق
ودم في نعيم وابق في ظل دولة / بركن على مر الليالي موثّق