المجموع : 17
رجت منك نفسي سبقك الغيث بالندى
رجت منك نفسي سبقك الغيث بالندى / فحم قضاء الله للغيث بالسبقِ
فكن ثانياً للغيث إذ كان بادئاً / ولا تسبق الشأوين يا واحد الخلق
ولا تمتعض أن سُبِّق الغيث مرة / فما بين ذي سبق وتاليه من فرق
وأنت فتبقى الدهر والغيثُ ينقضي / وتنهلّ بالجدوى وينهلُّ بالودق
أبِشْرٌ بلا جدوى وأنت مخيلةٌ / مملَّأةٌ بالماء صادقة البرق
وعش لملوك الناس ما ذر شارقٌ / لترتق في فتق وتفتق في رتق
وتسمو إلى العلياء حتى تنالها / وتستنبئُ الغيب الخفي من العمق
وتلقى وجوه الأولياء وحسبُهم / بوجهك ذاك الطلق في يومك الطلق
تناسيت أمري واطرحت حقوقي
تناسيت أمري واطرحت حقوقي / وعاديت بري واصطفيت عقوقي
ما ذاك إلا أنني سهم نصرة / فنحو العدا نصلي ونحوك فوقي
أَتُغفل ريي بعدما قد غرستَني / قديماً وساخت في ثراك عروقي
ولاحت بروق منك أخلف رعدها / على أنني ما أخلفتك بروقي
رأيت أبا إسحاق والفحل فوقه
رأيت أبا إسحاق والفحل فوقه / وللأير في الأحشاء منه خفيقُ
فأومى بأن نكني فقلت له انتظر / فراغ أخينا فالمكانُ مضيقُ
فقال مجيباً وهو في سكراته / له نخرات بينهن شهيق
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها / ولكن أخلاق الرجال تضيق
ألم تر أن المال يهلك أهله
ألم تر أن المال يهلك أهله / إذا جمّ آتيه وسُدَّ طريقُهُ
ومن جاور الماء الغزير مجمُّهُ / وسد سبيل الماء فهو غريقه
من ظن أن الاستزادة في الهوى
من ظن أن الاستزادة في الهوى / تؤول بمعشوق إلى هجر عاشقِ
طلبت لديكم بالعتاب زيادةً / وعطفاً فأعتبتم بإحدى البوائق
فكنت كمستسقٍ سماءً مخيلةً / حياً فأصابته بإحدى الصواعق
لعمرك ما أعطى الرجالُ حقوقَهم
لعمرك ما أعطى الرجالُ حقوقَهم / كإعطائهم بيضَ السيوف حقوقَها
وكنا إذا لم تعطنا الحق عصبةٌ / طعنّا كُلاها أو ضربنا فروقَها
ننادم أقواماً لغير هوادة / صبوح المنايا تارة وغبوقها
ولسنا نهرُّ الموت حتى نذوقه / ومن ذا يهر الكأس حتى يذوقها
وقد علم المستمرئو الظلمِ أننا / سنجوي بطوناً أو سنشجي حلوقها
نُلقَّى عقوقاً من رجالٍ مبرة / فإن لج لقَّينا عقوقاً عقوقها
أناة إذا باغ أبى أن يودنا / عليها أقمنا للعداوة سوقها
نزعنا إلى آبائنا في إبائهم / وهل تشبه العيدان إلا عروقها
سنترك ما ساء العدا من فعالنا / إذا تركت شمس النهار شروقها
صحائف لي فيها ذنوب كثيرة
صحائف لي فيها ذنوب كثيرة / لديك وكفاراتها أن تُخَرَّقا
فبالمال إن المال ربٌّ تجلُّه / تطوَّل بها مردودة كي تمزَّقا
أقول وقد قالت لطالب رفدها
أقول وقد قالت لطالب رفدها / رويدك إن الرفق أبقى وألحقُ
إذا أنت لم تسعف جديداً بحاجة / فأنت إذا أخلقت بالرد أخلقُ
وقالت تأنَّ القلبَ يعلق به الهوى / ونعلم يقيناً هل لحبك مصدق
هنالك تؤتى كل نيل طلبته / وتفتح باباً كان دونك يغلق
فقلت لها لم تبعدي غير أنه / مبادرة الآفات يا حبِّ أوثق
أحاذر موتاً فاجعاً أو شُيَيبَةً / أُفاتُ بها أو ألفة تتفرق
وأشياء شتى من قلى وملالة / ومن بَدَلٍ يحلى بعين فَيُعشق
فكيف تُرجِّي أن يدوم وصالنا / على حالة والدهر لونان أبلق
له قلم يستتبع السيف طائعاً
له قلم يستتبع السيف طائعاً / تطوع ذناباه التي لا تفارقُهْ
وما ذنَّبَ الأقلام إلا ممثلاً / بهن سيوف الهند كيف تطابقُهْ
أغثنا فأنت المرء يُهتف باسمه
أغثنا فأنت المرء يُهتف باسمه / إذا الأمر أضحى آخذاً بالمُخَنَّقِ
ولا تمطلِ الغَصّان بالماء إنه / متى يمطل الغصان بالماء يزهَقِ
تَكَذَّبَ أقوام علينا وأعلقوا / مخالبهم في لحمنا كل مُعلق
وصدَّقَهم من قد عرفتُ مكانه / فمزِّق منا الشلوُ كلَّ ممزق
نحن بحالٍ تُذكر المرء فرضَهُ / لدى كل واري الزند مثلك مُعرِق
فلا يسبقنك السابقون بكشفها / فما زلت بالخيرات غير مسبَّق
وما لِيَ من قرضٍ لديك أعُدُّه / ولكن متى يحمله طولك يلحق
نعائي إليك النفس إن لم تُلافِها / فقد جعلت بين الحيازم ترتقي
وما تُعدمُ الدنيا الدنية أهلها
وما تُعدمُ الدنيا الدنية أهلها / شواظَ حريق أو دخانَ حريقِ
يجرَّع فيها مالك فقد هالك / فيشجى فريق منهم بفريق
فلا تحسب الدنيا إذا ما سكنتها / قراراً فما دنياك غير طريق
متى غمرت دنيا أخاها بمائها / فليس وإن أروته غير غريق
عليك بدار لا يزول ظلالها / ولا يتأذى أهلها بمضيق
فما يبلغ الراضي رضاه ببلغة / ولا ينقع الصادي صداه بريق
أبا جعفر هل أنت قابل شاعرٍ
أبا جعفر هل أنت قابل شاعرٍ / كذوب يريد الانقياد إلى الصدقِ
مضت حقبة وهو الخبيث مآكلاً / يحاول طيب الرزق من مطلب الرزق
وقد كان ممن يشهد الزور مرة / بأنزر منزور وما ذاك بالطلق
ويعرضُ عِلقَ الصدرِ من حُرِّ شعره / على القوم لا يدرون ما قيمة العلق
أحل حرام المدح في غير أهله / فجوزي حرماناً فلم يؤت من حذق
وليس له من توبة غير مدحه / ذكياً كريم الفرع مثلك والعرق
فأعتقه من رقِّ المذلة إنه / على ثقة في نفسه منك بالعتق
وأقصر عنه الطرف خوف ملالتي
وأقصر عنه الطرف خوف ملالتي / عليه وحوبائي إليه تتوقُ
وما مثله خِيفَ الملالةُ والقلى / عليه ولكن المحب شفيقُ
طلبت لديكم بالعتاب زيادةً
طلبت لديكم بالعتاب زيادةً / وعطفاً فأعتبتم بإحدى البوائقِ
فكنت كمستسق سماء بخيلة / حياً فأصابته بإحدى الصواعقِ
ومن ظن أن الاستزادة في الهوى / تؤول بمعشوق إلى هجر عاشق
إذا أحدقوا بي في المَكَرِّ حجزتُهم
إذا أحدقوا بي في المَكَرِّ حجزتُهم / بسورٍ من الضرب الدراك وخندقِ
وشيعني قلب هناك مشيّعٌ / وظلة موت ذات حال ومصدقِ
تزيد على عشرين رطلاً ومثلها / وتهتز ريّا من دباحٍ ورونقِ
وفي عرضها بالشبر وقفاً وطولها / بخمسة أشبار بشبر مفرَّقِ
إذا هي لم تفرِ الجماجم خذرفت / خذاريفَ شتّى من أكف وأسوق
لها هبّةٌ بعد المضاء كأنها / هزيز الصبا بين الأباء المُحرَّق
فمن أخطأته استوهلته وأيَّهم / أصابت فهبه نطفةً لم تخلَّق
كأن لقاء الهام إذ خذرفت به / لُقَى حنظلٍ بالصحصحان مُفَلَّق
كأنهم لما أطافوا بجانبي / أطافوا بركن من عَمايةَ أخلق
تزِلُّ عِتاقُ الطير عن قذفاته / أشمَّ بنافٍ بالعماء منطَّق
فلما رأوا رأي الجلية إنما / تصلَّوا بألهوب من النار محرق
تولوا وقد هروا هرير مذاقتي / ومن يرعني يوم الكريهة يسبق
وأحمسَ حزب الله ركضاً وراءهم / وضرباً متى تحدو الوسائقَ يوسق
فأعطوا بأيديهم وألقوا سلاحهم / وشاع التنادي أمكن الأسر أوثق
وبلَّت برأس التُّرَّكشِّ وأعصفت / له تحت منسوج العجاج المشبرق
تحلَّيتُه والنقع مُرخٍ سدوله / بنظرة خطّاف الكلاليب أزرق
فأضربه في مفرق الرأس ضربة / تعودتها من مفرق بعد مفرق
وهان عليه أن يطول ثراؤه / على الجانب الغربيِّ من قنص أبسق
فأدلى له التأمير والأمر بعدها / وقد حلّقت بالعبد أولى محلّق
وأمست له الأنبارُ مثوى كرامةٍ / وأمست لهم مثوى هوان ومرهق
وكانوا كأوصال القناة تتابعت / وكنتَ لهم مثل السنان المزلَّق
فكادهم رب السما بمؤيَّدٍ / من الكيد أخّاذ بسمع ومنطق
يقولون لي ألفاظ هجوك عندنا
يقولون لي ألفاظ هجوك عندنا / إلى القلب من ألفاظ مدحك أسبقُ
فقلت لهم كذْبٌ مديحيَ فيكمُ / وهجوي لكم صدق وللصدق رونق
كأن الثريا إذ تجمَّع شملها
كأن الثريا إذ تجمَّع شملها / رياض ربيع فصِّلت بشقيقِ
وقد لمعت حتى كأن بريقها / قلائد درٍّ فُصِّلت بعقيقِ