أجدَّك هل قبل القيامة ملتقى
أجدَّك هل قبل القيامة ملتقى / فقد هام في فقدانك العلم والتقى
وأرَّقت جفن الدين حزناً لكافل / له كان يولي الليل جفناً مؤرقا
وأذويت أعواد المنابر بعدما / بعلمك منها اليابس اخضَّر مورقا
وكاد من الأشواق يحمرُّ دمعه / لفقدك محراب له كنت شيِّقا
وخوف لقاء الله كم قمت باكياً / حزيناً فهذا اليوم بشراك باللقا
وأنفقت غالي العمر في الله فارتبح / بأضعاف ما قد كنت في الله منفقا
سكنت ببطن الأرض أوسع منزل / فعاد الفضاء الرحب بعدك ضيّقا
وجددت بالأكفان أثواب سندس / ولكن ثوب الصبر بعدك أخلقا
وأبدلت أزواجاً من الحور كنَّساً / بدنيا لها من قبل كنت مطلقا
وصبح الهدى قد عاد بعدك مظلماً / وبطن الثرى من نور وجهك مشرقا
عذرت الردى حيث انتقاك وما ارتضى / سواك فأنت الدر والدر ينتقى
لعمرك ما أدري وأنت فقيدنا / بمن أتسلى أو أقول لك البقا
خلقت من التقوى فهل عنك سلوة / لنا بالذي يبدي التقى متخلقا
سأبكيك ما أبقى لي الحزن ناظراً / وأرثيك لو أبقى لي الخطب منطقا
وأبكي جبيناً بالسجود معفَّراً / ولكنه أبهى من البدر رونقا
وأبكي لساناً بالصواب مقيداً / ولكنه أجرى من السيل مطلقا
مضيت سليم القلب ما فيك مغمز / سوى كثرة الإسراف في العلم والتقى
مضيت عديم المثل قد حزت غاية / يطأطىء عن إدراكها الوهم مطرقا
مضيت كريم النفس فرداً مجمعا / من المجد ما في الناس كان مفرَّقا
مضيت مقيم الذكر والمسك طبعه / إذا ما مضى أبقى النسيم معبقا
ونار الأسى لولا الأسى بمحمد / لأضرم ذاكيها القلوب وأحرقا
كريم الى طه انتمى وهو جده / فشابهه خَلقاً وخُلقاً ومنطقا
فتى كأبيه لا يزال وجده / إلى الخير مهدياً وفيه موفقا
إلى أن نرى إرشاده لشرايع / بها يغتدي علاّمةً ومحققا
فإنّا نرى بالجد والسعي يرتقي / إلى موضع الفرزان ما كان بيدقا
الست ترى فرع النبيّ محمدا / الى ذروة الآباء في جدّه ارتقى
سحاب أغاث المعتفين بوبله / فدام علينا برقه متألقا
طمى بحره بالعلم يمتد مزبداً / كما غيثه بالجود ينهلُّ مغدقا
له قدم أرست على ذروة العلا / وداست من العلياء هاماً ومفرقا
له راحة فيها لنا أي راحة / غدا كل جيد في نداها مطوقا
فدام لنا حصناً وكهفاً وجُنّةً / له يُلتَجَا من كل خطب ويُتقى
وأحدق ريحان الجنان وروحها / بمثوى به الإيمان والعلم أحدقا