نَعى الحجة الناعي بصرخة ناعق
نَعى الحجة الناعي بصرخة ناعق / لَكَ السُوء يا ناعي جَميع الخَلائق
تبصر خَليل هَل تَراها تَدكدكت / مَغارب هذا الدَهر فَوقَ المَشارق
وَلِلشَمس فَانظر هَل تَراها مُضيئة / عَلى الناس أَم عيقت ذكاً بِالعَوائق
سَلام عَلى الإِسلام مِن بَعد كَهفه / فَقَد وَدع الدُنيا وَداع مَفارق
أَيَمضي وَيَبقى الدَهر لا كانَ إِن مَضَت / مِن الجسم رُوح وَهوَ مِن بَعدِها بقي
فَيا لَيت بَعد الحجة الغَيث لاهمى / وَلا شَقَ نَفح الريح عَرنين ناشق
وَلا طابَ في الحَي المَقام لحاضر / وَلا أَرقلت بِالسَفَر نجب الأَيانق
وَلا سَقيت أَرض العراقين بَعدَه / وَلا صدقت فيها مخيلة بارق
وَلَيتَ السَحاب الجون إِن هِيَ أَرعدت / فَلا مطرت في الأَرض غَير الصَواعق
تَرحل مِن شاد السرادق لِلهُدى / فَأَصبَح بَيت المَجد واهي السرادق
عَجبت لِقَوم يَحملون سَريره / فَقَد حَملوا ثَهلان فَوق العَواتق
سروا وَبنات النَعش مِن دُون نَعشه / فَقل كَيفَ نالتهُ الوَرى بِالمَرافق
وَقَد اَتبعته المسلمون بلطمها / كَأَيدي قيون تابعت بِالمَطارق
فَمن راجف قَد أَلزَم القَلب كَفه / يسكِن بِالشلاء رَوعة خافق
كَأَن أَباه المُصطَفى في سَريره / مشال وَقَد شاهَت وُجوه الخَلائق
تَرى خَلفه للأَدمُع الحُمر صبغة / كَأَن بِتلك الأَرض وَرد الشَقائق
فَيا شاهق البَيت الرَفيع وَلَم أَخل / بِأَن الرَدى يَلقيك مِن فَوق شاهق
وَيا مَن هُوَ الحامي حَقايق أَهله / إِذا عَددوا يَوماً حماة الحَقايق
شفاهك لَم تَترك مَقالاً لِناطق / إِذا هَدرت في العلم هَدر الشَقاشق
هَنيئاً لَكَ الفَردوس يا اِبن زَعيمها / وَحور تناجيهن فَوقَ النَمارق
وَأَصبَحت في أَهل زَكوا وَعَشيرة / فَحيوك بِالبُشرى تَحية عاشق
وَحفوا جَميعاً فيكَ حينَ اَتيتهم / ولَم يَبقَ مِنهُم لا تَقي وَلا نَقي
هُم القَوم قَد كانوا مَصابيح لِلوَرى / وَكَم نَظموا مِن درة في المَخانق
وَقَد زَهَت بَينَ الأَنام رِياضهم / كَما قد زَهى لِلناس رَوض الخَلائق
وَإِن علي القَدر للعلم باقر / تَرى الكُل مهدياً لَهُ قَول صادق
كِرام إِذا داعي المَكارم قَد دَعا / جَروا حينَ تَكبو الناس جرية سابق
إِذا رَوهنوا في حلبة أحرزوا المَدى / وَأَحيوا لَنا ذكر الوَجيه وَلاحق
تَرى مِنهُم في العلم جد مُمارس / إِذا لَعبت أَقلامهم بِالمَهارق
إِذا شَمروا للمعضلات فَهم هم / نَجاة لِمَخلوق وَقُرب لِخالق
تَزور مُلوك الأَرض أَعتاب دارهم / فَيلثمها مِن مؤمن وَمُنافق
يَطيلون في الأَعتاب مَهوى سُجودهم / فَتحسبها قَد كلست بِالمَفارق
فَما اِحتَوَت الدُنيا وَلا الشَمس أَشرَقَت / عَلى مثلهم لا لا ورب المَشارق
إِذا أَنزَل المَلهوف حاجته بِهم / تَراموا إِلَيها كَالسِهام الموارق
تَرى الطفل مِنهُم مرهقاً لِعَدوه / وَأَن سَنيه دُون سن المَراهق
فَصبراً أَبا المَهدي لا ريع بَيتكم / فَأَنتُم أَمان الخَلق مِن كُل طارق
مُلوك بَني الدُنيا بجنبك سوقة / يَغضون خَوفاً مِنكَ خزر الحَمالق
لِأَنك كَالشَمس المُضيئة إِن بَدا / محياك أخفى ضوؤه كُل شارق
وَمن قاس فيكَ الناس أَخطأ رُشده / وَهَل مِن قِياس صَح مَع أَلف فارق
أَهل قيست الآرام يَوماً بِضيغم / وَهَل شبه الطَير البغاث بِباشق
فَما كانَ خفاق الجَناح بِصائد / وَلا كُل جرار العنان بسابق
فَيا وسع الرَحمَن ضيق قَرارة / بِها علوي ذرعه غَير ضايق
وَلا طفه الباري بِنسمة لُطفه / وَحياه صوب العَفو في كُل شارق