أَلا قاتَلَ اللَهُ الهَوى كَيفَ أَخلَقا
أَلا قاتَلَ اللَهُ الهَوى كَيفَ أَخلَقا / وَلَم تَلقَهُ إِلّا مَشُوباً مُمَذَّقا
وَما مِن حَبيبٍ يَستَزيدُ حَبيبَهُ / يُعاتِبُهُ في الوُدَّ إِلّا تَفَرَّقا
أَمَرَّ وِصالُ الغانِياتِ فَأَصبَحَت / فَظاعَتُهايَشجى بِها مِن تَمَطَّقا
تَعَلَّقَ هَذا القَلبُ لِلحِينِ مَعلقاً / غَزالاً تَحَلّى عِقدَ دُرٍّ وَيارَقا
مِنَ الأَدم يعطُو بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى / مِنَ الضالِ غُصناً ناعِمَ النَبتِ مُرِقا
أَلُوفاً لِأضلالِ الكِناسِ وَلِلثَرى / إِذا ما ضِياءُ الشَمسِ في الصَيفِ أَشرَقا
شَجِي الحِجلِ يَغتالُ العَجيزَةَ مُرطُهُ / وَإِمّا وَشاحاهُ عَلَيهِ فَأَملَقا
ضَعِيفاً قَعِيعَ الصَوتِ لَذّاً دَلالُهُ / غَضِيضَ سَوامِ الطَرفِ في المَشِي أَخرَقا
إِذا بَلَّ الزَعفَرانِ لُبانَهُ / مَعَ المِسكِ يَزدادانِ طيباً وَيَعبَقا
تَخالُ خِمارَ الخَزِّ مِن فَوقِ جِيدِهِ / عَلى فَرعِ خوطٍ مِن أَباءٍ مُعَلَّقا
يَشُبُّ سَوادُ الفَرعِ مِنهُ بَياضَهُ / شُبُوبَ سَخابِ المِسكِ حَلياً مُبَرَّقا
دَعَتني إِلَيهِ العَينُ بِالخَيفِ مِن منى / فَهاجَت لَهُ قَلباً عَلُوقاً مُشَوَّقا
تُصَرِّفُهُ فِيما اِشتَهَت فَيُطِيعُها / كَما صَرَّفَ الراعي المُعِيدَ المُسَوَّقا
إِذا قُلتُ مَهلاً لِلفُؤادِ عَن الَّتي / دَعَتكَ إِلَيها العَينُ أَغضى وَأَطرَقا
فَوَاللَهِ ما إِن أَفتَحُ الدَهرَ بابَهُ / مِنَ القَولِ إِلّا رَدَّني ثُمَّ أَغلَقا
وَقالَ وَقالَت تَستَغِشّانِ ناصِحاً / قَديماً لعَمري كانَ مِن ذاكَ أَشفَقا
دَعاناً فَلَم نَسبِقُ مُحِبّاً بِما تَرى / فَما مِنكَ هَذا العَذلُ إِلّا تَخَرُّقا
فَقَد سَنَّ هَذا الحُبَّ مَن كانَ قَبلَنا / وَقادَ الصِبا المَرءَ الكَريم فَأَعنَقا