عَرَفَتُ لها طيفاً على النأي طارقا
عَرَفَتُ لها طيفاً على النأي طارقا / يُساعد مشتاقاً ويُسعِد شائقا
ألمَّت وفي جفني بقايا مدامعٍ / مَرَتها نواها فاستَهلتت سوابقا
وأومضَ في رَجعِ الحديثِ ابتِسامُها / ومَيضَ الحيا أهدى لنجدٍ شقائقا
وما اعتَجرت بالليلِ إلاّ مخافةً / لمرتَقِبٍ يذكي العُيون الروامِقا
كَستكَ بهاراً فوق خدك ذابلاً / وقد لبست في وجنتيها شقائقا
وولّت بقلب أسلمته يدٌ الهوى / إلى الشوق مغلوبَ التجلد وامقا
سقاها الحيا حيث استهلت مواطراً / كجود غياث المسلمين دوافقا
رعى الله تاج الأصفياء وإنما / دعوت بأن يرعى الدنا والخلائقا
فيا ناصِرَ الدين الذي بنواله / غدا الشعر بين الجود والبخل فارقا
ملكت فؤاداً بالمعالي متيّماً / وأعطيت قلباً بالمكارم عاشقا
وما ابتدر الأملاك غاية سؤددٍ / ومكرمة إلاّ وجدناك سابقا
فمن كان منهم مانعا كنت باذلا / ومن كان منهم حارماً كنت رازقا
وخوّلك الله المغاربَ كلها / تُنَفِّذ فيها حُكمَه والمشارقا
تنكبت عن ظل الهوادة سالكاً / هواجر في طرف العلا وودائقا
وملمومة أزدية ناصرية / بعثت على الأعداء منها البوائقا
قرعت بها عظم العراق فلم تزل / له بشفار المشرفي عوارقا
وقد جمعت منه خراسان / على عَجل لمّا قددت البنائقا
قدتت غمام السابري عليهم / مضاعفة لمّا انتضيت البوارقا
بكفِّك آجالٌ الأعادي وإنما / أخذت على الأعمار منها المضائقا
إذا خاطبٌ لم يَعلُ أعواد منبرٍ / بما تشتهي من خطبة كان فاسقا
إذا درهم لم يبد بين سطوره / بذكرك سطر كان زيفا
إذا ما تعاطى الجود بعدك مُدَّعٍ / له أو تَحلّى باسمه كان سارقا
ومن يبغ أن يحظى نداه بمنعم / سواك كمن يبغي مع الله خالقا
وكان الذي كانت خراسان داره / بها مغرماً ثم استقلّ مفارقا
إذا هَمّ تقويضا تلفت ناكثا / بساتين في أكنافها وجواسقا
تريه مناه مرفقا في طماعه / إذا ساغت الأطماع كانت مرافقا
وقد نصحته نفسه وهي حربه / إذا نصح الأعداء كانوا أصادقا
وبالموصل استأصلت شأفة ملكه / بِكَرّات حملاتٍ تشيب المفارقا
يقيك بشحط الدار منها فلم تزل / تجوب سهوبا دونها وسمالقا
ذكرت الردينيات في جنباتها / بواسق تعلوا في ذراها البواسقا
جلبتَ من الأجبال أجبال طَيءٍ / كراديسَ شكتت بالكماة الرسانفا
فظلت وقد عادت جواسقها رُبا / وكانت رباها قبل ذاك شواهقا
إذا خاطر الرعديد أنهك رُمحَهُ / كما اختلس اللحظ المحبُّ مسارقا
وساقت عُقيل في رؤوس رماحها / عقائل من أموالهم ووسائقا
وهرت كلابٌ في الوشيج فاقعصت / ثعالب في أجحارها وخرانقا
ملكت رجالات العراق براحة / تفيض حيا طوراً وطوراً صواعقا
فقد انطقت بالجود من كان آخرسآ / وقد أخرست بالبأس من كان ناطقا
تصافح أيديها الألوف صوامتاً / وما عرفت من قبلُ إلاّ الدوانقا
وكم قلعة بالمشرفي اقتلعتها / وأذريتها وجه الرياح سواحقا
وَثِقتَ بنصر الله في كل موطن / وكنتَ امرءا مذ كنتَ بالله واثقا
كساك أمير المؤمنين مناقبا / فكنت بها يا نصر الدين لائقا
وأصفاك من بين البرية خلة / رآك لها محض المودة صادقا