أَرِقتُ لِبَرقٍ ناصِبٍ يَتَأَلَّقُ
أَرِقتُ لِبَرقٍ ناصِبٍ يَتَأَلَّقُ / إِذا ما هَفا ظَلَّيتُ بِالدَمعِ أَشرَقُ
إِذا ناضَ لَم أَملِك سَوابِقَ عَبرَةٍ / تَحُمُّ لَها الأَحشاءُ وَالقَلبُ يَخفُقُ
أَمُدُّ لَهُ طَرفي وَمِن دونِ وَمضِهِ / خُبوتٌ وَأَحقافٌ وَبَيداءُ سَملَقُ
وَمَجهَلَةٍ لِلجِنِّ في عَرَصاتِها / عَزيفٌ يُراعُ الذِئبُ مِنهُ وَيَفرَقُ
أُرَجِّمُ فيهِ الظَنَّ أَينَ مَصابُهُ / عَسى في رِياضِ المَجدِ يَهمي وَيَغدَقُ
مَنابِعُ أَنوارِ الهُدى في عِراصِها / لِباغي الهُدى وَالفَضلِ هديٌ وَمَرفِقُ
وَمَوطِنُ أَملاكٍ غَطاريفَ سادَةٍ / لَهُم عُنصُرٌ في باذِخِ المَجدِ مُعرِقُ
إِذا نازَلوا كانوا لُيوثاً عَوابِساً / وَإِن نَزَلوا كانوا بُحوراً تَدَّفقُ
أَجَل مَن يَكُن عَبدُ العَزيزِ فَخارَهُ / فَلا غَروَ لَو فَوقَ الكَواكِبِ يُعتِقُ
هُوَ النِعمَةُ الكُبرى مِنَ اللَهِ لِلوَرى / وَرَحمَتُهُ وَاللَهُ جَلَّ المُوَفِّق
بِهِ اللَهُ أَعطاهُم حَياةً جَديدَةً / وَهُم قَبلَهُ أَيدي سَبا قَد تَمَزَّقوا
قِوامٌ لَهُم في دينِهِم وَمَعاشِهِم / إِلى الحَقِّ يَهديهِم وَبِالحَقِّ يَنطِقُ
فَمَن يَعتَصِم مِنهُ بِحَبلٍ وَذِمَّةٍ / وَإِلّا مِنَ الدينِ الحَنيفِيِّ يَمرُقُ
أَلَيسَ أَتى في مُحكَمِ الذِكرِ أَمرُنا / بِطاعَتِهِ حَقّاً وَلا نَتَفَرَّقُ
فَقالَ أَطيعوا اللَهَ ثُمَّ رَسولَهُ / كَذاكَ وَلِيَّ الأَمرِ نَصٌّ مُحَقَّقُ
فَقُل لِاُناسٍ بِالكُوَيتِ وَحائِلٍ / يَقولونَ إِنّا بِالكِتابِ نُصَدِّقُ
أَهذا كَلامُ اللَهِ أَم قَولُ غَيرِهِ / مِ الحُكمُ مَنسوخٌ أَفيدوا وَحَقِّقوا
في الغَربِ أَم في الهِندِ فيما عَلِمتُمُ / أَمِ اليَمَنِ الأَقصى وَما ضَمَّ جِلَّقُ
إِمامٌ عَلى نَهجِ الشَريعَةِ سائِرٌ / نُبايِعُهُ نَحنُ وَأَنتُم وَنَصدُق
وَهَل عُدَّ في آبائِكُم وَجُدودِكُم / خَليفَةُ عَدلٍ أَو إِمامٌ مُوَفَّقُ
فَأَنتُم عَلى آثارِهِ تَقتَفونَهُ / أَبينوا لَنا أَم ذا هَوىً وَتَحَمُّقُ
وَإِلّا فَما يَمنَعُكُمُ أَن تُبايِعوا / عَلى ما بِهِ يَقضي الكِتابُ المُصَدَّقُ
إِمامَ هُدىً لِلرُّشدِ يَهدي وَيَهتَدي / مُقيمَ سَواءٍ بِالرَعِيَّةِ يَرفُقُ
فَمَن باتَ لَيلاً خالِعاً بَيعَةَ الَّذي / بِهِ لُمَّ شَعثُ المُسلِمينَ المُفَرَّقُ
فَإِن ماتَ كانَت ميتَةً جاهِلِيَّةً / وَإِن عاشَ فَهوَ المارِقُ المُتَزندِقُ
كَما جاءَ في الأَخبارِ نَصّاً مُوَكَّداً / فَلَسنا بِأَدنى شُبهَةٍ نَتَعَلَّقُ
أَما المُسلِمونَ الآنَ مِن جِذمِ رَيدَةٍ / إِلى الشامِ قَولٌ مُحكَمٌ لا مُلَفَّقُ
وَمِن مُنتَهى الرِيعانِ حَتّى تُنيخَها / بِأَقصى عُمانٍ كُلُّهُم قَد تَحَقَّقوا
بِأَنَّ لَهُ في عُنقِ كُلِّ مُوَحِّدٍ / مِنَ اللَهِ عَهدٌ بِالإِمامَةِ موثَقُ
فَيا لَيتَ شِعري أَينَ ضَلَّت حُلومُكُم / وَغَرَّكُمُ الغَرّارُ وَالحَظُّ مُخفِقُ
فَهَلّا اِتَّقَيتُم وَثبَةً مُقرِنِيَّةً / كَأَنَّ لَدَيها أَجدَلَ الطَيرِ خِرنِقُ
فَلا تُخرِجوهُ عَن سَجِيَّةِ حِلمِهِ / فَما هُوَ إِلّا اللَيثُ إِن هَمَّ يَصدُقُ
فَكَم عَفَّ عَمَّن لَو جَزاهُ بِذَنبِهِ / لَطارَ مَعَ العَنقاءِ حَيثُ تُحَلِّقُ
أَرَيتُكُمُ لَو جَرَّ مَن قَد ذَكَرتُهُ / عَلَيكُمُ يَسوقُ الفَيلَقَ الجَمَّ فَيلَقُ
أَهَل كُنتُمُ إِلّا لُقَيمَةَ آكِلٍ / لَهُم قَبلَ ما قَرنُ الغَزالَةِ بُشرِقُ
جَحافِلُ فيها مِن سُلالَةِ ناهِسٍ / أُسودٌ على أَعدا الشَريعَةِ حُنَّقُ
سِراعٌ إِلى الهَيجاءِ عِطاشٌ إِلى الوَغى / إِذا ما حِياضُ المَوتِ بِالمَوتِ تُدهَقُ
وَفيها لُيوثٌ مِن صَميمِ هَوازِنٍ / أولئِكَ أَدرى بِالطِعانِ وَأَحذَقُ
طِوالُ الخُطا في مَعرَكِ الطَعنِ لِلعِدى / ثِقالٌ إِذا ما مَأزِقُ الحَربِ ضَيِّقُ
وَفيها بَنو قَحطانَ قَومٌ سَما بِهِم / مَعَ العَزمِ آباءٌ إِلى المَجدِ سُبَّقُ
هُمُ هاجَروا لِلَّهِ ثَمَّةَ جاهَدوا / فَبُشراهُمُ لِلمَجدِ وَالخَيرِ وُفِّقوا
وَمِن شَمَّرٍ فيها وَحَربٍ وَغَيرِهِم / قَبائِلُ لِلدُّنيا الدَنِيَّةِ طَلَّقوا
وَهُم نَصَروا الدينَ القَويمَ وَأَصبَحَت / لَهُم رايَةٌ بِالعِزِّ وَالنَصرِ تَخفِقُ
وَفيها سَراةٌ مِن سُبَيعَ بنِ عامِرٍ / لِهامِ العِدى بِالمُشرَفِيِّ تُفَلِّقُ
وَفيها بَنو الإِسلامِ أَعلَوا مَنارَهُ / لَيالِيَ وَجهُ الأَرضِ بِالشِركِ مُغسِقُ
أولئِكَ أَهلُ المُدنِ مِن كُلِّ باسِلٍ / إِلى الطَعنِ في يَومِ اللِقا يَتَدَلَّقُ
بِيُمنِ إِمامِ المُسلِمينَ تَأَلَّقَت / قُلوبٌ وَأَهواءٌ غَشاها التَفَرُّقُ
إِذا صَلُحَت في داخِل الجِسمِ مُضغَةٌ / فَإِنَّ صَلاحَ الجِسمِ فيها مُعَلَّقُ
لَقَد كادَ هذا الدينُ يَنهَدُّ قَبلَهُ / وَسيمَ بَنوهُ الخَسفَ جَوراً وَأُرهِقوا
فَجاءَ بِهِ اللَهُ العِبادَ بِلُطفِهِ / غِياثاً لَهُم وَاللَهُ بِالخَلقِ أَرفَقُ
فَتىً دَهرُهُ شَطرانِ بَاسٌ وَنائِلٌ / بِهِ اللَهُ في الدُنيا يُهينُ وَيَرزُقُ
فَتى طَلِباتٍ لَيسَ يُغضي عَلى القَذى / وَيَقرَعُ بابَ الخَطبِ وَالخَطبُ مُغلَقُ
إِذا هَمَّ لَم يَردُد عَزيمَةَ هَمِّهِ / مَقالُ مُشيرٍ أَو عَذولٌ يُعَوِّقُ
وَلكِنَّهُ يَمضي وَلِلحَربِ غَليَةٌ / تَجيشُ لَها نَفسُ الكَمِيِّ وَتَزهَقُ
يُفيتُ مُلوكَ الأَرضِ ما يَطلُبونَهُ / لَدَيهِ وَإِن يَطلُبهُمُ فَهوَ يَلحَقُ
إِذا لاحَ أَعشى الناظِرينَ مَهابَةً / فَهُم نُكَّسُ الأَذقانِ وَالطَرفُ يُرمُقُ
مَهابَةَ مَلكٍ لكِنِ الدينُ تاجُها / وَمَن يَعرَ مِن ثَوبِ التُقى فَهوَ أَخرَقُ
وَكَالبَحرِ في حالِ الرِضى فَيضُ كَفِّهِ / وَكَالبَحرِ قُل ما شِئتَ إِن جاشَ يُغرِقُ
مَحامِدُ شَتّى لكِنِ الشَخصُ واحِدٌ / وَرَبُّكَ مُختارٌ وَما شاءَ يَخلُقُ
ولا كَاِبنِ عِجلٍ في سَفاهَةٍ رَأيِهِ / وَتَسويلِهِ لِلقَومِ حَتّى تَوَهَّقوا
فَصَبَّحَهُم جُندُ الإِلهِ وَحِزبُهُ / بِمَلمومَةٍ فيها الصَفائِحُ تَبرُقُ
فَأَدمَوا مِنَ العَضِّ الأَصابِعَ نُدَّماً / فَلَم يُغنِهِم طولُ الأَسى وَالتَحَرُّقُ
وَذي عادَةُ المَولى الكَريمِ بِمَن غَدا / يُناوي بَني الإِسلامِ لابُدَّ يَمحَقُ
فَيا مَعشَرَ الإِخوانِ دَعوَةَ صارِخٍ / لَكُم ناصِحٌ بِالطَبعِ لا مُتَخَلِّقُ
يَوَدُّ لَكُم ما يَمتَنيهِ لِنَفسِهِ / وَيَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ في اللَهِ أَوثَقُ
تَحامَوا عَلى دينِ الهُدى مَع إِمامِكُم / وَكونوا لَهُ بِالسَمعِ جُنداً تُوَفَّقوا
وَإِيّاكُمُ وَالإِفتِراقَ فَإِنَّهُ / هُوَ الهُلكُ في الدُنيا وَلِلدّينِ يوبِقُ
فَوَاللَهِ ثُمَّ اللَهِ لا رَبَّ غَيرُهُ / يَمينَ اِمرىءٍ لا مُفتَرٍ يَتَمَلَّقُ
وَلا قاصِدٍ يَوماً بِقَولي مَكانَةً / وَلا عاجِلاً لِلدّينَ وَالسَمتُ يَعرُقُ
لَما عَلِمَت نَفسي عَلى الأَرضِ مِثلَهُ / إِماماً عَلى الإِسلامِ وَالخَلقِ يَشفَقُ
عَسى أَن نَراها سيرَةً عُمَرِيَّةً / يَدينُ لَها غَربُ البِلادِ وَمَشرِقُ
فَفيهِ وَلا نَعدَمهُ تَبدو مَخايِلٌ / بِها العِزُّ لِلإِسلامِ وَالمُلكِ يورِقُ
وَصَلّى إلهُ العالَمينَ عَلى الَّذي / بِأَنوارِهِ الأَكوانُ تَزهو وَتُشرِقُ
كَذا الآلِ وَالأَصحابِ ما لاحَ بارِقٌ / وَما ناحَ في الدَوحِ الحَمامُ المُطَوَّقُ