رَأَتني اِبنَةُ الكَلبِيِّ أَقصَرَ باطِلي
رَأَتني اِبنَةُ الكَلبِيِّ أَقصَرَ باطِلي / وَكادَت نَدامى رائِدِ الخَيلِ تُنزَفُ
وَأَصبَحَ أَخداني كَأَنَّ رُؤوسَهُم / حَماطُ شِتاءٍ بَعدَ نَبتٍ مُنَصَّفُ
وَقَد كُنتُ بِالبيدِ القَليلِ أَنيسَها / أَقوفُ وَأَمضي قَبلَ مَن يَتَقَوَّفُ
فَأَصبَحتُ مِمّا يُحدِثُ الدَهرُ لِلفَتى / أَقُصُّ العَلاماتِ الَّتي كُنتُ أَعرِفُ
إِذا ما رَأَت يَوماً مَطِيَّةَ راكِبٍ / تُبَصِّرُ مِن جيرانِها أَو تُكَوِّفُ
تَقولُ اِرتَحِل إِنَّ المَكاسِبَ جَمَّةٌ / فَقُلتُ لَها إِنّي اِمرُؤٌ أَتَعَفَّفُ
وَأَرجو عَطاءَ اللَهِ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَيَنفَعُني المالُ الذَي أَتَسَخَّفُ
وَأُبغِضُ إِرقاصاً إِلى رَبِّ دارِهِ / لَئيمٌ لَهُ كِتَّانَتانِ وَمِطرَفُ
تَجَبَّرُ مالاً بَعدَ لُؤمٍ وَدِقَّةٍ / كَما شُدَّ بِالشَعبِ الإِناءُ المُكَتَّفُ
كَمُستَمسِكٍ بِالحَبلِ لَولا اِعتِصامُهُ / إِذنٌ لَتَراماهُ مِنَ الجَولِ نَفنَفُ
ينامُ الضُحى حَتّى يَطولَ رُقادُهُ / وَيَقصُرُ سِتراً دونَ مَن يَتَضَيَّفُ
يَكونُ عَلى الديوانِ عِبأً وَباعُهُ / قَصيرٌ كَإِبهامِ النُغاشِيِّ أَجدَفُ
وَإِن أُنزِلَ الخُدَّامُ يَوماً لِضَيعَةٍ / يُقالُ لَهُ اِنزِل عَن حِمارِكَ أَقلَفُ
وَإِن أَيَّهَ القَومُ الكِرامُ أَجابَهُ / بِجُرجَيهِ مَوشِيُّ الأَكارِعِ مُوكَفُ
عَلى تُكُآتٍ مِن وَسائِدَ تَحتَها / سَريرٌ كَأَنقاءِ النَعامَةِ يَرجُفُ
فَلَأياً بِلَأيٍ ما يُكَلِّمُ ضَيفَهُ / لِحينٍ وَلا تِلكَ المَطِيَّةُ تُعلَفُ
فَيُعطي قَليلاً أَو يَكونُ عَطاؤُهُ / مَواعِدَ بُخلٍ دونَها البابُ يَصرِفُ
رِصادَ سحوقِ النَخلِ يُرصَدُ حِجَّةً / وَدونَ ثَراها ليفُها المُتَلَيِّفُ
وَإِنَّ لَنا مِن نِعمَةِ اللَهِ هَجمَةً / يُهَدهِدُ فيها ذو مَناكِبَ أَكلَفُ
طَويلُ القَرى خاظي البَضيعِ كَأَنَّما / غَذَتهُ دِيافٌ وَالقَصيلُ المُقَطَّفُ
إِذا بَيَّتَتهُ الريحُ يُنبي سَقيطُها / خَبائِرُهُ كَأَنَّما هِيَ قَرطَفُ
يُمَشّي عَلَيها يَرفَأَيٌّ كَأَنَّهُ / ظَليمٌ بِصَحراءِ الأَباتِمِ أَصدَفُ
وَنَجدِيَّةٌ حُوٌّ كَأَنَّ ضُروعَها / أَداوى سَقاها مِن جَلاميدَ مُخلِفُ
وَجَرداءُ مِن آلِ الصَريحِ كَأَنَّها / قَناةٌ بَراها مُستَجيدٌ مُثَقِّفُ
وَفِتيانُ صِدقٍ مِن عَطِيَّةِ رَبِّنا / بِمِثلِهِمُ نَأبى الظَلامَ وَنَأنَفُ
وَجُرثومَةٌ مِن عِزِّ غَرفٍ وَمالِكٍ / يَفاعٌ إِلَيها نَستَفيدُ وَنُثلِفُ
وَلَكِن لَيالينا بِبُرقَةِ بَرمَلٍ / وَهَضبِ شَرَورى دونَنا لا تَصَدَّفُ
لَيالِيَ مالي غامِرٌ لِعِيالِها / وَإِذ أَنا بَرّاقُ العَشِيّاتِ أَهيَفُ
إِلَيها وَلَكِن لا تَدومُ خَليقَةٌ / لِمَن في ذِراعَيهِ وُشومٌ وَأَوقُفُ
وَداوِيَّةٍ بَينَ المياهِ وَبَينَها / مَجالٌ عَريضٌ لِلرِياحِ وَمَوقِفُ
قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها / بِعَيرانَةٍ فيها هِبابٌ وَعَجرَفُ
هِجانٌ تَبُزُّ العُفرَ فَيءَ ظِلالِها / وَتَذعَرُ أَسرابَ القَطا يَتَصَيَّفُ
كَأَنّي عَلى طاوي الحَشا باتَ بَينَهُ / وَبينَ الصِبا مِن رَملِ خَيفَقَ أَحقُفُ
يَشيمُ البُروقَ الَلامِعاتِ وَفَوقَهُ / مِن الحاذِ وَالأَرطى كِناسٌ مُجَوَّفُ
يَكُفُّ بِرَوقَيهِ الغُصونَ وَيَنتَحي / بِظِلفَيهِ في هارِ النَقا يَتَقَصَّفُ
كَما بَحثَ الحِسيَ الكِلابِيَّ مُنهِلٌ / رِضابُ النَدى في روعِهِ يَتَزَلَّفُ
إِذا ناطِفُ الأَرطاءِ فَوقَ جَبينِهِ / تَحَدَّرَ جَلّى أَنجَلُ العَينِ أَذلَفُ
وَأَصبَحَ مَولِيُّ النَدى في مُرادِهِ / عَلى ثَمرِ البُركانِ وَالحادِ يَنطُف
فَلَمّا بَدَت في مَتنِهِ الشَمسُ غُدوَةً / وَأَقلَعَ دَجنٌ ذو هَمائِمَ أَوطَفُ
أَظَلَّت لَهُ مَسعورَةً يَبتَغي بِها / لُحومَ الهَوادي اِبنا بُرَيدٍ وَأَعرَفُ
سَلوقِيِّةٌ حُصٌّ كَأَنَّ عُيونَها / إِذا حُرِّبَت جَمرٌ بِظَلماءً مُسدِفُ
تُضَرَّى بِآذانِ الوحوشِ فَكُلُّها / حَفيفٌ كَمِرّيخِ المَناضِلِ أَعجَفُ
فَكَرَّ بِرَوقَيهِ كَمِيٌّ مُناجِدٌ / يَخُلُّ صُدورَ الهادِياتِ وَيَخصِفُ
فَلَمّا رَأَى أَربابَها قَد دَنَوا لَهُ / وَأَزهَفَها بَعضُ الَّذي كانَ يُزهِفُ
أَجَدَّ وَلَم يُعقِب كَما اِنقَضَّ كَوكَبٌ / وَذو الكَربِ يَنجو بَعدَما يُتَكَنَّفُ
وَأَصبَحَ كَالبَرقِ اليَماني وَدونَهُ / حُقوفٌ وَأَنقاءٌ مِن الرَملِ تَعزِفُ
وَلَيلَةِ نَجوى مُرجَحِنٌّ ظَلامُها / حَوامِلُها مِن خَشيَةِ الشَرِّ دُلَّفُ
مَخوفٍ دواهيها يَبيتُ نَجِيُّها / كَأَنَّ عَميداً بَينَ ظَهرَيهِ مُدنَفُ
إِذا القَومُ قالوا مَن سَعيدٌ بِهَذِهِ / غَداةَ غَدٍ أَو مَن يُلامُ وَيُصلَفُ
هُديتُ لِمُنجى القَومِ مِن غَمَراتِها / نَجاءَ المُعَلّى يَستَبينُ وَيَعطِفُ
وَقومٍ تَمَنَّوا باطِلاً فَرَدَدتُهُم / وَإِن حَرَّفوا أَنيابَهم وَتَلَهَّفوا
إِذا ما تَمَنَّوا مُنيَةً كُنتُ بَينَهم / وَبَينَ المُنى مِثلَ الشَجا يُتَحَرَّفُ