المجموع : 4
ومَحجوبَةٍ بالماءِ عَنْ كُلِّ ناظِرٍ
ومَحجوبَةٍ بالماءِ عَنْ كُلِّ ناظِرٍ / ولكَّنها من حُجبِها تُتَخَطَّفُ
أخَذْنا عَليهِنَّ السَّبيلَ بأَعيُنٍ / رَواصِدَ إلا أنَّها ليسَ تُطرَفُ
فجاءَتْ به شتَّى النَّجارِ ولم تَزَلْ / تُجَمِّعُ من أستاتِها وتُؤَلِّفُ
تُصافِحُها بيضُ المُتونِ كأنَّها / خَناجِرُ في أيمانِنا تَتَعَطَّفُ
لنا رَوْضَةٌ في الدَّارِ صِيغَ لِزَهْرِها
لنا رَوْضَةٌ في الدَّارِ صِيغَ لِزَهْرِها / قَلائدُ من حَلْيِ النَّدى وشُنوفُ
يُطيفُ بنا منها إذا ما تنفَّسَتْ / نَسيمٌ كَعَقْلِ الخالِدِيِّ ضَعيفُ
ونَدمانِ صدقٍ نَثرُهُ ونِظامُه / ربيعٌ إذا فاوضتَه وخَريفُ
وماءٍ حكى أشعارَ حَمْدٍ ببَردِه / ولكنَّه مَحياً وتلكَ حُتوفُ
وقد رَقَّ ثَوبُ الغيمِ حتَّى كأنما / تُنَشَّرُ دُونَ الأُفْقِ منه سُجوفُ
فزُرْ مجلِساً قد فَضَّلَ اللهُ أهلَه / وشَرَّفَهُمُ إنَّ الأديبَ شَريفُ
ولا تَعْدُ أفعالَ الشريفِ فإنه / زمانٌ رقيقُ الحُلَّتَيْنِ ظَريفُ
قضَى بوقوفِ الرَّكْبِ حَقَّ المواقِفِ
قضَى بوقوفِ الرَّكْبِ حَقَّ المواقِفِ / فروَّى صَداها بالدُّموع ِالذَّوارِفِ
رسومٌ كأنَّ الطَّرْفَ يَقرأُ كلَّما / تأمَّلَها آيَ الهَوى من صَحائفِ
أباري بها دَمْعَ الحَيا وهو ذَارِفٌ / وأخلُفُه في رَبْعِها غيرَ ذارِفِ
وأعْرِفُها لولا الذي فَعَلَ البِلَى / وأنْكِرُها لولا نَسيمُ المَعارفِ
سقاكَ الهَوى صوبَ الدموعِ مُلاطِفاً / وأيُّ هوىً يَلقاكَ غيرَ مُلاطفِ
فلم تُنسِني الأيَّامُ فيك وقد دَجَت / سَوالفَ أيامٍ مَضَتْ كالسَّوالفِ
وأخضرَ من وَشْي الحَدائقِ مُعْلَمٍ / تَجُرُّ عليه السُّحْبُ وَشْيَ المَطارفِ
إذا انصاتَ في قَرْنٍ من الشَّمْسِ ضاحكٍ / تَمايلَ في دَمْعٍ من المُزْنِ واكفِ
ولا بِسةٍ في كأسِها ثوبَ آمنٍ / جلاها علينا الماءُ في ثَوبِ خائفِ
إذا رَعَفَتْ منها الأباريقُ خَيَّلَتْ / لأَعيُننا سِربَ الظِّباءِ الرَّواعفِ
تمسَّكْتُ بالإنجيلِ لمَّا أباحَها / وخالفْتُ فيها نصَّ ما في المَصاحفِ
أُرَدِّدُ لَحْظَ العَيْنِ بينَ شَمامسٍ / مُصَوَّرَةٍ في كأسِها وأساقفِ
فمِنْ بَيْنِ عارٍ لم يَنَلْ من ثيابِها / ومُلتَحِفٍ منها بحُمْرِ المَلاحفِ
أَأَطلُبُ إسعافَ الزَّمانِ وقد ثَنى / إلى العاجزِ المأفونِ عَطْفَ مُساعفِ
وآمُلُ أن يَجلو لذي اللُّبِّ بعدَما / ترَشَّفَهُ ذو الجَهْلِ حُلْوَ المَراشفِ
إذا لم يكن للنَّقْصِ يَوماً بمُنْكرٍ / فما هو للفَضْلِ المُبينِ بعَارفِ
سأمنَحُ حَلْيَ الشِّعْرِ صائِغَ حَلْيِه / وإن لم يَصُغْهُ لارتيادِ العَوارفِ
ثناءً كأفوافِ الرِّياضِ يَشوبُه / عتابٌ كأنفاسِ الرِّياحِ الضَّعائفِ
تَرقرَقَ ماءُ الطَّبعِ في وَجَناتِه / تَرَقرُقَ إفرنْدِ السّيوفِ الرَّهائفِ
أبا حسَنٍ إنَّ المَكارِمَ جَمَّةٌ / وأحسنُها إنصافُ خِلٍّ مُناصِفِ
تناسَيْتَ وُدِّي من قديمٍ وحادِثٍ / وأغفَلْتَ شُكْري من تَليدٍ وطارفِ
وأهملَتني حتَّى تحيَّفَني العِدا / وكم ذُدْتَ عنّي الحَيْفَ من كلِّ حائفِ
عصائبُ رَقَّ السِّتُر بيني وبينَهم / فمن ساترٍ ما في الضَّميرِ وكاشِفِ
يَدبُّونَ في لَيْلِ النِّفاقِ كأنَّهم / عَقارِبُ دَبَّتْ في دُجىً مُتكاثِفِ
إذا نَسَمَتْ ريحُ الصديقِ عليهمُ / أَهَبُّوا عليها كلَّ نَكْبَاءَ عَاصِفِ
وما نَقَمُوا إلا مَقالَةَ مُعْلنٍ / بأنَّ أبا السِّبْطَينِ خَيْرُ الخَلائفِ
إذا شِئْتَ أن تُهدي لِغلِّ صدورِهِمْ / فأَغْضِبْهُمُ يَبْدو كُمونُ الكتائفِ
أَلستَ تَراهم إنْ رأوا لك نِعمةً / يَفيضونَ غَيْظاً من صدورٍ لواهفِ
تَرى أوجُهاً تَصفَرُّ حِقْداً كأنَّما / يُدافُ على أَبشارِها وَرْسَ رائفِ
وخُزْرَ عيُونٍ لم تكنْ لَحظَاتُها / لتصدُرَ إلا عن قُلوبٍ رَواجفِ
أَلَم تَرَني أقصرتُ غيرَ مُقَصِّرٍ / وأَعرَضْتُ عن أعراضهِمْ غيرَ خائفِ
وكيفَ يَبيعُ الحُرُّ عِرْضَ ابنِ حُرَّةٍ / بأعراضِ أبناءِ الإماءِ المَقارف
أغَرَّكَ منهم ذو لسانٍ مُلاطِفٍ / وقلبٍ لإفراطِ الغليلِ مُسايفِ
فأعطيتَهم مضدْحاً كزاهِرِةِ الرُّبا / ووُدّاً كإيماضِ البروقِ الخَواطفِ
وكنتَ جديراً أن تَحُثَّ إليهمُ / قَواصِفَ لَفْظٍ كالرُّعودِ القَواصفِ
وتَسلَمَ عن أعراضهِمْ بشوارِدٍ / مسوَّمَةٍ تُوهي صَفاةَ المُقارفِ
فليسَ يكونُ المرءُ سِلْمَ صَديقِهِ / إذا لم يكنْ حربَ العدوِّ المُخالفِ
ألا سَقِّني الصَّهباءَ صِرْفاً فإنَّني
ألا سَقِّني الصَّهباءَ صِرْفاً فإنَّني / لِمَنْ لامَ فيها ما حَييتُ مُخالِفُ
ألستَ ترى وَشْيَ الرِّياض ِكأنَّما / تُنَشَّرُ في أَرجائِهنَّ المَطارِفُ
ومَشمولَةً شَجَّ السُّقاةُ كُؤوسَها / فأَشرقَ وَجْهُ الصُّبحِ واللَّيلُ عاكِفُ
ولاحَ على الكاساتِ فاضِلهُا كما / تَلوحُ على حُمْرِ الخُدُودِ السَّوالِفُ