تَقلَّصَ ظِلٌّ للشَّبابِ ورَيفُ
تَقلَّصَ ظِلٌّ للشَّبابِ ورَيفُ / وأقبلَ من ضَاحي المَشِيبِ رَديفُ
وأيُّ صباحٍ لا تليهِ عشيَّةٌ / وأيُّ ربيعٍ لا يليهِ خَريفُ
على مِثلِ هذا قد مضى الدَّهرُ وانقضى / كذلكَ يَمضي تالدٌ وطريفُ
سوادُ اللَّيالي في بياضِ نَهارِها / أساطيرُ لا تُقرا لَهُنَّ حُروفُ
خليليَّ ما للنَّاس يضحكُ واحدٌ / وتبكي مئاتٌ حولَهُ وأُلُوفُ
لقد شَنَّ هذا الدَّهرُ غارةَ جاهِلٍ / تَساوَى خَسِيسٌ عِندهُ وشَرِيفُ
بَلاءٌ على وجهِ البسيطةِ غامِرٌ / كَطُوفانِ نُوحٍ حينَ كان يَطوفُ
لهُ بينَ أكبادِ الرِّجالِ مَخالبٌ / نَشِبنَ وَفِي الأَعناقِ مِنهُ سُيوفُ
كمِ اُعتَلَّ في الدُّنيا صحيحٌ وكمْ وكمْ / تفرَّقَ في عُرْضِ البلادِ لَفيفُ
وكمْ صُدِعَتْ للفاتكينَ مَفارِقٌ / وكم أُرغِمتْ للمالكينَ أُنوفُ
هو البينُ لا تدري طريقاً لوَفْدهِ / فتنجو ولا تُنجيكَ مِنهُ كُهوفُ
ويدخلُ بابَ الحصنِ وَهْوَ مُوَصَّدٌ / ويُبصِرُ في الدَّيجورِ وَهْوَ كَثِيفُ
وأعجبُ كيفَ النَّاسُ ضلُّوا عنِ الهُدَى / كما ضلَّ عن ضَوءِ النَّهارِ كَفيفُ
إذا ما رأى المَيْتَ الفَتى قالَ ما أنا / وذاك فَلِي داعِي المَنُونِ حليفُ
عليكَ سلامٌ يا مُحمَّدُ مُرسَلٌ / لَطيفٌ يؤَدِّيهِ إليكَ لَطيفُ
أُحاشيكَ من جهلٍ فإنَّكَ عاقِلٌ / خبيرٌ بأحكامِ الزَّمانِ حَصيفُ
شَكَوتُ الذي تَشكوهُ مِن هَوْلِ بأسِهِ / ولكنَّ صبري في البَلاءِ ضَعيفُ
وإنَّ الحَصى عند الجَزُوعِ ثَقِيلةٌ / وَضَخْمَ الصَّفا عِندَ الصَّبورِ خَفيفُ