مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ
مَحلُّكَ سامٍ والعلاءُ به اعتكَفْ / وفَضْلُكَ بادٍ والحسود به اعْتَرَفْ
وأنت سديدٌ من يدِ اللهِ مُرسَلٌ / وإصلاحُ أحوالِ العبادِ له هَدَف
وكم سارَ لي من لَفْظةٍ هيَ دُرّةٌ / عُلاكَ لها تاجٌ وفكْري لها صَدَف
وذو شَغَفٍ منّي بمدحِكَ خاطِرٌ / بتَبليغِه أقصى المُنَى أنت ذو شَغَف
وقالوا عُلاكَ النّجمُ إذ ليس يُمتطَى / وقالوا نَداكَ البحرُ إذا ليس يُنتزَف
وما كان يُبْقي الخَلْقُ بِلّةَ إصبَعٍ / منَ البحرِ لو أمسَى كَجودِك يُغْتَرَف
ولا ما تُعيرُ الشّمسُ ظُفْرَ مُنجّمٍ / من الضّوءِ لو أضحَى كجاهِك يُلْتَحَف
ولا سَرَفٌ في الجُودِ قولُك دائماً / إذا قالَ بعضُ النّاسِ لا خيرَ في السَّرَف
وأنت الّذي مذْ جَدَّ في المَجْدِ ما ونَى / ومُذْ سار في إثْرِ المَحامدِ ما وَقَف
يُصَمّم حيثُ السّيلُ لو مَرَّ لانثنَى / ويُشرِقُ حيثُ البدرُ لو لاح لانْكَسَف
ويَشرُفُ أفعالاً ويَعلَمُ أنّه / تَواضعُه للنّاسِ أزْيَدُ للشّرَف
وتَبعُدٌ منّا الشّمسُ جِدّاً إذا بدَتْ / ولكنّنا من ضَوئها الدَّهَر في كَنَف
وكم لائمٍ في فَضْلِ مَسْعاهُ لامَه / فقال له مَهْلاً وأقوالُه نُتَف
وكم حاجةٍ للحُرِّ لمّا قضَيْتَها / حَسِبتَ غطاءً عن فؤادٍ قدِ انكَشَف
ألا يا هُماماً سَدَّد الحَقُّ رأْيَه / فليس له عن مَنْهَجِ الخَيرِ مُنْحَرَف
وصادفَ من دونِ الّذي رامَ من عُلاً / مَجاهِلَ لم تُسلَكْ إلى المجدِ فاعْتَسف
تَوسّطَ أعلَى قُنّةِ المُلْكِ طالعاً / وحَلَّ من السّفْحِ الحَسودُ على الطّرَف
وعَفَّ عنِ الخُلُقِ الدَّنيءِ وعافَه / وقاك الرَّدى مَنْ لم يَعِفَّ ولم يَعَفْ
تأملْ بعَينَيكَ العشيّةَ ناظِراً / إلى جَحفل الفِطْرِ الجديدِ الّذي زَحَف
فقد مَدَّ كَفُّ الغَربِ زَنْداً مُخضَّباً / عليه هِلالٌ كالسِّوارِ إذا انْعطَف
فأومَى بتَسليمٍ عليكَ مُهنِّئاً / بِعيدٍوفي كفّيْهِ من يُمْنِه تُحَف
فعادَ إليك العِيدُ ما هبّتِ الصَبا / وما انتابَ من بَعدِ الدُّجى الصُّبحُ وارْتدَف
وعادَ إليكَ الصّومُ في ظِلِّ دَولةٍ / بأَلْفِ افتِتاحِ واخْتتامٍ ومُنْتصَف
فصَومُك صَومٌ عن تُقىً وهو الّذي / لدَى اللهِ يَزداد المُطيعُ به زُلَف
وفي النّاسِ مَن حُكْمُ البَهيمةِ حُكْمُه / إذا صامَ حاشا الأكرمينَ أوِ اعتكَف
فيُقذَفُ في فيهِ اللّجامُ إذا بَدا الصْ / صَباحُ ويُلْقَى عنه باللّيْلِ للعَلَف
وهاتفةٍ هاجَتْ حَنيني بشَجْوِها / ولو أنّ ما بي بالحَمامِ لَما هَتَف
وقَلبي إلى وَكْري شَبيهُ جَناحها / إلى وكْرِها ليلاً إذا جَنّها السَّدَف
دنا العِيدُ من ناءٍ عن الأهلِ نازحٍ / فَسَرَّ الوَرى طُرّاً وضاعَف لي أَسَف
ولي كَبِدٌ منها على النّأي فِلْذَةٌ / إذا ما جرى ذكْرٌ لها عندَه ارتَجَف
فيا ليتَ عَيْني حيث تُبصِرُ وَجْهَه / قريباً ومَن يَطْوِي ليَ النّيّةَ القَذَف
صبيحَةَ يومِ العِيدِ والأنْس ُمُثْمِرٌ / فَمنْ مَدَّ كَفَّيْ فارغٍ مَدّةً قَطَف
إذِ النّاسُ مَسرورونَ كُلٌّ بصَحبِه / وكُلُّ مغيث كُلّما أَبَصَرَ الْتَهَف
وخلفَ النّوى قَومٌ عليَّ أَعِزّةٌ / كرامٌ يَزجّونَ اللّيالي على شَظَف
أُرَجّي لهمْ عَطْفَ الزّمانِ بصالح / ولولاهمُ لم أَرْجُ شيئاً ولم أَخَف
فجَدِّدْ إلى أمري لك الخَيرُ نظْرةً / فكم شَمْلِ أَحرارٍ بنِعْمَتِك ائْتَلف
كما أنّ صُنْعَ اللهِ عندك لم يَزَلْ / يُجَدِّدُ عزّاً باهراً لك مُؤْتنَف
برَغْمِ العِدا أن قد سمَوْتَ منَ العُلا / إلى رُتَبٍ منها طَريفٌ ومُطَّرف
وأن زارَك السُّلطانُ ضَيفاً مُسلِّماً / وما فَوقَ هذا للبريّةِ من شَرَف
وأَكرمْتَ مَثْواهُ فما مَرَّ طِرْفُه / على الأرضِ إلاّ فوقَ ما جُدْتَ من طُرَف
وجُودُكَ بالدّارِ الّتي قد بذَلْتَها / بَشيرٌ بأمْرٍ مَن تأمَّلَه عَرَف
ألم تَرَ أنّ البَدْرَ مَبدأُ نُورِه / إذا هو خَلّى البُرْجَ للشّمسِ وانْصَرَف
أيا مَن إذا ما جاوزَ الحَدَّ واصِفٌ / فأدْنَى عُلاه فوقَ أكبَرِ ما وَصَف
ومَن وجَهُه بِشْرٌ ومَن كفُّه نَدىً / ومَن خُلْقُه لطفٌ ومَن خَلْقُه لُطَف
هلَ أنْتَ مُعيني حينَ أَبغي مَعونةً / على نَيْلِ حَظ من يَدِ الدَّهرِ يُختَطَف
فعِندي زمانٌ لا يَزيدُ سوى أذىً / وعندي فؤادٌ لا يَزيدُ سوى أَنَف
ولي نَفْسُ حُرٍّ صَبْرُهُ يَقتُلُ الصَّدَى / إذا هو لم يُورَدْ بعِزٍّ على النُّطَف
إذا هو ألقَى بين عَينَيْه مَطْلَباً / مشَى فوقَ حَرْفِ السّيفِ فيه وما انْحَرَف
وما هِمَمي كالطَّيْرِ إن جُعْنَ جَوْعةً / يُحَلِّقْنَ جِدّاً ثُمّ يُسْفِفْنَ للجِيَف
تُفَوِّتُنا الأعراضُ ظُلْماً جَهالةً / بقومٍ وفي الأعراضِ لو شِئْتَ مُنتَصَف
إذا كُلَفي لم يَرفَعِ القومَ ثِقْلَها / فذاك عليهمْ لو درَوْا أكبرُ الكُلَف
فخُذْها كمَصْقولِ الثُّغورِ قَوافياً / تَلَذُّ بأفواهِ الرُّواةِ وتُرتَشَف
وشِعْري إذا ما لم يكُنْ فيك لم أُبَلْ / وإن لَجَّ طَبْعٌ كيفما جاءَ وارْتَصَف
لو أنّهمْ جادوا أَجَدْنا مَديحَهمْ / ولكنْ لِذاكَ الكَيْلِ يَصْلُحُ ذا الحَشَف
أَعدْتَ إلى فَرْعِ الزّمانِ شبَابَه / وقد شابَ حتّى دَبَّ في عَقْلِه الخَرَف
فَدُمْ للعُلا ما افتَرَّ للرَّوضِ مَبْسِمٌ / وجادَ له مُزْنٌ بأجفانِه وَطَف
جَنابُك للدُّنيا وللدّينِ كَعبةٌ / ودارُك للجَدْوَى وللحَمْدِ مُعتَكَف