القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 8
عَجبتُ لقلبي كيف يصبو ويَكلَفُ
عَجبتُ لقلبي كيف يصبو ويَكلَفُ / وبُرْدُ شبابي بالمشيب مُفَوَّفُ
أحِنُّ إلى مَن لا يَحنُّ وليتَه / لِمَنْ كان محنوناً محبّيهِ يعرفُ
يباعدني عن كلّ ما كنتُ أرتجي / ويوسعنِي من كلّ ما أتخوّفُ
ويَمطُلُنِي بالوعد منه وإنّما / يماطل بالميعاد مَن ليس يُخلفُ
ويُصبح منّي ساكنَ القلب والحَشا / وفي كلّ يومٍ منه قلبِيَ يرجُفُ
وقد كنتُ أغريتُ الهوى يوم غرّبوا / فعاد به داعٍ على الغُصنِ يهتفُ
ينوح وقلبي للهوى دون قلبه / وعينِيَ دمعاً دون عينيه تذرِفُ
أَلا قاتل اللَّهُ الهوى فطِلابُهُ / متاعٌ من الدّنيا قليلٌ وزُخرُفُ
يروم الرّضا مَن لا يدوم على الرّضا / ويطلب فيه النَّصْفَ مَن ليس يُنْصِفُ
أقول لمرتاحٍ إلى الفضلِ والعُلا / يخُبُّ على ظهرِ المطيِّ ويوجِفُ
أنخْ في ذُرا الشيخ الرئيس فإِنّما / إلى مثله في المجد كنتَ تَشَوَّفُ
إلى الغَمْرِ معروفاً وعلماً وسُؤدُداً / وبأْساً إذا هاب الرّجالُ ووقّفوا
حلفتُ بما لفّ الحطيمُ وزَمْزَمٌ / وما ضَمّهُ خَيْفَا مِنىً والمُعَرَّفُ
وشُعثٍ أتَوْا عارين من كلّ لُبْسَةٍ / فعاذوا بأركان الإلهِ وطوّفوا
لَهَنُّكَ أوْلانا بكلّ فضيلةٍ / وأعشقُ للمعروف فينا وأشعفُ
وأنّك لمّا أنْ جرى النّاسُ في مَدىً / تُلُقِّيتَ فيه سابقاً وتخلّفوا
فيا أيّها القَرْمُ الرّئيسُ ومَن له / على قِمَّةِ النَّسْرَيْنِ في العزِّ موقفُ
ليُهْنِكَ أنّ اللَّهَ فَوَّقَك العِدا / وقد طالعوا فيك الرّجاء وأشرفوا
وعاد إليهمْ ناكياً في جلودهمْ / من الكيد ما حدّوا ظُباه وأرهفوا
وَلَم يُغنِهمْ واللَّهُ حِصنُك منهُمُ / مِنَ القولِ زورٌ لفّقوه وحرّفوا
وودّوا وقد طاشتْ إليك سهامهمْ / بأنّهُمُ لم يفعلوا ما تكلّفوا
أَلا فَاِغفر الأجرامَ رِفقاً بأهلها / فلَلْعفو أولى بالكرامِ وأشرفُ
وحتّى يقولَ النّاسُ أسرف مُفضِلاً / عليهمْ كما قالوا أساؤوا فأسرفوا
فللّهِ ما تُغِضي وأصبح آمناً / غداً مَن تراه يومَه يتخوّفُ
فلم يُعطَ مكنونَ الضّمائر بيننا / منَ النّاس إلّا المُنعِمُ المتألِّفُ
وَأمّا أَبو سفيان فاِشدُدْ به يداً / فَفي الكفّ منه إن تأمّلتَ مُرهَفُ
أَليس الّذي واساكَ ودّاً بنفسه / ولم يَثْنِهِ عنك العدوُّ المخوِّفُ
ولمّا تعسّفْتَ الطّريقَ وجدتَه / وراءَك منقدّاً من النّاس يَعْسِفُ
ومثلُك من يولِي الحقوقَ رعايةً / وغيرك لا يَرعى ولا يتعطّفُ
وإنّيَ ممّنْ لا يواليك رغبةً / وأين من الرغبات من ليس يُنْطَفُ
وقد كنت لولا أنّ فضلك باهرٌ / أَصُدُّ إذا ما سِيمَ مدحي وأصدِفُ
فدونك نَظْماً ما تكلّف ناظمٌ / معانِيَهُ والحقُّ لا يُتَكَلَّفُ
لنا من ثناياكِ الغريضُ المُرَشَّفُ
لنا من ثناياكِ الغريضُ المُرَشَّفُ / وفي الدِّرعِ غضُّ البانةِ المتعطّفُ
وأنتِ وإنْ لم نلق عندك راحةً / أحبُّ إلينا من سواك وأشغفُ
وسوّفتِنا بالوصلِ منك وربّما / قضى دون وصلٍ لم ينله المسوِّفُ
وما الحبُّ إِلّا ذلّةٌ وطماعةٌ / جناها عليه فائلُ الرّأي مُسرِفُ
ولولا الهوى ما ذلّ ذو خُنْزُوانَةٍ / ولا كان من لا يعرف الضَّعْفَ يضعفُ
وَلمّا لحقنا بالحمولِ عشيّةً / وفيهنّ مودودُ الشّمائلِ أهيَفُ
مَشى في حيازيمي الغرام كأنّما / مشتْ فيَّ حمراءُ الغلائلِ قَرْقَفُ
وما كان عندي أنّ قلبي يصيده / بمُقلته ذاك الغزالُ المُشَنَّفُ
ضَعيفٌ ولكنّ الّذي في فؤاده / بلابِلُ من وَجْدٍ به منه أضعفُ
فيا دارَهمْ سقّاك مِن شَعَفٍ بهمْ / سِجالاً من النَّوْءِ السِّماكين أَوْطَفُ
إذا لاح منه أسحمٌ متهدّلٌ / تقول المطايا بالحدوج ترجّفُ
ولا زال منه بارقٌ متلهّبٌ / عَليك وإلّا راعدٌ متقصِّفُ
إلى أنْ يؤوب الرّوضُ فيك كأنّه / نجومُ سماءٍ أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وأذكرنِي نجداً على شَحْطِ نأيها / ونحن بأرض الغَوْرِ نكباءُ حَرْجَفُ
تهُبُّ برَيّا مَن أودُّ لقاءَه / ومِن دونه سَهْبٌ عريضٌ ونَفْنَفُ
أيفخرُ قومٌ ما لهمْ مثلُ مفخري / وأين من النَّهْجِ القويمِ التَعَسُّفُ
ولي فَوقَ أَسماكِ المجرّةِ منزلٌ / وفي موقف الزُّهرِ الكواكبِ موقفُ
وقومي الأُلى لمَّا توقّف معشرٌ / عن الذّروَةِ العَلياءِ لم يتوقّفوا
كرامٌ متى سيموا الدَّنِيَّةَ يَعزِفُوا / وإنْ شهدوا نَجْوَى العَضيهةِ يَصدِفوا
وإنْ ركبوا ظهراً من الفخر أردفوا / وإِنْ طلبوا شيئاً من الذّكر ألْحَفوا
وَما فيهمُ إِلّا الّذي يشهد الوغى / فيُحيي بها من ذا يشاء ويُتْلِفُ
وإنْ أنْهَبَ الأموالَ جودُ أكفّهمْ / أفاؤوا بأطرافِ الرّماح وأخلفوا
فَلا عيبَ إِلّا ما اِدّعاه عدوُّهْم / وما قال فيهمْ حاسدٌ مُتَشَنِّفُ
إِذا سحبوا البُرْدَ اليمانيَّ واِرتدوا / وَأرخَوْا مُلاءً للقناعِ وأغدَفوا
وفاحوا فأخْرَوْا نَشْرَ كلِّ لَطِيمةٍ / ذَكاءً وعَرْفُ الفاطميّين يُعرَفُ
رأيتَ رجالاً كاللّيوثِ وفِتْيَةً / كما سام ذاك الزّاجرُ المتعيّفُ
بهاليلَ وهّابين كلَّ نفيسةٍ / إذا ضنّ بالنَّيْلِ البخيل المُطَفِّفُ
تراهمْ على قَصْدٍ فإن هتف النَّدَى / بأموالهمْ أعطَوْا كثيراً وأسرفوا
لنا في قريشٍ كلّما لِنَبيّهم / ومِن بينهمْ ذاك السّتارُ المُسَجَّفُ
فإنْ مسحوا أركانه فبذكرنا / ويدعو بنا إِنْ طوّف المتطوِّفُ
وَنحن نصرناه بأُحْدٍ وخَيْبَرٍ / وقد فرّ عنه ناصروه فأُرجفوا
ونحن فديناه الرّدى في فراشهِ / وللموتِ إرْقالٌ إليه وعَجْرَفُ
وآثرنا دون الأنامِ بصِهْرِهِ / وقد ذِيدَ عنه الطّالبُ المُتَشَوِّفُ
وأسكننا يومَ العباءَةِ وَسْطَها / وألْبابُ من لمُ يعطَ ذاك تَرَجَّفُ
رمانِيَ بالدّاء الّذي فيه واِنثنى
رمانِيَ بالدّاء الّذي فيه واِنثنى / يَعَجّبُ مما جرّه وهو قارفُ
وهيّجنِي بَغْياً لنحتِ صَفاتِهِ / وكم سَقَمٍ بَرْحٍ تَهيجُ القوارفُ
وهبّتْ له ريحٌ فظنّ بقاءَها / وهيهات أنْ تبقى صَباً ورفارفُ
نأيْنا فمن دون اللّقاءِ تنائفُ
نأيْنا فمن دون اللّقاءِ تنائفُ / وسَهْبٌ عنيفٌ بالمطايا ونَفْنَفُ
فلا وَصْلَ إلّا ما تقرِّبُ بيننا / أكاذيبُ من أحلامنا وتؤلّفُ
فللّه في جُنحِ الدُّجُنَّةِ عائجٌ / تصيّدني بالحبّ فيما يطوِّفُ
بخيلٌ علينا والنّهارُ شِعارُنا / وفي اللّيلِ مُنْهَلُّ العطيَّةِ مُسْرِفُ
وأغنى وما أغناك إلّا تَعلّةً / وِصالٌ محالٌ أو لقاءٌ مُزَخْرَفُ
خذوا من جفوني ماءَها فهي ذُرَّفُ
خذوا من جفوني ماءَها فهي ذُرَّفُ / فَما لكُمُ إلّا الجَوى والتّلَهُّفُ
وإنْ أنتما اِستوقفتما عن مَسيلها / غُروبَ مآقينا فما هنّ وُقَّفُ
كأنّ عيوناً كنّ زَوْراً عن البكا / غصونٌ مَطيراتُ الذُّرا فهي وُكَّفُ
دعَا العَذْلَ والتّعنيفَ في الحزن والأسى / فَما هجر الأحزانَ إلّا المعنّفُ
تَقولونَ لِي صبراً جميلاً وليس لِي / على الصّبرِ إلّا حسرةٌ وتَلَهُّفُ
وَكيفَ أُطيقُ الصّبرَ والحزنُ كلّما / عَنُفْتُ به يقوى عليَّ وأضعُفُ
ذكرتُ بيومِ الطَّفِّ أوتاد أرضِهِ / تهُبُّ بهمْ للموت نكباءُ حَرْجفُ
كرامٌ سُقوا ماءَ الخديعَةِ واِرتَوَوْا / وسيقوا إلى الموت الزُّؤام فأوجفوا
فكم مُرْهَفٍ فيهمْ ألمَّ بحدِّهِ / هنالك مسنونُ الغِرارين مُرْهَفُ
ومعتدلٍ مثلِ القناةِ مثقّفٍ / لواه إلى الموتِ الطويلُ المثقّفُ
قَضَوْا بعد أن قضّوا مُنىً من عدوّهمْ / ولم ينكلوا يوم الطّعانِ ويضعفوا
وراحوا كما شاءتْ لهمْ أَرْيَحِيّةٌ / ودَوْحَةُ عزٍّ فرعُها متعطِّفُ
فَإِنْ تَرَهمْ في القاع نَثراً فشملهمْ / بجنّاتِ عَدْنٍ جامعٌ متألّفُ
إِذا ما ثنوا تلك الوسائد مُيَّلاً / أُدِيرَتْ عليهمْ في الزّجاجةِ قَرْقَفُ
وأحواضُهم مورودةٌ فعدوّهم / يُحَلّا وأصحابُ الولايةِ تَرْشُفُ
فلو أنّنِي شاهدتهمْ أو شَهِدْتُهمْ / هُناك وأنيابُ المنيّةِ تَصْرِفُ
لدافعتُ عنهمْ واهباً دونهمْ دمي / وَمن وهب النّفسَ الكريمةَ مُنصفُ
ولم يكُ يخلو من ضرابي وطعنتي / حسامٌ ثليمٌ أو سِنانٌ مُقَصَّفُ
فيا حاسديهمْ فضلَهمْ وهو باهرٌ / وكم حسد الأقوامُ فضلاً وأسرفوا
دعوا حَلَباتِ السَّبقِ تمرح خيلُها / وتغدو على مضمارها تَتَغَطْرَفُ
ولا تزحفوا زَحْفَ الكسير إلى العُلا / فلن تلحقوا وللصّلالِ التَّزَحُّفُ
وخلّوا التكاليفَ الّتي لا تُفيدكمْ / فَما يَستوي طَبعٌ نبا وتكلُّفُ
فَقَد دامَ إِلْطاطٌ بهمْ في حقوقهمْ / وأعْوَزَ إنصافٌ وطال تحيُّفُ
تناسيتُمُ ما قال فيهمْ نبيُّكُمْ / كأنّ مقالاً قال فيهمْ مُحَرَّفُ
فَكَم لِرسول اللَّهِ في الطَّفِّ من دمٍ / يُراق ومن نفسٍ تُماتُ وتُتْلَفُ
ومِن ولدٍ كالعينِ منه كرامةً / يُقاد بأيدي النّاكثين ويُعْسَفُ
عزيزٌ عليه أن تُباع نساؤُهُ / كما بيع قِطْعٌ في عُكاظَ وقَرْطَفُ
يُذَدْنَ عن الماءِ الرِّواءِ وتَرْتوِي / من الماءِ أجمالٌ لهْم لا تُكَفْكَفُ
فيا لعيونٍ جائراتٍ عن الهدى / ويا لقلوبٍ ضِغنُها مُتَضَعِّفُ
لكمْ أم لهمْ بيتٌ بناه على التُّقى / وبيتٌ له ذاك السّتارُ المُسَجَّفُ
به كلَّ يومٍ من قريشٍ وغيرها / جهيرٌ مُلَبٍّ أو سريعٌ مطوِّفُ
إذا زارَهُ يوماً دَلوحٌ بذنبِهِ / مضى وهو عُريانُ الفِرا متكشِّفُ
وزَمْزَمُ والرّكبُ الّذي يَمسحونه / وَأَيمانُهمْ مِن رَحمة اللَّه تَنطِفُ
ووادي مِنىً تُهدى إليه نحائرٌ / تُكَبُّ على الأذقانِ قسراً فتُحْتَفُ
وَجمعٌ وما جمعٌ لمن ساف تُربهُ / ومِن قبلِهِ يومُ الوقوفِ المعَرَّفُ
وأنتمْ نصرتُمْ أم هُمُ يومَ خَيْبَرٍ / نبيَّكُمُ حيث الأسنّةُ تَرعُفُ
فررتمْ وما فرّوا وحِدْتُمْ عن الرّدى / وما عنه منهم حائدٌ مُتَحَرِّفُ
فحصنٌ مشيدٌ بالسّيوف مهدّمٌ / وبابٌ منيعٌ بالأنامل يُقْذَفُ
توقّفتُمُ خَوف الرّدى عن مواقفٍ / وما فيهمُ من خِيفةٍ يتوقَّفُ
لهم دونكمْ في يوم بَدْرٍ وبعدها / بيوم حُنَيْنٍ كلّما لا يُزَحْلَفُ
فقل لبنِي حرْبٍ وإنْ كان بيننا / من النَّسَبِ الدّاني مَرائِرُ تُحْصَفُ
أفي الحقّ أنّا مُخرجوكم إلى الهدى / وأنتمْ بلا نهجٍ إلى الحقّ يعْرَفُ
وإِنّا شَبَبْنا في عِراصِ دياركمْ / ضياءً وليلُ الكفر فيهنّ مُسْدَفُ
وإنّا رَفَعناكمْ فَأشرف منكُمُ / بنا فوق هاماتِ الأعزّةِ مُشرِفُ
وها أنتُمُ ترموننا بجنادلٍ / لها سُحُبٌ ظلماؤها لا تَكشّفُ
لنا منكُمُ في كلّ يومٍ وليلةٍ / قتيلٌ صريعٌ أو شريدٌ مخوَّفُ
فخرتمْ بما مُلِّكتُمُوه وإِنّكمْ / سِمانٌ من الأموال إذْ نحن شُسَّفُ
وما الفخر يا مَنْ يجهل الفخر للفتى / قَميصٌ مُوشّىً أو رداءٌ مُفَوَّفُ
وَما فَخرنا إلّا الّذي هَبَطَتْ به ال / ملائك أو ما قد حوى منه مُصْحَفُ
يُقِرُّ به من لا يُطيق دفاعَه / ويعرفه في القوم من يتعرَّفُ
ولمّا ركبنا ما ركبنا من الذُّرا / وليس لكمْ في موضع الرِّدفِ مَرْدَفُ
تيقّنتُمُ أنّا بما قد حويتُمُ / أحقُّ وأولى في الأنامِ وأعرفُ
ولكنّ أمراً حاد عنه محصِّلٌ / وأهوى إليه خابطٌ متعسِّفُ
وكم من عتيقٍ قد نبا بيمينِهِ / حسامٌ وكم قطّ الضّريبةَ مُقرَفُ
فلا تركبوا أعوادَنا فركوبُها / لمن يركبُ اليومَ العَبوسَ فيوجِفُ
ولا تَسكنوا أَوطانَنا فعِراصُنا / تميل بكمْ شوقاً إلينا وترجِفُ
ولا تكشفوا ما بيننا من حقائدٍ / طواها الرّجالُ الحازمون ولفّفوا
وكونوا لنا إمّا عدوّاً مجاملاً / وإمّا صديقاً دهرَه يتلطّفُ
فللخيرِ إنْ آثَرْتُمُ الخيرَ موضعٌ / وللشَّرِّ إنْ أحببتُمُ الشّرَّ موقفُ
عكفنا على ما تعلمون من التُّقى / وأنتمْ على ما يعلمُ اللّهُ عُكَّفُ
لكمْ كلُّ موقوذٍ بِكظَّةِ بطنِهِ / وَليسَ لنا إلّا الهضيمُ المخفّفُ
إلى كمْ أداري مَن أُداري من العِدا / وأهدُن قوماً بالجميل وألطُفُ
تلاعَبُ بِي أيدي الرّجالِ وليس لِي / مِنَ الجورِ مُنجٍ لا ولا الظّلمِ مُنصفُ
وحشو ضلوعي كلُّ نَجلاءَ ثَرَّةٍ / متى ألَّفوها أقْسَمَتْ لا تألَّفُ
فظاهرها بادي السّريرةِ فاغرٌ / وباطنها خاوي الدّخيلةِ أجوفُ
إذا قلتُ يوماً قد تلاءم جُرحُها / تَحَكَّكُ بالأيدي عليَّ وتَقْرِفُ
فكم ذا أُلاقِي منهُمُ كلَّ رابحٍ / وَما أَنا إلّا أَعزلُ الكفِّ أكشفُ
وَكَم أَنا فيهم خاضعٌ ذو اِستكانةٍ / كأنِّيَ ما بين الأصحّاءِ مُدْنَفُ
أُقادُ كأنّي بالزّمامِ مُجَلَّبٌ / بطيءُ الخُطا عاري الأضالعِ أعجفُ
وأَرسفُ في قيدٍ من الحزمِ عنوةً / ومن ذيدَ عن بسط الخُطا فهو يَرسُفُ
ويَلْصَقُ بي من ليس يدري كَلالةً / وأُحْسَبُ مضعوفاً وغيري المضعَّفُ
وعُدنا بما مِنّا عيونٌ كثيرةٌ / شُخوصٌ إلى إدراكه ليس تَطرِفُ
وقيل لنا حان المَدا فتوكّفوا / فَيا حُججاً للّهِ طال التَّوَكُّفُ
فَحَاشَا لنا من رِيبةٍ بمقالكمْ / وحاشا لكمْ من أن تقولوا فتُخلِفوا
وَلَم أَخشَ إلّا من معاجلةِ الرّدى / فأُصرفُ عن ذاك الزّمان وأُصدَفُ
أفِي الحقِّ أنْ أخلفتنِي ما وعدتنِي
أفِي الحقِّ أنْ أخلفتنِي ما وعدتنِي / ولم تَرَ منّي الدّهرَ في موعدٍ خُلفا
وتمنعني من رِفْدِ كفّك واحداً / وأعطيك لا مَنّاً عليك به ألفْا
فإنْ كنتَ من داء الغرامِ مُصَحَّحاً / فإنّ مريضاً بالهوى منك قد أشفى
وإِنْ بتَّ ملآنَ الجفونِ من الكرى / فإنّ الّذي نازعتَه الغُمضَ ما أغفى
وبي منك يا مَن لا صَبابةَ عنده / منَ الحبِّ ما لا أَستطيع له وصفا
رأيتُكُمُ تجنون ما قد غرستُمُ
رأيتُكُمُ تجنون ما قد غرستُمُ / فلا تُنكروه أنْ يكون ذُعافا
وَعافوا القذى أو فاِكرعوه ضرورةً / وَمَن لم يُرِد إلّا الأُجاجةَ عافا
وَلا تَحسبوا ما نَحن نَرْأَبُ كسرَهُ / وفاقاً فعن قربٍ يعود خلافا
ولا تأمنوا الأضغان وهي دفينةٌ / فذو الحزمِ مَن هاب الغيوب وخافا
فَما نحنُ للأقدار إلّا رَمِيَّةٌ / يُصِبن صميماً أو يُصبن شَغافا
وسيّانِ في تضييعِيَ الحزمَ أنّني / رهبتُ أماناً أو أمنتُ مخافا
فَما لِيَ أُسقى فيّ أوفى أصادِقِي / كؤوساً دِهاقاً لم يكنّ سُلافا
إذا صاحبي أضحى سقيماً من الأذى / فما سرّني أنّي أبِيتُ معافَى
ولم أنجُ من سوءٍ أصابَ معاشري / وعاج بخلٍّ أرتضيه وطافا
دعونِيَ منكمْ لا تردّون طالباً / وَلم تلبسوا إِلّا الغرورَ عِطافا
وكم ذا أُرِيدَتْ بالهَوانِ بيوتُكمْ / فلَمْ تجعلوا من دونهنَّ سِجافا
ولو كنتُمُ لمّا غمزتُم قناتَكُم / على أَوَدٍ أوسعتموه ثِقافا
وداويتُمُ الأدواءَ وهي ضعيفةٌ / فكم من قويّاتٍ نَشَأْنَ ضِعافا
لقيتُمْ كَمَا شئتُم وشئناه فيكُمُ / ولكنّ أمراً جلَّ أن يُتَلافى
كأنّكُمُ رَكْبٌ على دوِّ قَفْرَةٍ / يُزَجِّي مطاياً للنّجاءِ عِجافا
بِمَهلكَةٍ خرِّيتُها هالكٌ بها / وكم مرّةٍ شمَّ التّراب وسافا
إذا هَيْقُها مدّ الجناحَ فإنّما / إماءُ بَنِي لَخْمٍ مَدَدْنَ طِرافا
سقى اللَّه أَقواماً مَضَوا لسبيلهمْ / وقد ملأوا سُبْلَ الطّماعِ عَفافا
لهم في ندىً سِيلوه أو بدأوا به / أكُفٌّ يناوِلْن النّوالَ جُزافا
أجابوا أُنوفَ الموتِ رغمَ أُنوفنا / فماذا جنى ذاك الهتافُ هِتافا
مدحتُكمُ علماً بأنّ مدائحي
مدحتُكمُ علماً بأنّ مدائحي / تضيع وتُذْرى في الرّياحِ العواصفِ
فلم أكُ إلّا موقداً في ظهيرةٍ / بلا صَرَدٍ أو هاتفاً في تنائفِ
وإنّ لكمْ عندي حقوقاً كثيرةً / أبى لِي حِفاظِي مَحْوَها من صحائِفي
جزيتُكمُ عنها ولم تشعروا بها / مراراً بأسبابٍ خِفاءٍ لطائفِ
وَشاطرتُكمْ منّي المودّةَ كلَّها / شطارِيَ ما بين الشّريك المناصفِ
فإنْ لم توفّوا حقَّ ما قيل فيكُمُ / فلم تُبتلوا إلّا بنقصِ العوارفِ
وليتكُمُ لمّا تركتمْ حقوقَها / رَجعتمْ إلى عرفانِ بعض المعارفِ
فما ضرَّ لو أعظمتُمُ ما أتاكُمُ / فلم يَكُ مُولٍ للجميلِ بآسِفِ
وَإلّا تَجمّلتمْ على غير خبرةٍ / فكم ذا غَطَى التّحسينُ سوأَةَ زائفِ
فإن عِفتُمُ ما لم تكونوا عرفتُمُ / فكمُ بُلِيَ العَذْبُ الرِّواءُ بعائفِ
فيا ضيعةً للطّالعاتِ إليكُمُ / طلوعَ المطايا من خلالِ النّفانِفِ
أبيتُ أَروضُ الصَّعْبَ منها وإنّها / تحيصُ شِمَاسَ المائِلِ المتجانِفِ
وأُكرِهها سَوْقاً إليكمْ ولم تزلْ / تحايَدُ عنكمْ بالطُّلى والسّوالِفِ
كأنِّيَ أهديهِنَّ نحو بيوتكمْ / أقود إلى العهّارِ بعضَ العَفائِفِ
أبَيْنَ ولم يأبَيْنَ شيئاً سواكُمُ / وَما كُنّ إلّا ليّناتِ المعاطِفِ
وكنتُ وقد وصّفتُ ما تاه عندكمْ / أوَدُّ وداداً أنّني غيرُ واصفِ
وَما غرّنِي إلّا مشيرٌ بمدحكمْ / وكم عارفٍ يقتادُهُ غيرُ عارفِ
فخالفتُ حزمي سالكاً غيرَ مذهبي / وما كنتُ يوماً للحِجى بمخالفِ
وَكيف اِمتِداحُ المرءِ مَن ليس عنده / مفارقةٌ ما بين مُثنٍ وقاذفِ
له العِرْضُ لا سِلْمٌ به لمديحةٍ / ولا كان يوماً للثّناء بآلفِ
وكم لِيَ فيكمْ من صديقٍ كأنّه / سرابٌ على قِيعانِ بُعدٍ صفاصِفِ
متى يُدعَ يوماً للوغى فهشيمةٌ / تصفّقها أيدي الرّياحِ الرّفارِفِ
أودُّ إذا ما سُمتُهُ النَّصْرَ أنّنِي / أُبدَّلُ منه بالعدوِّ المكاشفِ
وقد كنتُ أرجو طوعَه بنصيحتي / فلا خيرَ في نصحٍ يُساق بعانفِ
فيا لك من ودٍّ تعلّق منكُمُ / سَفاهاً بأسبابٍ ركاكٍ ضعائفِ
سُرِرْتُ به حيناً فلمّا بلوتُهُ / بكيتُ عليه بالدّموعِ الذّوارفِ
وكنتُ إذا ما رابنِي وُدُّ صاحبٍ / وناءَ بأخلاقٍ لئامٍ سخائفِ
قذفتُ جميلاً كان بيني وبينه / وإنْ كنتُ ذا ضنٍّ به في القواذفِ
تريدون مِنّا أن نُسِرّ ولاءكمْ / وفي أنّنا نُبديه كلُّ التّكالُفِ
فلا تسألونا ما تجنّ قلوبُنا / فإِنّ بناتِ الصّدرِ غيرُ خفائفِ
وداويتُمُ منّا خدوشَ جلودِنا / وأعْرَضتُمُ عن أسْوِكُمْ للجوائفِ
فماذا وأنتمْ في الحضيض غباوةً / إذا ضُرِبتْ خيْماتُكمْ في المشارفِ
ولمّا وقفنا ظلّةً بطلولكمْ / رجعنا ولم نظفرْ بمُنْيةِ واقفِ
كأنِّيَ منكمْ فوق غبراءَ قفرةٍ / على ظالعاتٍ من مطيٍّ عجائفِ
يَعُدْنَ عشيّاتٍ ذواتَ تسادُكٍ / وَقد كنّ أصباحاً ذواتَ عجارفِ
فلا تطمعوا في مثلهنّ فإنّما / يصلْنَ لطُلّاعِ الثّنايا الغطارفِ
أُناسٌ يخوضون الرّدى وأكفُّهمْ / تهزّ أنابيبَ القِنيِّ الرّواعفِ
كرامٌ فلا ساحاتُهمْ مستضامةٌ / ولا جارهمْ في النّائباتِ بخائفِ
وَلم يَسكنوا إلّا ظِلالَ عظيمةٍ / وَلَم يأمنوا إلّا خلالَ المخاوفِ
دعِ الذّلَّ في دار الثَّواءِ ولا تُقِمْ / على أَمَلٍ بين البِطاءِ الخوالفِ
وكنْ آنِفاً مِن أنْ تُقيمَ على أذىً / بجنبِ غِنىً فالميتُ ليس بآنِفِ
فخيرٌ من القصر المشيد بجنّةٍ / سُرىً في ظهور اليَعْمَلاتِ الخوانِفِ
إذا ما هَبَطْن الرّملَ رمْلَ مُغَمَّسٍ / زحفن ولا زَحْفَ الصّلالِ الزّواحفِ
حَمَلْن الرَّجا والخوفَ فينا على الوَجا / ونقّلنَ مِنّا كلَّ شاتٍ وصائفِ
لهنّ على وادي مِنيً كلَّ حجّةٍ / بروكٌ وقد قضّين كلَّ المواقفِ
فكمْ قد نجونا من ردىً ذُقْنَ دونه / ليُنجيننا منه ذُعافَ المتالِفِ
لعلّ اللّيالي أنْ يَعُدْنَ فربّما / يعود حبيبُ النّفس بعد التّقاذُفِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025