وَفى بِمَواعيدِ الخَليطِ وَأَخلَفوا
وَفى بِمَواعيدِ الخَليطِ وَأَخلَفوا / وَكَم وَعَدوا القَلبَ المُعَنّى وَلَم يَفوا
وَما ضَرَّهُم أَن لَم يَجودوا بِمُقنِعٍ / مِنَ النَيلِ إِذ مَنَّوا قَليلاً وَسَوَّفوا
أَفي كُلِّ يَومٍ لَفتَةٌ ثُمَّ عَبرَةٌ / عَلى رَسمِ دارٍ أَو مَطيٌّ مُوَقَّفُ
وَرَكبٍ عَلى الأَكوارِ يَثني رِقابَهُم / لِداعي الصِبا عَهدٌ قَديمٌ وَمَألَفُ
فَمِن واجِدٍ قَد أَلزَمَ القَلبَ كَفَّهُ / وَمِن طَرَبٍ يَعلو اليَفاعَ وَيُشرِفُ
وَمُستَعبِرٍ قَد أَتبَعَ الدَمعَ زَفرَةً / تَكادُ لَها عوجُ الضُلوعِ تَثَقَّفُ
قَضى ما قَضى مِن أَنَّةِ الشَوقِ وَاِنثَنى / بِدارِ الجَوى وَالقَلبُ يَهفو وَيَرجُفُ
وَلَم تُغنِ حَتّى زايَلَ البُعدُ بَينَنا / وَحَتّى رَمانا الأَزلَمُ المُتَغَطرِفُ
كَأَنَّ اللَيالي كُنَّ آلَينَ حَلفَةً / بِأَن لا يُرى فيهِنَّ شَملٌ مُؤَلَّفُ
أَلَمَّ خَيالُ العامِريَّةِ بَعدَما / تَبَطَّنَنا جَفنٌ مِنَ اللَيلِ أَوطَفُ
يُحَيِّي طِلاحاً حينَ هَمّوا بِوَقعَةٍ / تَهاوَوا عَلى الأَذقانِ مِمّا تَعَسَّفوا
وَقيذينَ قَد مالَ النُعاسُ بِهامِهِم / كَما أَرعَشَت أَيدي المُعاطينَ قَرقَفُ
أَعاريبَ لا يَدرونَ ما الريفُ بِالفَلا / وَلا يَغبِطونَ القَومَ إِمّا تَرَيَّفوا
رَذايا هَوىً إِن عَنَّ بَرقٌ تَطاوَلوا / وَإِن عارَضوا الطَيرَ الغَوادي تَعَيَّفوا
تَوارِكَ لِلشَقِّ الَّذي هُوَ آمِنٌ / نَوازِلَ بِالأَرضِ الَّتي هِيَ أَخوَفُ
أَيا وَقفَةَ التَوديعِ هَل فيكِ راجِعٌ / إِشارَتَهُ ذاكَ البَنانُ المُطَرَّفُ
وَهَل مُطمِعي ذاكَ الغَزالُ بِلَفتَةٍ / وَإِن ثَوَّرَ الرَكبُ العِجالَ وَأَوجَفوا
عَشيَّةَ لا يَنفَكُّ لَحظٌ مُبَهَّتٌ / مُراقَبَةً مِنّا وَدَمعٌ مُكَفكَفُ
فَلِلَّهِ مَن غَنّى الحُداةُ وَراءَهُ / وَلِلَّهِ ما وارى العَبيطُ المُسَجَّفُ
وَسائِلَةٍ عَنّي كَأَنِّيَ لَم أَلِج / حِمى قَومِها وَاليَومُ بِالنَقعِ مُسدِفُ
لَئِن كُنتُ مَجهولاً بِذُلِّيَ في الهَوى / فَإِنّي بِعِزّي عِندَ غَيرِكِ أَعرَفُ
فَلا تَعجَبي أَنّي تَعَرَّقَني الضَنى / فَإِنَّ الهَوى يَقوى عَلَيَّ وَأَضعُفُ
يُقَرَّعُ بِاِسمي الجَيشُ ثُمَّ يَرُدُّني / إِلى طاعَةِ الحَسناءِ قَلبٌ مُكَلَّفُ
سَلي بي أَلَم أَنغَلُّ في لَهَواتِها / وَفَحلُ الرَدى دوني بِنابَيهِ يَصرُفُ
سَلي بي أَلَم أَحمِل عَلى الضيمِ ساعِدي / وَقَد ثُلِمَ الماضي وَرُضَّ المُثَقَّفُ
سَلي بي أَلَم أَثنِ الأَعِنَّةَ ظافِراً / تُحَدِّثُ عَن يَومي نِزارٌ وَخِندِفُ
وَحَيٍّ تَخَطَّت بي أَعَزَّ بُيوتِهِ / صُدورُ المَواضي وَالوَشيجُ المُرَعَّفُ
سَلي بي أَلَم أَصبِر عَلى الظَمءِ بَعدَما / هَوى بِالمَهاري نَفنَفٌ ثُمَّ نَفنَفُ
وَكُلُّ غُلامٍ مِلءُ دِرعَيهِ نَجدَةٌ / وَلَوثَةُ أَعرابيَّةٍ وَتَغَطرُفُ
عَلى كُلِّ طاوٍ فيهِ جَدٌّ وَمَيعَةٌ / وَطاوِيَةٍ فيها هِبابٌ وَعَجرَفُ
وَقَد أُتبِعَت سُمرُ العَوالي زِجاجَها / وَحَنَّ مِنَ الإِنباضِ جَزعٌ مُعَطَّفُ
فَإِن تَسمَعوا صَوتَ المُرِنّاتِ تَعلَموا / بِمَن جَعَلَت تَدعو النَواعي وَتَهتُفُ
لَنا الدَولَةُ الغَرّاءُ ما زالَ عِندَها / مِنَ الجَورِ واقٍ أَو مِنَ الظُلمِ مُنصِفُ
بَعيدَةُ صَوتٍ في العُلى غَيرُ رافِعٍ / بِها صَوتَهُ المَظلومُ وَالمُتَحَيَّفُ
وَنَحنُ أَعَزُّ الناسِ شَرقاً وَمَغرِباً / وَأَكرَمُ أَبصارٍ عَلى الأَرضِ تَطرِفُ
بَنو كُلِّ فَيّاضِ اليَدَينِ مِنَ النَدى / إِذا جادَ أَلغى ما يَقولُ المُعَنِّفُ
وَكُلِّ مُحَيّاً بِالسَلامِ مُعَظَّمٍ / كَثيرٍ إِلَيهِ الناظِرُ المُتَشَوِّفُ
وَأَبيَضَ بَسّامٍ كَأَنَّ جَبينَهُ / سَنا قَمَرٍ أَو بارِقٌ مُتَكَشِّفُ
حَيِيٌّ فَإِن سيمَ الهَوانَ رَأَيتَهُ / يَشُدُّ وَلا ماضي الغِرارَينِ مُرهَفُ
لَنا الجَبَهاتُ المُستَنيراتُ في العُلى / إِذا اِلتَثَمَ الأَقوامُ ذُلّاً وَأَغدَفوا
أَبونا الَّذي أَبدى بِصِفّينَ سَيفَهُ / ضُغاءَ اِبنِ هِندٍ وَالقَنا يَتَقَصَّفُ
وَمِن قَبلِ ما أَبلى بِبَدرٍ وَغَيرَها / وَلا مَوقِفٍ إِلّا لَهُ فيهِ مَوقِفُ
وَرِثنا رَسولَ اللَهِ عُلويَّ مَجدِهِ / وَمُعظَمُ ما ضَمَّ الصَفا وَالمُعَرَّفُ
وَعِندَ رِجالٍ أَنَّ جُلَّ تُراثِهِ / قَضيبٌ مُحَلّىً أَو رِداءٌ مُفَوَّفُ
يُريدونَ أَن نُلقي إِلَيهِم أَكُفَّنا / وَمِن دَمِنا أَيديهِمُ الدَهرَ تَنطِفُ
فَلِلَّهِ ما أَقسى ضَمائِرَ قَومِنا / لَقَد جاوَزوا حَدَّ العُقوقِ وَأَسرَفوا
يَضَنّونَ أَن نُعطى نَصيباً مِنَ العُلا / وَقَد عالَجوا دَينَ العُلى وَتَسَلَّفوا
وَهَذا أَبي الأَدنى الَّذي تَعرِفونَهُ / مُقَدَّمُ مَجدٍ أَوَّلٌ وَمُخَلَّفُ
مُؤَلِّفُ ما بَينَ المُلوكِ إِذا هَفَوا / وَأَشفَوا عَلى حَزِّ الرِقابِ وَأَشرَفوا
إِذا قالَ رُدّوا غارِبَ الحِلمِ راجَعوا / وَإِن قالَ مَهلاً بَعضَ ذا الجَدِّ وَقَّفوا
وَبِالأَمسِ لَمّا صالَ قادِرُ مُلكِهِم / وَأَعرَضَ مِنهُ الجانِبُ المُتَخَوَّفُ
تَلافاهُ حَتّى سامَحَ الضَغنَ قَلبُهُ / وَأَسمَحَ لَمّا قيلَ لا يَتَأَلَّفُ
وَكانَ وَليُّ العَقدِ وَالعَهدِ بَينَهُ / وَبَينَ بَهاءِ المُلكِ يَسعى وَيَلطُفُ
وَلَمّا اِلتَقى نَجوى عُقَيلٍ لِنَبوَةٍ / وَمَدَّ لَهُم حَبلاً مِنَ الغَدرِ مُحصَفُ
لَوى عِطفَهُ لَيَّ القَنيِّ رِقابَهُم / وَلَو لِسِواهُ اِستَعطَفوا ما تَعَطَّفوا
وَسَل مُضَراً لَمّا سَما لِدِيارِها / فَهَبَّ وَنامَ العاجِزُ المُتَضَعَّفُ
تَوَلَّجَها كَالسَيلِ صُلحاً وَعَنوَةً / فَأَبقى وَرَدَّ البيضَ ظَمأى تَلَهَّفُ
لَهُ وَقَفاتٌ بَالحَجيجِ شُهودُها / إِلى عَقِبِ الدُنيا مِنىً وَالمُخَيَّفُ
وَمِن مَأثُراتٍ غَيرَ هاتيكَ لَم تَزَل / لَها عُنُقٌ عالٍ عَلى الناسِ مُشرِفُ
حَمى فاهُ عَن بُسطِ المُلوكِ وَقَد كَبَت / عَلَيها جِباهٌ مِن رِجالٍ وَآنُفُ
زِمامُ عُلاً لَو غَيرُهُ رامَ جَرَّهُ / لَساقَ بِهِ حادٍ مِنَ الذُلِّ مُعنِفُ
جَرى ما جَرى قَبلي وَها أَنا خَلفَهُ / إِلى الأَمَدِ الأَقصى أُغِذُّ وَأوجِفُ
وَلَولا مُراعاةُ الأُبوَّةِ جُزتُهُ / وَلَكِن لِغَيرِ العَجزِ ما أَتَوَقَّفُ
حَذَفتُ فُضولَ العَيشِ حَتّى رَدَدتُها / إِلى دونِ ما يَرضى بِهِ المُتَعَفِّفُ
وَأَمَّلتُ أَن أَجري خَفيفاً إِلى العُلى / إِذا شِئتُمُ أَن تَلحَقوا فَتَخَفَّفوا
حَلَفتُ بِرَبِّ البُدنِ تَدمى نُحورُها / وَبِالنَفَرِ الأَطوارِ لَبّوا وَعَرَّفوا
لَأَبتَذِلَنَّ النَفسَ حَتّى أَصونَها / وَغَيرِيَ في قَيدٍ مِنَ الذُلِّ يَرسُفُ
فَقَد طالَما ضَيَّعتُ في العَيشِ فُرصَةً / وَهَل يَنفَعُ المَلهوفُ ما يَتَلَهَّفُ
وَإِنَّ قَوافي الشِعرِ ما لَم أَكُن لَها / مُسَفسَفَةٌ فيها عَتيقٌ وَمُقرِفُ
أَنا الفارِسُ الوَثّابُ في صَهَواتِها / وَكُلُّ مُجيدٍ جاءَ بَعدِيَ مُردَفُ