المجموع : 7
طباعَكَ فالزَمها وخلِّ التكلُّفا
طباعَكَ فالزَمها وخلِّ التكلُّفا / فإن الذي غطيته قد تكشَّفا
فلِم تتعاطى ما تعوَّدتَ ضدَّه / إذا كنتَ خوّاناً فِلم تدَّعي الوَفا
أتذكر قولي إنني منك خائفٌ / ألست تخاف الله إن كنتَ منصِفا
غدرتَ ولم تُغدَر وخُنتَ ولم تُخَن / ومرَّرت ما احلولى وكدَّرتَ ما صفا
فما هي إلا أن أعيش منغَّصاً / لنقضك عهدي أو أموتَ تأسُّفا
فلم يتهنَّأ بالوصال مروَّعٌ / بغدرٍ ولا عيش لمن كان مُدنَفا
إذا خفتُ أمراً ثم أبصرتُ صاحبي / يكاتمني ازددتُ منه تخوُّفا
أأحمدُ لِم تخلِف فإنك خائفٌ / ولن يُعذر الغدّارُ إلا ليُخلِفا
حبيبي أما استحييتَ منّي تخونني / وتَزوي ثمارَ الوصل عني لتُقطفا
ولِم تقبل العذرَ الذي بانَ زَيفُه / وهل مستجادٌ درهمٌ قد تزيَّفا
تحيَّرت لا أدري أأرضى بما أرى / فأكمد أم أجفو الحبيب فأتلَفا
فلي نفس حرٍّ لا يطيق خيانةً / ولي قلب صبٍّ ليس يقوى على الجفا
ففي الغدر تنغيصٌ وفي الهجر محنةٌ / وقد نالني منك الغِدَارُ مضعَّفا
ظننا بكم ظنّاً جميلاً لمَيلكم / إلينا ولكن ذلك الظن أخلفا
إذا غاب ماءُ الغُصنِ عن روضة المنى / فحقّ لأغصان المنى أن تُقَصَّفا
إذا رحل الإنصاف عن عرصة الهوى / فما للرضا عذرٌ بأن يتخلَّفا
وما أوحش الإلفين حنَّا / اذا افترقا من بعد ما قد تألفا
لقد كنتَ لي نِعمَ الحبيب تبرُّني / وأرحمَ بي من والديَّ وأرأفا
فما كان أحلى أُنسنا وحديثنا / ليالي كان الدهر بالوصل أسعفا
وما كان ذاك الوصل وصلاً لطيبه / ولكنَّه برق لعقلي تخطَّفا
تعطفت لي بالعطف حتى كأنما / جريتَ بمجرى الروح بل كنتَ ألطفا
فإن تَتَّخِذ مني بديلاً فإنني / تبدَّلتُ من بعد السرور تلهُّفا
سلامٌ على الدنيا إذا لم أجد بها / حبيباً ودوداً بالمودَّة منصفا
تظرَّفتِ لمّا قلتُ لا تتظرَّفي
تظرَّفتِ لمّا قلتُ لا تتظرَّفي / فليتكِ إذ خالفتِني لم تُضَعِّفي
وقد كان في ترك الخضاب تظرُّفٌ / فلا لي تركتيه ولا للتظرُّفِ
نهيتُكِ عن ذاك التحسُّن إنني / بحسنكِ عن ذاك التحسُّن مكتفي
فلو خرجت روحي لهانت ولم يهُن / خروجُكِ من ذاك الحِجالِ المُسَجَّفِ
ولم ترقبي قولي ولم تُرعَ ذمتي / ولم تحفظي عهدي ولم تتوقفي
فإمّا دلالاً في الهوى أو تجنِّياً / فلا تجمعي هذا وذاك فتُسرفي
فإمّا على قدر الفعال تَدَلَّلي / وإمّا على قدر التدلُّل أنصِفي
وأسعفتِني فيما مضى وغررتِني / ولم تسعفي من قبل إلا لتُخلفي
ولو لم تكن لي حاجة فيك لم أهُن / لديكِ وإن لم تعرفي ذاك فاعرفي
وما غَيرة العشّاق إلا وفاؤهم / وكلُّ محبٍّ لا يغار فلن يفي
حبيبيَ ذاك البدر إذ وافَقَ النِّصفا
حبيبيَ ذاك البدر إذ وافَقَ النِّصفا / فألبستَه ثوباً من الذلِّ فاستخفى
وظنوا به خَسفاً وكان احوراره / تخلِّيه من تنوير وجهك لا كسفا
وظَنَّكَ بدراً قد أتيتَ بعَزله / فذلَّ لكي يدعو له الناسُ أن يُكفى
ولمّا صرفتَ الوجهَ عنه تكبُّراً / رأينا لذاك اللون عن وجهه صرفا
فيا قمراً أزرى على قمر الدجى / برعتَ بحسنٍ ما نطيق له وصفا
ملاحة شكلٍ فوق تقويم حاجبٍ / تَرى بين هذين الملاحةَ والظَّرفا
فلو كانت الدنيا عروساً وحُلِّيَت / لتُجلى عليها كنتَ أنتَ لها شفّا
تدلّ علينا في الملاحة بالهوى / فتعصي ولا تُعصَى وتجفو ولا تُجفى
فبي سَقَمٌ من سُقم عينيك لا يُشفى / على حَرَقٍ من نار خدَّيك لا يُطفى
ومن أين يخفى عنك عشقٌ لعاشقٍ / وعينُك عينٌ تعرف السرَّ والأخفى
فواعجباً من لحظ طرفك إنه / إذا زاد ضعفاً زاد قوتنا ضعفا
وأعجب من هذين ردفك كلّما / ترجرج زاد الخصر من فوقه لطفا
فيا شكل ذا خصراً ويا ثقل ذا ردفاً / ويا حسن ذا خدّاً ويا نَبل ذا طرفا
ويا طيبَ أنفاسٍ على حسن مَضحكٍ / فذا المسك بل أذكى وذا الدرُّ بل أصفى
ويا خمر ريقٍ فوقه ورد وجنةٍ / فمَن لي بذا رشفاً ومن لي بذا قطفا
بدأتَ بإحسان فجُد بتمامه / وإن الفتى من لا يكدِّرُ ما صَفّى
فهذا الهوى عيش المحبِّ إذا صَفا / ولكن إذا لم يصفُ كان له حتفا
أهابُكَ أم أُبدي إليك الذي أُخفي
أهابُكَ أم أُبدي إليك الذي أُخفي / وطرفك يدري ما يقول له طرفي
نهاني حيائي منك أن أكشف الهوى / وأغنيتَني بالفهم منك عن الكشفِ
تلطفتَ في أمري فإن أك ساعياً / إلى غايةٍ فاللطف يُدرَك باللطفِ
تلقَّيتني بالبشر حتى كأنَّما / تبشِّرني بالعَبث أنَّك في كفّي
وتُدركني من هيبتي لك وحشةٌ / فتؤنسني بالعطف منك وباللطفِ
تكاملتَ إحساناً وحسناً وفطنةً / وزدتَ كمالاً بالتصنُّع والظَّرفِ
فحبُّك فيه عِصمَةٌ وهو فتنة / فيشفي بما يُضني ويضني بما يشفي
وتُحيي محبّاً أنت في الحبّ حتفُه / وذا عجبٌ كون الحياة من الحتف
لك الخير قد عجَّلتَ لي صَفوةَ الهوى / ومثلك عندي لا يُكدِّر ما يصفي
فجُد لي بوعدٍ منك أحيا بروحه / وجُد لي مع الوعد الأمانَ من الخُلفِ
بديع مَلاحاتٍ بمقلته حتفي
بديع مَلاحاتٍ بمقلته حتفي / تكوَّن من نورٍ يجلُّ عن الوَصفِ
له مقلتا ريمٍ وجيدُ غزالةٍ / ووردٌ على خَدَّينِ يُقطَف بالطَّرفِ
وحُسن عذارٍ خَطَّ بالمسك سطرُه / سهامَ منايا داعياتٍ إلى حتفِ
ويبسم عن ثغرٍ كأنَّ رُضابَه / جنى النحل لمّا شِيبَ بالقهوة الصِرفِ
كأنَّ صباحاً طالعاً من جبينه / أناخ عليه اللَّيلُ بالحالك الوَحفِ
أبِيتُ وفي قلبي لهيبٌ من الهوى
أبِيتُ وفي قلبي لهيبٌ من الهوى / ونارُ الهوى تُنبِيكَ أنّي على التَّلَفْ
فيا مَن غدا من حُسن أصرُع لونِهِ / كمطرفةٍ حمراء من أحسن الطُّرَف
بخدٍّ أسيلٍ مشرقٍ متورِّدٍ / يلوح به وردٌ يعود إذا قُطِف
لقد مَضَّني شوق إليك مبرِّحٌ / وصرتُ حليفَ الحزنِ والوجد والأسَف
وتعرف ما أخفيتُ منك لأنَّني / هواي دَخيلٌ والفؤادُ به كَلِف
فنمَّت دموعي بالذي قد كتمتُه / ولم أُظهر الشكوى ليعرف مَن عرف
سروري فلا تُنكِر هواي فتُبتَلى / ببعض الذي قد ذُقتُ من ألم الشَّغَف
وواللَهِ ما أسلاكَ ما حَجَّ راكبٌ / وما ناح قُمريٌّ على الغصن أو هتف
تمكَّنتَ من قلبي وجسمي ومهجتي
تمكَّنتَ من قلبي وجسمي ومهجتي / وعذَّبتَني بالهجر والتيه والصَّلَفْ
وصرَّفتَ عني الصبر فالصبر نائيٌ / وليس لقلبي بعد هجرك مُنصَرَفْ