أَما في نَسيمِ الريحِ عَرفٌ مُعَرَّفُ
أَما في نَسيمِ الريحِ عَرفٌ مُعَرَّفُ / لَنا هَل لِذاتِ الوَقفِ بِالجِزعِ مَوقِفُ
فَنَقضِيَ أَوطارَ المُنى مِن زِيارَةٍ / لَنا كَلَفٌ مِنها بِما نَتَكَلَّفُ
ضَمانٌ عَلَينا أَن تُزارَ وَدونَها / رِقاقُ الظُبى وَالسَمهَرِيُّ المُثَقَّفُ
وَقَومٌ عِدىً يُبدونَ عَن صَفَحاتِهِم / وَأَزهَرُها مِن ظُلمَةِ الحِقدِ أَكلَفُ
غَيارى يَعُدّونَ الغَرامَ جَريرَةً / بِها وَالهَوى ظُلماً يُغيظُ وَيُؤسِفُ
يَوَدّونَ لَو يَثني الوَعيدُ زَماعَنا / وَهَيهاتَ ريحُ الشَوقِ مِن ذاكَ أَعصَفُ
يَسيرٌ لَدى المُشتاقِ في جانِبِ الهَوى / نَوى غُربَةٍ أَو مَجهَلٌ مُتَعَسَّفُ
هَلِ الرَوعُ إِلّا غَمرَةٌ ثُمَّ تَنجَلي / أَمِ الهَولُ إِلّا غُمَّةٌ ثُمَّ تُكشَفُ
وَفي السِيَراءِ الرَقمِ وَسطَ قِبابِهِم / بَعيدُ مَناطِ القُرطِ أَحوَرُ أَوطَفُ
تَبايَنَ خَلقاهُ فَعَبلٌ مُنَعَّمٌ / تَأَوَّدَ في أَعلاهُ لَدنٌ مُهَفهَفُ
فَلِلعانِكِ المُرتَجِّ ماحازَ مِئزَرٌ / وَلِلغُصُنِ المُهتَزِّ ماضَمَّ مِطرَفُ
حَبيبٌ إِلَيهِ أَن نُسَرَّ بِوَصلِهِ / إِذا نَحنُ زُرناهُ وَنَهنا وَنُسعَفُ
وَلَيلَةَ وافَينا الكَثيبَ لِمَوعِدٍ / سُرى الأَيمِ لَم يُعلَم لَمَسراهُ مُزحَفُ
تَهادى أَناةَ الخَطوِمُرتاعَةَ الحَشا / كَما ريعَ يَعفورُ الفَلا المُتَشَوِّفُ
فَما الشَمسُ رُقَّ الغَيمُ دونَ إِياتِها / سِوى ما أَرى ذاكَ الجَبينُ المُنَصَّفُ
فَدَيتُكِ أَنّى زُرتِ نورُكِ واضِحٌ / وَعِطرُكِ نَمّامٌ وَحَيلُكِ مُرجَفُ
هَبيكِ اِعتَرَرتِ الحَيَّ واشيكِ هاجِعٌ / وَفَرعُكِ غِربيبٌ وَلَيلُكِ أَغضَفُ
فَأَنّى اِعتَسَفتِ الهَولَ خَطوُكِ مُدمَجٌ / وَرِدفُكِ رَجراجٌ وَخَصرُكِ مُخطَفُ
لَجاجٌ تُمادي الحُبَّ في المَعشَرِ العِدا / وَأَمُّ الهَوى الأُفُقَ الَّذي فيهِ نُشنَفُ
وَأَن نَتَلَقّى السُخطَ عانينَ بِالرِضى / لِغَيرانَ أَجفى ما يُرى حينَ يَلطُفُ
كَفانا مِنَ الوَصلِ التَحِيَّةُ خُلسَةٌ / فَيومِئُ طَرفٌ أَو بَنانٌ مُطَرَّفُ
خَليلَيَّ مَهلاً لاتَلوما فَإِنَّني / فُؤادي أَليفُ البَثِّ وَالجِسمُ مُدنَفُ
فَأَعنَفُ ما يَلقى المُحِبُّ لَجاجَةً / عَلى نَفسِهِ في الحُبِّ حينَ يُعَنَّفُ
وَإِنّي لِيَستَهوينِيَ البَرقُ صَبوَةً / إِلى بَرقِ ثَغرٍ إِن بَدا كادَ يَخطَفُ
وَما وَلَعي بِالراحِ إِلّا تَوَهُّمٌ / لِظَلمٍ بِهِ كَالراحِ لَو يُتَرَشَّفُ
وَتُذكِرُني العِقدَ المُرِنَّ جُمانُهُ / مُرِنّاتُ وُرقٍ في ذُرى الأَيكِ تَهتِفُ
فَما قَبلَ مَن أَهوى طَوى البَدرَ هَودَجٌ / وَلا صانَ ريمَ القَفرِ خِدرٌ مُسَجَّفُ
وَلا قَبلَ عَبّادٍ جَوى البَحرَ مَجلِسٌ / وَلا حَمَلَ الطَودَ المُعَظَّمَ رَفرَفُ
هُوَ المَلِكُ الجَعدُ الَّذي في ظِلالِهِ / تُكَفُّ صُروفُ الحادِثاتِ وَتُصرَفُ
هُمامٌ يَزينُ الدَهرَ مِنهُ وَأَهلَهُ / مَليكٌ فَقيهٌ كاتِبٌ مُتَفَلسِفُ
يَتيهُ بِمَرقاهُ سَريرٌ وَمِنبَرٌ / وَيَحمَدُ مَسعاهُ حُسامٌ وَمُصحَفُ
رَوِيَّتُهُ في الحادِثِ الإِدِّ لَحظَةٌ / وَتَوقيعُهُ الجالي دُجى الخَطبِ أَحرُفُ
يَذِلُّ لَهُ الجَبّارُ خيفَةَ بَأسِهِ / وَيَعنو إِلَيهِ الأَبلَجُ المُتَغَطرِفُ
حِذارَكَ إِذ تَبغي عَلَيهِ مِنَ الرَدى / وَدونَكَ فَاِستَوفِ المُنى حينَ تُنصِفُ
سَتَعتامُهُم في البَرِّ وَالبَحرِ بِالتَوى / كَتائِبُ تُزجى أَوسَفائِنُ تُجدَفُ
أَغَرُّ مَتى نَدرُس دَواوينَ مَجدِهِ / يَرُقنا غَريبٌ مُجمَلٌ أَو مُصَنَّفُ
إِذا نَحنُ قَرَّظناهُ قَصَّرَ مُطنِبٌ / وَلَم تَتَجاوَز غايَةَ القَصدِ مُسرِفُ
وَأَروَعُ لا الباغي أَخاهُ مُبَلَّغٌ / مُناهُ وَلا الراجي نَداهُ مُسَوَّفُ
مُمِرُّ القُوى لا يَملَأُ الخَطبُ صَدرَهُ / وَلَيسَ لِأَمرٍ فائِتٍ يَتَلَهَّفُ
لَهُ ظِلُّ نُعمى يَذكُرُ الهِمُّ عِندَهُ / ظِلالَ الصِبا بَل ذاكَ أَندى وَأَورَفُ
جَحيمٌ لِعاصيهِ يُشَبُّ وَقوضُهُ / وَجَنَّةُ عَدنٍ لِلمُطيعينَ تُزلَفُ
مَحاسِنُ غَربُ الذَمِّ عَنها مُفَلَّلٌ / كَهامٌ وَشَملُ المَجدِ فيها مُؤَلَّفُ
تَناهَت فَعِقدُ المَجدِ مِنها مُفَصَّلٌ / سَناءً وَبُردُ الفَخرِ مِنها مُفَوَّفُ
طَلاقَةُ وَجهٍ في مَضاءٍ كَمِثلِ ما / يَروقُ فِرِندُ السَيفِ وَالحَدُّ مُرهَفُ
عَلى السَيفُ مِن تِلكَ الشَهامَةِ ميسَمٌ / وَفي الرَوضِ مِن تِلكَ الطَلاقَةِ زُخرُفُ
سَجايا لِمَن والاهُ كَالأَريِ تُجتَنى / تَعودُ لِمَن عاداهُ كَالشَريِ يُنقَفُ
يُراقِبُ مِنهُ اللَهَ مُعتَضِدٌ بِهِ / يَدَ الدَهرِ يَقسو في رِضاهُ وَيَرأَفُ
فَقُل لِلمُلوكِ الحاسِديهِ مَتى اِدَّعى / سِباقَ العَتيقِ الفائِتِ الشَأوِ مُقرِفُ
أَلَيسَ بَنو عَبّادٍِ القِبلَةَ الَّتي / عَلَيها لِآمالِ البَرِيَّةِ مَعكَفُ
مُلوكٌ يُرى أَحياؤُهُم فَخرَ دَهرِهِم / وَيَخلُفُ مَوتاهُم ثَناءٌ مُخَلَّفُ
بِهِم باهَتِ الأَرضُ السَماءَ فَأَوجُهٌ / شُموسٌ وَأَيدٍ مِن حَيا المُزنِ أَو كَفُ
أَشارِحَ مَعنى المَجدِ وَهوَ مُعَمَّسٌ / وَمُجزِلَ حَظِّ الحَمدِ وَهوَ مُسَفسِفُ
لَعَمرُ العِدا المُستَدرِجيكَ بِزَعمِهِم / إِلى غِرَّةٍ كادَت لَها الشَمسُ تُكسَفُ
لَكالوكَ صاعَ الغَدرِ لُؤمَ سَجِيَّةٍ / وَكيلَ لَهُم صاعُ الجَزاءِ المُطَفَّفُ
لَقَد حاوَلوا العُظمى الَّتي لا شَوى لَها / فَأَعجَلَهُم عَقدٌ مِنَ الهَمِّ مُحصَفُ
وَلَمّا رَأَيتَ الغَدرَ هَبَّ نَسيمُهُ / تَلَقّاهُ إِعصارٌ لِبَطشِكَ حَرجَفُ
أَظَنَّ الأَعادي أَنَّ حَزمَكَ نائِمٌ / لَقَد تَعِدُ الفَسلَ الظُنونُ فَتُخلِفُ
دَواعي نِفاقٍ أَنذَرَتكَ بِأَنَّهُ سَيَشرى / وَيَذوي العُضوُ مِن حَيثُ يَشأَفُ
تَحَمَّلتَ عِبءَ الدَهرِ عَنهُم وَكُلُّهُم / بِنُعماكَ مَوصولُ التَنَعُّمِ مُترَفُ
فَإِن يَكفُروا النُعمى فَتِلكَ دِيارُهُم / بِسَيفِكَ قاعٌ صَفصَفُ الرَسمِ تُنسَفُ
وَطَيَّ الثَرى مَثوىً يَكونَ قُصارَهُم / وَإِن طالَ مِنهُم في الأَداهِمِ مَرسَفُ
وَبُشراكَ عيدٌ بِالسُرورِ مُظَلَّلٌ / وَبِالحَظِّ في نَيلِ المُنى مُتَكَنَّفُ
بَشيرٌ بِأَعيادٍ تُوافيكَ بَعدَهُ / كَما يَنسُقُ النَظمَ المُوالي وَيَرصُفُ
تُجَرِّدُ فيهِ سَيفَ دَولَتِكَ الَّذي / دِماءُ العِدى دَأباً بِغَربَيهِ تُظلَفُ
هُوَ الصارِمُ العَضبُ الَّذي العَزمُ حَدُّهُ / وَحِليَتُهُ بَذلُ النَدى وَالتَعَفُّفُ
هُمامٌ سَما لِلمُلكِ إِذ هُوَ يافِعٌ / وَتَمَّت لَهُ آياتُهُ وَهوَ مُخلِفُ
كَريمٌ يَعُدُّ الحَمدَ أَنفَسَ قِنيَةٍ / فَيولَعُ بِالفِعلِ الجَميلِ وَيُشغَفُ
غَدا بِخَميسٍ يُقسِمُ الغَيمُ أَنَّهُ / لَأَحفَلُ مِنها مُكفَهِرّاً وَأَكثَفُ
هُوَ الغَيمُ مِن زُرقِ الأَسِنَّةِ بَرقُهُ / وَلِلطَبلِ رَعدٌ في نَواحيهِ يَقصِفُ
فَلَمّا قَضَينا ما عَنانا أَداؤُهُ / وَكُلٌّ بِما يُرضيكَ داعٍ فَمُلحِفُ
قَرَنّا بِحَمدِ اللَهِ حَمدَكَ إِنَّهُ / لَأَوكَدُ ما يُحظى لَدَيهِ وَيُزلَفُ
وَعُدنا إِلى القَصرِ الَّذي هُوَ كَعبَةٌ / يُغاديهِ مِنّا ناظِرٌ أَو مُطَرَّفُ
فَإِذ نَحنُ طالَعناهُ وَالأُفقُ لابِسٌ / عَجاجَتَهُ وَالأَرضُ بِالخَيلِ تَرجُفُ
رَأَيناكَ في أَعلى المُصَلّى كَأَنَّما / تَطَلَّعَ مِن مِحرابِ داوُدَ يوسُفُ
وَلَمّا حَضَرنا الإِذنَ وَالدَهرُ خادِمٌ / تُشيرُ فَيُمضي وَالقَضاءُ مُصَرِّفُ
وَصَلنا فَقَبَّلنا النَدى مِنكَ في يَدٍ / بِها يُتلَفُ المالُ الجَسيمُ وَيُخلَفُ
لَقَد جُدتَ حَتّى ما بِنَفسٍ خَصاصَةٌ / وَأَمَّنتَ حَتّى ما بِقَلبٍ تَخَوُّفُ
وَلَولاكَ لَم يَسهُل مِنَ الدَهرِ جانِبٌ / وَلا ذُلَّ مُقتادٌ وَلا لانَ مَعطِفُ
لَكَ الخَيرُ أَنّى لي بِشُكرِكَ نَهضَةٌ / وَكَيفَ أُؤَدّي فَرضَ ما أَنتَ مُسلِفُ
أَفَدتَ بَهيمَ الحالِ مِنِّيَ غُرَّةً / يُقابِلُها طَرفُ الجَموحِ فَيُطرَفُ
وَبَوَّأتَهُ دُنياكَ دارَ مُقامَةٍ / بِحَيثُ دَنا ظِلٌّ وَذُلِّلَ مَقطِفُ
وَكَم نِعمَةٍ أُلبِستُها سُندُسِيَّةٍ / أُسَربَلُها في كُلِّ حينٍ وَأُلحَفُ
مَواهِبُ فَيّاضِ اليَدَينِ كَأَنَّما / مِنَ المُزنِ تُمرى أَو مِنَ البَحرِ تُغرَفُ
فَإِن أَكُ عَبداً قَد تَمَلَّكتَ رِقَّهُ / فَأَرفَعُ أَحوالي وَأَسنى وَأَشرَفُ