أَلا أَيُّها الإِبريقُ ما لَكَ وَالصَلف
أَلا أَيُّها الإِبريقُ ما لَكَ وَالصَلف / فَما أَنتَ بَلّورٌ وَلا أَنتَ مِن صَدَف
وَما أَنتَ إِلّا كَالأَباريقِ كُلِّها / تُرابٌ مَهينٌ قَد تَرَقّى إِلى خَزَف
أَرى لَكَ أَنفاً شامِخاً غَيرَ أَنَّهُ / تَلَفَّعَ أَثوابَ الغُبارِ وَما أَنِف
وَمَسَّتهُ أَيدي الأَدنِياءِ فَما شَكا / وَمَصَّتهُ أَفواهُ الطَغامِ فَما وَجَف
وَفيكَ اِعتِزازٌ لَيسَ لِلديكِ مِثلَهُ / وَلَستَ بِذي ريشٍ تَضاعَفَ كَالزَغَف
وَلا لَكَ صَوتٌ مِثلَهُ يَصدَعُ الدُجى / وَتَهتِفُ فيهِ الذِكرَياتُ إِذا هَتَف
وَأَنصَتُّ أَستَوحيهِ شَيئاً يَقولُهُ / كَما يَسكُتُ الزُوّارُ في مَعرِضِ التُحَف
وَبَعدَ ثَوانٍ خِلتُ أَنّي سَمِعتُهُ / يُثَرثِرُ مِثلَ الشَيخِ أَدرَكَهُ الخَزَف
فَقالَ سَقَيتُ الناسَ قُلتُ لَهُ أَجَل / سَقَيتَهُم ماءَ السَحابِ الَّذي يَكَف
وَدَمعَ السَواقي وَالعُيونِ الَّذي جَرى / وَماءَ اليَنابيعِ الَّذي قَس صَفا وَشَف
فَقالَ لِيَذكُر فَضلِيَ الماءُ وَليُشِد / بِمَدحي أَلَم أَحمِلُهُ قُلتَ لَكَ الشَرَف
فَقالَ أَلَم أَحفَظهُهُ قُلتُ ظَلَمتَهُ / فَلَولاهُ لَم تُنقَل وَلَولاكَ ما وَقَف