أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف
أحلماً ودين اللَه أوشك يتلف / وصبراً وداعي الشرك يدعو ويهتف
وحتى متى سيف الإله معللٌ / بضرب طلا أعدائه ومسوف
هو السيف ما لم يألف الغمد نصله / وما السيف سيف وهو للغمد يألف
أما آن أن تحيي الهدى بعد موته / بيوم يميت الشمس نقعاً ويكسف
وشعواء فيها الدهر يرجف خيفةً / وينسد منها الأفق والأرض ترجف
ويعقد فيها النقع غيماً مظللاً / وترعد فيها الأسد والبيض تنطف
كتائب ينطحن الخميس كباشها / ولا روق إلا ذابل ومثقف
إذا نزلت أرض العدو طمت بها / بحار دمٍ فعم على النجم تشرف
تزاحم برج الحوت حتى يعومها / وتدنو من الكف الخضيب فتغرف
وإن فغرت للحرب فاغرة الردى / رموها بما فيه تغص وتقذف
فلا عيب فيهم غير مطلٍ عدوهم / إذا استقرضوا منه الدما وتسلفوا
وأوفى عباد اللَه إلا بحالةٍ / إذا وعدوا البيض الغمود فلم يفوا
يميلون شوقاً للوغى فكأنما / كؤوس الردى صرف المدامة قرقف
إذا ما احتفت يوم الهياج جيادهم / نعلن من الهامات ما البيض تنقف
أبا القاسم المهدي لا عز أو ترى / لك الكتب تتلى والكتائب تزحف
فقم طالباً حق الخلافة معلماً / فهاهي في أيدي العدو تلقف
أتصدر وراداً لكم عن كيها / محلأة والقوم منهن تنزف
وتوحش هاتيك المنابر منكم / وتنزو عليهن القرود وتشرف
أما هاشم قدماً أذلوا صعابها / فما بالها تيمٌ رقوها وأردفوا
وهذا لواء المسلمين برغمهم / على رأس أشقى العالمين يرفرف
إذا أومض البرق الحجازي في الدجى / كعرنين قن من بني الزنج يرعف
شخصنا إليه مثلما شخصت إلى / الحمائم أفراخ لها تتشوف
رجاءاً إلى السيف الذي في وميضه / عن الخلق طراً ظلمة الجور تكشف
حسام إذا ما واكل الموت في الوغى / مضى بفم أضحى على الموت يجحف
وإن ورد الأعناق يوماً حكينه / من الهيم بعد الخمس عطشى تلهف
على سابق لو رامت الريح سبقه / لعادت إليه ضالعاً تتقحف
دعوتك والأبصار شاخصةٌ إلى / وميض حسام للنواظر يخطف
دعوتك للتوحيد قد غال أهله / أناسٌ على الأوثان تحنو وتعكف
دعوتك للدين الحنيف فقد غدا / ضئيلاً عليه الشرك يقوى فيضعف
دعوتك للقرآن راح ممثلاً / بأيدي أناسٍ غيروه وحرفوا
دعوتك للشرع الشريف مغيراً / بما قعدوا أهل الضلال ووظفوا
دعوتك للمظلوم ضاع حقوقه / وليس له من عصبة الجور منصف
إليك ولي اللَه بث شكايةً / تهدلها الأطواد والأرض تخسف
أترضى وأنت المستجار بأننا / بأيدي العدا من أرضنا نتخطف
وما ألفت أكبادنا حب غيركم / فكيف إلى أعدائكم نتألف
وأنى وأهل الدين تصحب عصبةٌ / سوى الجبت ديناً في الورى ليس تعرف
وكيف نغادي أو نراوح معشراً / يميل بنا عنهم ولا كم ويصرف
إذا أنت بالأغضاء عاملت كاشحاً / فمن ذا على أشياعكم يتعطف
ومن يكشف الغماء عن متلهفٍ / أضر بأحشاه إليك التلهف
ومن ذا إذا ما صرح الدهر خطبه / بمنعته يحمي الطريد المخوف
وأيسر ما يشجيك أن مجاوري / ضريح أبيك السبط عن قبره نفوا
يعدوان قيد الرمح عنه مسافةً / فكيف بهم والبعد وعروٌ ونفنف
ومن لم تطلق حمل الرداء متونه / فكيف بحمل الراسيات يكلف
فما آدم في يوم راحٍ مفارقٌ / لجنان بدمع يستهل ويذرف
بأغزر دمعاً منهم يوم فارقوا / ذرى حرم بابن النبي يشرف
فآهً لأرض الطف في كل برهةٍ / يجدد فيها حادثٌ لا يكيف
وأن نساء المؤمنين ذواعرٌ / تراع كل ريع الحمام المغدف
يلاحظها رجسٌ ويقرف عرضها / غبي بأصناف اللعائن يقرف
أيامي ولم يثكلن بعلا وحولها / يتامى وأبى لهم ليس تحتف
وأعظم مفقود من الناس آخذ / عن الأهل نأياً حاله ليس يعرف
لئن ضرب الأمثال في فقد يوسف / وما نال من يعقوب فيه التأسف
فها نحن في جيل به كل والد / من الناس يعقوب ينائيه يوسف
فهذا ولم تهتك حجاب تصبرٍ / عليك بإمها العدو يسجف
ولم تنتض السيف الذي حده على / رقاب العدا من شفرة الموت أرهف
أيملك أمر العرب من لا أباً له / ولم ينمه منهم نزار وخندف
لئيم فما للصفح عند اقتداره / محلٌّ وما للحلم أن هاج موقف
أحب الورى من ليس يحنو عليه / لديه وإعداهم له المتلطف
ومن لقطته العاهرات من الخنا / فكيف بأبناء العفائف يلطف
وما لبني الآمال إلا ابن حرة / يغار عليهم أن يضاموا ويأنف
وأنا لندري أن يومك كائن / وإن حال فيه عن سواه التخلف
ولكننا لا نستطيع تصبراً / لطول أناةٍ منك للقلب تحتف
وأين الجبال الراسيات رزانةً / من الذر فوق الأرض والريح تعصف
أقول لنفسي عندما ضاق رحبها / وكادت على سبل المهالك تشرف
وكادت ممضات الزمان تميل بي / إلى هلع يلقى له الحلم أحنف
رويداً كأني بالأماني صدقنني / بإنجاز وعد للهدى ليس يخلف
إليك ابن طه بنت فكر زففتها / تتيه على أترابها وتغطرف
تجر ذيولاً من برود شكايةٍ / تطرز في حسن الرجا وتفوف