أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ
أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ / وفي كلِّ دارٍ من مدامِعنا وكفُ
نسائِلُ عَن أَحبابنا كلَّ دارسٍ / وَنقفو من الآثار بالبيد ما نَقفو
أَخلّايَ إِن تعفُ الديارُ فَفي الحشا / رَسيسُ جَوىً لَم يعفُ يوماً ولا يعفو
حنيني إلى دارٍ قضيتُ بها الصِبا / وما عاقَني للدَهر منعٌ ولا صَرفُ
وَعَهدي بهاتيك المعاهِد وَالرُبى / أَواهلُ لا ينفكُّ يَعطو بها خِشفُ
تُطالعنا أَقمارُ تمٍّ بأفقِها / وَيَهفو علينا من شذا نشرِها عَرفُ
وربَّ صَموت القُلبِ خمصانة الحشا / لهَوتُ بها والنجمُ من أُذنها شَنفُ
لعوبٌ إِذا عاطتكَ لهوَ حديثها / ثملتَ وما دارَت معتَّقةٌ صِرفُ
يؤوِّدُها مرُّ النَسيم فتنثني / تثنّي غصنِ البان ما شانَه قَصفُ
سل الظبية الغنّاءَ إِذ قيلَ مثلها / أُساعفها الكشحُ المهفهفُ والردفُ
ثَقيلةُ غضِّ الطَرفِ وَسنى كأَنَّما / سَبَت سِنةَ العشّاق أَجفانُها الوُطفُ
قضيتُ بها عُمرَ الشَبيبة لاهياً / وَلَم ينتبه للبَين في شملنا طَرفُ
لياليَ لا يَصفو ورودي لمنهلٍ / وَلي مِن حُميّاها ومن ثَغرِها رشفُ
وَكَم لَيلةٍ رامَ الصَباحُ نزالها / أَمدَّ الدُجى من فرعها الشعر الوَحفُ
لكِ اللَه هَل بعد التَباعد عطفةٌ / وهل لغصونٍ قد عَبَست بعدنا عطفُ
أَجدَّ النوى ما زلتُ أَكدح دائباً / أَمام الرَجا خَلفٌ وصدق المنى خُلفُ
لعمريَ ما الآمالُ من شيم الفَتى / إِذا لم تصدِّقه الظنونُ أَو الكشفُ
وَما كُلُّ مرجوٍّ يُنالُ وإنَّما / على المَرء أَن لا يستذلَّ ولا يَهفو
هُدىً للأَماني قد تبلَّج نجحُها / بجود نظام الدين واِنبلجَ العرفُ
كَريمٌ إِذا ما اِنهلَّ وابلُ كفِّه / وصوبُ الحَيا لم تدر أَيُّهما الكفُّ
حليفُ نَدىً لم تأوِ مالاً بنانُه / لوفرٍ ولم يألف براحته ألفُ
لَه خُلقٌ كالرَوض غبَّ بها النَدى / وكفُّ سماحٍ لا يُشام لها كفُّ
فَتى المجد وثّابٌ إِلى رُتب العُلى / وما عاقَه عنها خُمولٌ ولا ضعفُ
رقى مرتقىً لَولا تأَخُّرُ عصرِه / لجاءَت به الآياتُ والرسل والصُحفُ
يروقُكَ مقداماً إذ الصيد أَحجمت / بحيث القَنا الخطّار من فوقه سقفُ
وَيَسمو الحسامُ المشرفيّ بكفِّه / إِذا ما اِلتقى الجمعان واِقترب الزحفُ
أَليفُ العُلى لم يصبُ إِلّا إِلى العُلى / إِذا ما صَبا يوماً إِلى إلفه إِلفُ
تَقَصَّت عِداهُ من مدى البين غايةً / فَلا دَنَت القُصوى ولا بَعُد الحَتفُ
رويداً فإن دانت رجالٌ بسلمها / وإِلّا فَهَذي البيضُ واليلبُ الزَغفُ
كأَنَّ المذاكي المُقرَبات يَقودُها / عرائسُ تُجلى إِذ يُرادُ لها زَفُّ
وقد أُسدِلت من ثائر النَقع دونها / سُتورٌ وَلَم يُرفع لمسدلها سَجفُ
وما أَينعت يوماً رؤوسُ عداتِهِ / بروض الوَغى إِلّا وحانَ لها قَطفُ
أَربَّ العُلى وَالمجدِ والبأس والندى / إِليكَ فَلَولا أَنتَ ما اِستغرق الوصفُ
شهدتُ لأنت الواحد الفرد في العُلى / وقد أُنكر الإنكارُ أَو عُرِفَ العُرفُ
إِليكَ الهُدى أَلقى مقاليدَ أَمره / فأَيقظتَه من بعد ما كادَ أَن يَغفو
فأَنتَ لِهَذا الخلق إِن دان مؤئلٌ / وَللدين والدُنيا إِذا نُكبا كَهفُ
رقيتَ من العلياء أَرفعَ رتبةٍ / ففقتَ الوَرى قِدماً وكلُّهم خَلفُ
فَلا برحت علياؤُك الدهرَ عضَّةً / غلائلُها تَضفو ومشربُها يَصفو
وأمَّكَ عيدُ النحر بالسعد مُقبلاً / وأَمَّ عِداك النَحرُ والذُلُّ والخَسفُ
ودونكها عذراء بكراً زففتُها / إِليكَ وداداً حَليُها النظمُ والرَصفُ
ودم وابقَ واسلم آمر الدهر ناهياً / مَدى الدَهر إجلالاً عليك العُلى وقفُ