أَمَلَّ على القلبِ الغرامَ فأبلَغا
أَمَلَّ على القلبِ الغرامَ فأبلَغا / وفي وَصْفِ بَرْحِ الشّوقِ للوُسْعِ أَفرغا
وأَوفَى على عُودٍ خَطيبُ صبابةٍ / من الخَطْبِ مَن أَصغَى إلى سَجعِه صَغا
وقد رَدَّد الألحانَ للصَّبِّ شائقاً / فأَلغَى لها قولَ العذولِ الّذي لَغا
وماذا عسى شَيطانُ عَذْلِك صانِعاً / إذا لم يَجِدْ بينَ الأحبّة مَنْزَغا
لئن كان لَومي في هوَى البيضِ سائغاً / لقد كان إسعادي عليهنَّ أَسوغا
خليليّ إنْ يَمّمْتُما أرضَ عامرٍ / فلا تَبْخَلا أن تَسمَعا وتُبلِّغا
ذكرتُكُمُ والأرضُ يَبْسٌ فلم يَزَلْ / بعيني البُكا حتّى أسالَ وأَرزَغا
وفي الحيِّ أترابٌ إذا شغَل الفتى / هواهُنّ لم يَطْرَبْ لأَنْ يَتفَرَّغا
ظَلَمْنَ الثّنايا الغُرَّ لمّا صَقلْنَها / وأَرْشَفْنَها دوني أَراكاً مُمضَّغا
وفي مُستدارِ الخَدّ من كُلّ غادةٍ / تَرى سِحْرَ عينَيْها لدِينكَ مُوتِغا
عَقارِبُ صُدْغٍ لا يَضُرُّكَ وَصْلُها / ولكنّما يُمسِينَ بالهَجْرِ لُدَّغا
سفَرْنَ لنا حتّى تَركْنَ عُيونَنا / مِلاءً وغادَرْنَ الجوانحَ فُرَّغا
فمالي أُحبُّ الآفِلينَ وقد أَرى / من الغيدِ أقماراً على العيسِ بُزَّغا
على حينَ أَلوَى الحلْمُ بالجهلِ كَبْرةً / وعَمّمَ منّي الرّأسَ شَيبٌ تفَشّغا
وكم ليلةٍ يا لَيلُ قَصّرْتُ طُولَها / وقَضَيتُ عَيشاً بالبِطالةِ أَرفَغا
لَهْوتُ بها حتّى ثنَى اللّيلُ صَدرَه / وعاد الدُّجَى بالصُّبْحِ أَدْهَم أَصبَغا
وعُدُت ولم يَشعُرْ بيَ الحَيُّ غادياً / يُخلِّفُ هامُ الأُكْمِ طِرْفي مُفَدَّغا
أَقُدُّ أديمَ البيدِ بالسّيرِ حيثما / وجَدْتُ وراءَ العِزِّ في الأرضِ مَنسَغا
بذي غُرَّةٍ ضافي الحُجولِ كأنّما / تَوَضّأَ من ماءِ الصّباحِ فأَسْبَغا
عسى يَشْتَفي من لاعجِ الشّوقِ مُدْنَفٌ / بأنفاسِ عُلْويِّ الرّياحِ تَنشّغا
أَتملِكُ غَضَّ الطَّرْفِ يا صاحِ بعدما / تَزيّنَ بالحَلْيِ الثَّرى وتَزيّغا
أَرى صَنَعَ الأنواء أَظْهرَ حذْقَه / فَوشّعَ أَبرادَ الرّياضِ وَصبّغا
وفي عَذَبِ الأفنانِ من كُلِّ أيكةٍ / كَرائنُ للألحانِ يَغدونَ صُوَّغا
كأنّ الرّبيعَ الطّلقَ والطّيرَ أصبحَتْ / لأيّامهِ تَدعو بمُخْتلِفِ اللُّغا
زمانُ جَلالِ الدّينِ أقبلَ فاغتَدى / به شُعراءَ كُلُّ مَن فيه بَبَّغا
وفاؤوا إلى ظلٍّ من العيشِ لم يزَلْ / له اللهُ من لطْفٍ على الخَلْقِ مُسبِغا
حَصودٌ بحَدِّ السّيفِ في طاعةِ الهُدَى / إذا أينعَتْ بالبَغْيِ هامةُ مَن طَغى
تُشَبُّ له نارانِ باللّيلِ للقرى / لكَيْ يُؤْنِسَ السّاري وفي الصُّبْحِ للوغَى
إذا ما انتَدى ثمَّ احتَبى بوَقارِهِ / فلا رَفثٌ فيما يُقالُ ولا لَغا
تَسوسُ الوَرى يُمنَى يدَيهِ جلالةً / بإعمالِ أَلْمَى يَلْفِظُ الدُّرَّ أَفشَغا
يَمُجُّ على خَدّ البياضِ رُضابَه / فيَجْلو صباحاً بالظّلامِ مُثَمَّغا
ولم أَر في الأملاكِ أَسْرعَ مُنْهَراً / لسَجْلِ النّدى منه وأَوسَعَ مُفْرَغا
أخو العزْمِ وَطّاءٌ بأخمَصِ بأْسِه / لرأْسِ المنايا أو يَعودَ مُثلَّغا
قليلٌ إليه جُوُد أسحَمَ أوطَفٍ / إذا مُثِّلوا أو بأْسُ أَهْرَتَ أَفْدَغا
تَجلَّى غداةَ الرَّوعِ والنّقْعُ ثائرٌ / بناظرتَيْ أَقْنى بمَنْسِرِه شَغا
وللحربِ عن أنيابِها الرُّوقِ كَشْرةٌ / إذا الطّعْنُ أَضحَى للجُنوبِ مُدغْدِغا
بكلّ قناةٍ في يدِ الذِّمْرِ صَدْقَةٍ / تُرَى لصدورِ الخَيلِ في الرَّوْع مِبْزَغا
إذا ظَمئتْ من نَحْرِ طاغٍ إلى دَمٍ / غدا لاهثاً منه السِّنانُ ليُولَغا
أيا جامعاً عفْواً وسيعاً ظِلالُه / وعَضْباً صَنيعاً مِصْدَعَ الهام مِصْدَغا
فكم حائدٍ عن طاعةِ الحقِّ حائنٍ / أُحيطَ به والبَغْيُ صارِعُ مَنْ بَغَى
غدا فاصِدَ الأَوداجِ منه بسَيْفِه / وكان دَمُ العصيانِ فيه تَبيَّغا
وذي هَفْوةٍ قد نَبّه السّعْدُ جَدَّهُ / وللرّيقِ منه في المُخَنَّقِ سَوَّغا
فأقبلَ يَستَشْفي لِعُرِّ جرائمٍ / به في ثَرى عُذْرٍ له مُتَمرِّغا
ولم أَر للأحياء أَبعدَ مَطْرَحاً / وأَشأمَ منْ بَكْرِ الشِّقاقِ إذا رغَا
عَجِبْتُ لمُلْقىً بين عينَيْه رُشْدُهُ / ويَأْبى لطولِ الغَيِّ إلاّ تَملُّغا
إذا ما دنا من ثَعْلَبِ الرُّمْحِ نَحْرُه / غدا كاسْمِه عن قَصْدِه منه أَرْوَغا
وهل منكُمُ إلاّ إليكمْ مَفَرُّه / فبالعُذْرِ فلْيَبْلُغْ منَ العَفْوِ مَبْلَغا
فلا زال كُلَّ من عَدُوٍ وحاسدٍ / ومن مَسْفَكٍ منه تُرَى الأرضُ مَرسَغا
خليطَيْنِ هذا بالدّماء مُردَّعاً / صريعاً وهذا بالدُّموعِ مُردَّغا
فَدَى ابْنَ عليٍّ ذا العُلا كُلُّ باخلٍ / يُريك فِداءَ المالِ عِرْضاً مُمَشَّغا
وكلُّ حسودٍ ناكِصِ السَّعْيِ ناقِصٍ / مُعنّىً إذا أَملكْتَ في الرَّأْيِ أَمرَغا
أيا مَن عَلا للمُلْك رأياً ورايةً / فقَوَّم للدّنيا وللدّينِ زيَّغا
دعاكَ أميرُ المؤمنين وَليَّهُ / ولم يَدْعُ أقواماً عنِ النّصْرِ رُوَّغا
فلا زلْتُما كالشّمسِ والبَدْرِ للورَى / قَرينَيْ عَلاء مُدرِكَيْ كُلِّ مُبْتَغى
ألا أَيُّها المَولَى الوزيرُ الّذي يُرَى / لراجيهِ من عزٍّ إلى النّجْمِ مُبْلِغا
إليكَ منَ الأيّامِ أشكو روائعاً / ولو شئْتَ عن قلبي الغداةَ لفَرّغا
قضَيتُ وَداعي كَعبةً لم أَجدْ لها / بغطْفَيَّ آثارَ التّحلُّلِ سَيِّغا
وزُوِّدْتُ من بَحْرِ المكارمِ قَطرةً / وكم شاربٍ قيل احْتَسى وقدِ ارتَغى
سَجيّةُ دَهرٍ لم يزَلْ من عِنادِه / لمثْلَي إن أَعطَى العطيّةَ أَو شَغا
سأجمعُ أَشتاتَ العزيمةِ قاذِفاً / بأيدي المطايا تَلطِمُ البِيدَ دُمَّغا
وإن لم أَجدْ لا القَلْبَ في الصّدْرِ ساكناً / ولا الصّبْرَ إن سرْنا على القَلْبِ أُفْرِغا
عَلى أَنَّني أَشكو النَوى ظالِماً لَهُ / وَما القُربُ ما اِستَمتَعتُ إِلّا تَبَلُّغا
ولا أَشتكي إلاّ زماناً بجَوْرهِ / أَحالَ اعتدالَ الحالِ منّي إلى الصَّغا
فبَدَّلَني والنّقْصُ فيه كأنّني / له سِينةٌ أُلقِيتُ في لَفْظِ أَلْثَغا
فلولا صُروفُ الدّهرِ لم أكُ ساعةً / لعُلياكَ من شُغْلي بمَدْحٍ لأفْرُغا
وكم قد تَعنَّى في مَديحِك خاطري / فما كان قَولي من فِعالِك أَبلَغا
فبلّغَك الأيّامُ قاصيةَ المُنَى / ومَلَّكك الإقبالُ ناصيةَ البِغى
وعُمِّرْتَ عُمْراً لا يُرَى طَرَفٌ له / ولكنّما يَحْكي لك الطّوْقَ مُفْرَغا
لقد كنتُ للآمالِ فيكَ مُقسِّماً / ومنك وفَضْلُ الخَيرِ ما زالَ يُبتَغى
وبُلِّغْتُ ما أَمّلْتُ فيكَ وآنَ أنْ / أكونَ لِما أَمّلتُ فيك مُبَلَّغا