طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ والخَيرُ يُبتَغى
طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ والخَيرُ يُبتَغى / فلمْ نَرَ أندىً منكَ ظِلاً وأسبَغا
وزُرْنا بَني كَعْبٍ فخِلْنا وُجُوهَهُمْ / شُموساً نَبَتْ عَنها النّواظِرُ بُزَّغا
فأنتَ الحَيا والجودُ يَغْبَرُّ أفْقُهُ / وليْثُ الشّرى والبأسُ يَحْمَرُّ في الوَغى
وتَسطو كما يعْتَنُّ في جَرَيانِهِ / أتيٌّ إذا ما رُدَّ رَيْعانُهُ طَغى
ولَولاكَ لمْ تَرْضَعْ غَوادِيَ مُزْنَةٍ / خَمائِلُ تَضعي السُّحْبُ عنهنَّ رُوَّغا
لكَ الرّاحةُ الوَطْفاءُ يُربي نَوالُها / على مَطَرٍ في صَفحَةِ الأرضِ رُسَّغا
وعَزْمَةُ ذي شِبلَينِ إن شمَّ مَرْغَماً / أخاضَ النّجيعَ الوردَ ناباً وأولَغا
ونادٍ يُغَضُّ الطّرْفُ فيهِ مَهابةً / ولا يُنقَلُ العَوراءُ عنهُ ولا اللَّغا
فَلا الماحِلُ الواشي يَفوهُ بِباطِلٍ / لدَيْهِ وَلا الإصغاءُ يُدني المُبَلِّغا
يكادُ فَمُ الجبّارِ يرشُفُ بُسطَهُ / إذا الخَدُّ في أطرافِهنَّ تَمرَّغا
إذا ما مَخَضْتَ الرّأيَ والخَطْبُ عاقِدٌ / نَواصيَهُ بانَ الصّريحُ منَ الرُّغا
تَشيمُ الظُّبا حتّى إذا الحَرْبُ أُلقِحَتْ / هَزَزْتَ حُساماً للجَماجِمِ مِفْدَغا
غَدا والرّدى تَسْتَنُّ في شَفَراتِهِ / يَميرُ دَماً بالحائِنينَ تَبيَّغا
فما الرَّأيُ إلا أن يُضَرِّجَ غَرْبَهُ / بهِ تحتَ أذيالِ العَجاجِ ويَصبُغا
ولا عِزَّ حتى تَتْرُكَ القِرنَ مُرهَقاً / حَمَتْهُ العَوالي أن يَعيثَ ويَنْزَعا
فبَكِّرْ علَيهِ بالأراقِمِ لُسَّعاً / وأسْرِ إليهِ بالعَقارِبِ لُدَّغا
وأرْعِفْ شَباةَ الرُّمحِ فالنّصْرُ حائِمٌ / عليكَ إذا ما الطّعْنُ بالدَّمِ أوْزَغا
وكُلّ امرِئٍ جازى المُسيءَ بفِعْلِهِ / فلا حَزْمَهُ ألغى ولا الدّينَ أوْتَغا
فِدًى لكَ مَنْ يَطوي الهِجاءُ أديمَهُ / على حَلَمٍ إذْ لمْ يجِدْ فيهِ مَدبَغا
وقدْ نَعَشَتْهُ ثَروَةٌ غيرَ أنّهُ / أعَدَّ بِها للذّمِّ عِرْضاً مُمَشَّغا
فإنّ ازْدِيادَ المالِ منْ غَيرِ نائِلٍ / يَشين الفَتى كالسِّن لُزَّ بهِ الشَّغا
إذا صيحَ بالأمجادِ أقْمَأَ شَخْصَهُ / وإنْ زَأرَ الضِّرغامُ في غابِهِ ثَغا
وإنْ هَدَرَتْ يومَ الفَخارِ شَقاشِقٌ / شَحا فاهُ يَستَقْري الكَلامَ المُمَضَّغا
تَلوبُ المُنى من راحَتَيْهِ على صَرًى / وتَمْتاحُ بَحراً مِنْ يَمينِكَ أهْيَغا
وشارِدةٍ يَطوي بِها الأرضَ بازِلٌ / إذا اضطرَبَ الأعناقُ مِنْ لَغَبٍ رَغا
أدارَ بِها الراوي كُووسَ مُدامَةٍ / يظَلُّ فَصيحُ القومِ مِنهُنَّ ألثَغا
ودونَ قَوافيها كبا كُلُّ شاعِرٍ / إذا قِيدَ كُرْهاً في أزِمَّتِها ضَغا
فذَلَّلتُها حتى تحَلَّتْ بمَنطِقٍ / يَرُدُّ على أعقابِ وحْشِيِّها اللُّغا
أراكَ بطَرْفٍ ما زَوى عنكَ لحظَهُ / ولا افْتَرَّ عنْ قَلبٍ إِلى غَيرِكُمْ صَغى
بَقيتَ ضَجيعَ العزِّ في حِضْنِ دَولَةٍ / لَبِسْتَ بِها طَوْقَ الأهِلَّةِ مُفْرَغا