القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو تمّام الكل
المجموع : 6
أَما إِنَّهُ لَولا الخَليطُ المُوَدِّعُ
أَما إِنَّهُ لَولا الخَليطُ المُوَدِّعُ / وَرَبعٌ عَفا مِنهُ مَصيفٌ وَمَربَعُ
لَرُدَّت عَلى أَعقابِها أَريحِيَّةٌ / مِنَ الشَوقِ واديها مِنَ الهَمِّ مُترَعُ
لَحِقنا بِأُخراهُم وَقَد حَوَّمَ الهَوى / قُلوباً عَهِدنا طَيرَها وَهيَ وُقَّعُ
فَرُدَّت عَلَينا الشَمسُ وَاللَّيلُ راغِمٌ / بِشَمسٍ لَهُم مِن جانِبِ الخِدرِ تَطلُعُ
نَضا ضَوءُها صِبغَ الدُجُنَّةِ فَاِنطَوى / لِبَهجَتِها ثَوبُ السَماءِ المُجَزَّعُ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَأَحلامُ نائِمٍ / أَلَمَّت بِنا أَم كانَ في الرَكبِ يوشَعُ
وَعَهدي بِها تُحيي الهَوى وَتُميتُهُ / وَتَشعَبُ أَعشارَ الفُؤادِ وَتَصدَعُ
وَأَقرَعُ بِالعُتبى حُمَيّا عِتابَها / وَقَد تَستَقيدُ الراحَ حينَ تُشَعشَعُ
وَتَقفو إِلى الجَدوى بِجَدوى وَإِنَّما / يَروقُكَ بَيتُ الشِعرِ حينَ يُصَرَّعُ
أَلَم تَرَ آرامَ الظِباءِ كَأَنَّما / رَأَت بِيَ سيدَ الرَملِ وَالصُبحُ أَدرَعُ
لَئِن جَزِعَ الوَحشِيُّ مِنها لِرُؤيَتي / لَإِنسِيُّها مِن شَيبِ رَأسِيَ أَجزَعُ
غَدا الهَمُّ مُختَطّاً بِفَوَدَيِّ خِطَّةً / طَريقُ الرَدى مِنها إِلى النفسِ مَهيَعُ
هُوَ الزَورُ يُجفى وَالمُعاشَرُ يُجتَوى / وَذو الإِلفِ يُقلى وَالجَديدُ يُرَقَّعُ
لَهُ مَنظَرٌ في العَينِ أَبيَضُ ناصِعٌ / وَلَكِنَّهُ في القَلبِ أَسوَدُ أَسفَعُ
وَنَحنُ نُزَجّيهِ عَلى الكُرهِ وَالرِضا / وَأَنفُ الفَتى مِن وَجهِهِ وَهوَ أَجدَعُ
لَقَد ساسَنا هَذا الزَمانُ سِياسَةً / سُدىً لَم يَسُسها قَطُّ عَبدٌ مُجَدَّعُ
تَروحُ عَلَينا كُلَّ يَومٍ وَتَغتَدي / خُطوبٌ كَأَنَّ الدَهرَ مِنهُنَّ يُصرَعُ
حَلَت نُطَفٌ مِنها لِنِكسٍ وَذو النُهى / يُدافُ لَهُ سُمٌّ مِنَ العَيشِ مُنقَعُ
فَإِن نَكُ أُهمِلنا فَأَضعِف بِسَعيِنا / وَإِن نَكُ أُجبِرنا فَفيمَ نُتَعتِعُ
لَقَد آسَفَ الأَعداءَ مَجدُ اِبنِ يوسُفٍ / وَذو النَقصِ في الدُنيا بِذي الفَضلِ مولَعُ
أَخَذتُ بِحَبلٍ مِنهُ لَمّا لَوَيتُهُ / عَلى مِرَرِ الأَيّامِ ظَلَّت تَقَطَّعُ
هُوَ السَيلُ إِن واجَهتَهُ اِنقَدتَ طَوعَهُ / وَتَقتادُهُ مِن جانِبَيهِ فَيَتبَعُ
وَلَم أَرَ نَفعاً عِندَ مَن لَيسَ ضائِراً / وَلَم أَرَ ضَرّاً عِندَ مَن لَيسَ يَنفَعُ
يَقولُ فَيُسمِعُ وَيَمشي فَيُسرِعُ / وَيَضرِبُ في ذاتِ الإِلَهِ فَيوجِعُ
مُمَرٌّ لَهُ مِن نَفسِهِ بَعضُ نَفسِهِ / وَسائِرُها لِلحَمدِ وَالأَجرِ أَجمَعُ
رَأى البُخلَ مِن كُلٍّ فَظيعاً فَعافَهُ / عَلى أَنَّهُ مِنهُ أَمَرُّ وَأَفظَعُ
وَكُلُّ كُسوفٍ في الدَرارِيِّ شُنعَةٌ / وَلَكِنَّهُ في الشَمسِ وَالبَدرُ أَشنَعُ
مَعادُ الوَرى بَعدَ المَماتِ وَسَيبُهُ / مَعادٌ لَنا قَبلَ المَماتِ وَمَرجِعُ
لَهُ تالِدٌ قَد وَقَّرَ الجودُ هامَهُ / فَقَرَّت وَكانَت لا تَزالُ تَفَزَّعُ
إِذا كانَتِ النُعمى سَلوباً مِن اِمرِىءٍ / غَدَت مِن خَليجَي كَفِّهِ وَهيَ مُتبَعُ
وَإِن عَثَرَت سودُ اللَيالي وَبيضُها / بِوَحدَتِهِ أَلفَيتَها وَهيَ مَجمَعُ
وَإِن خَفَرَت أَموالَ قَومٍ أَكُفُّهُم / مِنَ النَيلِ وَالجَدوى فَكَفّاهُ مَقطَعُ
وَيَومٍ يَظَلُّ العِزُّ يُحفَظُ وَسطَهُ / بِسُمرِ العَوالي وَالنُفوسُ تُضَيَّعُ
مَصيفٍ مِنَ الهَيجا وَمِن جاحِمِ الوَغى / وَلَكِنَّهُ مِن وابِلِ الدَمِ مَربَعُ
عَبوسٍ كَسا أَبطالَهُ كُلَّ قَونَسٍ / يُرى المَرءُ مِنهُ وَهوَ أَفرَعُ أَنزَعُ
وَأَسمَرَ مُحمَرِّ العَوالي يَؤُمُّهُ / سِنانٌ بِحَبّاتِ القُلوبِ مُمَتَّعُ
مِنَ اللاءِ يَشرَبنَ النَجيعَ مِنَ الكُلى / غَريضاً وَيَروى غَيرُهُنَّ فَيَنقَعُ
شَقَقتَ إِلى جَبّارِهِ حَومَةَ الوَغى / وَقَنَّعتَهُ بِالسَيفِ وَهُوَ مُقَنَّعُ
لَدى سَندِبايا وَالهِضابِ وَأَرشَقٍ / وَموقانَ وَالسُمرُ اللَدانُ تَزَعزَعُ
وَأَبرَشَتَويمٍ وَالكَذاجِ وَمُلتَقى / سَنابِكِها وَالخَيلُ تَردي وَتَمزَعُ
غَدَت ظُلَّعاً حَسرى وَغادَرَ جَدُّها / جُدودَ أُناسٍ وَهيَ حَسرى وَظُلَّعُ
هُوَ الصُنعُ إِن يَعجَل فَنَفعٌ وَإِن يَرِث / فَلَلرَيثُ في بَعضِ المَواطِنِ أَسرَعُ
أَظَلَّتكَ آمالي وَفي البَطشِ قُوَّةٌ / وَفي السَهمِ تَسديدٌ وَفي القَوسِ مَنزَعُ
وَإِنَّ الغِنى لي إِن لَحَظتُ مَطالِبي / مِنَ الشِعرِ إِلّا في مَديحِكَ أَطوَعُ
وَإِنَّكَ إِن أَهزَلتَ في المَحلِ لَم تُضِع / وَلَم تَرعَ إِن أَهزَلتَ وَالرَوضُ مُمرَعُ
رَأَيتُ رَجائي فيكَ وَحدَكَ هِمَّةً / وَلَكِنَّهُ في سائِرِ الناسِ مَطمَعُ
وَكَم عاثِرٍ مِنّا أَخَذتَ بِضَبعِهِ / فَأَضحى لَهُ في قُلَّةِ المَجدِ مَطلَعُ
فَصارَ اِسمُهُ في النائِباتِ مُدافِعاً / وَكانَ اِسمُهُ مِن قَبلُ وَهوَ مُدَفَّعُ
وَما السَيفُ إِلّا زُبرَةٌ لَو تَرَكتَهُ / عَلى الخِلقَةِ الأولى لَما كانَ يَقطَعُ
فَدونَكَها لَولا لَيانُ نَسيبِها / لَظَلَّت صِلابُ الصَخرِ مِنها تَصَدَّعُ
لَها أَخَواتٌ قَبلَها قَد سَمِعتَها / وَإِن لَم تَزِع بي مُدَّةً فَسَتسَمَعُ
أَنوحَ بنَ عَمروٍ إِنَّ ما حُمَّ واقِعٌ
أَنوحَ بنَ عَمروٍ إِنَّ ما حُمَّ واقِعٌ / وَلِلأَجنُبِ المُستَعلَياتِ مَصارِعُ
أَلَم يُختَرَم عَمرٌو وَعَمرٌو فَوَدَّعا / وَلاقى الحُوَيّانِ المَنايا وَماتِعُ
فَصَبراً فَفي الصَبرِ الجَلالَةُ وَالتُقى / وَلا إِثمَ إِن خُبِّرتُ أَنَّكَ جازِعُ
فَقَد يَأجُرُ اللَهُ الفَتى وَهوَ كارِهٌ / وَما الأَجرُ إِلّا أَجرُهُ وَهوَ طائِعُ
دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ
دُموعٌ أَجابَت داعِيَ الحُزنِ هُمَّعُ / تَوَصَّلُ مِنّا عَن قُلوبٍ تَقَطَّعُ
عَفاءٌ عَلى الدُنيا طَويلٌ فَإِنَّها / تُفَرِّقُ مِن حَيثُ اِبتَدَت تَتَجَمَّعُ
تَبَدَّلَتِ الأَشياءُ حَتّى لَخِلتُها / سَتَثني غُروبَ الشَمسِ مِن حَيثُ تَطلَعُ
لَها صَيحَةٌ في كُلِّ روحٍ وَمُهجَةٍ / وَلَيسَت بِشَيءٍ ما خَلا القَلبَ تُسمِعُ
أَإِدريسُ ضاعَ المَجدُ بَعدَكَ كُلُّهُ / وَرَأيُ الَّذي يَرجوهُ بَعدَكَ أَضيَعُ
وَغودِرَ وَجهُ العُرفِ أَسوَدَ بَعدَما / يُرى وَكَأَنَّهُ كَعابٌ تَصَنَّعُ
وَأَصبَحَتِ الأَحزانُ لا لِمَبَرَّةٍ / تُسَلِّمُ شَزراً وَالمَعالي تُوَدِّعُ
وَضَلَّ بِكَ المُرتادُ مِن حَيثُ يَهتَدي / وَضَرَّت بِكَ الأَيّامُ مِن حَيثُ تَنفَعُ
وَأَضحَت قَريحاتُ القُلوبِ مِنَ الجَوى / تُقاظُ وَلَكِنَّ المَدامِعَ تُربَعُ
عُيونٌ حَفِظنَ اللَيلَ فيكَ مُجَرَّماً / وَأَعطَينَهُ الدَمعَ الَّذي كانَ يُمنَعُ
وَقَد كانَ يُدعى لابِسُ الصَبرِ حازِماً / فَقَد صارَ يُدعى حازِماً حينَ يَجزَعُ
وَقالَت عَزاءً لَيسَ لِلمَوتِ مَدفَعٌ / فَقُلتُ وَلا لِلحُزنِ لِلمَوتِ مَدفَعُ
لِإِدريسَ يَومٌ ماتَزالُ لِذِكرِهِ / دُموعٌ وَإِن سَكَّنتَها تَتَفَرَّعُ
وَلَمّا نَضا ثَوبَ الحَياةِ وَأَوقَعَت / بِهِ نائِباتُ الدَهرِ ما يُتَوَقَّعُ
غَدا لَيسَ يَدري كَيفَ يَصنَعُ مُعدِمٌ / دَرى دَمعُهُ في خَدِّهِ كَيفَ يَصنَعُ
وَماتَت نُفوسُ الغالِبِيّينَ كُلِّهِم / وَإِلّا فَصَبرُ الغالِبِيّينَ أَجمَعُ
غَدَوا في زَوايا نَعشِهِ وَكَأَنَّما / قُرَيشٌ قُرَيشٌ يَومَ ماتَ المُجَمِّعُ
وَلَم أَنسَ سَعيَ الجودِ خَلفَ سَريرِهِ / بِأَكسَفِ بالٍ يَستَقيمُ وَيَظلَعُ
وَتَكبيرُهُ خَمساً عَلَيهِ مُعالِناً / وَإِن كانَ تَكبيرَ المُصَلّينَ أَربَعُ
وَما كُنتُ أَدري يَعلَمُ اللَهُ قَبلَها / بِأَنَّ النَدى في أَهلِهِ يَتَشَيَّعُ
وَقُمنا فَقُلنا بَعدَ أَن أُفرِدَ الثَرى / بِهِ ما يُقالُ في السَحابَةِ تُقلِعُ
أَلَم تَكُ تَرعانا مِنَ الدَهرِ إِن سَطا / وَتَحفَظُ مِن آمالِنا ما يُضَيَّعُ
وَتَلبَسُ أَخلاقاً كِراماً كَأَنَّها / عَلى العِرضِ مِن فَرطِ الحَصانَةِ أَدرُعُ
وَتَبسُطُ كَفّاً في الحُقوقِ كَأَنَّما / أَنامِلُها في البَأسِ وَالجودِ أَذرُعُ
وَتَربُطُ جَأشاً وَالكُماةُ قُلوبُهُم / تَزَعزَعُ خَوفاً مِن سُيوفٍ تَتَزَعزَعُ
وَأُمنِيَّةُ المُرتادِ تُحضِرُكَ النَدى / فَيَشفَعُ في مِثلِ المَلا فَيُشَفَّعُ
فَأُنطِقَ فيها حامِدٌ وَهوَ مُفحَمٌ / وَأُفحِمَ فيها حاسِدٌ وَهوَ مِصقَعُ
أَلا إِنَّ في ظُفرِ المَنِيَّةِ مُهجَةً / تَظَلُّ لَها عَينُ العُلى وَهيَ تَدمَعُ
هِيَ النَفسُ إِن تَبكِ المَكارِمُ فَقدَها / فَمِن بَينِ أَحشاءِ المَكارِمِ تُنزَعُ
أَلا إِنَّ أَنفاً لَم يَعُد وَهوَ أَجدَعٌ / لِفَقدِكَ عِندَ المَكرُماتِ لَأَجدَعُ
وَإِنَّ اِمرِءاً لَم يُمسِ فيكَ مُفَجَّعاً / بِمَجلودِهِ في عَقلِهِ لَمُفَجَّعُ
أَصَمَّ بِكَ الناعي وَإِن كانَ أَسمَعا
أَصَمَّ بِكَ الناعي وَإِن كانَ أَسمَعا / وَأَصبَحَ مَغنى الجودِ بَعدَكَ بَلقَعا
لِلَحدِ أَبي نَصرٍ تَحِيَّةُ مُزنَةٍ / إِذا هِيَ حَيَت مُمعِراً عادَ مُمرِعا
فَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَشبَهَ ساعَةً / بِيَومي مِنَ اليَومِ الَّذي فيهِ وَدَّعا
مَصيفٌ أَفاضَ الحُزنُ فيهِ جَداوِلاً / مِنَ الدَمعِ حَتّى خِلتُهُ عادَ مَربَعا
وَوَاللَهِ لا تَقضي العُيونُ الَّذي لَهُ / عَلَيها وَلَو صارَت مَعَ الدَمعِ أَدمُعا
فَتىً كانَ شَرباً لِلعُفاةِ وَمَرتَعاً / فَأَصبَحَ لِلهِندِيَّةِ البيضِ مَرتَعا
فَتىً كُلَّما اِرتادَ الشُجاعُ مِنَ الرَدى / مَفَرّاً غَداةَ المَأزَقِ اِرتادَ مَصرَعا
إِذا ساءَ يَومٌ في الكَريهَةِ مَنظَراً / تَصَلّاهُ عِلماً أَن سَيَحسُنُ مَسمَعا
فَإِن تُرمَ عَن عُمرٍ تَدانى بِهِ المَدى / فَخانَكَ حَتّى لَم يَجِد فيكَ مَنزَعا
فَما كُنتَ إِلّا السَيفَ لاقى ضَريبَةً / فَقَطَّعَها ثُمَّ اِنثَنى فَتَقَطَّعا
أَلا صَنَعَ البَينُ الَّذي هُوَ صانِعُ
أَلا صَنَعَ البَينُ الَّذي هُوَ صانِعُ / فَإِن تَكُ مِجزاعاً فَما البَينُ جازِعُ
هُوَ الرَبعُ مِن أَسماءَ وَالعامُ رابِعٌ / لَهُ بِلِوى خَبتٍ فَهَل أَنتَ رابِعُ
أَلا إِنَّ صَبري مِن عَزائي بَلاقِعٌ / عَشِيَّةَ شاقَتني الدِيارُ البَلاقِعُ
كَأَنَّ السَحابَ الغُرَّ غَيَّبنَ تَحتَها / حَبيباً فَما تَرقا لَهُنَّ مَدامِعُ
رُبىً شَفَعَت ريحُ الصَبا لِرِياضِها / إِلى الغَيثِ حَتّى جادَ وَهوَ هَوامِعُ
فَوَجهُ الضُحى غَدواً لَهُنَّ مُضاحِكٌ / وَجَنبُ النَدى لَيلاً لَهُنَّ مُضاجِعُ
كَساكِ مِنَ الأَنوارِ أَصفَرُ فاقِعٌ / وَأَبيَضُ ناصِعٌ وَأَحمَرُ ساطِعُ
لَئِن كانَ أَمسى شَملُ وَحشِكِ جامِعاً / لَقَد كانَ لي شَملٌ بِأُنسِكِ جامِعُ
أُسيءُ عَلى الدَهرِ الثَناءَ فَقَد قَضى / عَلَيَّ بِجَورٍ صَرفُهُ المُتَتابِعُ
أَيُرضِخُنا رَضخَ النَوى وَهوَ مُصمِتٌ / وَيَأكُلُنا أَكلَ الدَبا وَهوَ جائِعُ
وَإِنّي إِذا أَلقى بِرَبعِيَ رَحلَهُ / لِأُذعِرُهُ في سِربِهِ وَهوَ راتِعُ
أَبو مَنزِلِ الهَمِّ الَّذي لَو بَغى القِرى / لَدى حاتِمٍ لَم يُقرِهِ وَهوَ طائِعُ
إِذا شَرَعَت فيهِ اللَيالي بِنَكبَةٍ / تَمَزَّقَ عَنهُ وَهوَ في الشَرعِ شارِعُ
وَإِن أَقدَمَت يَوماً عَلَيهِ رَزِيَّةٌ / تَلَقّى شَباها وَهوَ بِالصَبرِ دارِعُ
لَهُ هِمَمٌ ما إِن تَزالُ سُيوفُها / قَواطِعَ لَو كانَت لَهُنَّ مَقاطِعُ
أَلا إِنَّ نَفسَ الشِعرِ ماتَت وَإِن يَكُن / عَداها حِمامُ المَوتِ فَهيَ تُنازِعُ
سَأَبكي القَوافي بِالقَوافي فَإِنَّها / عَلَيها وَلَم تَظلِم بِذاكَ جَوازِعُ
أَراعي ضَلالاتِ المُروءَةِ مُهمَلٌ / وَحافِظُ أَيّامِ المَكارِمِ ضائِعُ
وَعاوٍ عَوى وَالمَجدُ بَيني وَبَينَهُ / لَهُ حاجِزٌ دوني وَرُكنٌ مُدافِعُ
تَرَقَّت مُناهُ طَودَ عِزٍّ لَوِ اِرتَقَت / بِهِ الريحُ فِتراً لَاِنثَنَت وَهيَ ظالِعُ
أَنا اِبنُ الَّذينَ اِستُرضِعَ الجودُ فيهِمُ / وَسُمِّيَ فيهِم وَهوَ كَهلٌ وَيافِعُ
سَما بِيَ أَوسٌ في السَماءِ وَحاتِمٌ / وَزَيدُ القَنا وَالأَثرَمانِ وَرافِعُ
وَكانَ إِياسٌ ما إِياسٌ وَعارِقٌ / وَحارِثَةٌ أَوفى الوَرى وَالأَصامِعُ
نُجومٌ طَواليعٌ جِبالٌ فَوارِعُ / غُيوثٌ هَوامِيعٌ سُيولٌ دَوافِعُ
مَضَوا وَكَأَنَّ المَكرُماتِ لَدَيهِمُ / لِكَثرَةِ ما أَوصَوا بِهِنَّ شَرائِعُ
فَأَيُّ يَدٍ في المَجدِ مُدَّت فَلَم تَكُن / لَها راحَةٌ مِن جودِهِم وَأَصابِعُ
هُمُ اِستَودَعوا المَعروفَ مَحفوظَ مالِنا / فَضاعَ وَما ضاعَت لَدَينا الوَدائِعُ
بَهاليلُ لَو عايَنتَ فَضلَ أَكُفِّهِم / لَأَيقَنتَ أَنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ
إِذا خَفَقَت بالبَذلِ أَرواحُ جودِهِم / حَداها النَدى وَاِستَنشَقَتها المَطامِعُ
رِياحٌ كَريحِ العَنبَرِ المَحضِ في النَدى / وَلَكِنَّها يَومَ اللِقاءِ زَعازِعُ
إِذا طَيِّئٌ لَم تَطوِ مَنشورَ بَأسِها / فَأَنفُ الَّذي يُهدى لَها السُخطُ جادِعُ
هِيَ السُمُّ ما يَنفَكُّ في كُلِّ بَلدَةٍ / تَسيلُ بِهِ أَرماحُهُم وَهوَ ناقِعُ
أَصارَت لَهُم أَرضَ العَدُوِّ قَطائِعاً / نُفوسٌ لِحَدِّ المُرهَفاتِ قَطائِعُ
بِكُلِّ فَتىً ما شابَ مِن رَوعِ وَقعَةٍ / وَلَكِنَّهُ قَد شِبنَ مِنهُ الوَقائِعُ
إِذا ما أَغاروا فَاِحتَوَوا مالَ مَعشَرٍ / أَغارَت عَلَيهِم فَاِحتَوَتهُ الصَنائِعُ
فَتُعطي الَّذي تُعطيهِمُ الخَيلُ وَالقَنا / أَكُفٌّ لِإِرثِ المَكرُماتِ مَوانِعُ
هُمُ قَوَّموا دَرءَ الشَآمِ وَأَيقَظوا / بِنَجدٍ عُيونَ الحَربِ وَهيَ هَواجِعُ
يَمُدّونَ بِالبيضِ القَواطِعِ أَيدِياً / وَهُنَّ سَواءٌ وَالسُيوفُ القَواطِعُ
إِذا أَسَروا لَم يَأسِرِ البَأسُ عَفوَهُم / وَلَم يُمسِ عانٍ فيهِمُ وَهوَ كانِعُ
إِذا أَطلَقوا عَنهُ جَوامِعَ غُلِّهِ / تَيَقَّنَ أَنَّ المَنَّ أَيضاً جَوامِعُ
وَإِن صارَعوا في مَفخَرٍ قامَ دونَهُم / وَخَلفَهُمُ بِالجَدِّ جَدٌّ مُصارِعُ
عَلَوا بِجُنوبٍ موجِداتٍ كَأَنَّها / جُنوبُ فُيولٍ ما لَهُنَّ مَضاجِعُ
كَشَفتُ قِناعَ الشِعرِ عَن حُرِّ وَجهِهِ / وَطَيَّرتُهُ عَن وَكرِهِ وَهوَ واقِعُ
بِغُرٍّ يَراها مَن يَراها بِسَمعِهِ / فَيَدنو إِلَيها ذو الحِجى وَهوَ شاسِعُ
يَوَدُّ وِداداً أَنَّ أَعضاءَ جِسمِهِ / إِذا أُنشِدَت شَوقاً إِلَيها مَسامِعُ
تُحاوِلُ شَيئاً قَد تَوَلّى فَوَدَّعا
تُحاوِلُ شَيئاً قَد تَوَلّى فَوَدَّعا / وَهَيهاتَ مِنهُ أَن يَعودَ فَيَرجِعا
خَشُنتَ عَلى التَأديبِ فَهماً وَمَنطِقاً / وَلِنتَ عَلى الأَيّامِ ليتاً وَأَخدَعا
وَأَقبَلَتِ الأَيّامُ تَرتادُ مَصرَعاً / لِجَنبِكَ فَاِرتَد إِذ تَيَقَّنتَ مَضجَعا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025