المجموع : 4
أَلا حَيِّيا بِالتَلِّ أَطلالَ دِمنَةٍ
أَلا حَيِّيا بِالتَلِّ أَطلالَ دِمنَةٍ / وَكَيفَ تُحَيّا المَنزِلاتُ البَلاقِعُ
حَنَنتُ غَداةَ البَينِ مِن لَوعَةِ الهَوى / كَما حَنَّ مَقصورٌ لَهُ القَيدُ نازِعُ
وَظَلَّت لِعَيني قَطرَةٌ مَرَحَت بِها / عَلى الجَفنِ حَتّى قَطرُها مُتَتابِعُ
وَلَيسَ بِناهي الشَوقِ عَن ذي صَبابَةٍ / تَذكَّرَ إِلفاً أَن تَفيضَ المَدامِعُ
وَقَد لَحَّ هَذا النَأيُ حَتّى تَقَطَّعَت / حِبالُ الهَوى وَالنَأيُ لِلوَصلِ قاطِعُ
وَما أَكثَرَ التَعويلُ إِلّا لَجاجَةٌ / وَما السِرُّ بَينَ الناسِ إِلّا وَدائِعُ
تقولُ بِمِرجِ الدَيرِ إِذ هي صُحبَتي / تَعَزَّ وَقَد أَيقَنتُ أَنّي جازِعُ
وَما مُغزِلٌ أَدماءُ مَرتَعُ طِفلِها / أَراكٌ وَسِدرٌ بِالمِراضَينِ يانِعُ
بِأَحسَنَ مِنها إِذ تَقولُ لِتربِها / سَليهِ يُخَبِّرنا مَتى هُوَ راجِعُ
فَقُلتُ لَها وَاللَهِ ما مِن مُسافِرٍ / يُحيطُ لَهُ عِلمٌ بِما اللَهُ صانِعُ
فَصَدَّت كَما صَدَّت شَموسُ جِبالُها / مَدى الفَوتِ لَم تَقدِر عَلَيها الأَصابِعُ
وَقالَت لَقَد بَلّاكَ أَن لَستُ زائِلاً / يَجوبُ بِكَ الحِزقَ القِلاصُ الخَواضِعُ
فَقُلتُ لَها الحاجاتُ يَطلُبُها الفَتى / فَعُذرٌ يُلاقي بَعدَها أَو مَنافِعُ
أَقولُ لِنَدمانَيَّ وَالحُزنُ دونَنا / وَشُمُّ العَوالي مِن جُفافٍ فَوارِعُ
أَنارٌ بَدَت بَينَ المَسَنّاةِ وَالحِما / لِعَينِكَ أَم بَرقٌ تَلَألَأَ لامِعُ
فَإِن تَكُ ناراً فَهيَ نارٌ يَشُبُّها / قَلوصٌ وَتَزهاها الرِياحُ الزَعازِعُ
وَإِن يَكُ بَرقاً فَهوَ بَرقُ سَحابَةٍ / لَها رَيِّقٌ لَن يُخلِفَ الشَيمَ رائِعُ
أَلَم تَعلَمي أَنَّ الفُؤادَ يُصيبُهُ / لِذِكراكِ أَحياناً عَلى النَأيِ صادِعُ
فَيَلتاثُ حَتّى يَحسِبَ القَومُ أَنَّهُ / بِهِ وَجَعٌ أَو أَنَّهُ مُتَواجِعُ
سَقَتكِ السَواقي المُدجِناتُ عَلى الصَبا / أَثيبي مُحِبّاً قَبلَ ما البَينُ صانِعُ
فَقَد كُنتِ أَيّامَ الفراقِ قَريبَةً / مُجاوِرَةً لَو أَنَّ قُربَكِ نافِعُ
وَقَد زَعَمَت أُمُّ المُهَنَّدِ أَنَّني / كَبِرتُ وَأَنَّ الشَيبَ في الرَأسِ شائِعُ
وَما تِلكَ إِلّا رَوعَةٌ في ذُؤابَتي / وَأَيُّ فَتاءٍ لَم تُصِبهُ الرَوائِعُ
وَإِنّي وَإِن شابَت مَفارِقُ لِمَّتي / لَكالسَيفِ أَفنى جَفنُهُ وَهُوَ قاطِعُ
يُصانُ إِذا ما السِلمُ أَدجى قِناعَهُ / وَقَد جُرِّبَت في الحَربِ مِنهُ الوَقائِعُ
وَلَستُ بِجَثّامٍ يَبيتُ وَهَمُّهُ / قَصيرٌ وَإِن ضاقَت عَلَيهِ المَضاجِعُ
إِذا اِعتَنَقَتني بَلدَةٌ لَم أَكُن لَها / نَسيباً وَلَم تُسدَف عَلَيَّ المَطالِعُ
وَظَلماءَ مِذكارٍ كَأَنَّ فُروجَها / قَبائِلُ مِسحٍ أَترَصَتهُ الصَوانِعُ
نَصَبتُ لَها وَجهي وَصَدرَ مَطِيَّتي / إِلى أَن بَدا ضَوءٌ مِنَ الصُبحِ ساطِعُ
لِأُبلِيَ عُذراً أَو لِأَسمَعَ حُجَّةً / عُنيتُ بِها وَالمُنكِرُ الضَيمَ دافِعُ
وَكُنتُ اِمرَءاً مِن خَيرِ جَحوانَ عُطِّفَت / عَلَيَّ الرَوابي مِنهُمُ وَالفَوارِعُ
نَمَتني فُروعٌ مِن دِثارِ بِنِ فَقَعَسٍ / وَمَن نَوفَلٍ تِلكَ الرُؤوسُ الجَوامِعُ
فَيا أَيُّها القَومُ الأُلى يَنبَحونَني / كَما نَبَحَ اللَيثَ الكِلابُ الضَوارِعُ
فَلا اللَهُ يَشفي غَيظَ ما في صُدورِهُم / وَلا أَنا إِن باعَدتُمُ الوُدَّ تابِعُ
وَإِنّي عَلى مَعروفِ أَخلاقِيَ الَّتي / أُزايِلُ مِن أَلقابِها وَأُجامِعُ
لَذو تُدراءٍ لا يَغمِزُ القَومُ عَظمَهُ / بِضَعفٍ وَلا يَرجونَ ما هُوَ مانِعُ
وَما قَصَّرَت بي هِمَّتي دونَ رَغبَةٍ / وَلا دَنَّسَتني مُذ نَشَأتُ المَطامِعُ
وَإِنّي إِذا ضاقَت عَلَيكُم بُيوتُكُم / لَيَعلَمُ قَومي أَنَّ بَيتِيَ واسِعُ
فَيَلجَأُ جانيهِم إِلَينا وَتَنتَهي / إِلَينا النُهى مِن أَمرِهِم وَالدَسائِعُ
وَما مِن بَديعاتِ الخَلائِقِ مُخزِياً / إِذا كَثُرَت في المُحدَثينَ البَدائِعُ
وَما لامَ قَومي في حِفاظٍ شَهِدتُهُ / نِضالي إِذا لَم يَأتَلِ الغَلوَ فازِعُ
وَمازِلتُ مَحمولاً عَلَيَّ ضَغينَةً / وَمُطَّلَعُ الأَضغانِ مُذ أَنا يافِعُ
إِلى أَن مَضَت لِيَ أربَعونَ وَجُرِّبَت / طَبيعَةُ صُلبٍ حينَ تُبلى الطَبائِعُ
جَرَيتُ أَفانينَ الرِهانِ فَما جَرى / مَعي مُعجَبٌ إِلّا اِنتَهى وَهُوَ ظالِعُ
لَنا مَعقِلٌ في كُلِّ يَومِ حَفيظَةٍ / إِذا بَلَغَت طولَ القُنَيِّ الأَساجِعُ
وَقائِد دَهمٍ قَد حَوَتهُ رِماحُنا / أَسيراً وَلَم يَحوينَهُ وَهُوَ ظالِعُ
فَلِلسَيِئِ في أَطلالِهِنَّ مَهابَةٌ / وَلِلقَومِ في أَطرافِهِنَّ مَصارِعُ
لِقَومي عَلَيَّ الطَولُ وَالفَضلُ إِنَّني / إِذا جَمَعَتني وَالخُطوبُ المَجامِعُ
وَهُم عُدَّتي في كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ / وَأَقرانُ أَقراني الَّذين أُصارِعُ
خُلِقنا تِجاراً بِالطِعانِ وَلَم نَكُن / تِجارَ مُلاءٍ نَشتَري وَنُبايِعُ
أَرِقتُ بِأَرضِ الغَورِ مِن ضَوءِ بارِقٍ
أَرِقتُ بِأَرضِ الغَورِ مِن ضَوءِ بارِقٍ / سَرى مَوهِناً في عارِضٍ مُتَتايِعِ
يُضيءُ لَنا وَالغَورُ دونَ رِحالِنا / خَزازَ فَأَعلى مَنعَجٍ فَمُتالِعِ
كَأَنَّ سَناهُ ذَبُّ أَبلَقَ يَتَّقي / أَذى البَقِّ عَن أَقرابِهِ بِالأَكارِعِ
فَبِتُّ وَلَم يَشعُر بِذاكَ صَحابَتي / مَريضاً لِعِدّاتِ الهُمومِ النَوازِعِ
وَهَل يُمرِضُ الهَمُّ الفَتى عِندَ رَحلِهِ / أَمونُ السُرى كَالمُحنَقِ المُتَدافِعِ
غُرَيرِيَّةُ الأَعراقِ مُفرَعَةُ القَرى / جُمالِيَّةٌ أَدماءُ مَجرى المَدامِعِ
نَهوزٌ بِلِحيَيها إِذا الأَرضُ رَقرَقَت / نَضايِضَ ضَحضاحٍ مِنَ الأَرضِ مائِعِ
لَقَد طَرَقَتنا أُمُّ بَكرٍ وَدونَنا / مَراحٌ وَمَغدىً لِلقِلاصِ الضَوابِعِ
بِريحِ خُزامى طَلَّةٍ نَفَحَت بِها / مِنَ اللَيلِ هَبّاتُ الرِياحِ الزَعازِعِ
وَكَيفَ اِهتَدَت تَسري لِنَقضٍ رَذِيَّةٍ / وَطَلحٍ بِأَعلى ذي أَطاويحِ هاجِعِ
سَرى مَوهِناً مِن لَيلَةٍ ثُمَّ وَقَّعَت / بِأَصحابِهِ عيدِيَّةٌ كَالشَراجِعِ
مُعَرَّقَةُ الأَوصالِ أَفنى عَريكَها / رُكودُ رِحالِ العيسِ فَوقَ البَراذِعِ
بِيَهماءَ ما لِلرَكبِ فيها مُعَرَّجٌ / عَلى ما أَسافوا مِن حَسيرٍ وَطالِعِ
فَلَّما اِستَهَبَّ الرَكبُ وَاللَيلُ مُلبِسٌ / طِوالَ الرَوابي وَالرِعانِ الفَوارِعِ
قَبَضنَ بِنا قَبضَ القَطا نُصِبَت لَهُ / شِباكٌ فَنَجّى بَينَ مُقصٍ وَقاطِعِ
ذَكَرتَ الهَوى إِذ لا تُفَزِّعُكَ النَوى / وَإِذ دارُ لَيلى بِالأَميلِ فَشارِعِ
وَما هاجَ دَمعَ العَينِ مِن رَسمِ مَنزِلٍ / مَرَتهُ رِياحُ الصَيفِ بَعدَ المَرابِعِ
خَلاءٌ بِوَعساءِ الأَميلِ كَأَنَّهُ / سُطورٌ وَخَيلانٌ بِتِلكَ الأَجارِعِ
وَمَولىً قَد اِستَأنَيتُهُ وَلَبِستُهُ / عَلى الظَلعِ حَتّى عادَ لَيسَ بِظالِعِ
عَرَضتُ أَناتي دونَ فارِطِ جَهلِهِ / وَلَم أَلتَمِس عَيباً لَهُ في المَجامِعِ
وَلَو رابَهُ رَيبٌ مِنَ الناسِ لَم أَكُن / مَعَ المُجلِبِ المُزري بِهِ وَالمُشايِعِ
وَكائِن تَرى مِن مُعجَبٍ قَد حَمَلتُهُ / عَلى جَهدِهِ حَتّى جَرى غَيرَ وادِعِ
ثَنَيتُ لَهُ بَينَ التَأَنّي بِصَكَّةٍ / تُفادي شُؤونَ الراسِ بَينَ المَسامِعِ
فَلَمّا أَبى إِلّا اِعتِراضاً صَكَكتُهُ / جِهاراً بِإِحدى المُصمِتاتِ القَوارِعِ
فَأَقصَرَ عَنّي اللاحِظونَ وَغِشُّهُم / مَكانَ الجَوى بَينَ الحَشا وَالأَضالِعِ
إِذا أَقبَلوا أَبصَرتَ داءَ وُجوهِهِم / وَإِن أَدبَروا وَلَّوا مِراضَ الأَخادِعِ
عَجِبتُ لِأَقوامٍ تَناسَيتُ جَهلَهُم / مُحاوَلَةَ البُقيا وَحُسنَ الصَنائِعِ
وَقُلتُ لَهُم لا تَسأَموا صُلحَ قَومِكُم / وَلا العَيشَ في ثَوبٍ مِنَ الأَمنِ واسِعِ
فَمازالَ فَرطُ الجَهلِ عَنهُم وَمَشيُهُم / إِلى البَغيِ في أَكنافِهِم وَالقَطائِعِ
وَمازالَ فَرطُ الجَهلِ حَتّى رَأَيتُهُم / يَفُرّونَ سِنَّ الأَزلَمِ المُتَجاذِعِ
وَحَتّى رُموا بِالمُفظِعاتِ وَأَشمَتوا / بِهِم كَلَّ راءٍ مِن مَعَدٍّ وَسامِعِ
فَلَمّا اِستَذاقوا شَربَةَ الحُبِ وَاِبتَلوا / مَرارَتَها كانوا لِئامَ الطَبائِعِ
عَباهيلُ لا يَدرونَ ما غَورُ هَفوَةٍ / وَلا غِبُّ أَمرٍ يَحفظُ القَومَ رائِعِ
وَلَو صَدَقتَهُم أَنفُسُ الغِشِّ بَيّنَت / لَهُم أَنَّني مُستَضلِعٌ لِلمُقارِعِ
أَخو الحَربِ لَبّاسٌ لَها أَدَواتِها / إِذا الوَغلُ لَم يَلبَس أَذاةَ المُنازِعِ
وَقورٌ عَلى مَكروهَها مُتَحَرِفٌ / لِأَيّامِها مُستَأنِسٌ لِلمَطالِعِ
عَلى دُبُرٍ مِن آخِرِ الأَمرِ تابِعِ /
وَداعٍ إِلى غَيرِ السَدادِ وَرافِدٍ / عَلى الغَيِّ رِفداً غَيُّهُ غَيرُ نافِعِ
وَمُحتَلِبٍ حَربَ العَشيرَةِ أُنهِلَت / لَهُ بِصُراحِيٍّ مِنَ السُمِّ ناقِعِ
خذوا الحقَّ لا أعطيكمُ اليوم غيرهُ
خذوا الحقَّ لا أعطيكمُ اليوم غيرهُ / وللحقِّ إن لم تقبلوا الحقَّ تابِعُ
فلا الضيَّم أعطيكم من أجل وعيدكم / ولا الحقَّ من بغضائكُم أنا مانِعُ
فلم أر مثلَ الحقَّ يمنعهُ امرؤٌ / ولا الضيَّمَ يأتيه امرؤٌ وهو طائِع
متى ما يكُن مولاك خصمَك جاهداً / تضِلَّ ويَصرَعكَ الذينَ تُصارِعُ
من مُبلِغٌ عُليا معَدٍّ وطيئا
من مُبلِغٌ عُليا معَدٍّ وطيئا / وكِندةَ من أصغى لها وتسَمَّعا
أبت أمُّ دينار فأصبح فرجُها / حصاناً وقلدتم قلائد قوزعا
خذوا العقل إن أعطاكُم العقل قومكم / وكونوا كمن سيم الهوان فأرتعا
ولا تكثروا فيها الضجاج فإنهُ / محا السيفُ ما قال ابن دارة أجمَعا
فمهما تشأ منه فزارة تعطِكُم / ومهما تشأ منه فزارة تمنَعا