المجموع : 4
سَقَى دارَهُمْ هامٍ منَ السُّحْبِ هامِعُ
سَقَى دارَهُمْ هامٍ منَ السُّحْبِ هامِعُ / ولا أجْدَبَتْ تِلكَ الرُّبَى والأجارِعُ
يَنوبُ عنِ الأجْفانِ في عَرَصاتِها / إذا كَلَّ منْها عارِضٌ مُتَتابِعُ
وحَيَّ بِها عهْدِي إذِ العيْشُ ناعِمٌ / نَضيرٌ وإذْ روْضُ الشّبيبةِ يانِعُ
وقَفْنا علَيها الرَّكْبَ يوْماً وبعْدَهُ / وثالِثَ يوْمٍ واقْتَضى السّيْرَ رابِعُ
نُعَفِّرُ في الآثارِ حُرَّ خُدودِنا / ونَشْكو الى الأطْلالِ ما البَيْنُ صانِعُ
فكمْ قدْ روَتْ عنّا بِها تِلكُمُ الرُّبَى / أحاديثَ شكْوَى سَلسَلَتْها المَدامِعُ
مَعاهِدَنا اللاّتِي محَتْ حُسْنَكِ النّوَى / تُرَى هلْ لَيالِي الأنْسِ منْكِ تُراجِعُ
ويَسْكُنُ قلْبٌ منْ بِعادِكِ خافِقٌ / ويَرْفأ جَفْنٌ منْ فِراقِكِ دامِعُ
يَميناً بعَهْدِ القُرْبِ فيكِ إذِ الهَوى / قَشيباً وإذْ شمْلَ الأحبّةِ جامِعُ
لَمَا خامَرَ السَّلْوانُ بعْدُ قُلوبَنا / ولا عرَفَتْ مِنّا الجُنوبَ المَضاجعُ
وإنّا لَيَعْرونا إليْكِ تَشَوُّقٌ / إذا لاحَ برْقٌ منْ ثَناياكِ لامِعُ
ومِنْ عجَبٍ أنْ خانَنا فيكِ عزْمُنا / فَلا العَهْدُ مَنْسيٌّ ولا الحيُّ شاسِعُ
وما إنْ تَنَكَّبْنا الوَفاءَ طَريقَةً / ولا برِحَتْ تَحْنو علَيْهِ الأضالِعُ
ولكِنّنا جِئْنا منَ الأرْضِ جنّةً / بِها للعِبادِ الفائِزينَ مَشارِعُ
فأبْصارُنا وقْفٌ علَى كلِّ منْظَرٍ / يَروقُ وفِيها ما تلَذّ المَسامِعُ
ومَنْ حَلَّ هَذا المُلْكَ لمْ يَبْغ بعْدَهُ / رَحيلاً ولمْ ينْزِعْ بِهِ عنْهُ نازِعُ
حلَلْنا منَ الأنْصارِ حيّاً بنُورِهِ / أضاءَت لأرْبابِ اليَقينِ المَطالِعُ
وغَاباً لأُسْدِ اللّهِ دونَ مَرامِهِ / جُنودُ السّماواتِ الطِّباقِ تُدافِعُ
وإنْ غالَ خطْبُ فهْوَ مأْوَى منَ الرّدَى / وإنْ هالَ ذنْبٌ فهْوَ في الذّنْبِ شافِعُ
وفاضَتْ علَيْنا منْ مَواهِبِ يوسُفٍ / بِحارٌ لغُلاّتِ الظَّماءِ نَواقِعُ
ولاحَتْ لَنا منْ بِشْرِهِ ونَوالِهِ / سَحائِبُ تَهْمي والشُموسُ طَوالِعُ
فلمْ نَرَ منْ قبْلِ اسْتِلامِ يَمينِه / بِحارَ نَوالٍ قِيلَ هُنّ أصابعُ
ألا هَكذا فلْيُحْرِز المَجْدَ ربُّهُ / وتُبْنى المَعالي أوْ تُرَبّى الصّنائِعُ
أميرَ العُلَى لوْلاكَ لمْ تنْبُ رَوْعَةٌ / ولمْ تَعْرِف النّوْمَ العُيونُ الهَواجِعُ
ولا سُكِنَتْ هَذِي الجَزيرةُ بُرْهَةً / وأصْبَحَتِ الأوْطانُ وهْيَ بلاقِعُ
ولا عُرِفَ الحقُّ المُبينُ من الهَوى / ولا مثَلَتْ للسّالِكين المَهايِعُ
ولمّا استَشاطَ الكُفْرُ بيْنَ بلادِها / وقادَتْهُ لاستِئْصالِهنّ المَطامِعُ
أعَدَّك فِيها اللهُ تنْصُرُ دينَهُ / وتَصْدَعُ بالحقِّ الذي هوَ صادِعُ
وتَمْضي كَما يمْضي القَضاءُ بقُدْرَةٍ / منَ اللهِ لا يُلْفَى لَها الدّهْرَ دافِعُ
وكتّبْتَ منْ أُسْد الحِفاظِ كَتائِباً / إذا ثوّبَ الدّاعي أتَتْهُ تُسارِعُ
إذا سحَبوا ذَيْلَ الدّروعِ إلى الوَغَى / كما تسْحَبُ السُّحْبَ البُدورُ الطّوالِعُ
تحرّكَتِ الأجْيالُ واشْتَعَلَ الفَلا / وزُلْزِلَ منْ هَذي البَسيطةِ وادِعُ
وأعْدَدْتَ منْ غُرِّ الجِيادِ صَوافِنا / تَغارُ بأدْناهَا البُروقُ اللّوامِعُ
مُطَهّمَةً جُرداً لها منْ دَمِ العِدَى / شِياتٌ ومنْ نسْجِ القَتامِ البَراقِعُ
ومُنْصَلِتٌ كالصُّبْحِ أشهَبُ ساطِعٌ / وأحْمَرُ وردِيٌّ وأصْفَرُ فاقِعُ
لدَيْهِنّ منْ رألِ الرِّمالِ إذا انثَنَتْ / تَليلُ ومِنْ ظَبْي الفَلاةِ أَسارِعُ
وثقّفْتَ منْ سُمْرِ الرِّماحِ ذَوابِلاً / بأقْلامِها فِيهِمْ تُخَطُّ الوَقائِعُ
فأصْبَحَ جمْعُ الكُفْرِ دونَ نِزالِها / كَما تتْرُكُ النّبْتَ الهَشيمَ الزّعازِعُ
يؤَمِّلُ بالسِّلْمِ انتِظامَ شَتاتِهِ / وهيْهاتَ يُرْجى وصْلُ ما اللهُ قاطِعُ
فبابُكَ مرْجُوٌّ وبأسُكَ مُتّقَى / ورِفْدُكَ مَبْذولٌ وعدْلُكَ شائعُ
ومُلْكُكَ منْصورٌ وحِزْبُكَ غالِبٌ / وسيْفُكَ آنافَ الضّلالَةِ جادِعُ
لكَ اللهُ ما أمْضى سُيوفَك كلّما / تَواقَعَ منْ مُرّ الحَوادِثِ واقِعُ
ومَنْ ذَا لهُ جَدٌّ كجَدِّكَ أوْ أبٌ / إذا عدّدَتْ آباءَهُنّ التّبابِعُ
لقدْ أبْصَرَتْ منْكَ النّواظِرُ مِلأَها / غَداةَ بَدا منْ غُرّةِ العِيدِ طالِعُ
برَزْتَ على رجْلِ الجَلالِ الى التي / تُرَفِّعُ منْ مَثْواكَ ما اللهُ رافِعُ
وأحْيَيْتَ للدّينِ الحَنيفِ شَرائِعاً / بأنْصارِ دينِ اللهِ تُحْيَى الشّرائِعُ
وقد زَحَفتْ يُعْشِي العيونَ رُواؤُها / صُفوفٌ من الفُرْسانِ وهْيَ دَوارِعُ
فلمّا قضَيْتَ العيدَ سُنّةَ نحْرِهِ / وأُطعِمَ مُعْتَرُّ هُناك وقانِعُ
رَجعتَ الى دارِ الخِلافةِ والعُلَى / فضاءَتْ بنورِ الهَديِ تلكَ المَرابعُ
وعرّضْتَ للتّقْبيلِ كَفاً كريمةً / تَفيضُ على الطُّلاّبِ منها ينابِعُ
وذاعَتْ بروْضِ المدْحِ فيكَ مدائِحٌ / كما ذاعَ منْ أنفاسِ دارينَ ذائِعُ
فيَهْنيكَ في الأعْيادِ أسْعَدُ قادِمٍ / يخبِّرُ أنّ الفَتْحَ منْ بعْدُ تابعُ
أطلّ فحيّانا بطَلِّ سُرورِه / لقد عذُبَتْ منْهُ لَدَيْنا المَواقِعُ
فدُمْ ملْجَأ للدّينِ تَحْمي ذِمارَهُ / إذا دهَمَتْ يوْماً بَنيهِ المَفازِعُ
كأن بكَ قد أحْرَزْتَ كلَّ ممَنّعٍ / بَعيدٍ فلمْ يمْنَعْهُ دونَكَ مانِعُ
وأصبحَ مُلْكُ الرّومِ نهْباً وأصبحَتْ / تحَكَّمُ في غُلْبِ الرِّقابِ الجَوامِعُ
ودانَتْ لكَ الدُنيا وأصْبَح شمْلُها / بُعَيْدَ افتِراقٍ وهْوَ بالدّينِ جامِعُ
وإنّي لأرْجو اللهَ حتّى كأنّني / أرى بجَميلِ الظّنِّ ما اللهُ صانِعُ
لَعَلّ خَيالاً منْكَ يطْرُقُ مَضْجَعي
لَعَلّ خَيالاً منْكَ يطْرُقُ مَضْجَعي / وإنْ ضَلّ يهْدِيهِ الأنينُ لمَوْضِعي
تَصَدّقْ بهِ وابْعَثْهُ في سِنَةِ الكَرى / وما شِئْتَهُ منْ بعْدِ ذالكَ فاصْنَعِ
وإنْ عادَ فاسْألْهُ يُجِبْكَ بِما يَرى / لعلّك تَرْثي أوْ لعلّكَ تقنَعُ
وإلاّ فمُنَّ لي بأيْسَرِ نائِلِ / بأنْ أشْتَكي وجْدي إلَيْكَ وتَسمَعُ
عرَفْتُ الهَوى حُلْواً ومُرّاً مذاقُهُ / وما صادِقٌ في حُبِّه مثلُ مُدّعي
فما ذُقْتُ أشْهى منْ مُشاهَدَةِ النّوَى / وأعظَمُ منْ بيْنِ الحَبيبِ المُوَدِّعِ
ولمْ أنْسَ إذ عانَقْتُها لوَداعِنا / فخالَطَ دُرَّ العِقْدِ جوْهَرُ أدْمُعي
تُمَسِّحُ باليُمْنى دُموعَ جفونِها / وتَجعلُ يُسْرى فوقَ قلْبٍ مُرَوَّعِ
وقالتْ دُموعي واشْتِياقي وزَفْرَتي / شُهودٌ على ما مِنْ غرامِكَ أدّعي
فإنْ غِبْتَ غابَ الأنْسُ عنّي بأسْرِهِ / ومالِي منْ عيشٍ إذا لمْ تكُنْ مَعي
ولمّا سرَتْ واللّيلُ قدْ مالَ وانقَضَى / وأعْجَلَها ضَوْءُ الصّباحِ المُلمَّعِ
ولمْ تسْتَطِعْ ردَّ السّلامِ مَخافةً / أشارَتْ بطَرْفٍ ثمّ أوْمَتْ بإصْبَعِ
فأيُّ اصْطبار لمْ تُحَلَّ عُقودُه / وأيّ فؤادٍ بعْدُ لمْ يتصدّعِ
رَعَى اللهُ مَنْ يرْعَى العُهودَ على النّوى / فلَسْتَ تَراهُ عنْ هَواهُ بمُقْلِعِ
ولا كانَ دمْعٌ لا يُطيعُ لمَنْ دَعا / وكمْ بيْنَ عاصٍ في الدّموعِ وطيّعِ
أحِبّةَ قَلْبي لا تظنّوا بأنّني / نسيتُ وأفْنَى البُعْدُ نِيرانَ أضْلُعي
علَيْكُم سَلامُ اللهِ ما هبّتِ الصَّبا / وما لاحَ برْقٌ في أجارِعِ لعْلَعِ
إلَهِي بالبَيْتِ المُقَدَّسِ والمَسْعَى
إلَهِي بالبَيْتِ المُقَدَّسِ والمَسْعَى / وجَمْعٍ إذا ما الخَلْقُ قدْ نزَلوا جَمْعا
وبالمَوْقِفِ المَشْهودِ يا ربِّ في مِنىً / إذا ما أسالَ الناسُ منْ خوفِكَ الدّمْعا
وبالمُصْطَفى والصّحْبِ عجِّل إقالَتي / وأنْجِحْ دُعائي فيكَ يا خيْرَ مَنْ يُدْعى
صدَعْتَ وأنتَ المُسْتَغاثُ جَنانَهُ / أقِلْ عثْرَتي يا مَوئِلي واجْبُرِ الصّدْعا
نَوَوْا سَفَراً عنّي الغَداةَ وأزْمَعوا
نَوَوْا سَفَراً عنّي الغَداةَ وأزْمَعوا / فيا لَيْتَ شِعْري بعْدَهُمْ كيفَ أصْنَعُ
ويا لائِمِي أكْثَرْتَ في اللّوْمِ فاتّئِدْ / فهَذِي رُقىً في علّتي ليْسَ تَنْفَعُ
لغَيْرِ جُفوني قُلْ إذا كُنْتَ قائِلاً / سَحابةُ صيْفٍ عنْ قَريبٍ تقَشّعُ
وما لِيَ لا أبْكي بعيْنٍ قَريحَةٍ / على فُرْقَةِ الأحبابِ تهْمي وتَهْمَعُ
فؤاديَ أعْيَ صدْعُهُ كلَّ جابِر / وهلْ جُبِرَتْ ياقوتَةٌ تتصدّعُ
لَضَيّعْتُ قَلْبي ثمّ أصْبَحْتُ ناشِداً / وقدْ قِيلَ أوْلَى بالخَسارِ المُضَيِّعُ
أبوحُ بما أُخْفي وليْسَ بنافِعي / ولكِنّها شَكْوَى الى اللّهِ تُرْفَعُ
أمالِكَ رِقّي كمْ أرانيَ في الهَوَى / أذِلُّ كَما شاءَ الغَرامُ وأخْضَعُ
وهَبْ أنّني أذْنَبْتُ والعَبْدُ مُذْنِبٌ / فَلِي حسَناتٌ في ذُنوبيَ تشْفَعُ
وِدادِي كمِثْلِ العنْبَرِ الوَرْدِ نفْحَةً / إذا أحْرَقَتْهُ جَفْوَةٌ يتضوّعُ
ورأيُكَ بيْنَ الحِلْمِ والحُكْمِ واقِفٌ / على أنّ بابَ الحِلْمِ عندَكَ أوْسَعُ
أُعاتِبُ دهْري أمْ أكُفُّ فإنّما / هوَ اللهُ يُعْطي ما يَشاءُ ويمْنَعُ
أُسَلِّمُ أمْري في الوُجودِ لعالِمٍ / أحاطَ بأَمْري منْهُ مرْأىً ومَسْمَعُ
سأرْفَعُ أمْري للخَليفةِ يوسُفٍ / فيَحْكُمُ بالحَقِّ المُبينِ ويَصْدَعُ
شِهابُ هُدىً يجْلو الدُجنّة نُورُه / ولُجّةُ جودٍ موْجُها يتدَفّعُ
ولِلّهِ منْ غيْثٍ ولَيْثٍ ومَعْقِلٍ / لمَنْ يجْتَدي أو يعْتَدي أوْ يرَوَّعُ
وديوانُ مجْدٍ قدْ تَواتَرَ نقْلُهُ / حَديثُ المَعاني عنْهُ يُرْوَى ويُسْمَعُ
إذا انتُضِيَتْ آراؤهُ وسُيوفُه / لحَرْبٍ فقُلْ أيُّ الحُسامَيْنِ أقْطَعُ
وإنْ وَقَفَتْ في حادِثٍ عَزَماتُه / فقدْ أمِنَ الإسْلامُ ما يُتَوقَّعُ
سبَقْتَ كما اسْتَوْلى الجَوادُ علَى المَدى / فَلا سابِقٌ في شأوِ مجْدِكَ يطْمَعُ
وأنْتَ حُسامُ المُلْكِ ناصِرُهُ الذي / تَذودُ العِدَى عنْ جانِبَيْهِ وتَمْنَعُ
ومِثْلُكَ يُرْجى للقَبولِ وللرِّضى / وعنْدكَ أيضاً للصّنيعة موْضِعُ