لَقَد أَودَعُوهُ لَوعَةً حينَ وَدَّعا
لَقَد أَودَعُوهُ لَوعَةً حينَ وَدَّعا / تَكادُ بِها أَحشاؤُهُ أَن تَقَطّعا
وَمُذ نَزَلوا مِن أَجرَعِ الخَبتِ مَنزِلاً / تَجَرَّعَ سُمّاً مِن نَوى الحَيِّ مُنقَعا
وَأَبكاهُ شَحطُ البَينِ لَمّا تَحَمَّلُوا / دَماً حينَ لَم يَترُك لَهُ البَينُ أَدمُعا
خَلِيلَيَّ عُوجا نَبكِ رَبعاً وَمَنزِلا / لِهِندٍ خَلا مِنها مَصِيفاً وَمَربَعا
فَقَد طالَما قَرَّت بِهِ العَينُ مَنظَراً / وَلَذَّت بِنَجوى أَهلِهِ الأُذنُ مَسمَعا
زَمانٌ عَهِدنا مُظلِمَ العَيشِ نَيّراً / بِهِ وَقَضَينا اللَهوَ رَيّانَ مَونِعا
وَهِنداً تُرِينا البَدرَ في فاحِمِ الدُجى / إِذا ما استَتَمَّ البَدرُ عَشراً وَأَربَعا
وَقائِلَةٍ أَذهَبتَ مالَكَ ضائِعاً / فَقُلتُ وَقَد أَذهَبتِ لَومَكِ أَضيَعا
أَقِلّي فَما يَحظى بِحَمدٍ مُجَمَّعٍ / مِنَ الناسِ مَن لَم يَذرُ مالاً مُجَمَّعا
وَما ضِقتُ بِالإِقلالِ ذَرعاً لِأَنَّني / أَرى الشَيءَ مَهما اِزدادَ ضِيقاً تَوَسّعا
لَكِ الخَيرُ لا أَبقى مِنَ الخَيرِ مُعدِماً / إِذا أَنا لَم أَعدَم نَخِيّاً سَمَيدَعا
فَتىً مِن بَني الشَدّادِ لَو مَسَّ كَفُّه / صَفا الصَلدِ أَجرى في الصَفا مِنهُ يَنبُعا
فَتىً ما اللُيوثُ المُخدِراتُ عَلى الطَوى / خِماصاً كَما أَمرَرتَ قِدّاً مُرَصَّعا
تَضَوَّرنَ حَتّى كِدنَ يَسفَعنَ ماثِلاً / مِنَ التُربِ مِن إِفراطِ ما بِتنَ جُوَّعا
بِأَمنَعَ مِنهُ جانِباً حينَ يَغتَدي / إِلى الحَربِ إِمّا حاسِراً أَو مُدَرَّعا
وَلا مُرهَفُ الحَدّينِ ماضٍ كَأَنَّهُ / عَقيقَةُ بَرقٍ في طَخىً ما تَقَشَّعا
بِأَقطَعَ مِن عَزمِ المُعِزِّ بِنِ صالِحٍ / لِخَطبٍ إِذا ما كُلُّ قَلبٍ تَقَطَّعا
وَلا الرَوضَةُ الغَنّاءُ فاحَ أَريجُها / مَعَ اللَيلِ في دَيمُومَةٍ فَتَضَوَّعا
بِأَطيَبَ مِنهُ بَينَ شَرقٍ وَمَغرِبِ / حَديثاً بِأَفواهِ الرُواةِ مُشَيَّعا
أَخُو كَرَمٍ أَبدَعتُ في حُسنِ ذِكرِهِ / فَأَحسَنَ في الفِعلِ الجَميلِ وَأَبدَعا
يُذَكِّرُني إِحسانُهُ الجَمُّ جَعفَراً / وَيُذكِرُهُ إِحساني القَولَ أَشجَعا
تَرى كُلَّ فَضلٍ مِنهُ سَهلاً مُيَسّراً / وَتَلقاهُ صَعباً مِن سِواهُ مُمَنَّعا
وَأَليَقُ ما كانَ السَماحُ بِأَهلِهِ / إِذا كانَ طَبعاً فيهِمُ لا تَطَبُّعا
وَلَم أَرَ مِثلَ البُخلِ أَشنَعَ بِالفَتى / وَإِن كانَ بَعضُ المَنِّ بِالفَضلِ أَشنَعا
وَمَن يَجعَلِ الفِعلَ الجَميلَ قِناعَهُ / فَلَيسَ يُبالي بَعدَهُ ما تَقَنَّعا
أَيا دافِعَ البَأساءِ عَن كُلِّ مُرمِلٍ / مِنَ الناسِ لا يَسطِيعُ لِلبُؤسِ مَدفَعا
وَيا خَيرَ مَن نُصَّت إِلَيهِ رَكائِبٌ / وَجينَ إِلى أَن جِينَ حَسرى وَضُلَّعا
بِكُلِّ نَجيبٍ لَم يَدَع في نَجِيبَةٍ / دَوامُ السُرى إِلّا فِقاراً وَأَضلُعا
أَبا صالِحٍ لا زِلتَ لِلعيدِ بَهجَةً / وَنُوراً وِللعافِينَ رَبعاً وَمَنجَعا
لِغُرٍّ تَجُوبُ الأَرضَ فَوقَ مَطِيَّةٍ / مِنَ الطِرسِ لَم تَعرِف وَضِيناً وَأَنسُعا
إِذا أُنشِدَت في مَجمَعِ القَومِ صَيَّرَت / عَلى كُلِّ مَخلُوقٍ لَكَ الفَضلَ أَجمَعا