المجموع : 8
أَسؤالُ هذا الدّهرِ ما أنا قانِعُ
أَسؤالُ هذا الدّهرِ ما أنا قانِعُ / سألتكمُ باللهِ كيفَ المَطامِعُ
فعندي فُؤادٌ لا يرى الأخذَ مغنَماً / ويجبُنُ أنْ تُسْدى إليهِ الصّنائِعُ
على أنّهُ يَفْري الحسامَ بقلبِهِ / وطَيْعَنُ صدرَ الرّمحِ والرُّمحُ شارِعُ
بوُدِّ اللّيالي لا بودّيَ أنّني / أهِشُّ إلى معروفِها وأُسارِعُ
فإنْ ألْقَ ميّافارقينَ وربُّها / يطاعنُ منّي حاسِراً وهو دارِعُ
تنوبُ له خيْلٌ ولا أدّعي لها / وتغزُو ولا أغْزو إلَيْها الفَجائِعُ
فخُطّةَ ضيمٍ أبَيْتُ وليلَةً / سريتُ فكانَ المجدُ ما أنا صانِعُ
هتكتُ دُجاها والنّجومُ كأنّها / عيونُ لها ثوبُ السّماءِ بَراقِعُ
ضَعي عنكِ أثْوابَ الحياءِ فإنّنا / كِرامُ الهوى أسْرارُنا والمضاجِعُ
فإنّ خسارَ الجهلِ والعَقْلُ رابِحٌ / يحققُ عندي أنّكنّ صَوانِعُ
ألا فاخْشَ ما يُرْجى وجدُّكَ هابِطٌ / ولا تخْشَ ما يُخشى وجدُّك رافِعُ
فلا نافعٌ إلاّ مع النّحسِ ضائِرٌ / ولا ضائِرٌ إلاّ معَ السّعدِ نافعُ
تَطاوَلَ لَيْلي بالجبال تَزورُني / جِبال هُمومٍ تَرتَمي وتُماصِعُ
أضُمُّ على قلبي يديَّ مخافةً / إذا لاحَ لي بَرقٌ من الشّرقِ لامِعُ
وما ينْفَعُ القلبَ الذي بانَ إلفُهُ / إذا طارَ شَوْقاً أنْ تُضَمَّ الأضالِعُ
لرأس زماني مُنْصُلي وليَ الصّدى / وللناسِ منهُ ريُّهُ والمَشارِعُ
ولو كنتُ ممنْ يزحَمُ الجمعَ ورده / تضلعتُ والمتبوعُ لا شكّ تابِعُ
وكيفَ بنفسي أنْ على الوِردِ أُكرِهَتْ / أطاعت وإلاّ خليتْ وهي ناقِعُ
ولو لم يكن في النّاسِ من يَعْشَقُ النّدى / بغيرِ سُؤالٍ نازَعَتْها النّوازِعُ
فعاشَ لها ابْنُ المغربيِّ فإنّهُ / نَداهُ إلى حَمْدِ الرجالِ ذرائِعُ
أخي وخليلي والحبيبُ وجُنّتي / وسيفي ورمحي والفؤادُ المشايِعُ
أكلُّ ظُباهُ للمنونِ مناصبٌ / وأدْنى نَداهُ للسَّحابِ طبائِعُ
فتى تأنس الدنيا بهِ وهو موحشٌ / وتدنو إلى أهْوائِهِ وهو شاسِعُ
يجرِّبُ تجريبَ الغَبيِّ وعنده / ظُنونٌ على جيشِ الغُيوبِ طَلائِعُ
كَذا من يَحوطُ الحزمَ من جَنَباتِهِ / ويصرعُ من أفْكارِهِ ما يُصارِعُ
تُحدِّثُهُ الأبْصارُ عن خطَراتِها / فإنْ قالَ قوْلاً حدّثَتْهُ المَسامِعُ
من القومِ جَرّاحُ اللّسانَ إذا التَقَتْ / عُرى القولِ والتفتْ عليْهِ المَجامِعُ
يناضلُهُم عن دينِهِ وهو جاهِدٌ / ويَسبقُهُمْ في عِلمِهِ وهو وادِعُ
ويطعَنُهمْ من لفْظِهِ بأسنّةٍ / حداد النّواحي أرْهَفَتْها الوَقائِعُ
فلوْ لمْ يكُنْ شَرْعُ الشّرائِعِ قبلَهُ / إذاً أُخِذَتْ ممّا يقولُ الشّرائِعُ
كَذا أنتَ إلاّ أنْ يُقصِّر قولُنا / ولا شكّ في تقصيرِهِ وهو بارِعُ
ويومَ تسمّى الثّغرُ باسمكَ أصْبَحَتْ / رَكايا بلادُ الرّومِ وهيَ صَوامِعُ
قد انقلبتْ تبْغي النَّجاءَ بأهلِها / وما القلبُ لو حاولتَها لكَ مانِعُ
عشيةَ حباتُ القلوبِ مَلاقِطٌ / وطيرُ العَوالي فوقَهنّ أواقِعُ
وكلُّ كَميٍّ للطِّعانِ بصدرهِ / طريقٌ تخطّاهُ الأسنة واسِعُ
أعذني بسيفِ الدولةِ اليومَ أن أُرى / أُخادعُ أعدائي بهِ وأُصانِعُ
أقولُ لهُمْ إنّ السحابَ مطبِّقٌ / غَداةَ بِلادي والسَّحابُ صَواقِعُ
وإنّ يدي مبسوطةٌ من نَوالِهِ / تَجُرُّ العَطايا والعَطايا جَوامِعُ
فإنْ قلتُ لا أسطيعُ رجعَ جوابِهِ / فمثلي لا يُقْصى ومثلكَ شافِعُ
وعندكَ إنْ أبْدى الخِصامُ شَواتَهُ / أوِ ادّرَعَتْ بالدارِعينَ الرَّضائِعُ
لسانٌ لهُ حدُّ السيوفِ مقاطِعُ / وكفٌ لها صُمُّ الرماحِ أصابِعُ
ألَيْسَتْ من الأيْدي إذا هتفَ القَنا / بآياتِهِ لبَّته منكَ الأشاجِعُ
تكِلُّ الظُّبا عنهنّ وهيَ حَدائِدٌ / وتَمضي بهِنّ المُرهَفاتُ القَواطِعُ
تَؤمُّ مصاليتَ السّيوفِ كأنّما / لهُنّ مصاليتُ السّيوفِ قَبائِعُ
فإنْ أبَتِ الأقْدارُ إلاّ عِيادَتي / بعادَتِها فاصْدَعْ بما أنْتَ صادِعُ
فإنّا نحُلُّ الأرضَ وهي مَرابِعٌ / ونَرحلُ عنها والبِلادُ مطالِعُ
إذا طاوعَتْنا لم نُعاص وإنْ عصَتْ / فلا طاوعَتْنا والمَطايا طوائِعُ
وكيفَ وليسَ الأرضُ إلاّ ثنيّةً / تقولُ لها الأطْماعُ ها هوَ طالِعُ
فقد رفَعَتْ أبْصارَها كل بلدةٍ / من الشوقِ حتّى أوْجَعَتْها الأخادِعُ
وما هُنّ كالأحشاءِ شوقاً فما لها / تحنّ إلى أشخاصِنا وتُنازِعُ
ولو صافَحتْنا ما رأتْنا لكلّةٍ / من اللّحظِ أو مما تَجولُ المدامِعُ
إذا ما ضربْنا بالمَناسم حَسَّها / فقلْ للمَعالي أيُّ سيفيكَ قاطِعُ
من البيضِ ما لا ينفعُ المرءُ حملهُ / وإنْ باعَهُ يوماً ففيهِ منافِعُ
وما أسَفي إلاّ عليْكَ فخصَّني / بكتبكَ إنّي بالقَراطيسِ قانِعُ
ولا تُعْطِ مداحاً على الشّعْرِ طائِلاً / ولو نُظِمَتْ فيه النّجومُ الطّوالِعُ
فأسبَغُ ما تَكْسوهُ أنّك ناظِرٌ / وأجزلُ ما تُعطيهِ أنّك سامِعُ
أمَا رائِعٌ ينتابُني فيروعُ
أمَا رائِعٌ ينتابُني فيروعُ / من الدّهْرِ إلا ما تقولُ ولوعُ
يقولُ ألا تبغي الغِنى بمذلةٍ / وما الفقْرُ إلا ذلَةٌ وخُشوعُ
رأتْ أمَلاً بيضُ الصّوارِمِ دونَه / سُجودٌ على هاماتِنا وركوعُ
فإنّ لَنا في حادثِ الدّهرِ همّةً / ستترُكه شتّى ونحْنُ جَميعُ
ولوْلا اتقاءُ الضيمِ كانت خطوبُه / تُطيعُ هَوانا مرةً ونُطيعُ
إذاً لعشِقْنا في الزّمانِ سيوفَنا / ولكنّهُ في العاشقينَ خُضوعُ
لعَمْري لقد كانَ الحُسامُ ابنُ تَغلِبٍ / فتىً مَحْلهُ للمُعْتَفينَ رَبيعُ
وكنتُ أظُنُّ البينَ لو جَدَّ جدُّهُ / لما بقيتْ لي مقلةٌ ودموعُ
فلمّا استقلتْ للفِراقِ جِمالُهم / تبسمتُ إلاّ ما تُجِنُّ ضُلوعُ
ملكتُ دموعي والجُفونُ حوافلُ / ونبهتُ صَبري والغَرامُ ضَجيعُ
تركْنا لشدادِ بنِ نعمةَ زادَهُ / عشيةَ يُقري ضيفَهُ ويَجوعُ
مخافةَ ضيفٍ بعدَنا أنْ يلومَهُ / فيقطَعَ حَدَّ السيفِ وهو قَطوعُ
دَعوتُ علياً للمكارمِ لم تُذَدْ / وللمجدِ لم يمنَعْ حِماهُ مَنيعُ
فأيُّ فتىً نبهتُه فأجابَني / بلبيكَ والمستيقظونَ هُجوعُ
يَغضونَ عن حالي الجَفونَ وكلُّهم / بصيرٌ بحالي لو يشاءُ سَميعُ
وللهِ في ابنِ المرزبان خبيئةٌ / ستذعَر أملاكَ الوَرى وتَروعُ
فتىً ما لهُ في غيرِ مدحِكَ مَطمَعٌ / وكلُّ كريمٍ في المديحِ طَموعُ
عدو كَراهُ ليلُهُ كنهارِهِ / إلى المجْدِ محلولُ العِذارِ خَليعُ
يعِفُّ عن الماءِ الزلالِ تنزُّهاً / وفيه صَدى من غُلّةٍ ونُزوعُ
لَحا اللهُ نَيلاً في التماسِ مَنالِهِ / لسانٌ إلى عِرضِ الكَريمِ سَريعُ
إذا كانَ ما يكفي الفَتى ما يكُفُّهُ / فأنفعُ شيءٍ في الحياةِ قُنوعُ
معينٌ على البلوى أخاه بنفسه / إذا عنَّ مورودٌ وعنّ شروعُ
فدَتْكَ ملوكٌ منعُها وحجابُها / سيوفٌ على أموالِها ودُروعُ
هُمُ حَفظوها للنفوسِ ذَخيرةً / فما حفظوها والنفوسُ تَضيعُ
كأنْ لم تَرعنا الرائعاتُ ولم تَطر / بآبائِنا في الهالكينَ صُروعُ
أُصولُ فناءٍ بِنَّ نحنُ فُروعُها / ونحنُ أصُولٌ والبنونَ فُروعُ
فلا كنتُ من دهرٍ مؤمَّلُ أهلِهِ / يقولُ لمهدي الحمدِ كيفَ يَبيعُ
ليحوِ رفيعُ القومِ رفدَكَ كلَّهُ / ولا ضيرَ أن يَحوي نَداكَ وَضيعُ
كفيتُكَ في الدُنْيا ملامةَ صاحبٍ / يُسِرُّ يداً أسدَيتَها فتَشيعُ
يذَمِّمُهُ من لا يَزيدُكَ حَمدُهُ / ومن كتَم النَّعْماءَ فهو مُذيعُ
وإنّ اعتِقادي أنْ أتيتُكَ مِدْحَةً / تقابلُ ما أولَيْتَني لَبَديعُ
جنيتُ بتقصيري عليكَ جِنايَةً / وأنتَ لمنْ يَجن عليكَ شَفيعُ
فأقسمتُ لا أرجو الحَيا وهو ضاحِكٌ / ولا أتَوقّى الخَطْبَ وهوَ فَظيعُ
أآمُلُ مأمُولاً سِواكَ لخَلَّةٍ / وما النّاسُ إلاّ آخِذٌ ومَنوعُ
ويَذعَرُني خطبٌ رَجاؤكَ دونَهُ / فأجزعَ منهُ إنّني لجَزوعُ
رأتْني صُروفُ الدّهْرِ نحوكَ راجِعاً / فهنَّ على أعقابِهنّ رُجوعُ
فلا بَلَغَ الباغي عليكَ مُرادَهُ / ولا رفَعَ الرّاقي إليكَ طُلوعُ
ولا زلتَ تَغزو من همومِكَ في ظُباً / تَلوحُ وهاماتُ الرِّجالِ وُقوعُ
وأطلسَ ما في سَعْيهِ غيرَ أنّهُ
وأطلسَ ما في سَعْيهِ غيرَ أنّهُ / يَضيقُ عليهِ الرزقُ والخرقُ واسِعُ
يخافُ أخوهُ حِرصَهُ وهو طاعِمٌ / وتَهرُبُ منه عِرسُه وهو جائعُ
علا شرفَ البيداءِ يسألُ أنفَهُ / بياناً وقد أكْدَتْ عليه المَسامِعُ
فنمّتْ إليه الريحُ أنّ شَظيّةً / وبهماً بأكنافِ السّماوةِ ضائعُ
فزعزعَ من قُطريهِ يَدْألُ ظالِعاً / وما هو إلاّ للخَديعةِ ظالعُ
على كل حالٍ من يَسار وَفاقَةٍ / يَسيرُ بما أهدتْ إليهِ المَطامِعُ
إذا غَمرةٌ هابَ الجَبانُ خِياضَها / تَوَرّدَها ماضٍ على الهولِ طالعُ
سَرى ماله تحتَ الظّلامِ وسيْلَةٌ / إلى الحيّ إلاّ خَطْمُهُ والأكارِعُ
وأبصرها فوضى فَسارعَ تاركاً / رَويَّتَهُ أنّ الحَريصَ مُسارعُ
رأتْ قَدْرَهُ فانضمّ يسرقُ شَطْرَهُ / أزل كصدرِ الرمحِ بالخيلِ بارِعُ
فوَيْلُمِّهِ لو كان يومَ غَوارِهِ / عن المجدِ يَحمي أو عليهِ يُقارِعُ
بنَفسى من الفتيانِ كلَّ سَميَدَعٍ
بنَفسى من الفتيانِ كلَّ سَميَدَعٍ / يُصابُ فلا يشكو ولا يَتَضَعْضَعُ
وممتَعِضٌ لما دعا وسطَ رهطهِ / فلم تحمه أَيدٍ طوالٌ وأَذرعُ
رأَى سيفَه أوَفى له من حَمِيمِهِ / فعاذَ به أنَّ العَزِيزَ مُمَنَّعُ
إذا اصْطكتِ الاحسابُ وابتدر المدى / وهابَ جَسيماتِ الأمورِ المُروَّعُ
فما مثلُ صَمْصَامِ الخِلافةِ صَارمٌ / يُفَلُّ به حَدُّ الخُطُوبِ ويُقطَعُ
شديدُ نياطِ القلبِ لا يستخِفَّهُ / وميضُ المواضي والوشيجُ المزَعْزِعُ
تَراهُ إذا ما جئتَ تطلُبُ رِفَدَهُ / جميلَ المحيا وهو في الرَّوِعِ أَروعُ
رعابيلُ وشي العبقريِّ ثيابُهُ / إذا ما تمطى والدِّلاصُ المُضَلَّعُ
وفيكَ لمن عاديتَه واصطفيتَهُ / خلائقُ فيها الخيرُ والشر أَجمَعُ
دُنُوٌّ لمن يَدنو إليكَ بقلْبهِ / ولو أَنَّهُ ذو اللبدتين المُشَيَّعُ
ونأيٌ عن المُهدى لعينكَ ثَغرَهُ / ومبسمُه بينَ الجَوانحِ يَلْذَعُ
أَبوكَ يُلافى الملكَ ليلةَ جَازِرٍ / ويومَ دُجيلٍ وهو بالرِّدفِ يَظلَعُ
وقالَ لبيضِ الهندِ كلُّ مناجزٍ / بغيرِكَ في الجُلى يُخَانُ ويُجْدَعُ
ضَغَائنُ لو لم يُحْسِنِ السيفُ داءَها / لضرَّتْ وهلْ شيءٌ سِوى السيفِ يَنْفَعُ
إذا الحِلْمُ لم يَعْطِف عليكَ فَدَاوِهِ / بخُرقكَ أنَّ الشرَّ بالشرِّ يُدْفَعُ
وكن مثلَ ركنٍ الدولةِ الحلوِ واصطنعْ / كما كان تاجُ الملَّةِ المرُّ يصنعُ
هما أَوْرَثا عِزَّ الحَيَاةِ ورفَّعا / إلى غايةِ ما فوقَها مُتَرفَّعُ
وماتا وما ماتَ امرؤٌ خَلَدَتْ له / مناقبُ يُحْييها الحَدِيثُ المُرَجَّعُ
أَيا دَمعُ هل للحُزنِ عندكَ مَطْمَعُ
أَيا دَمعُ هل للحُزنِ عندكَ مَطْمَعُ / فما كلُّ محزونٍ الى الدَّمعِ يَفْزَعُ
وانْ كنتَ قد أَفنيتَ ما آلَ فاستَعِرْ / دمَ القلبِ واعلمْ أَنَّ ضَرَّكَ يَنْفَعُ
تداعتْ بلا طَعْنٍ أَنابيبُ عاملي / وأَصبحَ حَدّي بالنوائبِ يُقْطَعُ
نفوسٌ على زَاذَانَ ينشدها الحِجى / وليسَ لها حتى القيامةِ مَرجِعُ
وقبرانِ بالزوراءِ أُمّى ووالدي / كلا طَرفي مَجْدي يُجَّبُ ويُجْدَعُ
وبالرى اسماعيلُ أوهنَ كيدُهُ / وأَرماحُه دونَ المنيةِ شُرَّعُ
وليس بخير من رجالٍ رزئتُهم / على أَنَّ حِدثانَ المصائبِ أَوجَعُ
فقدتُ كبيراً بِرَّ أُمٍ حَفِيَّةٍ / كما فقدَ الثديَ المُعَلّلَ مُرضَعُ
اذا اختفرتْ زانَ الحِجَالَ عَفَافُهَا / وانْ سَفَرتْ فبالحياءِ تُقَنَّعُ
أَخافُ عليكِ الموتَ في شهرِ ناجِرٍ / ولم أَدرِ أَنَّ الامرَ أَوحى وأسْرَعُ
وانَّ المنايا اذْ غَدوتِ قَريرة / غَدتْ لكِ في أثَوابها تَتَصَنَّعُ
تُبادرُ نحوي تبتغي أَنْ تَسُرني / ولم تدر أَنى بالسرورِ أُروَّعُ
فليتَ النساءَ المُعْولاتِ فدينَها / من السوءِ أَو ضاجعنَها حيثُ تَضْجعُ
عَشِيَّةَ يَسْتَصرِخنْنَي لدُعائِها / وهلْ يدفعُ الناسُ الحِمامَ فأَدفَعُ
لقد فَطَنَ الدهرُ الغبيُّ لنكْبةٍ / يذلُّ لها عبدُ العَزيزِ وَيَضْرعُ
هَنيئاً له أَنى المتُ لِصَرفهِ / وأَنيَّ من أَحْداثِهِ أَتَخَشَّعُ
ولم ترعَ لى يا دَهرُ حقَّ نَزاهَتى / وتركى لكَ الشىءَ الذي كنتُ امنَعُ
عسى قائم المأثورِ يركبُ صدرَه / اليكَ وما بَيني وبينكَ أصبَعُ
ترديتَ تَهوى بعدما كنتَ والسُّهَا / يقولُ الممارى أَيُّ هذين أرفَعُ
أخالُك صَباً بالاقامةِ مُعْجَباً / وأنتَ على وشكِ التفرقِ مُزْمِعُ
فوا أَسفى لم ادرِ أَنَّكَ خائنٌ / فكنتُ بأَقصى لمحةٍ أَتمتَعُ
لدى وقفةٍ لا تأملُ العينُ نَظْرَةً / سِواها ولا يرجو اللقاءَ مُوَدَّعُ
الى أَيّ تعليلٍ وأَيّ مَبَرَّةٍ / وَوُدِّ نصيحٍ بعد وُدِّكِ أَرجِعُ
ولم تبقَ في الاَيامِ بَعْدَكِ لذةٌ / ولا متعةٌ يلهو بها المتمتِّعُ
أَبى الدمعُ يومَ الدورِ أَنْ يَنصُر الأَسى / فلا ذرفتْ عينٌ ولا فاضَ مَدْمَعُ
ويا ليتَه لما حكى جفوةَ الكَرى / حكى جَزعي أَوْ كانَ للبينِ يَجْزَعُ
بنفسي ونفسِ المكُرماتِ حُشَاشَةٌ / تَصَعَّدُ في أَنفاسِهَا وتَرَفَّعُ
شَهِدتَ فما أُغنيتَ عنها قُلامةً / وأَنتَ تَرى ما لا تُحِبُّ وَتَسمَعُ
صَرِيْعٌ على أَيدى العَوائدِ مُدْنَفٌ / يُغالبُ فيه رَوعَةَ اليأسِ مَطْمَعُ
أَصابَ الردى قَومى بسهمٍ أَصابَهُ / ولم يَدرِ رَامٍ قلبه كيفَ يَصْنَع
وكنتُ بهم جاراً فَصِرتُ مجاوراً / أَأُطرَدُ عن سُورِ الحِياضِ وأَقْزَعُ
أحُلُّ مع البَرشَاءِ داراً ذَليلَةً / بها الكلبُ يُحْمَى والصَّديقُ يُضَيَّعُ
تُدَابِرُ مُستنَّ الرياحِ بيوتُهم / وليس لرحلى في المَواطِنِ مُوضِعُ
فلا أَنا راضٍ بالدنيَّةِ فيهم / ولا غضبى عندَ الحَفِيظَةِ يَنفَعُ
وكنتُ دَفَنتُ العزَّ يومَ عُرَيْعِرٍ / وأَيقنتُ أَنى بَعْدَهُ أَتَضَعْضَعُ
وفارقتُ فتياناً كأَنَّ خُدودَهم / متونُ صِفاحٍ في قَناً يَتَزَعْزَعُ
أُشيِّعُ منهم هَالكاً بعدَ هالِكٍ / وكانَ النَّدى أَنْ لا يَعُودَ المُشَيَّعُ
فلا لبُيِّتَتْ بالغَوثِ دعوةُ صَارخِ / دعاهُم الى آجالهم فَتَسرعوا
أَرى منهم ظَهْرَ البَسيطَةِ عارياً / وما اجتمعوا الاَّ لأَنْ يَتَصَدَّعُوا
برابيةِ الدورِ الشَّجاعةُ والنَّدى / أَقاما وقالا حبَّذا المتربَّعُ
فمن لذبابِ الشر يُخْشَى ويُتَّقى / وللخيرِ يرجوه الضريكُ المُدفَّعُ
سَقَى الرائحُ الغادي قَبوراً كأَنَّها / ظهورُ جِمَالٍ بُرِّكَتْ وهي ضُلَّعُ
ولا زالَ هَدَّارٌ من الرعد مُغْمَدٌ / يَحِنُ ومسلولٌ من البرقِ يَلْمَعُ
معاهدُ يأسٍ كل يومٍ تَزورُهَا / دُمُوعُ البواكى والنَّحيبُ المُرَجَّعُ
وذاكَ الوفاءُ لا وفاءُ مفارِقٍ / يَشُطُّ به نأىُ الدِّيَارِ وَيْجمَعُ
غنيتُ من الدُّنيا فلا أَنا عُسرهَا / أَخافُ ولا ميسورها أَتَوَقَّعُ
تُمَلُّ سِوى آمالِنا ورجائِنا / وكيف يُمَلُّ المَطَلَبُ المتوقَّعُ
اذا جَنَّ ليلٌ قيلَ أَينَ صَباحُهُ / وكلُّهُمُ بالليل والصُّبْحِ يُخْدَعُ
وكم من نعيمٍ قد لبستُ رِداءَهُ / وشرٍ له كلُّ المطالعِ مطلعُ
ومن لَذَّةٍ وَلَّتْ كأَنَّ وصالَها / وصالُ خَيالٍ في الكرّى حينَ أَهْجَعُ
مع الوقتِ بمضى بؤسُهُ ونعيمُه / كأَنْ لم يكن والوقتُ عمركَ أَجمعُ
وما خيرُ عيشٍ نصفُهُ سِنَةُ الكَرى / ونصفٌ به يَعْتَلُّ أو يَتَفَجَّعُ
وأقسِمُ لو أَعطيتَهُ مُتَخَيِّراً / لما كنتُ الاَّ بالوثيقةِ أَقَنعُ
اذا لم تُعَدِلْ قِسمةَ الزادِ بيننا
اذا لم تُعَدِلْ قِسمةَ الزادِ بيننا / أَضعتَ ولا يَرعى الحِفاظَ المُضَيَّعُ
وان أَنتَ لم تَحمِ العيالَ مِنَ الطوى / اذا أَمنوا لم يَحمهم حِينَ تَفْزَعُ
هَبِ الوَرْدَ لم يُخلقْ ليومِ كريهةٍ / أما كنْتَ تعصى بالحُسام وتَمنَعُ
وباللهِ ما يُغني فتيلاً اذا دَعَوا / بَراكاء الاَّ أَنْ يَفِرَّ المُرَوَّعُ
بنى مَقَنٍ داووا ضعائنَ عامرٍ
بنى مَقَنٍ داووا ضعائنَ عامرٍ / وكونوا يداً ضَمَّتْ اليها الأصابعَا
أعينوا النَّدى بالحِلْمِ والحِلْم بالنَّدى / ولا تَحقِروا المتبوعَ مَنْ كان تابعَا
فانَّ سَمِينَ اللحمِ يحمِل غَثَّه / فَينمى وبعضُ النُّصحِ يَذهَبُ ضَائعَا
ولا تَنفِسُوا انْ تنصِفوا فَتُسَوِّدوا / غريباً فقد سادَ العشيرة يافعَا
دعوه يكن انْ صرحَ الشَّرُ ذائداً / وفيكم اذا لم يُقْبَل العذرُ شافعَا
يَحُزُّ فلا يُخطى المفاصلَ حَزَّهُ / ويَفتلُ أَفواهَ العروقِ المباضعَا
وَمَنْ ككمالِ الدولةِ القَرْمِ فيكم / اذا الحقُ لم يَعدَم من الناسِ مانعَا
وجهز في اغراضكم كلُّ مادحٍ / بَضَائِعَ ما يُثمرن الاَّ الوَضائعَا
ومن مِثلُه فيكم اذ الخيلُ نَهْنَهَتْ / وقد وَرَدَتْ وِرْدَ الحماء ضوائعَا
وَمُدَّ رِواقُ النَّقعِ وافتُرِشَ القَنَا / وكان عُقَابُ الموتِ لا بدَ واقعَا
رأَيتُ غريباً في جلالةِ قَدرهِ / بعيداً قريباً عالياً متواضعَا
غريبٌ غريبُ الكيدِ والهم والمُنى / غريبُ الكَرى لا يَسْتَلذُّ المَضَاجعَا
كعاليةِ الخَطىّ في يدِ ثائرٍ / يَخُبُّ اذا ما هزَّه متتابعَا
وما زال مذ مدَّ الرِّهانُ عِنَانَا / يُقطِّع أَنفاسَ السوابقِ وادعَا
والاَّ فكونوا مثلَ بكرٍ وتغلبٍ / غَداةَ أَبَوْا في الفَخرِ الاَّ تواضعَا
تُسلُّ بأيديهم عليهم سُيُوفُهُمْ / وفيهم يَهزون الرِّماحَ الشوارعَا
وأَرث جَسَّاسُ بنُ مُرَّةَ فيهم / سَنَا لَهَبٍ لا يَبرحُ الدهرَ ساطعَا
وَصَدَّعَ حيّاً لو مَعَدّاً غزتْهُمُ / لسَاقوهم كأساً من السّمِ مُنقَعَا
أقيموا قناةَ المجدِ وارعوا محلةً / وخِرقاً لكم من جانبِ الارضِ واسعَا
وكفوا عن المولى العنودِ أَذَاكُمُ / اذا كانَ منكم بالهَوادَةِ قانعَا
فانْ لم يكنْ الا الحُسام وسله / فموتوا كِراماً واستطيبوا المَصَارعَا
بِسُمْرٍ يُرقرقنَ الدِّماءَ بواكياً / وبيضٍ يُضاحِكنُ البُروقَ لوامعَا
وشُعثِ الهَوادى من سُلالةِ أَعوجٍ / طِوالِ الهَوادى قد عَجَمْنَ الوَقائِعَا
وقالوا اجمعوا ريعانَها قد أُتيتم
وقالوا اجمعوا ريعانَها قد أُتيتم / فقلتُ لهم لا يَذعرنَّ رَتُوعُ
اذا هي تُمنعْ وهنَّ شتائتٌ / من الشكِّ لم تمنعْ وهنَّ جَميعُ