المجموع : 3
لَئِن جَمَعَتنا غَدوَةً أَرضُ بالِسٍ
لَئِن جَمَعَتنا غَدوَةً أَرضُ بالِسٍ / فَإِنَّ لَها عِندي يَداً لا أُضيعُها
أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ أَرضٌ تَحُلُّها / إِلَيَّ وَدارٌ تَحتَويكَ رُبوعُها
أَفي كُلِّ يَومٍ رِحلَةٌ بَعدَ رِحلَةٍ / تَجَرَّعُ نَفسي حَسرَةً وَتَروعُها
فَلي أَبَداً قَلبٌ كَثيرٌ نِزاعُهُ / وَلي أَبَداً نَفسٌ قَليلٌ نُزوعُها
لَحى اللَهُ قَلباً لايَهيمُ صَبابَةً / إِلَيكَ وَعَيناً لاتَفيضُ دُموعُها
أَبى غَربُ هَذا الدَمعِ إِلّا تَسَرُّعا
أَبى غَربُ هَذا الدَمعِ إِلّا تَسَرُّعا / وَمَكنونُ هَذا الحُبِّ إِلّا تَضَوُّعا
وَكُنتُ أَرى أَنّي مَعَ الحَزمِ واحِدٌ / إِذا شِئتُ لي مَمضىً وَإِن شِئتُ مَرجِعا
فَلَمّا اِستَمَرَّ الحُبُّ في غُلَوائِهِ / رَعَيتُ مَعَ المِضياعَةِ الحُبَّ ما رَعى
فَحُزنِيَ حُزنُ الهائِمينَ مُبَرِّحاً / وَسِرِّيَ سِرُّ العاشِقينَ مُضَيَّعا
خَليلَيَّ لِم لا تَبكِياني صَبابَةً / أَأَبدَلتُما بِالأَجرَعِ الفَردِ أَجرَعا
عَلَيَّ لِمَن ضَنَّت عَلَيَّ جُفونُهُ / غَوارِبُ دَمعٍ يَشمَلُ الحَيَّ أَجمَعا
وَهَبتُ شَبابي وَالشَبابُ مَضِنَّةٌ / لِأَبلَجَ مِن أَبناءِ عَمِّيَ أَجمَعا
أَبيتُ مُعَنّىً مِن مَخافَةِ عَتبِهِ / وَأُصبِحُ مَحزوناً وَأُمسي مُرَوَّعا
فَلَمّا مَضى عَصرُ الشَبيبَةِ كُلَّهُ / وَفارَقَني شَرخُ الشَبابِ مُوَدَّعا
تَطَلَّبتُ بَينَ الهَجرِ وَالعَتبِ فُرجَةً / فَحاوَلتُ أَمراً لايُرامُ مُمَنَّعا
وَصِرتُ إِذا مارُمتُ في الخَيرِ لَذَّةً / تَتَبَّعتُها بَينَ الهُمومُ تَتَبُّعا
وَها أَنا قَد حَلّى الزَمانُ مَفارِقي / وَتَوَّجَني بِالشَيبِ تاجاً مُرَصَّعا
فَلَو أَنَّني مُكِّنتُ مِمّا أُريدُهُ / مِنَ العَيشِ يَوماً لَم يَجِد فِيَّ مَوضِعاً
أَما لَيلَةٌ تَمضي وَلا بَعضُ لَيلَةٍ / أُسَرُّ بِها هَذا الفُؤادَ المُفَجَّعا
أَما صاحِبٌ فَردٌ يَدومُ وَفاؤُهُ / فَيُصفي لِمَن أَصفى وَيَرعى لِمَن رَعى
أَفي كُلِّ دارٍ لي صَديقٌ أَوَدُّهُ / إِذا ماتَفَرَّقنا حَفِظتُ وَضَيَّعا
أَقَمتُ بِأَرضِ الرومِ عامَينِ لا أَرى / مِنَ الناسِ مَحزوناً وَلا مُتَصَنِّعا
إِذا خِفتُ مِن أَخوالِيَ الرومِ خُطَّةً / تَخَوَّفتُ مِن أَعمامِيَ العُربِ أَربَعا
وَإِن أَوجَعَتني مِن أَعادِيَّ شيمَةٌ / لَقيتُ مِنَ الأَحبابِ أَدهى وَأَوجَعا
وَلَو قَد رَجَوتُ اللَهَ لاشَيءَ غَيرَهُ / رَجَعتُ إِلى أَعلى وَأَمَّلتُ أَوسَعا
لَقَد قَنِعوا بَعدي مِنَ القَطرِ بِالنَدى / وَمَن لَم يَجِد إِلّا القُنوعَ تَقَنَّعا
وَما مَرَّ إِنسانٌ فَأَخلَفَ مِثلَهُ / وَلَكِن يُزَجّي الناسُ أَمراً مُوَقَّعا
تَنَكَّرَ سَيفُ الدينِ لَمّا عَتَبتُهُ / وَعَرَّضَ بي تَحتَ الكَلامِ وَقَرَّعا
فَقولا لَهُ مِن أَصدَقِ الوُدِّ أَنَّني / جَعَلتُكَ مِمّا رابَني الدَهرَ مَفزَعا
وَلَو أَنَّني أَكنَنتُهُ في جَوانِحي / لَأَورَقَ ما بَينَ الضُلوعِ وَفَرَّعا
فَلا تَغتَرِر بِالناسِ ماكُلُّ مَن تَرى / أَخوكَ إِذا أَوضَعتَ في الأَمرِ أَوضَعا
وَلا تَتَقَلَّد مايَروعُكَ حَليُهُ / تَقَلَّد إِذا حارَبتَ ماكانَ أَقطَعا
وَلاتَقبَلَنَّ القَولَ مِن كُلِّ قائِلٍ / سَأُرضيكَ مَرأىً لَستُ أُرضيكَ مَسمَعا
فَلِلَّهِ إِحسانٌ إِلَيَّ وَنِعمَةٌ / وَلِلَّهِ صُنعٌ قَد كَفاني التَصَنُّعا
أَراني طَريقَ المَكرُماتِ كَما رَأى / عَلِيُّ وَأَسماني عَلى كُلِّ مَن سَعى
فَإِن يَكُ بُطءٌ مَرَّةً فَلَطالَما / تَعَجَّلَ نَحوي بِالجَميلِ وَأَسرَعا
وَإِن يَجفُ في بَعضِ الأُمورِ فَإِنَّني / لَأَشكُرُهُ النُعمى الَّتي كانَ أَودَعا
وَإِن يَستَجِدَّ الناسَ بَعدي فَلا يَزَل / بِذاكَ البَديلِ المُستَجَدِّ مُمَتَّعا
هِيَ الدارُ مِن سَلمى وَهاتي المَرابِعُ
هِيَ الدارُ مِن سَلمى وَهاتي المَرابِعُ / فَحَتّى مَتى ياعَينُ دَمعُكِ هامِعٌ
أَلَم يَنهَكِ الشَيبُ الَّذي حَلَّ نازِلاً / وَلِلشَيبِ بَعدَ الجَهلِ لِلمَرءِ رادِعُ
لَئِن وَصَلَت سَلمى حِبالَ مَوَدَّتي / فَإِنَّ وَشيكَ البَينِ لاشَكَّ قاطِعُ
وَإِن حَجَبَت عَنّا النَوى أُمَّ مالِكٍ / لَقَد ساعَدَتها كِلَّةٌ وَبَراقِعُ
وَإِن ظَمِئَت نَفسي إِلى طيبِ ريقِها / لَقَد رَوِيَت بِالدَمعِ مِنّي المَدامِعُ
وَإِن أَفَلَت تِلكَ البُدورُ عَشِيَّةً / فَإِنَّ نُحوسي بِالفِراقِ طَوالِعُ
وَلَمّا وَقَفنا لِلوَداعِ غَدِيَّةً / أَشارَت إِلَينا أَعيُنٌ وَأَصابِعُ
وَقالَت أَتَنسى العَهدَ بِالجِزعِ وَاللِوى / وَما ضَمَّهُ مِنّا النَقا وَالأَجارِعُ
وَأَجرَت دُموعاً مِن جُفونٍ لِحاظُها / شِفارٌ عَلى قَلبِ المُحِبِّ قَواطِعُ
فَقُلتُ لَها مَهلاً فَما الدَمعُ رائِعي / وَما هُوَ لِلقَرمِ المُصَمِّمِ رائِعُ
لَئِن لَم أُخَلِّ العيسَ وَهيَ لَواغِبٌ / حَدابيرَ مِن طولِ السَرى وَظَوالِعُ
فَما أَنا مِن حَمدانَ في الشَرَفِ الَّذي / لَهُ مَنزِلٌ بَينَ السَماكَينِ طالِعُ