أَلا هَل فُؤادي إِذ صَبا اليَومَ نازِعُ
أَلا هَل فُؤادي إِذ صَبا اليَومَ نازِعُ / وَهَل عَيشُنا الماضي الَّذي زالَ رايِعُ
وَهَل مِثلُ أَيّامٍ تَسَلَّفنَ بِالحِمى / عَوايِدُ أَو عَيشُ السِتارَينِ راجِعُ
كَأَن لَم تُجاوِرنا رَميمٌ وَلَم نَقُم / بِفَيضِ الحِمى إِذ أَنتَ بِالعَيشِ قانِعُ
وَبُدِّلتُ بَعدَ القُربِ سُخطاً وَأَصبَحَت / مُضابِعَةً وَاِستَشرَفَتكَ الأَضابِعُ
وَكُلُّ قَرينٍ ذي قَرينٍ يَوَدَّهُ / سَيُفجِعَهُ يَوماً مِنَ البَينِ فاجِعُ
لَعَمري لَقَد هاجَت لَكَ الشَوقَ عَرصَةٌ / بِمَرّانَ تَعفوها الرِياحُ الزَعازِعُ
بِها رَسمُ أَطلالٍ وَخَيمٌ خَواشِعٌ / عَلى أَلِهِنَّ الهاتِفاتُ السَواجِعُ
فَظَلتُ وَلَم تَعلَم رَميمُ كَأَنَّني / مُهَمٌّ أَلَثَّتهُ الدُيونُ الخَوالِعُ
تَذَكَّرَ أَيّامَ الشَبابِ الَّذي مَضى / وَلَمّا تَرُعنا بِالفِراقِ الرَوايِعُ
بِأَهلي خَليلٌ إِن تَحَمَّلتُ نَحوَهُ / عَصاني وَإِن هاجَرتُهُ فَهوَ جازِعُ
وَكَيفَ التَعَزّي عَن رَميمَ وَحُبُّها / عَلى النَأيِ وَالهِجرانِ في القَلبِ نافِعُ
طَوَيتُ عَلَيهِ فَهوَ في القَلبِ شامَةٌ / شَريكُ المَنايا ضُمِّنَتهُ الأَضالِعُ
وَبيضٍ تَهادى في الرِياطِ كَأَنَّها / نِهى لَسلَسٍ طابَت لَهُنَّ المَراتِعُ
تَخَيَّرنَ مِنّا مَوعِداً بَعدَ رِقبَةٍ / بِأَعفَرَ تَعلوهُ الشُروجُ الدَوافِعُ
فَجُنَّ هُدُوّاً وَالثِيابُ كَأَنَّها / مِنَ الطَلِّ بَلَّتها الرِهامُ النَواشِعُ
جَرى بَينَنا مِنهُم رَسيسٌ يَزيدُنا / سَقاماً إِذا ما اِستَيقَنَتهُ المَسامِعُ
قَليلاً وَكانَ اللَيلُ في ذاكَ ساعَةً / فَقُمنَ وَمَعروفٌ مِنَ الصُبحِ صادِعُ
وَأَدبَرنَ مِن وَجهٍ بِمِثلِ الَّذي بِنا / فَسالَت عَلى آثارِهِنَّ المَدامِعُ
يُزَجّينَ بِكراً يَنهَزُ الرَيطُ مَشيَها / كَما مارَ ثُعبانُ الفَضا المُتَدافِعُ
تُبادِرُ عَينَيها بِكُحلٍ كَأَنَّهُ / جُمانٌ هَوى مِن سِلكِهِ مُتَتابِعُ
وَقُمنا إِلى خَوصٍ كَأَنَّ عُيونَها / قِلاتٌ تَراخى مائُها فَهوَ واضِعُ
فَوَلَّت بِنا تَغشى الخَبارَ مُلِحَّةً / مَعاً حولُها وَاللاقِحاتُ المَلامِعُ
وَإِنّي لَصَرّامٌ وَلَم يُخلِقِ الهَوى / جَميلٌ فِراقي حينَ تَبدو الشَرايِعُ
وَإِنّي لَأَستَبقي إِذا العُسرُ مَسَّني / بَشاشَةَ نَفسي حينَ تُبلى المَنافِعُ
وَأَعفي عَن قَومي وَلَو شِئتُ نَوَّلوا / إِذا ماتَشَكّى المُلحِفُ المُتَضارِعُ
مَخافَةَ أَن أَقلى إِذا شِئتُ سائِلاً / وَتُرجِعَني نَحوَ الرِجالِ المَطامِعُ
فَأَسمَعَ مِنّا أَو أُشَرِّفَ مُنعِماً / وَكُلُّ مُصادي نِعمَةٍ مُتَواضِعُ
وَأُعرِضُ عَن أَشياءَ لَو شِئتُ نِلتُها / حَياءً إِذا ماكانَ فيها مَقاذِعُ
وَلا أَدفَعُ اِبنَ العَمِّ يَمشي عَلى شَفا / وَلَو بَلَغَتني مِن أَذاهُ الجَنادِعُ
وَلَكِن أُواسيهِ وَأَنسى ذُنوبَهُ / لِتُرجِعَهُ يَوماً إِلَيَّ الرَواجِعُ
وَأُفرِشُهُ مالي وَأَحفَظُ عَيبَهُ / لِيَسمَعَ إِنّي لاأُجازِهِ سامِعُ
وَحَسبُكَ مِن جَهلٍ وَسورِ صَنيعَةٍ / مُعاداةَ ذي القُربى وَإِن قيلَ قاطِعُ
فَأَسلِم عَناكَ الأَهلَ تَسلَم صُدورُهُم / وَلا بُدَّ يَوماً أَن يَروعَكَ رايِعُ
فَتَبلوهُ ما سَلَّفتَ حَتّى يَرُدَّهُ / إِلَيكَ الجَوازي وافِراً وَالصَنايِعُ
فَإِن تُبلِ عَفواً يُعفَ عَنكَ وَإِن تَكُن / تُقارِعُ بِالأُخرى تُصِبكَ القَوارِعُ
وَلا تَبتَدِع حَرباً تُطيقُ اِجتِنابَها / فَيَلحَمَكَ الناسَ الحُروبُ البَدايِعُ
لَعَمري لِنِعمَ الحَيُّ إِن كُنتَ مادِحاً / هُمُ الأَزدُ إِنَّ القَولَ بِالصِدقِ شايِعُ
كِرامٌ مَساعيهِم جِسامٌ سَماعُهُم / إِذا أَلغَتِ الناسُ الأُمورُ الشَرايِعُ
لَنا الغُرَفُ العُليا مِنَ المَجدِ وَالعُلى / ظَفِرنا بِها وَالناسُ بَعدُ تَوابِعُ
لَنا جَبَلا عِزٍّ قَديمٌ بَناهُما / تَليعانِ لا يَألوهُما مَن يُتالِعُ
فَكَم وافِدٍ مِنا شَريفٌ مَقامَهُ / وَكَم حافِظٍ لِلقِرنِ وَالقِرنُ وادِعُ
وَمِن مُطعِمٍ يَومَ الصَبا غَيرَ جامِدٍ / إِذا شَصَّ عَن أَبنائِهِنَّ المَراضِعُ
يُشَرِّفُ أَقواماً سِوانا ثِيابُنا / وَتَبقى لَهُم أَن يَلبَسوها سَمايِعُ
إِذا نَحنُ ذارَعنا إِلى المَجدِ وَالعُلى / قَبيلاً فَما يَسطيعُنا مَن يُذارِعُ
وَمِنّا بَنو ماءِ السَماءِ وَمُنذِرٌ / وَجَفنَةُ مِنّا وَالقُرومُ النَزايِعُ
قَبائِلُ مِن غَسّانَ تَسمو بِعامِرٍ / إِذا اِنتَسَبَت وَالأُزدُ بَعدُ الجَوامِعُ
أَدانَ لَنا النُعمانُ قَيساً وَخِندَقاً / أَدانَ وَلَم يَمنَع رَبيعَةَ مانِعُ