المجموع : 5
متى تطلق الأيامُ حرية الفكر
متى تطلق الأيامُ حرية الفكر / فينشط فيها العقل من عقلة الأسر
ويصدع كلّ بالحقيقة ناطقاً / ويترك ما لم يدر منها لمن يدري
أرانا إذا رمنا بيان حقيقة / عُزينا معاذ الله فيها إلى الكفر
جهلنا أشدّ الجهل آخر عمرنا / كما قد جهلنا قبله أوّل العمر
هما ساحلا بحر من العيش مائج / ففي أيّ أمر نحن بينهما نجري
ومن أين جئنا أم إلى أين قصدُنا / وفي أيّ ليل من تشككنا نسري
كأنّأ أتينا والمعيشة لجّة / لنعبُرَ والأعمار جسر إلى القبر
وماذا وراء القبر مما نريده / وهل من مَدىً بعد العبور على الجسر
تسائلني نفسي وللموت صولة / ألا هل لكسر الموت ويحك من جبر
لعلّ حياة المرء ليلٌ ستنجلي / غياهبه من سكرة الموت بالفجر
فإن كان ذا حقاً فإن حياتنا / كما قيل ستر والردى كاشف الستر
وقد قيل إن الروح تبقى فهل لها / عروج إلى الأعلى إلى الأنجم الزهر
وهل تعرف الجثمان بعد عروجها / فتمكثَ منه في السماء على ذُكر
إذا أرضنا كانت سماءً لغيرها / فما من عروج بل نزول إلى القعر
وهل عرجت أرواح من في عطاردٍ / إلى الأرض أم هذا الكلام من الهذر
خيال به رحنا نعلّل أنفساً / هز أن به لما رجعن إلى الحجر
وشبّه بالنهر الحياةَ معاشرٌ / فمنبعه في رأيهم قدم الدهر
ولكنّهم أعيا عليهم مصبه / وإن رجموا بالظن في منبع النهر
فيا ليت شعري أين ينصبّ جارياً / أعوداً لبدء أم إلى غاية يجري
لعمرك ما هذي الحياة وما الذي / يُراد بنا فيها من الخير والشر
نحلول علماً بالحياة وإنّ ذا / منَوط إلى ما ليس يدرَك بالفكر
ونسلُك منها في مجاهل قفرة / فنخرج من قفر وندخل في قفر
على أننا نَمضي إلى أمر ربنا / كما أننا آتون من ذلك الأمر
أطلّ صباح العيد في الشرق يسمع
أطلّ صباح العيد في الشرق يسمع / ضجيجاً به الأفراح تَمضي وتَرجع
صباح به تبدي المَسرةُ شمسَها / وليس لها إلا التوهمَ مطلع
صباح به يختال بالوَشْي ذو الغنى / ويُعوِز ذا الإعدام طِمْرٌ مرقّع
صباح به يكسو الغنيّ وليده / ثياباً لها يبكي اليتيم المضيَّع
صباح به تغدو الحلائل بالحلى / وتَرفَضّ من عين الأرامل أدمع
ألا ليت يوم العيد لا كان أنه / يجدّد للمحزون حزناً فيَجزَع
يرينا سروراً بين حزن وإنما / به الحزن جدّ والسرور تَصَنُّع
فمن بؤساء الناس في يوم عيدهم / نحوسٌ بها وجه المسرّة أسفع
قد ابيضَ وجه العيد لكنّ بؤسهم / رمى نُكَتاً سوداً به فهو أبقع
خرجت بعيد النحر صبحاً فلاح لي / مسارح للأضداد فيهنّ مرتع
خرجت وقرص الشمس قد ذَرّ شارقاً / ترى النور سيّالاً به يتدفّع
هي الشمس خَوْ قد أطلّت مُصيخة / على الأرض من افق العلا تتطلّع
كأن تفاريق الأشعة حولها / على الأفق مُرخاةً ذوائبُ أربع
ولما بدت حمراء أيقنت أنها / بها خجل مما تراه وتسمع
فرُحت وراحت ترسل النور ساطعاً / وسرت وسارت في العلا تترفّع
بحيث تسير الناس كلٌ لِوِجهةٍ / فهذا على رِسل وذلك مُسرع
وبعض له أنف أشمُّ من الغنى / وبعض له أنف من الفقر أجدع
وفي الحيّ مزمار لمُشجي نَعِيره / غدا الطبل في درادابه يتقعقع
فجئت وجوفَ الطبل يرغو وحوله / شباب وولدان عليه تجمعوا
لقد وقفوا والطبل يهتزّ صوته / فتهتزّ بالأبدان سوق وأكرُع
ترى مَيْعة الأطراب والطبل هادر / تفيض وفي أعصابهم تتميَّع
فقد كانت الأفراح تفتح بابها / لمن كان حول الطبل والطبل يقرع
وقفت أجيل الطرف فيهم فراغي / هناك صبيّ بينهم مترعرع
صبيّ صبيح الوجه أسمر شاحب / نحيف المباني أدعج العين أنزع
يَزيِن حجاجَيْه اتساع جبينه / وفي عينه برق الفَطانة يلمع
عليه دريس يَعضِر اليُتم رُدْنه / فيقطرُ فقر من حواشيه مُدقع
يُليح بوجه للكآبة فوقه / غُبار به هبّت من اليتم زَعزَع
على كثر قرع الطبل تلقاه واجماً / كأن لم يكن للطبل ثَمةَ مَقرع
كأن هدير الطبل يقرع سمعه / فلم يُلْفِ رجعاً للجواب فيرجع
يردّ ابتسام الواقفين بحسرة / تكاد لها أحشاؤه تتقطع
ويرسل من عينيه نظرة مُجهِشٍ / وما هو بالباكي ولا العين تدمع
له رجفة تنتابه وهو واقف / على جانب والجوّ بالبرد يلسع
يرى حوله الكاسين من حيث لم يجد / على البَرد من بُرد به يتلفّع
فكان ابتسام القوة كالثلج قارساً / لدى حسرات منه الكجمر تَلذَع
فلما شجاني حاله وأفزّني / وقفت وكلّي مَجْزَع وتَوَجُّع
ورحت أعاطيه الحَنان بنظرة / كما راح يرنو العابد المتخشِّع
وأفتح طرفي مُشبَعاً بتعطُّف / فيرتد طرفي وهو بالحزن مشبع
هناك على مهل تقدمت نحوه / وقلت بلطف قول من يتضرّع
أيا ابن أخي من أنت ما اسمك ما الذي / عراك فلم تفرح فهل أنت مُوجع
فهبّ أمامي من رُقاد وُجومه / كما هبّ مزعوبَ والجَنَان المهجِّع
وأعرض عنّي بعد نظرة يائس / رواح ولم ينبِس إلى حيث يهْرَع
فعقّبته مستطلعاً طِلْع أمره / على البُعد أقفو الأثر منه وأتبع
وبيناه ماش حيث قد رُحت خلفه / أدِبّ دبيب الشيخ طوراً وأسرع
لمحت على بُعد اشارة صاحب / ينادي أن ارْجع وهو بالثوب مُلمِع
فأومأت أن ذكرته موعداً لنا / وقلت له اذهب وانتظر فسأرجِع
وعُدت فأبصرت الصبيَّ مُعرِّجاً / ليدخل داراً بابها مُتَضعضِع
فلما أتيت الدار بعد دخوله / وقمت حِيالَ الباب والباب مُرجَع
دنَوت إلى باب الدُوَيرة مطرقاً / وأصغيت لا عن ريبة أتسمّع
سمعت بكاءً ذا نشيج مُردَّد / تكاد له صُمّ الصفا تتصدّع
فحِرت وعيني ترمق الباب خلسةً / وللنفس في كشف الحقيقة مَطمَع
أأرجِع أدراجي ولم أك عارفاً / جَليّة هذا الأمر أم كيف أصنع
فمرّت عجوز في الطريق وخلفَها / فتاةٌ يُغشّيها ازارٌ وبُرقُع
تعرّضتها مستوقفاً وسألتها / عن الأسم قالت إنني أنا بَوْزَع
فأدنيتها مني وقلت لها اسمعي / حنانَيْك ما هذا الحنين المُرجَّع
فقالت وأنّتْ أنّهً عن تَنَهُّد / وفي الوجه منها للتعجُّب مَوْضع
أيا ابنيَ ما يَعْنيك من نَوح أيِّم / لها من رزايا الدهر قلب مُفجَّع
فقلت لها إني امرؤ لا يَهُمّني / سوى من له قلب كقلبي مُروَّع
وإنّي وإن جارت عليّ مواطني / فؤادي على قُطّانهنّ مُوَزّع
أبوزع مُنّي عمركِ الله بالذي / سألتُ فقد كادت حشاي تَمَزَّع
فقالت أعن هذي التي طال نحبُها / سألتَ فعندي شرح ما تتوقّع
ألا أنها سلمى تعيسةُ معشرٍ / من الصِيد أقوت دراهم فهي بَلقَع
وصارعهم بالموت حتى أبادهم / من الدهر عَجّارٌ شديد مُصرِّع
قلم يبق إلا زوجها وشقيقها / خليل وأما الآخرون فودَّعوا
ولم يَلبَث المقدور أن غال زوجها / سعيداً فأودى وهي إذ ذاك مُرضِع
فربّى ابنها سعداً وقام بأمره / أخوها إلى أن كاد يقَوى ويَضْلع
فأذهب عنه الخالَ دهرٌ غَشَمْشَمٌ / بما يُوجِع الأيتام مُغرىً ومُولَع
جَرَت هَنَةٌ منها على خاله انطوى / بقلب رئيس الشرطة الحقدُ أجمع
فزجّ به في السجن بعد تَجَرُّم / عليه بجُرم ما له فيه مَصنَع
عزاه إلى إيقاعه مُوقعاً به / وما هو يا ابن القوم للجرم موقع
ولكنّ غدر الحاقدين رمى به / إلى السجن فهو اليوم في السجن مُودَع
فحُقّ لسلمى أن تنوح فإنها / من العيش سمّاً ناقعاً تتجرَّع
فلا غرو من أم اليتيم إذا غدت / ضحى العيد يُبْكيها اليتيم المُضيَّع
فعُدت وقلبي جازع متوجّع / وقلت وعيني ثَرّة الدمع تَهمَع
ألا ليت يوم العيد لا كان أنه / يجدّد للمحزون حزناً فيَجزِع
وجئت إلى ميعادنا عند صاحبي / وقد ضمّه والصحبَ نادٍ ومَجمَع
فأطلعتهم طِلع اليتيم فأفّفوا / وخبّرتهم حال السجين فرَجَّعوا
فقلت دعوا التأفيف فالعار لاصق / بكم واتركوا الترجيع فالأمر أفظع
ألسنا الأُلى كانت قديماً بلادنا / بأرجائها نور العدالة يسطع
فما بالنا نستقبل الضيم بالرضا / ونعنو لحكم الجائرين ونَخْضَع
شربنا حميم الذُلِّ ملُّ بُطوننا / ولا نحن نشكوه ولا نحن نَيْجَع
فلو أن عَيْر الحيّ يشرب مثلنا / هواناً لأمسى قالساً يتعوَّع
نهوضاً إلى الغرّ الصُراح بعزمة / تخِرّ لمرماها الطُغاة وتركع
ألا فاكتُبوا صكّ النهوض إلى العلا / فإنّي على موتي به لمُوَقِّع
لقد طَوَّحَتْني في البلاد مُضاعا
لقد طَوَّحَتْني في البلاد مُضاعا / طوائح جاءت بالخطوبِ تباعا
فبارحت أرضاً ما ملأت حقائبي / سوى حبّها عند البَراح متاعا
عتَبْت على بغداد عَتْب مُوَدِّع / أمَضَّتْه فيها الحادثاتِ قراعا
أضاعَتْنيَ الأيام فيها ولو دَرَتْ / لعزّ عليها أن أكون مُضاعا
لقد أرضعتني كل خسف وأنني / لأشكرها أن لم تُتمَّ رَضاعا
وما أنا بالجاني عليها وإنما / نهضت خصاما دونها ودفاعا
وأعلمت أقلامي بها عربيّةً / فلم تُبدِ اصغاءً لها وسَماعا
ولو كنت أدري أنها أعجميّة / تَخِذت بها السيف الجُراز يراعا
ولو شئت كايَلْت الذين أنطَوَوا بها / على الحِقد صاعاً بالعِداء فصاعا
ولكن هي النفس التي قد أبَتْ لها / طباع المعالي أن تَسُوء طباعا
أبَيْت عليهم أن أكون بذِلّةٍ / وتأبى الضَواري أن تكون ضباعا
على أنني دارَيْت ما شاء حقدهم / فلم يُجْدِ نفعاً ما أتَيْت وضاعا
وأشقَى الورى نفساً وأضيعهم نُهىً / لبيبٌ يداري في نُهاه رَعاعا
تركت منِ الشعر المديح لأهله / ونزّهت شعري أن يكونِ قذاعا
وأنشدته يجلو الحقيقة بالنُهَى / ويكشِف عن وجه الصوابِ قناعا
وأرسلته عفواً فجاء كما ترى / قَوافيَ تَجتْاب البلادِ سراعا
وقفت غداة البَيْن في الكرخ وقفةً / لها كَرَبت نفسي تطير شَعاعا
أوَدّع أصحابي وهم مُحدِقون بي / وقدِ ضقت بالبين المُشِتّ ذراعا
أودّعهم في الكرخ والطرف مرسِل / إلى الجانب الشَرقيّ منه شُعاعا
وأدعَم رأسي بالأصابع مُطرِقاً / كأنّ برأسي يا أميمُّ صداعا
وكنت أظنّ البين سهلاً فمذ أتى / شَرَى البين مني ما أراد وباعا
وإنّي جبان في فراق أحِبّتي / وإن كنت في غير الفراق شجاعا
كأنّي وقد جَدَّ الفراق سفينةٌ / أشالت على الريح الهَجومِ شراعا
فمالت بها الأرواح والبحر مائج / وقد أوشكت ألواحها تتداعى
فتحسبني من هزّة فيّ أفْدَعاً / ترقَّى هضاباَ زُلزلت وتِلاعا
فما أنا إلاّ قومة وأنحناءة / وسِرٌّ إذاعته الدموع فَذاعا
رعى اللّه قوماً بالرُصافة كلما / تذكَّرتهم زاد الفؤاد نزاعا
أبيت وما أقوى الهموم بمَضجَع / تُصارعني فيه الهمومِ صراعا
وألْهو بذكراهم على السير كلما / هبَطتِ وهاداً أو علوت يَفاعا
هم القوم أما الصبر عنهم فقد عصى / وأما أشتياقي نحوَهم فأطاعا
لقد حكّموني في الأمور فلم أكن / لأنطِق إلاّ آمراً ومُطاعا
فلست أبالي بعد أن جَدَّ بَينهُم / زجرت كلاباً أم قَحَمْت سباعا
سلام على وادي السلام وأنني / لأجعل تسليمي عليه وَداعا
له اللّه من وادٍ تكاسَلَ أهله / فباتُوا عِطاشاً حوله وجياعا
رآهم عبيداً فاستبدّ بمائه / ولم يَجْر بين المُجْدِباتِ مُشاعا
جرى شاكراً صُنْع الطبيعة أنها / أبانَت يداً في جانبيه صَناعا
وما أنْسَ لا أنس المياه بدجلة / وأن هي تجري في العراق ضَياعا
ولو أنها تَسْقي العراق لما رَمَتْ / به الشمس إلاّ في الجنان شُعاعا
وما وَجَدَت ريح وأن قدتَنا وَحت / مَهَبّاً به إلا قُرىً وضياعا
سأجري عليها الدمع غير مُضيَّع / وأندُبُ قاعاً من هناك فقاعا
وأذكر هاتيك الرِباعَ بحسُنْها / فنعمتْ على شَحْط المَزار رباعا
ألا خَليِّاني في الكلام من السجع
ألا خَليِّاني في الكلام من السجع / ولا تَجريا في القول إلاّ على الطبع
وأن أنا أرسلت الحديث فأصْغيا / وإلاّ فما يُجدي لسمعكما قرعي
فإنيَ ما أطلعت شمس حقيقة / لمستمع إلاّ لتَغرُب في السمع
ولست أبالي بعد أفهام سامعي / أكان بخفض لفظ ما قلت أم رفع
وإني إذا قبَّلت رأساً ولم أجد / به فضل عقل كان أجدر بالصفع
إذا كان علم الأصل عنديَ حاصلاً / ففيم أهتمامي بعد ذلك بالفَرع
فإن بان لي سير الكواكب لم اُبَلْ / أكان بجَذب ذلك السير أم دفع
شكَوْت إلى ربّ السموات أرضَه / وما الأرض إلاّ من سمواته السبع
فقد جار في الأرض البسيطة خَلْقه / على خلقه جوراً إلى الحزن يستدعي
وأن السموات العلي لكثيرة / وأن لم نعُدّ اليوم منها سوى تسع
وأني لأشكو عادةً في بلادنا / رمى الدهر منها هَضْبة المجد بالصدع
وذلك أنا لا تزال نساؤنا / تعيش بجهل وانفصال عن الجمع
وأكبر ما أشكو من القوم أنّهم / يعُدّون تشديد الحجاب من الشرع
أفي الشرع أعدام الحمامة ريشها / واسكاتُها فوق الغصون عن السجع
وقد أطلق الخَلاّق منها جناحها / وعلمها كيف الوقوع على الزرع
فتلك التي مازلت أبكي لأجلها / بكاءً إذا ما اشتدّ أدّى إلى الصرع
بكْيت بلا دمع ومَن كان حزنه / شديداً بكى من غير صوت ولا دمع
فيا ربّة الخدر أسمعي ما أقوله / لعلّ مقالي فيه شيء من النفع
أيا ابنة فندي أن للمجد غايةً / وأني في أدراكها باذل وسعي
وأني أرى في القوم بعض مخايلٍ / وأحذر من أن يَنقشعْن بلا هَمْع
فقد لا يُرَوّينا السحاب بمائه / وأن كان فيه البرق متصل اللمع
يقولون لي أن النساء نواقص / ويُدْلون فيما هم يقولون بالسمع
فأنكرت ما قالوه والعقل شاهدي / وما أنا في أنكار ذلك بالبِدْع
إذا النخلة العَيْطاء أصبح طلعها / ضعيفاً فليس اللوم عندي على الطلع
ولكن على الجِذع الذي هو نابت / بمنبِت سوء فالنقيصة في الجذع
وواللّه ما أن ِضقت َذرعاً بقولهم / ولكنّما قد ضاق من فعلهم ذرعي
أمزّق دعواهم إذا ما طعنتها / ولو أنها كانت من الدين في دِرْع
ألا فأصدعي يا ربّة الخدر بالذي / ترَيْن من الآراء في الردّ والردع
فأنت مثال للكمال الذي حوى / من العلم أسباباً تجِلّ عن القطع
أدامك ربّ الناس للناس حُجّةً / على مَن نَمى نقص النساء إلى الطبع
يدلّ على لؤم الغزالة أنها
يدلّ على لؤم الغزالة أنها / إذا طلعت هاج الذباب طلوعها
فكم راع نومي عند كل صبيحة / طنين ذبابات توالى وقوعها
لقد غاظني عند الشروق هياجها / كما سرّني عند الغروب هجوعها
إذا وقعت فوق الجبين أذبّها / فيزعجني نحو الجبين رجوعها
بواحدة منها يطول تضجّري / فكيف إذا أنهالت عليّ جموعها
تهاوى على الأقذار مولعةً بها / وما ضرّها لكن سواها ولوعها
تحوم علينا بالجراثيم فالردى / إذا هي حامت تلوها وتبيعها
فيزعجنا بالخاز باز طنينها / وتقذف أوساخاً علينا فروعها
بها شره نحو المقاذرقادها / وما قادها نحو المقاذر جوعها
وفيها على ضعف الجوارح جرأة / يزيد بها فوق الوجوه طلوعها
فما وجه حرّ بالبياض يخيفها / ولا وجه عبد بالسواد يروعها
كذاك رعاع الناس بادٍ عوارها / كثير أذاها مستمرّ قنوعها