المجموع : 3
عُيَيْنَةُ ماذا أنتَ وَيْحَكَ صَانِعُ
عُيَيْنَةُ ماذا أنتَ وَيْحَكَ صَانِعُ / وما ذلك الجمعُ الذي أنتَ جَامعُ
رُوَيْدَكَ هل يغزو المدينةَ حانِقٌ / ويطمعُ فيها يا عُيينَةُ طامِعُ
هي الصّخرةُ العظمى فلا البأسُ نافعٌ / إذا جِئتَ تَبغيها ولا السّيفُ قاطِعُ
لها من جَلاَلِ اللهِ حِصْنٌ مُمنَّعٌ / يَرُدُّ الأذَى عنها وجَيْشٌ مُدافِعُ
وفيها رسولُ اللهِ والنَّفَرُ الأُلى / يَهُونُ عليهم أن تَهُولَ الوقائِعُ
إذا وَرَدوا الهيجاءَ فالنّقعُ قاتمٌ / وإن صَدَرُوا بالخيلِ فالنّصرُ لامِعُ
بَشيرُ بنُ سعدٍ يا عُيينَةُ قادِمٌ / فهل أنتَ بالجمعِ المضلَّلِ راجِعُ
أتاكم على بُعْدِ المَزَارِ حَديثُهُ / فلا قَلْبَ إلا واجفٌ منه جَازِعُ
فَرَرْتُم تُرِيْدونَ النّجاةَ وقد بَدَا / لكم منه يومٌ هائلُ البأسِ رَائِعُ
وغادرتمُ الأنعامَ تَعْوِي رُعاتها / وتَندبُها آثارُها والمراتِعُ
فيا لكَ من نَهْبٍ تَوَلَّى حُماتُهُ / وأقبلَ يُزجَى سِربُهُ المتتابِعُ
ويا للأسِيرَيْنِ اللذين نَهاهما / عن الشِّرْكِ ناهٍ من هُدَى اللهِ رادعُ
هُما أسلما لما بَدَا الحقُّ واضحاً / وللحقِّ نورٌ للعَمَايَةِ صادعُ
أطاعا رسولَ اللهِ فَاهْتَدَيَا بِهِ / وما يَسْتَوِي في النّاسِ عاصٍ وطائعُ
عُيَيْنَةُ من يَنْزَعْ إلى الرُّشْدِ لا يَزَلْ / على لاحبٍ منه فهل أنت نازِعُ
وَإِنّي لَأَدري أَنَّ لِلأَمرِ مُدَّةً
وَإِنّي لَأَدري أَنَّ لِلأَمرِ مُدَّةً / وَأَنَّ قَضاءَ اللَهِ لا بُدَّ واقِعُ
وَلَكِنَّني حيناً أَضيقُ بِحَملِها / هُموماً تُريني اللَيلَ وَالصُبحُ ساطِعُ
وَإِنّا لَتَخشى الحادِثاتِ نُفوسُنا / وَإِن صَدَقَت آمالُنا وَالمَطالِعُ
بِنا مِن هُمومِ العَيشِ ما المَوتُ دونَهُ / وَلا عَيشَ حَتّى يَصدَعَ الهَمَّ صادِعُ
نُراقِبُ عَهدَ الشَرِّ أَن يَبلُغَ المَدى / وَنَرجو مِنَ الخَيراتِ ما اللَهُ صانِعُ
تَمادى بِنا عَهدٌ مِنَ السوءِ هائِلٌ / وَطاحَ بِنا خَطبٌ مِنَ القَومِ رائِعُ
أَما وَالسِهامِ المُصمِياتِ قُلوبَنا / لَقَد فَزِعَت لِلهالِكينَ المَصارِعُ
عَيينا فَما يَدري الفَتى أَيَّ نَكبَةٍ / يَقي نَفسَهُ أَو أَيَّ خَطبٍ يُقارِعُ
غِياثَكَ ياذا الطَولِ وَالحَولِ كُلِّهِ / فَما لِلَّذي نَشكوهُ غَيرُكَ دافِعُ
غِياثَكَ إِنَّ القَومَ قَد دَبَّروا لَنا / مِنَ الأَمرِ ما تَخشى النُفوسُ الجَوازِعُ
نَظَلُّ حَيارى نَرقُبُ الشَرَّ يَومَنا / وَنُحيي الدُجى مِمّا تَهولُ المَضاجِعُ
رُوَيدَ العِدى إِنَّ الحَياةَ إِلى مَدىً / وَإِنَّ الفَتى يَوماً إِلى اللَهِ راجِعُ
هو الحُكمُ أمضته السُّيوفُ القواطعُ
هو الحُكمُ أمضته السُّيوفُ القواطعُ / فلا حُكمَ إلا باطلٌ بَعدُ ضائعُ
سلِ القومَ هل في سيفَر اليومَ ناظرٌ / وهل في أتينا من بني الرُّومِ سامعُ
ترامَوْا إلى أزميرَ والحتفُ راصدٌ / بأرجائِها والبأسُ غَضبانُ رائعُ
جُنودٌ وأعلامٌ يموجُ وراءَها / عُبابٌ لأشتاتِ الأساطيعِ جامعُ
يُريدون من مُلكِ الخلافةِ هَضْبةً / حَمَتْها الصياصي والجبالُ الفوارعُ
إذا انتشرَ الجيشُ اللُّهامُ يُريدُها / طَوَتْهُ المنايا حَولَها والمصارعُ
كأنّ عرينَ اللّيثِ لم يُؤتِ نُصحَه / فيُقصرِ طمّاحٌ ويرتدُّ طامعُ
إذا لم يَزَعْ بعضَ النفوسِ حُلومُها / ففي السّيفِ للغاوي المُضلِّلِ وازعُ
نُذكِّرُهم بالمَشْرَفيِّ إذا نسوا / وللغافلِ النّاسي من الجهلِ شافعُ
وإنّ علينا أن نُقوِّمَ دَرأَهم / إذا ما مشى منهم إلى الشَّرِّ ظالعُ
أهابوا بأبطالِ الجهادِ فما لهم / ولا للمواضي عن دمِ القومِ دافعُ
كتائبُ لا يَعصِي الحتوفَ طريدُها / ولو طاوعته في السّماءِ المطالعُ
تُضيئُ سبيلَ النّصرِ والنَّقعُ حالكٌ / وتصبر في الهيجاءِ والسّيفُ جازعُ
لها في يد الغازي لواءٌ مُظفَّرٌ / تُناجي الفتوحَ الغُرَّ فيه الوقائعُ
إذا هَزَّةُ ألقتْ معاذيرَها الوغَى / وطارت إليه بالحصونِ المدافعُ
تلوذُ به الأجنادُ في البرِّ خِيفةً / وتهفو إليه في البحارِ الدَّوارعُ
إذا النّصرُ أَلوَى بالجنودِ عَصيُّه / تقدَّمَ يَقضي حقَّه وَهْوَ طائعُ
تألّقَ فيه سيفُ عثمانَ كوكباً / تَغيبُ الدّرارِي كلُّها وَهْوَ طالعُ
على مَتنِه فجرٌ من الفتح صادقٌ / وفي حَدِّهِ نورٌ من اللهِ ساطعُ
تُشاوِرهُ الأقدارُ والكونُ مُطرقٌ / وتُلقِي إليه الأمرَ والدّهرُ خاشعُ
إذا اهتزَّ فالدُّنيا قلوبٌ وأهلُها / عُيونٌ وأقطارُ السّماءِ مَسامعُ
يلوحُ من الغازي المجاهدِ في يدٍ / لها من يد الهادي الأمينِ أصابعُ
مضَى يَصحبُ الإِقدامَ والسّيفُ ثالثٌ / ويحمِي لواءَ اللهِ واللهُ رابعُ
تمَارَوْا فقالوا عاث في المُلكِ ناكثٌ / وخان مواثيقَ الخلافةِ خالعُ
إذا بعثوا بالجيشِ ألقى سلاحَهُ / فلا النَّصرُ مَرْجُوٌّ ولا الجيشُ راجعُ
هي الحربُ حتّى لا يَرى اللّيلَ مُصبحٌ / ولا يَتمارى ذو الدّهاءِ المُخادِعُ
لَعمرُكَ ما يُغنِي الفتى سُوءُ رأيهِ / إذا الْتذَّ طعمَ الوِردِ والسُّمُّ ناقِعُ
وما ببني عُثمانَ في الحربِ رِيبَةٌ / إذا ابتدرَ السَّيفَ الكميُّ المُقارعُ
أولئك جندُ الله أمّا الذي أبَوْا / فَحِجْرٌ وأمّا ما أرادوا فواقِعُ
إذا نَفروا للحربِ سَبَّحَ ساجدٌ / وكبّرَ ما بين اللّوائَينِ رَاكعُ
يَطوفُ عليٌّ بالصُّفوفِ وحمزةٌ / ويسعى ابنُ قيسٍ والحبابُ ورافعُ
يلوذُ بآياتِ الكتابِ رِباطُهم / وتمضِي براياتِ النِّبي الطّلائعُ
يُبرِّحُ بالقُوّادِ والجندِ منهمُ / أعاجيبُ شتَّى في الوغَى وبَدائعُ
رموا جيشَ قُسطنطينَ بالبأسِ زاخراً / وبالحتفِ يطغَى مَوجُه المُتدافعُ
إذا انْتظَمَتْهُمْ لُجّةٌ من عُبابِه / ترامت به غُدرانُه والمشارعُ
غواربُ تسمو من حديدٍ ومن دمٍ / بِجأواءَ لم يَصنعْ لها الفُلكَ صانعُ
تمّنوا سُيوفَ التُّركِ حتّى إذا مضت / مضَى المُلكُ وانهالتْ عليه الفجائعُ
أرى الشّعبَ فَوضَى والبلادَ كأَّنما / تُكفِّئُها من جَانِبَيْها الزَّعازعُ
أفي كلِّ يومٍ نَكبةٌ مُدْلَهمَّةٌ / وَنَاعٍ بأطرافِ البلادِ مُسارعُ
وفي كلِّ حِينٍ نَجدةٌ وإعانةٌ / يُشَيِّعُها قَرضٌ لآخرَ تابعُ
لَئِنْ عَمَرتْ تِلكَ الخزائنُ بالبِلىَ / لقد حَفَلتْ منه الدّيارُ البلاقِعُ
بني الرُّومِ هل أمْسَى على الأرضِ يابسٌ / وهل في الرُّبَى من ذلك الغَرْسِ يانعُ
أضلَّكُمُ البرقُ المُليحُ ورُبَّما / أضَلَّ وميضُ البرقِ والبرقُ لامِعُ
ذَهبتُمْ على آثارِ من طَاحَ قبلكم / وفي الذّاهبِ الماضِي لِذي الحِلْمِ رَادعُ
أقاموا لكم مُلكاً تَضيِقُ بمِثلهِ / جَوانِبُ هذا الدَّهرِ والدّهرُ واسعُ
هَوَتْ بشعوبِ الأرضِ مِنهم سياسةٌ / لها شاعرٌ يُشجِي الممالكَ بارعُ
يُجِدُّ أفانينَ الخَيالِ ويزدهِي / أولي الشَّوْق مِنه ذو تطَاريبَ ساجعُ
يُغنّي بِلَيْلى وهي للنّاسِ فِتنةٌ / ويبكي ديارَ الحيِّ والبُعدُ شاسعُ
هو الوَجدُ حتّى ما تجفُّ المدامِعُ / ولا تَشتَفِي ممّا تُجِنُّ الأضالِعُ
هَوىً ما شَفَتْ لَيْلَى تباريحَ دائِه / ولا ساعَفَتْ أسبابُهُ والذّرائعُ
أَحَرُّ الوَغَى أن يَطْرُقَ الحيَّ طارِقٌ / ويَربَعَ من شَوقٍ على الدّارِ رابعُ
وأبرحُ ما تَلْقَى النُّفوسُ مِن الرَّدَى / إذا اغترَّ عانٍ أو تمرَّدَ خاضعُ
لَعَمْري لَنِعمَ القومُ هَبَّتْ سُيوفُهم / تَهُزُّ شُعوبَ الشرقِ والشرق هاجعُ
أبَوْا أن يكونَ الملكُ نِحلةَ مُفْسِدٍ / تُساقُ عَطاياهُ وتُزْجَى القطائعُ
دَعَوا فانَبرتْ للحَربِ بِكرٌ ومُطفلٌ / وخفَّ إلى الهيجاءِ كهلٌ ويافعُ
يُغامِرُ ذُو العِشرينَ فيها بشَيْخِهِ / وتُلقِي إليها بالبنين المراضعُ
نَهضنَ وأسيافُ الغُزاةِ مآزِرٌ / وسِرنَ وأعرافُ الجِيادِ براقِعُ
يَبتْنَ وَراءَ الخيلِ يَحْمينَ سَرْحَها / إذا بات منّا في الحشيَّةِ وادعُ
مِنَ اللَّاءِ يُعطينَ الخِلافةَ حقَّها / وَيَبنْينَ منها ما تهدُّ القوارعُ
يَلِدْنَ الأباةَ الحافِظينَ ذِمارها / وما النّاسُ إلا ذُو إباءٍ وضَارعُ
أخالِدَ زيدي مَجدَ قومكِ وارْفَعي / لَهُمْ مِن مَعالي الذّكرِ ما أنا رافعُ
يَراعٌ يهزُّ المُسلمِينَ صَريرُهُ / وسيفٌ لأعناقِ المُغيرينَ قاطعُ
ظَفرتِ به دُوني وإنّي بواحِدي / وَجَدِّكِ إلا أنْ تلومِي لَقَانعُ
أحَبُّ القوافي ما تصوغُ لكِ الظُّبَى / وتُنشِدُ أهليكِ الرِّماحُ الشَّوارعُ
خَطبْنَ فأَحْسَنَّ البيانَ وإنّهم / إذا خطبوا في مَأزِقٍ لَمصاقِعُ
بدائعُ من وَحْيِ الوَغَى عَبقريَّةٌ / لها مِن نُفوسِ الباسِلينَ مَواقعُ
تُمزِّقُ مِن مُلكِ العِدَى ما تُصيبُهُ / ومهما تُمزِّقْ لا يُصبْ منه رَاقِعُ
ألَمْ تَرَ قُسطنطينَ أصْبَحَ مُلكُهُ / كما صَدَعَ الثَّوبَ المُلفَّقَ صادعُ
رماه بَنو عثمانَ من كلّ جانبٍ / فَزُلزِلَ حَاميهِ وطَاحَ المُدافِعُ
بَني الرُّومِ هل بَرَّتْ عهودُ حليفِكُم / وهل صَدَقتْ آمالُكم والمطامِعُ
بَغيتُمْ على المُسْتأْمنينَ وبَرّحتْ / على الضّعفِ منكم بالبرايا الفظائعُ
رَمَيْتُمْ قُبورَ الفاتحينَ فَزُلْزِلَتْ / بيثربَ أجداثٌ وهِيلَتْ مَضاجعُ
أَهذا هُوَ الفتحُ الذي طَارَ ذِكرُه / وضجَّ يُحيّيه الحليفُ المُشايعُ
ودائعُ مِن مجدِ الهلالِ وعزِّهِ / ذخائرُ طه في حماها ودائعُ
مَضَتْ غُدوةً والسّيفُ حرّانُ ناهِلٌ / وعادت ضُحىً والسّيفُ ريَّانُ ناقعُ
أثرتم بها عصراً من الفتحِ أظلمتْ / عصورُ المَواضي وهو أبيضُ ناصِعُ
تَنَفَّسَ عن ريحِ الجِنانِ فهزَّنا / إليها شذىً من جانبِ الرُّوحِ ضائعُ
لقد كان في تلكَ المَحارِمِ زاجرٌ / ولكنّها أحلامُكم والطّبائعُ
فذوقوا جَزاءَ البَغْيِ لا السَّيفُ راحِمٌ / ولا الفاتحُ الغازي إلى السِّلمِ نَازعُ
فَتَى الشرقِ يَسقِي سيفُهُ كُلَّ ظالمٍ / جَنَى البَغْيَ حتّى يسأمَ البغيَ زارعُ
وكيف يقرُّ اللّيثُ والذُّعرُ آخِذٌ / بِأشبالِه والذّئبُ في الغيلِ راتعُ
بَني الغربِ صبراً لا تَقولوا هَوادةٌ / بني الرُّومِ مَهلاً للأمورِ مواضعُ
أإنْ عاد بابولاسُ والجيشُ صاغِرٌ / وأذعن قسطنطينُ والأنفُ جَادعُ
تُريدونها في آلِ عُثمانَ خُطّةً / هيَ الخَسْفُ إلا ما تَزَحْزَحَ كانعُ
بَنِي الغربِ كُونوا اليومَ أُسْداً فما جَنى / على الأُسْدِ إلاّ الثعلبُ المُتواضعُ
دعو السّيفَ يَشْرَعْ للشُّعوبِ سَبيلَها / فقد أهلكتها سُبْلُكم والشّرائعُ
هو القدرُ المطبوعُ ما ثمَّ قادِرٌ / سواه فيستعلي ولا ثمَّ طابعُ
إذا المرءُ أَعيَتْهُ مُصانَعَةُ العِدَى / مَضَى صادقاً في شأنِه لا يُصانعُ
مَنيعَ الحِمَى لا يُسلِمُ الدّهرَ عِرضَهُ / إذا أسلم العِرضَ الذّليلُ المُطاوعُ
إذا شَرَعَ الرِّعديدُ في الذُلِّ يَفتدي / دَمَ الجَوْفِ أمْسَى وهو في الدّمِ شارعُ
لَعمرُكَ إنّ القومَ ما جَدَّ جدُِّهم / فما لنِواصيهمْ مَدَى الدّهرِ سافعُ
تَفاوتَ شأو القوم سامٍ مُحلِّقٌ / ومُحتجِرٌ في مَجثم الهُونِ قابعُ
وبعضُ بَني الغبراءِ بين شُعوبها / كما اطَّردتْ فوقَ العبابِ الفواقِعُ
سرَاةٌ وأَعيانٌ يَروعُكَ شأنُها / وأنديةٌ مَعْمُورةٌ ومَجامِعُ
عَلَى غيرِ شيءٍ غير أنّا نَظنُّها / مَخائلَ ما ترجو النُّفوسُ الجَوازعُ
دَعَوتُ ذَوي الأحلامِ منّا إلى الهُدى / وإنّي لِنَفْسي إن تولَّوا لبَاخِعُ
إذا النّيلُ لم يَنْبُعْ سَناءً وسُؤدُداً / فَغَوَّرَ وانسدَّتْ عليهِ المنابعُ
بَنِي الغربِ ما في طِبِّكم وكتابِكم / دَواءٌ لأَوجاعِ المشارقِ ناجعُ
صَبَبْتُم علينا الدّاءَ حتّى إذا طَغَى / ترامت بنا في الهالكين المنازعُ
خُذوا ما كَتبتُمْ مِن أناجيلَ مَا قَضى / على الشرقِ إلا شُؤمُها المُتتابعُ
أناجيلُ رُهبانٍ بأيدي أئِمّةٍ / لهم بيَعٌ من أَعْظُمٍ وصوامِعُ
تُطِلُّ على الأعناقِ مِن جَنَباتِها / مُدىً مِن نُضارٍ زَيّنَتْها الرّصائعُ
دَمُ العاجزِ المغلوب في حُجراتِها / وما زِينَ من تلك المحاريبِ مائعُ
تُضيءُ الدُّجى فيه مَصابِيحُها العُلَى / ونحن الفَراشُ السّاقِطُ المتقادِعُ
يُصلِّي بها الأحبارُ مِن كلِّ ناسكٍ / يَخرُّ على الأذقانِ والجَفْنُ دامِعُ
لهم من جُلودِ الهالكينَ على التُّقَى / مُسوحٌ حِسانُ المُجْتَلىَ ومَدارعُ
نَواقيسُهم للِجاهلينَ مَطارِقٌ / وصُلبانُهم للغافلين مقامِعُ
رَمَوْا أُمَمَ الدُّنْيا بأوزارِ نِحلةٍ / من الظُّلمِ مبثوثٌ بها الشَّرُّ شائعُ
يُعلّمها رُسْلَ الحضارةِ يَبتغي / بها الصّيدَ ربٌّ ذو مخاليبَ جائعُ
بنَي يافثٍ لا حيّةُ البحرِ قادِرٌ / عليكم ولا كلُّ الشُّعوبِ ضَفادعُ
عرفتم لذِي الكيدِ المُخاتِلِ حُكمَه / فلا كيدُهُ مُجْدٍ ولا الخَتلُ نافعُ
رُوَيْدَ العِدَى لا آلُ عُثمانَ إذ أبوا / تِجارٌ ولا مُلكُ الهلالِ بَضائعُ
وما الحُرُّ إلا مَن يُغالي بِمُلكِه / إذا باع عِزَّ المُلك في النّاسِ بائعُ
نَهضُتم بهِ حُرَّاً وليس بناهضٍ / إلى المجدِ شَعبٌ أَثْقلتْهُ الجوامعُ
وما الهُبَلُ الأعلى بِمُؤتٍ عَدُوَّكم / مِن المُلكِ والسُّلطانِ ما اللهُ نازعُ
صَدقتُمْ فَأَعْطاكُمْ مِن الخيرِ بَسطةً / وليس لِما يُعطِي مِنَ الخيرِ مانِعُ
ستبقى بكم ممّا وفَيْتُم بِعهدِه / عَوارِفُ في أعناقِنا وصَنائعُ
نسجنا لكم بُرْدَ الثَناءِ مُوشَّعاً / وما البُردُ إلا ما تزين الوشائعُ
صبرنا على الشَّوقِ المُبرِّحِ والجَوَى / فلا القلبُ خَفَّاقٌ ولا الدَّمعُ هامِعُ
سَلامٌ على تلكَ الرِّباعِ وإن عَفَتْ / مَصايفُنا من أجلها والمرابعُ