أَعبدَ الغنيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى
أَعبدَ الغنيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى / فَكُن شافِعي عِندَ الَّذي أَخرَجَ المَرعى
فَقَد أَوثَقَتني السَيِّئاتُ وَبَزّني / مَغارُ مُلمّاتٍ أَثَرنَ بِهِ نَقعا
وَأَورَينَ قَدحاً بالجَوى في جَوانِحي / وَفَرَّقنَ دَمعي أَن وَسَطنَ بِهِ جَمعا
جَزى اللَهُ أمّا أَيتَمَتكَ إِساءَةً / وَجازى الإِماءَ المُحسِنات بِكَ الصنعا
بَذَلتُ العَطاءَ الجَزَل كيما أَصونها / فَباعَتكَ بِالأَوطارِ وَاِدَّعَت المَنعا
وَكُنتُ أُداريها وَأَرقي سِمامَها / عَلى أَنَّ أَفعالي تسم بِها الأَفعى
عَلَيكَ حذارَ اليتمِ حَتّى تَمَرَّدَت / وَقيلَ اِترُكها إِنِّها حَيَّةٌ تَسعى
رَأَيتُ أَحَبَّ الغانِياتِ لِبَعلِها / إِذا شابَ لا تَرضى وَإِن غابَ لا تَرعى
فَقُل لِلهَوى حَسبي بِما مَلَكَت يَدي / وَلَو أَنَّني اِستَبدَلتُ بِالدُرر الجزعا
أَلا إِنَّما طيبُ الحَياةِ قَناعَةٌ / كَفَت وَأَعَزَّت مَن يَرى ضيقهُ وسعا
وَما ليَ إِلّا الهَمّ بَعدَكَ هِمَّةً / أَلَستُ غَريباً لا رَبيعَ وَلا ربعا
وَما لاذَ بِاللَّذّاتِ مَن جاوَرَ العِدا / فَسيء بِهِم عيشاً وَضاقَ بِهِم ذَرعا
ضَرَبتُ طلى الأَيّامِ مِنكَ بِصارِمٍ / تَعَلَّمَتِ الأَسيافَ مِن حَدِّهِ القَطعا
وَزنتُ سَماءَ المَجدِ مِنكَ بِكَوكَبٍ / رَجَمتُ بِهِ عَنها مَن اِستَرَقَ السَمعا
لَقَد صَرَعَتكَ العَينُ قيلَ كَريهَةٍ / تَرى القَومَ فيها عَن سُروجِهِم صَرعى
وَحارَبَني فيكَ المنى بِمَناصِلٍ / إِذا ضربت قدّت عَلى البَطَلِ الدرعا
وَما الأَسَد الضرغام حامٍ لِشِبلِهِ / وَلا مالِكٍ لِلنَّفسِ ضرّاً ولا نفعا
فَقَدتُ أَبي ذا الخَيرِ وَاِبني سَميّه / وَما اِسطَعت عَن نَفسي وَلا عَنهُما دَفعا
حَبيبٌ كَأَنَّ اللَّهَ يَومَ وَفاتِهِ / طَوى السَبعَ للميقاتِ أَو زَلزَلَ السَبعا
فَلَو لَم يَكُن يَومَ العروبَةِ دمتهُ / كَما هَدَّ منّي الأَصل وَاِستَأصَلَ الفَرعا
وَأَنبَتَ في جِسمي البَلابِلَ وَالبلى / وَأَمطَرَ مِن آماقيَ الدَمَ وَالدَمعا
فَقَدَّرت الأَعداء ناعيكَ وَالها / وَقَد دَرَت العَلياء أَيّ فَتى ينعى
هَنيئاً لَكَ الفَوزُ العَظيمُ بِجَنَّةٍ / جِوارَ رَسولِ اللَهِ مُثمِرَةً يَنعى
وَمَسكوبَةً ماءً وَمَمدودَةً ذرى / وَمَخضودَةً سِدراً وَمَنضودَةً طَلعا
تَقَدَّمتَ يا عَبدَ الغنيّ وَأخّرَت / أَباكَ ذُنوب إِن دَعا زدنَهُ دَعا
فَخُذ بِيَدي أَو سَل لي اللَهَ عَفوَهُ / تَجِدهُ كَريماً يَستَجيبُ إِذا يُدعى
أَنا الوتر في فَضلي بِإِقرارِ حسَّدي / وَلَو عِشتَ كَنّا في فَضائِلنا الشَفعا
تَمَنَّيتُ أَن تَبغي مُناكَ فَأَخلَفَت / أَمانٍ أَرَتني فيكَ مِن بَرقِها لَمعا
أَولَّتني الأَيّامُ ثُمَّ بَدا لَها / فَما كانَ أَدنى مِن ولايَتي الخلعا
وَلَم يَكسني بَردُ الشَبابِ وَطَرزهُ / حُلى وَلدي حَتّى تقاضيني النَزعا
شَبيهي لَو أَربى عَلى العَشرِ أَربعاً / رَوى عَنّي القُرآن وَالشِعر وَالشرعا
وَفَنّدَني في كُلِّ مَدحٍ أَحوكهُ / لِقَومٍ أسمّيهِم وَهُم عَربٌ نَبعا
قَرَأتُ أَعاريضَ الخَليلِ وَلَم أَكُن / لِأَقرَأَها لَو كُنتُ أشبههُ طَبعا
يَكادُ وَإِن لَم يَقرأ النَحوَ يافِعاً / يعلّل مِنهُ النَصب وَالخَفض وَالرَفعا
وَيُهدي إِليّ الدرّ مِن فيهِ حِكمَةً / وَيوري عَليّ النارَ مِن لبّهِ لَذعا
سَماءُ المَعالي خَرّ مِنها هِلالها / فَبيض اللَيالي عدنَ في ناظِري سَفعا
كَم اِدَّرَأَت مِن نِقمَةٍ بَرَكاتهُ / وَدَرَّت بِهِ مِن نِعمَةٍ حافِل ضَرعا
أَنا الآنَ إِذ أَودى وَأَودَعتهُ الثَرى / وَأَبقَت شعوبٌ في شعوبِ العلا صَدعا
أَبيت خَليّاً مِن حَديثِ حَوادِثٍ / تَسومُ بناني العَضّ أَو سنّي القَرعا
مَضى أُنسُ أَوطاري فَيا حزني / وَيا جَزعي ما أَوحَشَ الحزنُ وَالجَزعا
أفاضلُ هذا الدَهر تَشكو صُروفَهُ / وَما كُنتُ فيهِ مِن أَفاضِلِهِ بِدعا
بَلى حَلّ ما بي مِنهُ حَتّى لَو اِنَّهُ / بِطَرفي لَم أَسمَع لِأَربعهِ وَقعا
يُصبّرُني مَن لَم يَجِد ما وَجَدتهُ / وَبِالقَلبِ خَرقٌ لا أطيقُ لَهُ رَقعا
أَلَم يَقتَنِص مِنكَ الرَدى فَرخ أَجدلٍ / يَرد البزاةَ الشُهبَ أَغرِبَةً بُقعا
وَضَعتُكَ تَحتَ الأَرض وَالمَجدُ راغِمٌ / وَما كُنتُ فَوقَ النَجمِ أَرضى لَكَ الوَضعا
وَكُنت كَمِثلِ الزَرعِ أخرجَ شَطأَهُ / فَآزرَهُ لكِن أَصابَ الرَدى الزَرعا
عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ مِن مُتَفَجِّعٍ / مَعَ الورقِ يَبكي كُلَّما هَتَفت سَجعا