أَثِرْها فقد طالَ الغَداةَ وُقُوعُها
أَثِرْها فقد طالَ الغَداةَ وُقُوعُها / ولا تَخْدُ إلاّ أَنْ تَطولَ نُسوعُها
طِراباً يفوتُ البرقَ خَطْواً بَطيئُها / إذا غرَّد الحادي فكيف سَريعها
جَواذِبَ فَضْلاتِ الأزِمّة في السُّرَى / تَكشَّفُ عن أَقطاعِهنّ قُطوعها
قَوادِحَ ما يُهدِى الضّياءَ لرَكْبِها / بأَخفافِها واللّيلُ داجٍ شُموعها
تَقطَّعُ أثناءَ الحبالِ تَعجْرفاً / إذا ما بدا في الصُّبْحِ لاحَ قطيعها
عليها من الحَيِّ اليمانينَ غِلْمةٌ / يُنيلُ المَعالي وَخْدُها ووُلوعها
إذا ذكَرتْ عهْدَ المعالي تقطَّعَتْ / حَمائلُها مِمّا تَلَوَّى ضُلوعها
عِصابةُ مَجدٍ حاولَتْه وكُلُّهمْ / طَلوبُ ثَنيّاتِ العلاءِ طَلوعها
تُبِيتُ ومن أيدي المطايا وِسادُها / بقَفْرٍ ومن بيضِ المَواضي ضَجيعها
رمَتْ بصدورِ العيسِ تَبْغي مَطالِباً / عسى بَعْدَ يأسٍ أن تَدانَى شُسوعها
وعِيدٌ من اليومِ المُناخِ وهذه / ديارُ العلا يُبكي العيونَ خُشوعها
أَأطلُبُ إبدالَ الكرامِ وقد مضَوْا / على حينَ أضحَتْ مُقْفِراتٍ رُبوعها
وآمرُ دَهْري أن يُعيدَ زَمانَهمْ / وتلك لعَمْري أَمرةٌ ما يُطِيعها
سقَى اللهُ عهدَ الأكرمِينَ وحُسْنَه / بَواكرَ مُزْنٍ يَستهِلُّ هُموعها
ولا زالَ إلاّ من دموعٍ سَحابُها / يَجودهمُ أو من سَحابٍ دموعها
عُهودُ مُلوكٍ مُحْسِنينَ تَصرَّمَتْ / فباتَتْ لهمْ عَيْني قليلاً هُجوعها
وما هيَ إلاّ الرُّوحُ أَودَى ذَهابُها / بجِسمي ولا يُحيِيهِ إلاّ رجوعها
رَعيتُ هوَى الحسناء حُبّاً فلم أَضِعْ / وفي النّاسِ راعِي خُلّةٍ ومُضِيعها
فلا سَلِمَتْ نَفسٌ شديدٌ نِزاعُها / إذا هي لم تُصبِحْ شديداً نُزوعها
وفي النّاسِ راضي النّفسِ طَوْعاً صَبورُها / إذا ما عدا خَطْبٌ وفيهمْ جَزوعها
حمَى جُودُ زَينِ المُلْكِ سَرْحَ خواطري / فلا رائعٌ بالنّائباتِ يَروعها
كفَى الدّولةَ الغَرّاءَ فخْراً تُعيدُه / بأنّكَ يا ابنَ الأكرمينَ مُطيعها
فإنْ تك في حَرْبٍ فأنت حُسامُها / وإن تَكُ في جَدْبٍ فأنتَ رَبيعها
وقد عَلِمَتْ أن كنتَ أوّلَ قائمٍ / إلى نَصْرِها حتّى اطْمأنّ مَروعها
وأوّلُ نَصْرٍ جَرَّ نَصْراً جُنودُه / لسلطانِها والحَربُ تُمرَى ضُروعها
وأوّلُ فَتْحٍ من أبي الفَتْحِ جاءه / وسُمْرُ القَناسَدّ الفَضاءَ شُروعها
فكم قد كَفى من وَقعةٍ بعدَ وَقْعةٍ / وغادَر من قَتْلَى يُخاض نَجيعها
ببِيضٍ صَقيلاتِ المُتونِ كأنّها / سَرائرُ أفواهِ الغُمودِ يُذيعها
وخَيْلٍ تَهادَى بالكُماةِ سِراعُها / كما مَرَّ ليلاً من بُروقٍ لُموعها
تَجيء سَواءً والسّهامُ إذا رُمُوا / عليها فلا تَعدو المُروحَ وُقُوعها
غداةَ كأنّ الهامَ حَبٌّ نَدوسُه / وقد حُصِدَتْ بالمَشرفيِّ زُروعها
كأنّ محاريبَ القنا ثُغَرُ العِدا / فما أَصبحتْ إلاّ وفيها رُكوعها
سَوابقُ أيامٍ إذا هي عُدِّدَتْ / تَعجّبَ من أخبارِهنَّ سَميعها
فإنْ تُصْفِ خُوزِسْتانَ أقلامَك الّتي / بها اليومَ تَحمي أن يُرامَ مَنيعها
فلا فَخْرَ في هذا ومن قبلُ قد صفَتْ / بسَعْيكَ للمُلْكِ البلادُ جَميعها
بنَصْرِ بنِ منصورٍ تَلاقَتْ أُمورُها / ولولا نَداهُ لاستطارَتْ صُدوعها
بَعيدُ المدَى بأْساً وجُوداً وإنّما / يَسودُ الورَى ضَرّارُها وَنفوعها
فكم أَمطَر العافينَ غُزْرَ نَوالهِ / بكفٍّ له صَوبُ الغوادي رَضيعها
وكم طَرَحَ الأعداءَ من سَطَواتهِ / مَطارِحَ لا يرجو انتعاشاً صَريعها
أيا ماجِداً يغدو وفي طَيِّ بُردهِ / فريدُ بني الدّنيا عُلاً وقَريعها
يُبَشّرُ آمالَ الرّجالِ ببِشْرِهِ / كما بَثَّ أنوارَ الصباح سُطوعها
ويجعلُ أثمانَ المحامدِ مالَهُ / إذا ضَنَّ بالأموالِ يوماً جَموعها
أمَنْ يَشترى الأحرارَ أَكرمُ عادةً / إذا عرَض الأحرارُ أم مَن يَبيعها
أَعِرْ سَمْعَكَ المَحْروسَ شَكْوى حوادثٍ / لنَفْسٍ قليلٍ للزّمانِ خُضوعها
فَراغِيَ في أياّم شُغْلِكَ هُجْنةٌ / سَيَقْرَعُ أسماعَ الكرامِ شَنيعها
نَبتْ بي بلادٌ حين ذَلَّ رَفيعُها / لرَيْبٍ لياليها وعَزَّ وضَيعها
وأَخّرَنا ما قدَّم القومَ دُونَنا / تَقلُّبُ أيّامٍ عَجيبٍ صَنيعها
ذَريعةُ أبناءِ الزَّمانِ وَقاحةٌ / مُجَرَّدةٌ يُدني الأماني شَفيعها
وتلك لعَمْري في الزّمانِ إلى الغنى / سَبيلٌ ولكنْ أين مَن يَسْتَطيعها
سأَقطَعُ آفاقَ البلادِ برِحْلةٍ / يُؤَمِّمُ أقصاهنّ أَرضاً مُريعها
لأَِحْوِيَ غُنْماً أو لأُبْليَ عِذْرةً / بسَعْيٍ عسى ألا يَضيقَ وَسيعها
وما اللّيلةُ اللّيلاءُ إلاّ حقيقةٌ / بأن يتَجلّى عن صباحٍ هَزيعها
وشُكرك زادي حيث سِرْتُ ومِدْحةٌ / كما يُرتَضى إعجابُها ونُصوعها
سأنظِمُ في عُلياكَ كُلَّ قصيدةٍ / وقافيةٍ يَسْبى العُقولَ بَديعها
مُخصَّرةِ الأبياتِ تُمسِي كأنّها / نُجومُ الدُّجَى إفْرادُها وشُفوعها
إذا شَهِد الأعراضَ مَعرَكُ ألسُنٍ / وهُزَّتْ رِماحُ الذّمِّ فهْيَ دُروعها
فلا زلْتَ في ظلِّ السّعادةِ تَرتَعي / رياضَ نعيمٍ لا يَجُفُّ مَريعها
ولا بَرِحَتْ أبناؤكَ الغُرُّ عُصبةً / أمامَ المعالي لا يَفَضُّ جُموعها
كعِقْدِ الثُّريّا لا يُفرَّقُ شَمْلُها / بحالٍ ولا يُخشَى انخِفاضاً رفيعها
لهمْ أنفُسٌ عُلْويّةٌ فمِنَ النُّهَى / حُلاها وفي رَوْضِ العلومِ رُتوعها
كَرُمْتَ وحُزْتَ الفضلَ نفْساً ومَعشراً / ولولا أُصولٌ لم تُورَّقْ فُروعها
فلا زِلْتَ للعلياءِ شَمساً مُنيرةً / يَزينُ سَماءَ المكرماتِ طُلوعها