المجموع : 22
لَأَغنَتكَ عَن وَصلي الهُمومُ القَواطِعُ
لَأَغنَتكَ عَن وَصلي الهُمومُ القَواطِعُ / وَعَن مَشرَعِ الذُلِّ الرِماحُ الشَوارِعُ
وَأَيُّ طِلابٍ فاتَني وَطَلائِعي / مُنىً قَبلَ أَعناقِ المَطيِّ طَوالِعُ
دَعيني أُقِم أَرضاً وَأَطلُبُ غَيرَها / فَبَينَهُما إِن واصَلَ الهَمُّ قاطِعُ
فَما كُلُّ مَمنوحٍ مِنَ العِزِّ شاكِرٌ / وَلا كُلُّ مَحظوظٍ مِنَ المالِ قانِعُ
وَما عاقَني رَبعٌ فَبِتُّ وَلَم تَبِت / يُوَقِّعُني مِن غَيرِ ذاكَ المَطامِعُ
قَطوعٌ لِأَقرانِ الرِجالِ كَأَنَّني / إِلى كُلِّ فَجٍّ ثائِرُ الرَحلِ نازِعُ
أَفي كُلِّ يَومٍ يُعدِمُ الدَهرُ جانِبي / وَتَقرَعُني مِن ناظِرَيهِ القَوارِعُ
وَقَد قَطَعَ المَعروفَ بِاللُؤمِ قاطِعٌ / وَباعَ الثَناءَ الحُرَّ بِالذَمِّ بائِعُ
فَلَم أَلقَ إِلّا ماذِقَ الوُدِّ كاذِباً / يَسُفُّ بِهِ مِن طائِرِ الغَدرِ واقِعُ
وَرايعَةٍ لِلبَينِ مِن عامِريَّةٍ / تَزَعزَعُ مِنها بِالسَلامِ الأَصابِعُ
فَلو لَم تُزَوِّدنا السَلامَ عَشِيَّةً / لَسِرنا وَأَعناقُ المَطيِّ خَواضِعُ
تَصُدُّ حَداءً حينَ تَبعَثُ وَعدَها / كَذوباً وَإِنّي بِالرَجاءِ لَقانِعُ
وَتَخدَعُني وُرقُ الحَمامِ بِشَدوِها / وَرَجعُ زَفيري لِلحَمائِمِ خادِعُ
حَنينُ المَطايا عَلَّمَ الشَوقَ مُهجَتي / فَكَيفَ تُسَلّيها الحَمامُ السَواجِعُ
بِذَلتُكَ قَلباً كُنتُ أَذخَرُ صَونَهُ / إِذا لاحَ لي بَرقٌ مِنَ العَزمِ لامِعُ
سَبَقتَ إِلى يَأسي رَجايَ فَحُزتَه / وَلَم تَنتَظِر رَأيِي فَها أَنا طامِعُ
وَماعِندَ أَملاكِ الطَوائِفِ حاجَتي / إِذا ما أَبَت أَن تَقتَضيها القَواطِعُ
وَما لِيَ شُغلٌ في القَريضِ وَإِنَّما / أُبَيِّنُ فيهِ ما تَقولُ المَطامِعُ
وَلَو هَزَّ أَسماعَ المُلوكِ نَشيدُهُ / دَروا أَنَّ كُلَّ المَجدِ ما أَنا صانِعُ
تَقولُ لِيَ الأَيّامُ وَهيَ بَخيلَةٌ / أَلا اِسأَل فَإِمّا ذو عَطاءٍ وَمانِعُ
رَأَيتُ كَريماً ما خَلا قَطُّ مِن حِمىً / يُزارُ وَلَو أَنَّ الدِيارَ بَلاقِعُ
وَلا مَرِضَت نارُ القِرى في خِيامِهِ / بِلَيلٍ وَلَو أَنَّ الرِياحَ زَعازِعُ
إِذا صارَعَتهُ الريحُ خِلنا شَعاعَها / يُشيرُ إِلى الوُرّادِ وَالرَكبُ هاجِعُ
فَضَنّاً بَني فِهرٍ بِما في أَكُفِّكُم / مِنَ المَجدِ فَالأَيّامُ عَودٌ وَراجِعُ
وَرُدّوا أَكُفَّ الحَربِ حِلماً عَنِ العِدى / إِذا أَمكَنَت حَدَّ السُيوفِ المَقاطِعُ
فَكَم غارَةٍ تَستَرجِفُ اللَيلَ أَيقَظَت / صُدورَ القَنا وَالغادِرونَ هَواجِعُ
عُيونُ العَوالي وَالنُجومُ رَوامِقٌ / وَنَقعُ المَذاكي بَينَهُنَّ بَراقِعُ
وَلا بُدَّ مِن شَعواءَ تَظما نُفوسُها / وَلَيسَ لَها إِلّا السُيوفُ مَشارِعُ
هُوَ اليَومُ أَخفَت خَيلُهُ لَمعَ آلِهِ / فَأَشباحُهُ فَوقَ العَجاجِ لَوامِعُ
تَرى النَقعَ مُسوَدَّ الذُيولِ وَفَوقَهُ / رِداءُ الرَدى تَحمَرَّ مِنهُ الوَشائِعُ
وَرَكبٍ كَأَنَّ التُربَ يَنهَضُ نَحوَهُ / يُعانِقُهُ في سَيرِهِ وَيُصارِعُ
فَلو أَنَّ ثَغرَ اللَيلِ لاحَ اِبتِسامُهُ / عَنِ الصُبحِ مِنهُ لَم تَسِمهُ البَلاقِعُ
إِذا ما سَروا تَحتَ الدُجى فَوُجوهُهُم / لِضَوءِ الضُحى قَبلَ الصَباحِ طَلائِعُ
وَإِن أَدلَجوا لَم يَسأَلِ اللَيلُ عَنهُمُ / كَأَنَّهُمُ فيهِ النُجومُ الطَوالِعُ
وَيَبدَأُ فيها لِلسِرابِ زَخارِفٌ / تُلاعِبُ لَحظَ المُجتَلي وَتُخادِعُ
فَلا تَعجَبوا مِن سَيرِهِم في هَجيرِها / فَجَرُّ وَغاهُم لِلهَجيرِ طَبائِعُ
وَأَرضٍ يَضُلُّ اللَيلُ بَينَ فُروجِها / وَيُجزِعُهُ أَجزاعُها وَالأَجارِعُ
تَخَطَّيتُها وَالصُبحُ يَخرُقُ في الدُجى / نَوافِذَ لا يَلقى بِها الجَوَّ راقِعُ
تَطاوَلَ أَسرُ اللَيلِ فيها كَأَنَّما / دُجاهُ لِأَعناقِ النُجومِ جَوامِعُ
وَقَد مَدَّ مِن باعِ المَجَرَّةِ فَاِنثَنى / كَأَنَّ الثَرَيّا فيهِ كَفٌّ تُقارِعُ
وَهَبتُ لِضَوءِ الفَرقَدَينِ نَواظِري / إِلى أَن بَدا فَتقٌ مِنَ الفَجرِ ساطِعُ
كَأَنَّهُما إِلفانِ قالَ كِلاهُما / لِشَخصِ أَخيهِ قُل فَإِنِّيَ سامِعُ
إِذا أَنا لَم أَقبِض عَنِ الخِلِّ هَفوَةً / فَلا بَسَطَت كَفّي إِلَيهِ الصَنائِعُ
وَإِن أَنا لَم يَستَنزِلِ المَجدُ حَبوَتي / فَلا أَهَلَت مِنّي الرُبى وَالمَرابِعُ
أَبا قاسِمٍ حَلّاكَ بِالشِعرِ ماجِدٌ / عَلَيكَ لَهُ حَتّى المَماتِ رَصائِعُ
أَخٌ لا يَرى الأَيّامَ أَهلاً لِمَدحِهِ / وَلَو ضَمِنَت أَن لا تَراهُ الفَجائِعُ
شُجاعٌ لِأَعناقِ النَوائِبِ راكِبٌ / هُمامٌ لِأَطوادِ الحَوادِثِ فارِعُ
سَتَشرَعُ ماءَ الفَخرِ في كَأسِ مَدحَتي / وَما أَنا في ماءِ النَدى مِنكَ شارِعُ
لِيَهنِكَ مَولودٌ يُوَلَّدُ فَخرَهُ / أَبٌ بِشرُهُ لِلسائِلينَ ذَرائِعُ
وَليدٌ لَوَ أَنَّ اللَيلَ رُدّي بِوَجهِهِ / لَما جاوَرَتهُ بِالجُنوبِ المَضاجِعُ
وَمُبتَسِمٌ يَرتَجُّ في ماءِ حُسنِهِ / لَهُ مِن عُيونِ الناظِرينَ فَواقِعُ
رَمى الدَهرُ مِنهُ كُلَّ قَلبٍ مِنَ العِدى / بِسَهمٍ نَضا أَحقادَهُم وَهوَ وادِعُ
يُرامونَهُ بِاللَحظِ كَي يَعصِفوا بِهِ / وَأَبصارُهُم صورٌ لَدَيهِ خَواشِعُ
وَما صَرَعوهُ بِاللِحاظِ وَإِنَّما / لِأَرواحِهِم في مُقلَتَيهِ مَصارِعُ
يَوَدّونَ أَن لَو كانَ بَينَ قُلوبِهِم / مَعَ الحِقدِ حَتّى لا تَراهُ المَجامِعُ
مَتى اِبتَسَموا فَاِعلَم بِأَنَّ ثُغورَهُم / دُموعٌ لَها تِلكَ الشِفاهُ مَدامِعُ
خَصيمٌ مِنَ الأَيّامِ لي وَشَفيعُ
خَصيمٌ مِنَ الأَيّامِ لي وَشَفيعُ / كَذا الدَهرُ يَعصي مَرَّةً وَيُطيعُ
وَبي ظَمَأٌ لَولا العُلى ما بَلَلتُهُ / وَفي كُلِّ قَلبٍ غُلَّةٌ وَنُزوعُ
وَما أَنا مِمَّن يَطلُبُ الماءَ لِلصَدى / وَيَجمَعُني وَالوارِدينَ شُروعُ
رَضاعي مِنَ الدُنيا المَماتُ فِطامُهُ / وَما نَزَحَ الثَديَ الغَزيرَ رَضيعُ
أَبَينا وَلا ضَيمٌ أَصابَ أُنوفَنا / وَفي الأَرضِ مُصطافٌ لَنا وَرَبيعُ
إِذا غَدَرَت نَفسُ الجَبانِ بِصَبرِهِ / حَمَتنا ذُروعٌ طَلقَةٌ وَدُروعُ
وَأَقنَعَنا بِالبيدِ أَن لَيسَ مَنزِلٌ / وَما بَينَ أَيدي اليَعمُلاتِ وَسيعُ
أَبُثُّكَ أَنَّ المالَ عارٌ عَلى الفَتى / وَما المالُ إِلّا عِفَّةٌ وَقُنوعُ
أَيَطلُعُ لي عَزمٌ إِلى ما أُريدُهُ / وَصاحِبُ سِرّي في الرِجالِ مُذيعُ
وَتَشتاقُ نَفسي حالَةً بَعدَ حالَةٍ / وَأَزجُرُها إِنّي إِذا لَقَنوعُ
وَإِنّي لَأَغرى بِالنَسيمِ إِذا سَرى / وَيُعجِبُني بِالأَبرَقَينِ رُبوعُ
وَيَحني عَلَيَّ الشَوقَ نَجدِيُّ مُزنَةٍ / وَبَرقٌ بِأَطرافِ الحِجازِ لَموعُ
وَلا أَعرِفُ الأَشجانَ حَتّى يَشوقَني / حَمامٌ بِبَطنِ الواديّينِ سَجوعُ
وَلَولا الهَوى ما كُنتُ إِلّا مُشَمِّراً / أُطاعُ عَلى رُغمَ الهَوى وَأُطيعُ
إِذا راقَ صُبحٌ فَالحِصانُ مُصاحِبٌ / وَإِن عاقَ لَيلٌ فَالحُسامُ ضَجيعُ
تَرَكتُ اللَيالي خَلفَ ظَهري رَذِيَّةً / وَصاحَبَني طاغي الذُبابِ قَطوعُ
وَخاطَرتُ مَشغوفاً بِما أَنا طالِبٌ / أَجوبُ الدُجى وَالطالِبونَ هُجوعُ
أَلا إِنَّ رُمحاً لا يَصولُ لَنَبعَةٌ / وَإِنَّ حُساماً لا يَقُدُّ قَطيعُ
وَفارَقتُ مِن أَبناءِ قَيسٍ وَخِندِفٍ / رِجالاً وَلَم تَنفُر عَلَيَّ ضُلوعُ
تَرَكتُهُمُ يَدعونَ وَالدَمعُ ناشِزٌ / وَما مَلَكَت طَرفي عَلَيَّ دُموعُ
وَحَذَّرَهُم مِنّي فُؤادٌ مُشَيَّعٌ / وَعَزمٌ لِأَقانِ الرِجالِ قَطوعُ
وَنَفسٌ عَلى كَرِّ النَوائِبِ حُرَّةٌ / وَقَلبٌ عَلى حَربِ الزَمانِ مُطيعُ
وَقُلتُ قَبولُ الضَيمِ أَعظَمُ خَطَّةٍ / وَما الحُرُّ في رَحبِ البِلادِ مَضيعُ
فَلَمّا رَأَيتُ الذُلَّ في القَومِ سُبَّةً / ذَهَبتُ فَلَم يُقدَر عَلَيَّ رُجوعُ
أَلا إِنَّ لَيلي بِالعِراقِ كَأَنَّهُ / طَليحٌ تَجافاهُ الرِجالُ ظَليعُ
مُقيمٌ يُعاطيني الهُمومَ وَناظِري / مُعَنىً بِأَعجازِ النُجومِ وَلَوعُ
وَخَيلٍ أَبَحناها السَماوَةَ وَالوَجى / تُنَفِّرُ أَيديها الحَصى وَتَروعُ
إِلى أَن تَسامى الصُبحُ وَاللَيلُ لافِظٌ / حُشاشَتَهُ وَالطالِعاتُ تَريعُ
وَلِلَّهِ يَومٌ بِالعِراقِ نَجَوتُهُ / وَأَيدي المَنايا بِالنَجاءِ وُقوعُ
تَمَلَّستُ مِنُه أَملَسَ الجَيبِ وَاِنثَنى / لَهُ في جُيوبِ الناكِثينَ رُدوعُ
تَنازَعُهُ الأَفواهُ في كُلِّ مَشهَدٍ / وَكُلُّ حَدِيٍّ كُنتُ فيهِ بَديعُ
طَعِمنا وَأَطعَمنا القَنا مِن دِمائِهِ / وَسارَت بِآمالِ الرِجالِ صُدوعُ
وَتَحفَظُ أَيدينا كُعوبَ رِماحِنا / وَأَطرافُها بَينَ القُلوبِ تَضيعُ
طَماعِيَتي أَن أَملِكَ المَجدَ كُلَّهُ / وَكُلُّ غُلامٍ في العَلاءِ طَموعُ
وَمَولىً يُعاطيني الكُؤوسَ تَجَمُّلاً / وَقَد وَدَّ لَو أَنَّ العُقارَ نَجيعُ
خَبَأتُ لَهُ ما بَينَ جَنبيَّ فَتكَةً / دَهَتهُ وَيَومُ الغادِرينَ شَنيعُ
فَلا كانَ يَومٌ لا يَدومُ وَفاؤُهُ / فَإِنَّ وَفاءً في الزَمانِ بَديعُ
وَبَوضُ مَقالِ القائِلينَ مُكَذَّبٌ / وَبَعضُ وِرادِ الأَقرَبينَ خَدوعُ
أَرى راشِداً يُصغي وَليسَ مُكَلَّمٌ / وَمُستَرشَدٌ يَدعو وَليسَ سَميعُ
وَما الناسُ إِلا ماجِدٌ مُتَلَثِّمٌ / وَآخَرُ مَجرورُ العِطافِ خَليعُ
وَما الدَهرُ إِلّا نِعمَةٌ وَمُصيبَةٌ / وَما الخَلقُ إِلّا آمَنٌ وَجَزوعُ
وَيَومُ رَقيقِ الطُرَّتينِ مُصَفِّقٌ / وَخَطبُ جُرازِ المَضرَبَينِ قَطيعُ
عَجِبتُ لَهُ يَسري بِنا وَهوَ واقِفٌ / وَيَأكُلُ مِن أَعمارِنا وَيَجوعُ
وَأَيُّن فَتىً مِن فَرعِ سَعدٍ صَحِبتُه / وَما هَجَنَت تِلكَ الأُصولَ فُروعُ
خَفيفٌ عَلى ظَهرِ النَجيبِ تَهُزُّهُ / عُروضٌ عَلى أَعطافِهِ وَقُطوعُ
إِذا غابَ يَومٌ أَطلَعَ العِزُّ وَجهَهُ / وَلِلبَدرِ فينا مَغرِبٌ وَطُلوعُ
سَأَنقُضُ مِن لَيلِ الثَوِيَّةِ وَفرَتي / إِلى مَنزِلٍ لِلدَهرِ فيهِ خُضوعُ
أَرى العيسَ قَد خاطَ اللُغامُ شِفاهَها / وَمِن دونِها صَعبُ الضِرابِ مَنيعُ
إِذا أَخَذَت مِنها الأَزِمَّةُ حَثَّها / نَجاءٌ وَأَعضادُ المَطِيِّ تَبوعُ
وَنَحنُ إِذا طارَ السِياطُ بِشَأوِها / سُجودٌ عَلى أَكوارِها وَرُكوعُ
وَإِنِّيَ لا أَرضى مِنَ الدَهرِ بِالرِضا / وَعَزمي أَخوذٌ وَالزَمانُ مَنوعُ
وَفي العَيشِ مَشمولُ النِطافِ مُرَقرَقٌ / وَفي الأَرضِ مُخضَرُّ الجَنابِ مَريعُ
أَظُنُّ اللَيالي بَعدَكُم سَتَريعُ
أَظُنُّ اللَيالي بَعدَكُم سَتَريعُ / فَمَن يُبقي لي مِن رائِعٍ فَتَروعُ
خُذي عُدَّةَ الصَبرِ الجَميلِ فَإِنَّهُ / لِكُلِّ نِزاعٍ يا أُمَيمَ نُزوعُ
وَقَد كُنتُ أَبكي لِلأَحِبَّةِ قَد أَنى / لِقَلبي سُلوٌّ وَاِطمَأَنَّ وَلُوعُ
وَلَكِنَّما أَبكي المَكارِمَ أُخلِيَت / مَنازِلُ مِنها لِلنَدى وَرُبوعُ
وَهَل أَنا جازٍ ذَلِكَ العَهدَ بِالبُكا / وَلو أَنَّ كُحلَ الماقِيَينِ نَجيعُ
أَبيتُ وَطُرّاقُ الهُمومِ كَأَنَّها / مَحافِلُ حَيٍّ تَنتَجي وَجُموعُ
أُقارِعُ أُولى اللَيلِ عَن أُخرَياتِهِ / كَأَنّي أَقودُ النُجمَ وَهُوَ ظَليعُ
وَعَيني لِرَقراقِ الدُموعِ وَقيعَةٌ / لَها اليَومَ مِن عاصي الشُؤونِ مُطيعُ
بِمَن تُدفَعُ الجُلّى بِمَن تُرفَعُ العُلى / بِمَن تُحفَظُ الآمالُ وَهيَ تَضيعُ
بِمَن يُنقَعُ الظَمآنُ وَهُوَ مُحَلّأٌ / بِمَن يُؤمَنُ المَطرودُ وَهُا مَروعُ
هُوَ الرُزءُ لا يَعدو المَكارِمَ وَالعُلى / صَلومٌ لِأَشرافِ العَلاءِ جَدوعُ
فَأَينَ قِوامُ الدينِ لِلخَطبِ يَعتَري / وَلِلدَهرِ يَغدو بِالأَذى وَيَروعُ
وَأَينَ قِوامُ الدينِ لِلبيضِ وَالقَنا / إِذا لَم يَكُن إِلّا اليَقينَ دُروعُ
وَأَينَ قِوامُ الدينِ لِلنَيلِ وَالقِرى / إِذِ الجَدبُ مُعطٍ وَالسَحابُ مَنوعُ
أَلا مَن لِأَضيافِ الشَتاءِ يَلُفُّهُم / سَقيطُ ظَلامٍ قِطقِطٍ وَصَقيعُ
تَجاذَبُهُم أَيدي الشَمالِ رِياطَهُم / فَيَسقُطُ سِبٌّ أَو يَضَلَّ قَطيعُ
إِذا كانَ بَينَ البَيتِ وَالزَفزَفِ الصَبا / أَحاديثُ تَخفى مَرَّةً وَتَذيعُ
وَمَن لِلعُفاةِ المُرمِلينَ يَشُلَّهُم / مِنَ الدَهرِ قِرنٌ لا يُرامُ مَنيعُ
فَيا راعي الذَودِ الظِماءَ تَرَكتَها / وَأَحفَظُ راعٍ مُذ نَأَيتَ مُضيعُ
وَلَيسَ لَها في الدارِ دينُ شَريعَةٍ / وَلا في ثَنايا الطالِعينَ طُلوعُ
وَلا لِلغَوادي مُذ فُقِدتَ مُزايدٌ / وَلا لِلمَعالي مُذ عُدِمتَ قَريعُ
أَقولُ لِناعيهِ عُقِرتَ وَجَرَّبتَ / بِشِلوِكَ فَدُعاءُ اليَدَينِ خَموعُ
وَغَلغَلَ ما بَينَ الحِجابَينِ وَالحَشا / سِنانٌ كَمِصباحِ السَليطِ وَقيعُ
نَعَيتُ النَدى عَضّاً يَرِفُّ نَباتُهُ / وَشَملَ العُلى وَالمَجدَ وَهُوَ جَميعُ
بِبَدرٍ مُعَمٍّ في الكَواكِبِ مُخوَلٍ / نَمَتهُ عُروقٌ لِلعُلى وَفُروعُ
مِنَ القَومِ طالوا كُلَّ طَولٍ إِلى العُلى / إِذا أَذرُعٌ يَوماً قَصَرنَ وَبوعُ
بَنوا في يَفاعِ المَجدِ وَهوَ مُمَنَّعٌ / بُنىً طَيرُها بَينَ النُجومِ وُقوعُ
فَلا حَمَلَت أُمُّ المَكارِمِ بَعدَهُ / وَلا شَبَّ لِلمَجدِ التَليدِ رَضيعُ
وَلا أَدَّتِ الرَكبَ الخِماصَ عَلى الوَجى / سَفائِنُ بَرٍّ وَالسِياطُ قُلوعُ
إِلى أَن يُزادَ المُستَنيلينَ بَعدَهُ / مِنَ الحَيِّ قَرٌّ في الظَلامِ وَجوعُ
أَضُمُّ عَلَيهِ الرَاحَتَينِ تَعَلُّقاً / وَقَد نَزَعَتهُ مِشَنُ يَدَيَّ نَزوعُ
غُصِبتُكَ عِلقاً لَم أَبِعهُ وَلَم أَكُن / كَباغي رِباحٍ يَشتَري وَيَبيعُ
طَوَيتُكَ طَيَّ البُردِ لَم يُنضَ مِن بِلىً / وَقَد يُغمَدُ المَطرورُ وَهُوَ صَنيعُ
أُناديكَ مِن تَحتِ الخُطوبِ غَدا لَها / بِمَظهَريَ رَحلٌ ضاغِطٌ وَقُطوعُ
ما كانَتِ الأَيّامُ يَفرَعنَ هَضبَتي / لَوَ أَنَّكَ واعٍ لِلدُعاءِ سَميعُ
رَمَتني سِهامُ البَأسِ بَعدَكَ جَهرَةً / وَأَنبَضَ نَحوي عاجِزٌ وَجَزوعُ
وَزالَ مِجَنٌّ ما نِعٌ كُنتُ أُتَّقي / بِهِ الخَطبَ وَالخَطبُ الجَليلُ قَطوعُ
وَما كُنتُ أَدري أَنَّ فَوقَكَ آمِراً / مِنَ الدَهرِ يَدعو بَغتَةً فَتُطيعُ
فَغالَبَ أَطماعي عَليكَ مُّغالِبٌ / وَقارَعَ آمالي عَليكَ قَروعُ
عُصِبتُ فَلَم أَسمَح لِغَيرِ أَكُفِّكُم / بَدَرّي وَبَعضُ الحالِبَينَ طَموعُ
إِباءً وَلَو طارَت بِكَفّي مُلَيحَةٌ / إِلى النيقِ رَبداءُ الجَناحِ لَموعُ
لَقَد لَسَبَتني مِن عَقارِبِ كَيدِهِم / دُيوبٌ إِذا جَنَّ الظَلامُ لَسوعُ
يُسَوِّمُني حُسنَ الثَناءِ وَضامِنٌ / لِسوءِ مَقالٍ أَن يَسوءَ صَنيعُ
وَحَسبُكَ مِن ذَمِّ الفَتى تَركُ مَدحِهِ / لِأَمرٍ يَضيقُ القَولُ وَهُوَ وَسيعُ
سَقاكَ عَلى نَأيِ الدِيارِ وَشَحطِها / رَبيعٌ وَهَل يَسقي الرَبيعَ رَبيعُ
وَحَيّاكَ عَنّا كُلُّ نَجمٍ وَشارِقٍ / إِذا جَنَّ لَيلٌ أَو أَضاءَ صَديعُ
ذَكَرتُكَ ذِكرَ العاطِشاتِ وُرودَها / تُحَرَّقُ أَكبادٌ لَها وَضُلوعُ
تَقاذَفنَ يَطلُبنَ الرَواءَ عَشيَّةً / نَزائِعَ أَدنى وِردِهِنَّ نَزيعُ
ضَرَبنَ طَريقاً بِالمَناسِمِ أَربَعاً / إِلى الماءِ لا تُدنى إِلَيهِ شَروعُ
فَهَجراً لِدارِ الحَيِّ بَعدَ رَحيلِكُم / وَما كُلُّ أَظعانٍ لَهُنَّ رُجوعُ
وَلا مَرحَباً بِالأَرضِ لَستُم حُلولَها / وَإِن كانَ مَرعىً لِلقَطينِ مَريعُ
لَقَد جَلَّ قَدرُ الرُزءِ أَن يَبلُغَ البُكا / مَداهُ وَلَو أَنَّ القُلوبَ دُموعُ
وَلَو أَنَّ قَلبي بَعدَ يَومِكَ صَخرَةٌ / لَبانَ بِها وَجداً عَلَيكَ صُدوعُ
أَلا ناشِداً ذاكَ الجَنابَ المُمَنَّعا
أَلا ناشِداً ذاكَ الجَنابَ المُمَنَّعا / وَجُرداً يُناقِلنَ الوَشيجَ المُزَعزَعا
وَمَن يَملَأُ الأَيّامَ بَأساً وَنائِلاً / وَتُثنى لَهُ الأَعناقُ خَوفاً وَمَطمَعا
أَجُلّي إِلَيهِ ذَلِكَ الخَطبُ مُقدِماً / وَقَد كانَ لا يَلقاهُ إِلّا مُرَوَّعا
وَجازَ أَضاميمَ البِلادِ مُغَيرَةً / وَحَيَّ نِزارٍ حاسِرينَ وَدُرَّعا
وَسُمرُ عُقَيلٍ تَحمِلُ المَوتَ أَحمَراً / وَبيضُ عُقَيلٍ تَقطُرُ السَمَّ مُنقَعا
وَلَم تَخشَ مِن حَدِّ الصَوارِمِ مَضرَباً / وَلَم تَلقَ مِن أَيدي القَبائِلِ مَدفَعا
رَأى وَرَقَ البيضِ الخِفافِ هَشائِماً / وَشَوكَ العَوالي ناسِلاً أَو مُنَزَّعا
هُوَ القَدَرُ الأَقوى الَّذي يَقصِفُ القَنا / وَيَلوي مِنَ الجَبّارِ جيداً وَأَخدَعا
وَيَستَهزِمُ الجُردَ الجِيادَ تَخالُها / بِحافِلَةِ الأَبطالِ سِرباً مُذَعذَعا
تَرى الظُفُرَ الماضي الشَباةِ قُلامَةً / إِذا غالَبَ الأَقدارَ وَالباعَ إِصبَعا
أَتاني وَغولُ الأَرضِ بَيني وَبَينَهُ / فَيا لَكَ رُزءاً ما أَمَضَّ وَأَوجَعا
جَوانِبُ أَنباءٍ وَدَدتُ بِأَنَّني / صَمَمتُ لَها ما أَورَقَ العودُ مَسمَعا
تَصامَمتُ حَتّى أُبلِغَ النَفسَ عُذرَةً / وَما أَنطَقَ الناعونَ إِلّا لِأَسمَعا
بِأَنَّ أَبا حَسّانَ كُبَّت جِفانُهُ / وَأُخمِدَ نيرانُ القِرى يَومَ وَدَّعا
أَعَزُّ عَلى عَيني مِنَ العينِ مَوضِعاً / وَأَلطَفُ في قَلبي مِنَ القَلبِ مَوقِعا
أَكُنُّ غَليلي بِالضُلوعِ وَلَم أَجِد / لِقَلبي وَراءَ الهَمِّ مُذ غابَ مَطلَعا
وَفارَقَني مِثلَ النَعيمِ مُفارِقاً / وَوَدَّعَني مِثلَ الشَبابِ مُوَدِّعا
عَلا الوَجدُ بي حَتّى كَأَن لَم أَرَ الرَدى / يَخُطُّ لِجَنبٍ قَبلَ جَنبِكَ مَصرَعا
لَقَد صَغَّرَ الأَرزاءَ زُرؤُكَ قَبلَها / وَهَوَّنَ عِندي النازِلَ المُتَوَقَّعا
فَإِن لَم تَزَل نَفسي عَليكَ فَإِنَّها / سَتُنفِدُ أَنفاساً حِراراً وَأَدمُعا
فَيا لائِمَيَّ اليَومَ لا صَبرَ بَعدَهُ / فَطيرا بِأَعباءِ المَلامَةِ أَو قَعا
بِرُغمِكَ أَجمَمتَ الصَوارِمَ وَالقَنا / وَأَخلَيتَ يَومَ الرَوعِ بيضاً وَأَدرُعا
وَمُنتَجِعٍ أَرضَ العَدوِّ تَخالُهُ / جِبالَ شَرَورى طُلنَ مَيثاً وَأَجرَعا
إِذا وَرَدَت أَنقاعَ ماءٍ وَقيعَةٍ / أَنَشَّت عَلى أُخراهُ بِالماءِ أَجمَعا
إِذا اِنقادَ عُلوِيّاً حَسِبتَ جِيادَهُ / إِكاماً عَليهِنَّ الأَجادِلُ وُقَّعا
مَطَوتَ بِهِ حَتّى اِستَراثَ جِماحُهُ / وَجَعجَعَ بِالبَيداءِ حَسرى وَظُلَّعا
مِنَ القَومِ طاروا في الفَلا كُلَّ طَيرَةٍ / وَمَدّوا إِلى الأَحسابِ بوعاً وَأَذرُعا
إِذا لَبِسوا الرَيطَ اليَماني وَأَقبَلوا / يَجُرّونَ مِنها الشَرعَبِيِّ المُضَلَّعا
حَسِبتَ أَسودَ الغابِ رُحنَ عَشِيَةً / تَخالُ بِهِنَّ البابِليَّ المُشَعشَعا
صِفاحُ خُدودٍ كَالذَوابِلِ طَلقَةٍ / يُبادونَ بِالظَلماءِ لَحماً مُبَضَّعا
وَأَبيَضَ مِن عَليا مَعَدٍّ سَما بِهِ / إِلى السورَةِ العَليا أَبٌ غَيرُ أَضرَعا
كَأَنَّكَ تَلقى وَجهَهُ البَدرَ طالِعاً / إِذا اِبتَدَرَ القَومُ الرِواقَ المُرَفَّعا
فَإِن أُلهِبَت فيهِ الحَفيظَةُ خِلتَهُ / وَراءَ اللِثامِ الأَرقَمَ المُتَطَلِّعا
يَقومُ اِهتِزازَ الرُمحِ خَبَّت كُعوبُهُ / وَيَقعُدُ إِقعاءَ اِبنِ عَيلٍ تَسَمُّعا
ضَمومٌ عَلى الهَمِّ الَّذي باتَ ضَيفَهُ / جَموحٌ عَلى الأَمرِ الَّذي كانَ أَزمَعا
صَليبٌ عَلى قَرعِ الخُطوبِ كَأَنَّما / يُرادينِ طوداً مِن عَمايَةَ أَفرَعا
وَكَم مِثلَهُ يَستَفرِغُ الدَمعَ رُزؤُهُ / وَيوهي صَفاةَ القَلبِ حَتّى تَصَدَّعا
إِذا أَحجَمَ الأَقوامُ دونَ ثَنِيَةٍ / تُجيزُ إِلى بَحبوحَةِ المَجدِ أَطلَعا
تَراهُ الثِفالَ العودَ في حُجَراتِهِ / وَفي كَبَّةِ الرَوعِ الغُلامَ السَرَعرَعا
فَيا بانِياً لِلعِزِّ ثُلَّمَ مابَنى / وَيا راعِياً لِلمَجدِ أُهمِلَ ما رَعى
فَقَدتُكَ فَقدَ الناظِرينِ تُخُرِّما / جَميعاً عَنِ العَينَينِ وَاِختُلِجا مَعا
تَهافَتَ ثَوبُ المَجدِ بَعدَكَ عَن بِلىً / كَأَنَّكَ لَم تَرقَع مِنَ الأَرضِ مَرقَعا
لَئِن بُزَّ هَذا الحَيُّ مِنكَ عِمادَهُ / فَغَيرُ عَجيبٍ أَن يَعِزَّ وَيَمنُعا
فَقَد تَسمَعُ الأُذُنانِ أَوعِبَّ صَلمُها / وَيُدرِكُ أَنفٌ فَغَمَّةَ الطيبِ أَجدَعا
وَإِن يَمضِ نَصلٌ مِن عُقَيلٍ نَجِد لَهُ / مَناصِلَ في أَيدي الصِياقِلِ قُطَّعا
فَما غيضَ ذاكَ الماءُ حَتّى عَلا / الرُبى وَلا اِجتُثَّ ذاكَ الأَصلُ حَتّى تَفَرَّعا
وَإِن يَختَلِسنا ذَلِكَ العَضبَ حادِثٌ / فَمِن بَعدِ ما أَبقى الغِمادَ المُرَصَّعا
مُجاوِرُ قَومٍ أُنزِلوا دارَ غُربَةٍ / إِذا ظَعَنوا لا يُظعِنونَ المُشَيَّعا
وَلا يَستَجِدّونَ اللِباسَ مِنَ البِلى / وَلا يَعمُرونَ المَنزِلَ المُتَضَعضِعا
بَطيؤونَ عَن داعي اللِقاءِ تَخالُهُم / إِذا ما دَعوا يَوماً مُرِمَّينَ هُجَّعا
حَفائِرٌ أَلقى الجودُ أَفلاذَ كِبدِهِ / بِهِنَّ وَخَطَّ المَجدُ فيهِنَّ مَضجَعا
وَحُطَّ بِهِنَّ الرَحلُ تَدمى صِفاحُهُ / كَما أَفرَدَ الحَيُّ الأَجَبَّ المُوَقَّعا
إِجِدُّكَ لا تَلقى لِذا المَجدِ جامِعاً / وَلا لِلمَعالي الغُرُّ بَعدَكَ مَجمَعا
وَكانَ طَريقُ الجودِ عِندَكَ مَأمَناً / فَأَذأَبَ بِالقَومِ اللِئامِ وَأَسبَعا
أَسَيتُ عَلى آلِ المُسَيَّبِ أَنَّهُمُ / بُدورُ المَعالي غارِباتٍ وَطُلَّعا
تَفَرّوا تَفَرّي السَجلِ دُقَّ أَديمُهُ / وَلَمّا يَدَع فيهِ الخَوارِزُ مَرقَعا
مَضوا بَعدَ ما أَبقوا إِلى المَجدِ مَنهِجاً / رُكوباً بِأَعلى غارِبِ الأَرضِ مَهيعا
إِذا وَضَعوا فيهِ أَجازوا إِلى العُلى / وَإِن سارَ فيهِ الناسُ أَرذى وَأَظلَعا
وَلَم يَترُكوا في نَصلِ شَنعاءَ مَضرِباً / وَلَم يَدَعوا في قَوسِ عَلياءَ مَنزَعا
تَغالَتهُمُ أَيدي المَنونِ عَلائِقاً / مِنَ العِزِّ قَد زايَلنَ عاداً وَتُبَّعا
أَخِلّايَ ما أَبقوا لِعَينِيَ قُرَّةً / وَلا زَوَّدوا إِلّا الحَنينَ المُرَجَّعا
وَكانوا عَلى الأَيّامِ مَلهىً وَمَطرَباً / فَقَد أَصبَحوا لِلقَلبِ مَبكىً وَمَجزَعا
كَأَنَّ عُقاراً بَعدَهُم بابِلَيَّةً / تَخالُ بِها في الرَأسِ نَكباءَ زَعزَعا
لَها رَقَصاتٌ في الذَوائِبِ وَالشَوى / تَرُدُّ جَبانَ القَومِ نَدباً مُشَيَّعا
شَرِبتُ بِها شُربَ الظَمِيَّةِ صادَفَت / قَرارَ عُبابيٍّ مِنَ الماءِ مُترَعا
سَقاكُم وَما سَقيُ السَحائِبِ غَمرَةً / مِنَ الجودِ أَمرى مَن نَداكُم وَأَمرَعا
نِشاصُ الثَرَيّا كُلَّما هَبَّ بَرقُهُ / تَذَبذَبَ يُزجي عارِضاً مُتَرَفِّعا
حَدَتهُ مِنَ الغَورَينِ هَوجاءَ كُلَّما / وَنى عَجرَفَت فيهِ فَخَبَّ وَأَوضَعا
تَلُفُّ بِهِ لَفَّ الحُداةِ جَمائِلاً / يُزادُ عَنِ البَيداءِ طَرداً مُدَفَّعا
كَأَنَّ بِقَعقاعِ الرُعودِ عَشِيَةً / عِشاراً يُراغينَ الجُلالَ الجَلَنفَعا
كَأَنَّ اليَمانِيَّ حاكَ في أُخرَياتِهِ / فَأَعرَضَ أَبرادَ الرَبابِ وَأَوسَعا
إِلى أَن تَفَرّى مِن جَلابيبِهِ الصَبا / كَأَنَّ عَلى الجَرباءِ رَيطاً مُقَطَّعا
فَشَقَّ عَلىذاكَ التُرابِ مَزادَهُ / وَخَوّى عَلى تِلكَ القُبورِ وَجَعجَعا
فَبُعداً لِطيبِ العَيشِ بَعدَ فِراقِكُم / فَلا أَسمَعَ الداعي إِلَيهِ وَلا دَعا
وَلا أَسَفاً لَلدَهرِ إِن صَدَّ مُؤيساً / وَلا مَرحَباً بِالدَهرِ إِن عادَ مُطمِعا
وَإِن عَثَرَ الأَحياءُ مِن بَعدِ مَوتِكُم / فَلا دَعدَعاً لِلعاثِرينَ وَلا لَعا
عَظيمُ الأَسى في هَذِهِ غَيرُ مُقنِعِ
عَظيمُ الأَسى في هَذِهِ غَيرُ مُقنِعِ / وَلَومُ الرَدى فيما جَنى غَيرُ مُنجِعِ
وَلا عَينَ إِلّا الدَمعَ تَجري غُروبُهُ / فَلاقِ بِهِ المَقدورَ إِن شِئتَ أَو دَعِ
فَليسَ القَنا فيما أَصابَ بِشُرَّعٍ / وَليسَ الظُبى فيما أَلَمَّ بِقُطَّعِ
وَلا مانِعٌ مِمّا رَمى اللَهُ سَهمَهُ / دِفاعُ المُحامي وَاِدِّراعُ المُدَرَّعِ
وَإِنَّ المَنايا إِن طَرَقنَ بِفادِحٍ / فَسِيّانِ لُقيا حاسِرٍ أَو مُقَنَّعِ
إِذا اِنتَصَرَ المَحزونُ كانَ اِنتِصارُه / بِدَمعٍ يَزيدُ الوَجدَ أَو عَضِّ إِصبَعِ
وَإِنَّ غَبينَ القومِ مِن طاعِنِ الرَدى / إِذا جاءَ في جَيشِ الرَزايا بِأَدمُعِ
أَتَرضى عَنِ الدُنيا وَما زالَ بِركُها / عَلى مَقصِدٍ مِنّا وَشِلوٍ مُبَضَّعِ
إِذا سَمَحَت يَوماً بِمَجواءَ سَجسَجٍ / تَلَتها عَلى عَمدٍ بِنَكباءَ زَعزَعِ
أَيَومَ عُبَيدِ اللَهِ كَم رُعتَ مِن حَشىً / جَليدٍ عَلى طولِ المَدى لَم يُرَوَّعِ
وَكَم جَفَّ دَمعٌ فيكَ قَد كانَ غَربُهُ / بَطيئاً إِذا ما ريمَ لَم يَتَسَرَّعِ
تَوَقُّعُ أَمرٍ زادَ هَمّاً وُقوعُهُ / وَإِنَّ وُقوعَ الأَمرِ دونَ التَوَقُّعِ
أَيا جَدَثاً وارى مِنَ العِزِّ هَضبَةً / تَمُدُّ إِلى العَليا بِبوعٍ وَأَذرُعِ
سَقاكَ وَلَولا ما تَجِنُ مِنَ التُقى / لَقُلتُ شَآبيبَ العَقارِ المُشَعشَعِ
وَقَلَّ لِقَبرٍ أَنتَ سِرُّ ضَميرِهِ / بُكاءُ الغَوادي كُلَّ يَومٍ بِأَربَعِ
وَقَفتُ عَلَيهِ عاطِفاً فَضلَ عَبرَةٍ / تَفيضُ عَلى فَضلِ الحَنينِ المُرَجَّعِ
أَقولُ لَهُ وَالعَينُ فيها زُجاجَةٌ / مِنَ الدَمعِ قَد وارى بِها الجولُ مَدمَعي
وَما هِيَ إِلّا ساعَةٌ وَهوَ لاحِقٌ / بِعادٍ إِلى يَومِ المَعادِ وَتُبَّعِ
هَلَ اَنتَ مُجيبي إِن دَعَوتُ بِأَنَّةٍ / وَهَل أَنتَ غادٍ بَعدَ طولِ مَدىً مَعي
وَهَيهاتَ حالَت بَينَنا مُستَطيلَةً / ضَمومٌ عَلى الأَجرامِ مِن كُلِّ مَطلَعِ
لَنا كُلَّ يَومِ فَرحَةٌ مِن مُبَشِّرٍ / بِمُقتَبَلٍ أَو رَنَّةٌ مِن مَفَجَّعِ
وَطاري رَجاءٍ في مُلِمٍّ مُسَلِّمٍ / وَعارِضِ يَأسٍ مِن خَليطٍ مُوَدِّعِ
وَما بُعدَ ما بَيني وَبَينَكَ سامِعاً / وَأَنتَ بِمَرأىً مِن مُقامي وَمَسمَعِ
لَحا اللَهُ هَذا الدَهرَ ماذا جَرَتِ بِهِ / نَوائِبُهُ مِن مُؤلِمِ الوَقعِ مُظلِعِ
لَقَد جَبَّ مِنّا ذُروَةً أَيَّ ذُروَةٍ / فَأُبنا بِأَضلاعِ الأَجَبِّ المُوَقَّعِ
أَليسَ عُبيدُ اللَهِ خَلّى مَكانَهُ / فَلا عَطَسَ الإِسلامُ إِلّا بِأَجدَعِ
تَعَزَّ أَميرَ المُؤمِنينَ صَريمَةً / مِنَ العَزمِ عَن ماضي الصَرائِمِ أَروَعِ
أَمينُكَ لَم يَذخَركَ نُصحاً إِذا حَنا / رِجالٌ عَلى الغِشِّ القَديمِ بِأَضلُعِ
هُوَ السابِقُ الهادي إِلى عَقدِ بَيعَةٍ / رَأى الناسَ فيها بَينَ حَسرى وَظُلَّعِ
غَرَستَ بِهِ غَرساً يَرى الدَهرُ عودَهُ / وَكانَ مَتى تَغرِس عَلى الرَغمِ يَنزِعِ
بَقيتَ أَمينَ اللَهِ عوداً لِمَفزَعٍ / وَمَرعىً لِإِخفاقٍ وَوِرداً لِمَطمَعِ
إِذا صَفَحَت عَنكَ اللَيالي وَأُغرِيَت / بِحِفظِكَ فينا هانَ كُلُّ مُضَيَّعِ
فَلا فُجِعَت بِالعِزِّ دارُكَ ساعَةً / وَلا غُضَّ مِن بابِ الرَواقِ المُرَفَّعِ
وَلا بَرِحَت تِلكَ الرُباعُ مَجودَةً / عَلى كُلِّ حالٍ مِن مَصيفٍ وَمَربَعِ
لَقَد هاجَ هَذا الرُزءُ رَيعانَ زَفرَةٍ / تَلَقَّيتَها بِالقَولِ عَن قَلبِ موجَعِ
وَلا سَبَبٌ إِلاّ المَوَدَّةُ إِنَّهُ / تَقَطَّعَ مِنّيَ وَالقُوى لَم تُقَطَّعِ
وَلَيسَ مَقالٌ حَرَّكَتهُ حَفيظَةٌ / وَعَهدٌ كَقَولِ القَإِلِ المُتَصَنِّعِ
ذَكَرتُكَ لَمّا طَبَّقَ الأُفقَ عارِضٌ
ذَكَرتُكَ لَمّا طَبَّقَ الأُفقَ عارِضٌ / وَأَعرَضَ بَرقٌ كَالضِرامِ لَموعُ
وَأَنتَ مُقيمٌ حَيثُ لا البَرقُ يُجتَلى / بِعَينٍ وَلا روحُ النَسيمِ يَضوعُ
غَريبٌ عَنِ الأَوطانِ لا لَكَ هَبَّةٌ / إِلَيها وَلا بَعدَ المُضِيَّ رُجوعُ
خَلا مِنكَ رَبعٌ قَد تَبَدَّلتَ بَعدَهُ / رُبوعَ بِلىً ما مِثلَهُنَّ رُبوعُ
وَعاوَدَ قَلبي الذِكرُ إِذ نَحنُ جيرَةٌ / زَماناً وَإِذ شَملُ الجَميعِ جَميعُ
وَإِذ عَيشُنا الرَقراقُ يُسبِغُ خَفضَه / عَلينا وَإِذ طَيرُ النَعيمِ وُقوعُ
إِلى أَن مَشى بَيني وَبَينَكُمُ الرَدى / وَقَطَّعَ أَقرانَ الصَفاءِ قَطوعُ
وَفي كُلَّ يَومٍ صاحِبٌ أَستَجِدُّهُ / وَيَنزِعُهُ مِن راحَتَيَّ نُزوعُ
إِذا قُلتُ يَخطوهُ الحِمامُ هَوَت بِهِ / نُيوبُ رَدىً فيها السِمامُ نَقيعُ
سَلامٌ عَلى تِلكَ القُبورِ وَجادَها / بِأَروى وَأَسنى ما يَجودُ رَبيعُ
فَلا تَغبِطونا إِذ أَقَمنا وَأَنتُمُ / عَلى ظَعَنٍ إِنَّ اللِقاءَ سَريعُ
أَقولُ وَما حَنَّت بِذي الأَثلِ ناقَتي
أَقولُ وَما حَنَّت بِذي الأَثلِ ناقَتي / قِري لا يَنَل مِنكَ الحَنينُ المُرَجَّعُ
تَحِنّينَ إِلّا أَنَّ بي لا بِكِ الهَوى / وَلَي لا لَكِ اليَومَ الخَليطُ المُوَدِّعِ
وَباتَت تَشَكّى تَحتَ رَحلي ضَمانَةً / كِلانا إِذاً يا ناقَ نِضوٌ مُفَجَّعُ
أَحَسَّت بِنارٍ في ضُلوعي فَأَصبَحَت / يَخُبُّ بِها حَرُّ الغَرامِ وَيوضَعُ
أَروحُ بِفِتيانٍ خِماصٍ مِنَ الجَوى / لَهُم أَنَّهُ في كُلِّ دارٍ وَأَدمُعُ
إِذا غَرَّدَ الرَكبُ الخَفيُّ تَأَوَّهوا / لِما وَجَدوا بَعدَ النَوى وَتَوَجَّعوا
عَلى أَبرَقِ الحَنّانِ كانَ حَنينُنا / وَبِالجِزعِ مَبكىً إِن مَرَرنا وَمَجزَعُ
تَزافَرَ صَحبي يَومَ ذي الأَثلِ زَفرَةً / تَذوبُ قُلوبٌ مِن لَظاها وَأَدمُعُ
مَنازِلُ لَم تَسلَم عَلَيهِنَّ مُقَلَّةٌ / وَلا جَفَّ بَعدَ البَينِ فيهِنَّ مَدمَعُ
فَدَمعٌ عَلى بالي الدِيارِ مُفَرَّقٌ / وَقَلبٌ عَلى أَهلِ الدِيارِ مُوَزَّعُ
أَرى اليَأسَ حَتّى تَعزِمَ النَفسُ سَلوَةً / وَيَرجَعَ بي داعي الغَرامِ فَأَطمَعُ
ذَكَرتُ الحِمى ذِكرَ الطَريدِ مَحَلَّهُ / يُذادُ مَذادَ العاطِشاتِ وَيُرجَعُ
وَأَينَ الحِمى لا الدارُ بِالدارِ بَعدَهُم / وَلا مَربَعٌ بَعدَ الحَنينِ مُرَبَّعُ
سَلامٌ عَلى الأَطلالِ لا عَن جِنايَةٍ / وَإِن كُنَّ يَأساً حينَ لَم يَبقَ مَطمَعُ
نَشَدتُكُمُ هَل زالَ مِن بَعدِ أَهلِهِ / زَرودٌ وَرامَتهُ طُلولٌ وَأَربُعُ
وَهَل أَنبَتَ الوادي العَقيقِيُّ بَعدَهُم / وَبُدِّلَ بِالجيرانِ شِعبٌ وَلَعلَعُ
فَيا قَلبُ إِن يَفنَ العَزاءُ فَطالَما / عَهِدتُكَ بَعدَ الظاعِنينَ تَصَدَّعُ
وَقَد كانَ مِن قَلبي إِلى الصَبرِ جانِبٌ / فَقَلبِيَ بَعدَ اليَومِ لِلصَبرِ أَجمَعُ
نَعَم عادَني عيدُ الغَرامِ وَنَبَّهَت / عَلَيَّ الجَوى دارٌ بِمَيثاءَ بَلقَعُ
وَطارَت بِقَلبي نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ / يُنَفِّسُها حالٌ مِنَ الرَوضِ مُمرِعُ
أَصُدَّ حَياءً لِلرِفاقِ وَإِنَّما / زِمامِيَ مُنقادٌ مَعَ الشَوقِ طَيِّعُ
نَظَرتُ الكَثيبَ الأَيمَنَ اليَومَ نَظرَةً / تَرُدُّ إِلَيَّ الطَرفَ يَدمى وَيَدمَعُ
وَرُبَّ غَزالٍ داجِنٍ في كِناسِهِ / عَلى رُقبَةِ الواشينَ يُعطي وَيَمنَعُ
وَأُحسِنُ في الوُدِّ التَقاضي إِذا لَوى / وَيَبذُلُ مَنزورَ النَوالِ فَأَقنَعُ
وَأَيقَظتُ لِلبَرقِ اليَمانيِّ صاحِباً / بِذاتِ النَقا يَخفىمِراراً وَيَلمَعُ
تَعَرَّضَ نَجديّاً وَأَذكى وَميضُهُ / عَقيقَ الحِمى مِنهُ مَعانٌ وَأَجرَعُ
أَأَنتَ مُعيني لِلغَليلِ بِنَظرَةٍ / فَنَبكي عَلى تِلكَ اللَيالي وَنَجزَعُ
مَعاذَ الهَوى لَو كُنتَ مِثلي في الهَوى / إِذاً لَدَعاكَ الشَوقُ مِن حيثُ تَسمَعُ
هَناكَ الكَرى إِنّي مِنَ الوَجدِ ساهِرٌ / وَبُرءُ الحَشى إِنّي مِنَ البَينِ موجَعُ
فَلا لُبَّ لي إِلّا تَماسُكُ ساعَةٍ / وَلا نَومَ لي إِلّا النُعاسُ المُرَوَّعُ
تَصامَمَ عَنّي لائِثاً فَضلَ بُردِهِ / وَلا يَحفِلُ الشَوقَ النَؤومُ المُقَنَّعُ
طَوَتكَ اللَيالي مِن رَفيقٍ كَأَنَّهُ / مِنَ العَجزِ يَربوعُ المَلا المُتَقَصِّع
يَنامُ عَلى هَدِّ الصَفاةِ بَلادَةً / إِذا قامَ مِن نَبذِ الحَصاةِ المُشَيّعُ
أَلا لَيتَ شِعري كُلُّ دارٍ مُشَتَّتٌ / أَلا مَوطِنٌ يَدنو بِشَملٍ وَيَجمَعُ
أَلا سَلوَةٌ تَنهى الدُموعَ فَتَنتَهي / أَلا مَورِدٌ يَروي الغَليلَ فَيُنقَعُ
فَصَبراً عَلى قَرعِ الزَمانِ وَغَمزِهِ / وَهَل يُنكِرُ الحِملَ الذَلولُ المَوَقَّعُ
وَهَبتُ لَهُ ظَهري عَلى عَقرِ غارِبي / فَكُلُّ زِمامٍ قادَني مِنهُ أَتبَعُ
وَكَم ظَهرِ صَعبٍ عادَ بِالذُلِّ يُمتَطى / وَعَرنينِ آبٍ باتَ بِالضَيمِ يُقرَعُ
وَقُل لِلَّيالي حامِلي أَو تَحامَلي / فَلَم يَبقَ في قَوسِ المَقاديرِ مَنزَعُ
أَلا يا غَزالَ الرَملِ مِن بَطنِ وَجرَةٍ
أَلا يا غَزالَ الرَملِ مِن بَطنِ وَجرَةٍ / إِلِلواجِدِ الظَمآنِ مِنكِ شُروعُ
خَلا لَكَ في الأَحشاءِ مَرعىً تَرودُهُ / وَصابَكَ مِن ماءِ الدُموعِ رَبيعُ
أَلا هَل إِلى ظِلِّ الأَثيلِ تَخَلُّصٌ / وَهَل لِثَنَيّاتِ الغُوَيرِ طُلوعُ
وَهَل بَلِيَت خَيمٌ عَلى أَيمَنِ الحِمى / وَزالَت لَنا بِالأَبرَقَينِ رُبوعُ
وَهَل لِلَيالينا الطِوالِ تَصَرُّمٌ / وَهَل لِلَيالينا القِصارِ رُجوعُ
وَلَم أَنسَ يَومَ الجِزعِ حُسناً خَلَستُهُ / بِعَيني عَلى أَنَّ الزِيالَ سَريعُ
وَلَمّا تَواقَفنا ذَهَلتُ وَلَم يَحِن / لِطَيرِ قُلوبِ العاشِقينَ وُقوعُ
عَلى حينَ أَعدَتُّ حَيرَتي قَلبَ صاحِبي / فَرُحنا وَسَوطَ العامِرِيِّ مُضيعُ
حَديثٌ يَضَلُّ القَلبُ عِندَ اِستِماعِهِ / فَليسَ عَجيباً أَن يَضَلَّ قَطيعُ
عَشيَّةَ لي مِن رُقبَةِ الحَيِّ زاجِزٌ / عَنِ الدَمعِ إِلّا أَن تَشُذَّ دُموعُ
وَقَد أَمَرَت عَيناكَ عَينَيَّ بِالبُكا / فَقُل لِيَ أَيَّ الآمرَينِ أُطيعُ
تَشاهَقنَ لَمّا أَن رَأَينَ بِمَفرِقي
تَشاهَقنَ لَمّا أَن رَأَينَ بِمَفرِقي / بَياضاً كَأَنَّ الشَيبَ عِندي مِنَ البِدَع
وَقُلنَ عَهِدنا فَوقَ عاتِقِ ذا الفَتى / رِداءً مِنَ الحَوكِ الرَقيقِ فَما صَنَع
وَلَم أَرَ عَضباً عيبَ مِنهُ صِقالُهُ / وَكانَ حَبيباً لِلقُلوبِ عَلى الطَبَع
وَقالوا غُلامٌ زَيَّنَ الشَيبُ رَأسَهُ / فَبُعداً لِرَأسٍ زانَهُ الشَيبُ وَالنَزَع
تَسَلّى الغَواني عَنهُ مِن بَعدِ صَبوَةٍ / وَما أَبعَدَ النَبتَ الهَشيمَ مِنَ النُجَع
وَكُنَّ يُخَرِّقنَ السُجوفَ إِذا بَدا / فَصِرنَ يُرَقِّعنَ الحُروقَ إِذا طَلَع
وَقَفتُ بِرَبعِ العامِرِيَّةِ وَقفَةً
وَقَفتُ بِرَبعِ العامِرِيَّةِ وَقفَةً / فَعَزَّ اِشتِياقي وَالطُلولُ خَواضِعُ
وَكَم لَيلَةً بِتنا عَلى غَيرِ ريبَةٍ / عَلينا عُيونٌ لِلنُهى وَمَسَامِعُ
نَفُضُّ حَديثاً عَن خِتامِ مَوَدَّةٍ / مَعاقِلُها أَحشاؤُنا وَالأَضالِعُ
يَكادُ غُرابُ اللَيلِ عِندَ حَديثِنا / يَطيرُ اِرتِياحاً وَهوَ في الوَكرِ واقِعُ
خَلَونا فَكانَت عِفَّةٌ لا تَعَفُّفٌ / وَقَد رُفِعَت في الحَيِّ عَنّا المَوانِعُ
سَلوا مَضجَعِ عَنّي وَعَنها فَإِنَّنا / رَضينا بِما يُخبِرنَ عَنّا المَضاجِعُ
لِقَلبي بِغَورَيَّ البِلادِ لُبانَةٌ
لِقَلبي بِغَورَيَّ البِلادِ لُبانَةٌ / وَإِن كُنتُ مَسدوداً عَلَيَّ المَطالِعُ
لَعَلِّيَ أُعطى وَالأَمانيُّ ضِلَّةٌ / وَإِنَّ اللَيالي مُعطَياتٌ مَوانِعُ
مَبيتِيَ في أَثوابِ ظَمياءَ لَيلَةً / بِوادي الغَضا وَالعاذِلونَ هَواجِعُ
وَما نُطفَةٌ مَشمولَةٌ بِمَجَمَّةٍ / وَعاها صَفاً مِن طامِنِ الطَودِ فارِعُ
مِنَ البيضِ لَولا بُردُها قُلتُ دَمعَةٌ / مُرَنَّقَةٌ ما أَسلَمَتها المَدامِعُ
بِأَعذَبَ مِمّا نَوَّلَتنيهِ مَوهِناً / وَقَد شيمَ بِالغَورِ النُجومُ الطَوالِعُ
أَرى بَعدَ وِردِ الماءِ في القَلبِ غُلَّةً / إِلَيكَ عَلى أَنّي مِنَ الماءِ ناقِعُ
وَإِنّي لَأَقوى ما أَكونُ طَماعَةً / إِذا كَذَّبَت فيكَ المُنى وَالمَطامِعُ
تُجَمجِمُ بِالإِشعارِ كُلُّ قَبيلَةٍ
تُجَمجِمُ بِالإِشعارِ كُلُّ قَبيلَةٍ / وَفي القَولِ مَحفوظٌ عَليها وَضائِعُ
وَكُلُّ فَتىً بِالشِعرِ تَجلو هُمومُهُ / وَيَكتُبُ ما تُملي عَليهِ المَطامِعُ
وَشِعرِيَ تَختَصُّ القُلوبُ بِحِفظِهِ / وَتَحظى بِهِ دونَ العُيونِ المَسامِعُ
وَأولى بِهِ مَن كانَ مِثلَكِ حازِماً / يُذَبِّبُ عَن أَطرافِهِ وَيُقارِعُ
سَتَظفَرُ مِن نَظمي بِكُلِّ قَصيدَةٍ / كَما حَلَّتِ اللَيلَ النُجومُ الطَوالِعُ
تُضيءُ قَوافيها وَراءَبُيوتِها / طِراقاً كَما يَتلو النَصولَ القَبائِعُ
إِذا هَزَّها السُمّارُ طارَ لَها الكَرى / وَهَزَّت جُنوبَ النائِمينَ المَضاجِعُ
وَغَيرُكَ يَعمى عَن مَعانٍ مُضيئَةٍ / كَما تَقبِضُ اللَحظَ البُروقُ اللَوامِعُ
وَما كُلُّ مَمدوحٍ يَلَذُّ بِمَدحِهِ / أَلا بَعضُ أَطواقِ الرِقابِ جَوامِعُ
وَعاري الشَوى وَالمَنكِبَينِ مِنَ الطَوى
وَعاري الشَوى وَالمَنكِبَينِ مِنَ الطَوى / أُتيحَ لَهُ بِاللَيلِ عاري الأَشاجِعِ
أُغَيبِرُ مَقطوعٌ مِنَ اللَيلِ شَوبُهُ / أَنيسٌ بِأَطرافِ البِلادِ البَلاقِعِ
قَليلُ نُعاسِ العَينِ إِلّا غِيابَةً / تَمُرُّ بِعَينَي جاثِمِ القَلبِ جائِعِ
إِذا جَنَّ لَيلٌ طارَدَ النَومَ طَرفُهُ / وَنَصَّ هُدى أَلحاظِهِ بِالمَطامِعِ
يُراوِحُ بَينَ الناظِرَينَ إِذا اِلتَقَت / عَلى النَومِ أَطباقُ العُيونِ الهَواجِعِ
لَهُ خَطفَةٌ حَذّاءُ مِن كُلِّ ثَلَّةٍ / كَنَشطَةِ أَقنى يَنفُصُ الطَلَّ واقِعِ
أَلَمَّ وَقَد كادَ الظَلامُ تَقَضَّياً / يُشَرِّدُ فُرّاطَ النُجومِ الطَوالِعِ
طَوى نَفسَهُ وَاِنسابَ في شَملَةِ الدُجى / وَكُلُّ اِمرِىءٍ يَنقادُ طَوعَ المَطامِعِ
إِذا فاتَ شَيءٌ سَمعَهُ دَلَّ أَنفُهُ / وَإِن فاتَ عَينَيهِ رَأى بِالمَسامِعِ
تَظالَعَ حَتّى حَكَّ بِالأَرضِ زَورَهُ / وَراغَ وَقَد رَوَّعتُهُ غَيرَ ظالِعِ
إِذا غالَبَت إِحدى الفَرائِسِ خَطمَه / تَدارَكَها مُستَنجِداً بِالأَكارِعِ
جَرِيٌّ يَسومُ النَفسَ كُلَّ عَظيمَةٍ / وَيَمضي إِذا لَم يَمضِ مَن لَم يُدافِعِ
إِذا حافَظَ الراعي عَلى الضَأنِ غَرَّهُ / خَفِيُّ السُرى لا يَتَّقي بِالطَلايِعِ
يُخادِعُهُ مُستَهزِئاً بِلِحاظِهِ / خِداعَ اِبنِ ظَلماءٍ كَثيرِ الوَقائِعِ
وَلَمّا عَوى وَالرَملُ بَيني وَبَينَهُ / تَيَقَّنَ صَحبي أَنَّهُ غَيرُ راجِعِ
تَأَوَّبَ وَالظَلماءُ تَضرِبُ وَجهَهُ / إِلَينا بِأَذيالِ الرِياحِ الزَعازِعِ
لَهُ الوَيلُ مِن مُستَطعِمٍ عادَ طُعمَةً / لِقَومٍ عِجالٍ بِالقِسِيِّ النَوازِعِ
لَكَ القَلَمُ الجَوّالُ إِذ لا مُثَقَّفٌ
لَكَ القَلَمُ الجَوّالُ إِذ لا مُثَقَّفٌ / يَجولُ وَلا عَضبٌ تُهابُ مَواقِعُه
سَواءٌ إِذا غَشَّيتَهُ النَقسَ رَهبَةً / وَذو لَهذَمٍ غُشّي مِنَ الدَمِّ رادِعُه
لَجلِجُ مِن فَوقِ الطُروسِ لِسانُهُ / وَلَيسَ يُؤَدّي ما تَقولُ مَسامِعُه
وَيَنطِقُ بِالأَسرارِ حَتّى تَظُنُّهُ / حَواها وَصِفرٌ مِن ضَميرٍ أَضالِعُه
إِذا اِسوَدَّ خَطبٌ دونَهُ وَهوَ أَبيَضٌ / يُسَوِّدُ وَاِبيَضَّت عَلَيهِ مَطالِعُه
وَلا قِرنَ إِلّا أَدمَعَ الطَعنُ نَحرَهُ
وَلا قِرنَ إِلّا أَدمَعَ الطَعنُ نَحرَهُ / وَما غَسَلَتهُ بِالدُموعِ مَدامِعُه
وَيَومٍ كَأَنَّ السَمهَرِيَّ عُيونُهُ / إِلى المَوتِ وَالنَقعِ المُثارُ بَراقِعُه
يُخَرَّقُ مِنهُ كُلُّ جِلبابِ مُهجَةٍ / عَلى أَنَّهُ في مَنظَرِ العَينِ راقِعُه
وَلَيلٍ كَجِلبابِ الشَبابِ رَقَعتُهُ
وَلَيلٍ كَجِلبابِ الشَبابِ رَقَعتُهُ / بِصُبحٍ كَجِلبابِ المَشيبِ طَلائِعُه
كَأَنَّ سَماءَ اليَومِ ماءٌ أَثارَهُ / مِنَ اللَيلِ سَيلٌ فَالنُجومُ فَواقِعُه
أَرومُ اِنتِصافي مِن رِجالٍ أَباعِدٍ
أَرومُ اِنتِصافي مِن رِجالٍ أَباعِدٍ / وَنَفسِيَ أَعدى لي مِنَ الناسِ أَجمَعا
إِذا لَم تَكُن نَفسُ الفَتى مِن صَديقِهِ / فَلا يُحدِثَن في خِلَّةِ الغَيرِ مَطمَعا
سَيُسكِتُني يَأسي وَفي الصَدرِ حاجَةٌ
سَيُسكِتُني يَأسي وَفي الصَدرِ حاجَةٌ / كَما أَنطَقَتني وَالرِجالَ المَطامِعُ
بِضائِعُ قَولٍ عِندَ غَيرِيَ رِبحُها / وَعِندِيَ خُسراناتُها وَالوَضائِعُ
غَرائِبُ لَو هُدَّت عَلى الطَودِ ذي الصَفا / أَصاخَ إِلَيها يَذبُلٌ وَالقَعاقِعُ
تُضاعُ كَما ضاعَت خَلاةٌ بِقَفرَةٍ / زَفَتها النُعامى وَالرِياحُ الزَعازِعُ
كَأَنَّ لِساني نِسعَةٌ حَضرَمِيَةٌ / طَواها وَلَم تَبلُغ لَها السومَ بائِعُ
لَقَد كانَ لي عَن باحَةِ الذُلَّ مَذهَبٌ / وَمُضطَرَبٌ عَن جانِبِ الضَيمِ واسِعُ
وَما مُدَّ ما بَيني وَبَينَ مَذاهِبي / حِجازٌ وَلا سُدَّت عَلَيَّ المَطالِعُ
أَكُنُّ ثَنائي وَاِبنُ فَعلاءَ مُعرِضٌ / لَئِن أَنتَ لَم تَسمَع فَعِرضُكَ سامِعُ
وَلَو ما جَزَيتُ القَرضَ بِالعِرضِ لَم يَضِع / فَإِنَّ النَدى عِندَ الكِرامِ وَدائِعُ
سَيُدرى مَنِ المَغبونُ مِنّا وَمِنكُمُ / إِذا اِفتَرَقَت عَمّا تَقولُ المَجامِعُ
وَهَل تَدَّعي حِفظَ المَكارِمِ عِصبَةٌ / لِئامٌ وَمِثلي بَينَها اليَومَ ضائِعُ
نَعَم لَستُمُ الأَيدي الطِوالَ فَعاوِنوا / عَلى قَدرِكُم قَد تُستَعانُ الأَصابِعُ
إِذا لَم يَكُن وَصلي إِلَيكُم ذَريعَةً / فَيا لَيتَ شِعري ما تَكونُ الذَرائِعُ
أَرى بارِقاً لَم يُروِني وَهوَ حاضِرٌ / فَكَيفَ أُرَجّي رَيَّهُ وَهوَ شاسِعُ
وَأَخلَفَ شَيمي كُلُّ بَرقٍ أَشيمُهُ / فَلا النَوءُ مَرجوٌّ وَلا الغَيثُ واقِعُ
سَأَذهَبُ عَنكُم غَيرَ باكٍ عَلَيكُمُ / وَما لِيَ عُذرٌ أَن تَفيضَ المَدامِعُ
وَأَهجُرُكُم هَجرَ المُفيقِ مِنَ الهَوى / خَلا القَلبُ مِنهُ وَاِطمَأَنَّ المَضاجِعُ
وَأَعتَدُّ فَجّاً أَنتُمُ مِن حِلالِهِ / ثَنِيَّةَ خَوفٍ ما لَها اليَومَ طالِعُ
وَما مَوقِفي وَالرَكبُ يَرجو عَلى الصَدى / مَوارِدَ قَد نَشَّت بِهِنَّ الوَقائِعُ
أُفارِقُكُم لا النَفسُ وَلهى عَليكُمُ / وَلا اللُبُّ مَخلوسٌ وَلا القَلبُ جازِعُ
وَلا عاطِفاً جيدي إِلَيكُم بِلَفنَةٍ / مِنَ الشَوقِ ما سارَ النُجومُ الطَوالِعُ
وَلا ذاكِراً ما كانَ بَيني وَبَينَكُم / مُراجَعَةً إِنَّ المُحِبَّ المُراجِعُ
نَبَدتُكُمُ نَبذَ المُخَفِّفِ ثِقلَهُ / وَإِنّي لَحَبلِ مِنَّةِ الغَدرِ قاطِعُ
يَقولونَ ماشِ الدَهرَ مِن حَيثُ ما مَشى
يَقولونَ ماشِ الدَهرَ مِن حَيثُ ما مَشى / فَكَيفَ بِماشٍ يَستَقيمُ وَأَظلَعُ
وَما واثِقٌ بِالدَهرِ إِلاّ كَراقِدٍ / عَلى فَضلِ ثَوبِ الظِلِّ وَالظِلُّ يُسرِعُ
وَقالوا تَعَلَّل إِنَّما العَيشُ نَومَةٌ / يُقَضّى وَيَمضي طارِقُ الهَمِّ أَجمَعُ
وَلَو كانَ نَوماً ساكِناً لَحَمِدتُهُ / وَلَكِنَّهُ نَومٌ مَروعٌ مُفَزَّعُ
لَكُلِّ اِمرِىءٍ نَفسانِ نَفسٌ كَريمَةٌ
لَكُلِّ اِمرِىءٍ نَفسانِ نَفسٌ كَريمَةٌ / وَأُخرى يُعاصيها الفَتى أَو يُطيعُها
وَنَفسُكَ مِن نَفسَيكَ تَشفَعُ لِلنَدى / إِذا قَلَّ مِن أَحرارِهِنَّ شَفيعُها