المجموع : 5
أَرى بارِقاً نَحوَ الحِجازِ تَطَلَّعا
أَرى بارِقاً نَحوَ الحِجازِ تَطَلَّعا / تَحَدَّر في شَرقِيّها وَتَرَفَّعا
أَماتَ وَأَحيا أَنفُساً بِوَميضَهِ / سَقى اللَهُ مَغناهُ وَإِن كانَ بَلقَعا
أَلا أَيُّها الربعُ الَّذي قَسمَ البِلى / بَقِيَّة مَغناهُ رُسوماً وَأَربُعا
لَئِن سَلَبَتكَ الريحُ فينانَ عيشَةٍ / لَقَد كُنتَ مَنشورَ الذَوائِبِ أَرفَعا
لَقَد هَلهَلَتكَ الريحُ حَتّى كَأَنَّما / كَسَتكَ مِنَ الإِبهاجِ ثَوباً مُضَلَّعا
فَنادَت بِكَ الأَيّامُ أَن لَستَ راجِعاً / وَصاحَ البلى في جانِبَيكَ فَأَسمَعا
وَيا حَسرَةً أَدَّت إِلى القَلبِ لَوعَةً / فَلَم أَستَطِع لِلهَمِّ إِذ جاشَ مَدفَعا
حَبيبٌ دَنا حَتّى إِذا ما تَطَلَّعَت / إِلى قُربِهِ الأَعناقُ بانَ فَوَدَّعا
فَكانَ كَلَمعِ البَرقِ أَومَضَ ضوؤُهُ / فَلَمّا خَفا الأَلحاظَ سارَ فَأَسرَعا
وَلَم أَرَ مِثلَينا غَداةَ فِراقِنا / مودعَ أَلفٍ لَم يَمُت وَمُودَّعا
وَما زالَتِ الأَيّامُ تَدخُلُ بَينَنا / وَتَجذِبُ حَبلَ الوَصلِ حَتّى تَقَطَّعا
سَأَرتادُ لِلحاجاتِ عيساً شَمِلَّةً / تَغولُ حِبالاً عِندَ شَدٍّ وَأَنسعا
وَلَيسَ لَها مِن مَقصَدٍ دونَ جَعفَرٍ / وَإِن لَقيت عَذباً رِواءً وَمَربَعا
هُوَ الغَيثُ مِن أَيِّ الوُجوهِ اِنتَجَعتَهُ / وَجَدتَ جَناباً مُستَطاباً وَمَشرَعا
فَلا سِعَةُ الأَموالِ تَبلُغُ جودَه / وَلا ضيقُها يَنهاهُ أَن يَتَوَسَّعا
يَعِزُّ عَلَينا أَن رَكنى مُحَمَّدٍ
يَعِزُّ عَلَينا أَن رَكنى مُحَمَّدٍ / أَصابَها ريبُ الرَدى فَتَصَدَّعا
تَداعى لَهُ الرُكنُ الَّذي كانُ يُرتَجى / وَأَتبَعهُ المِقدارُ رُكناً فَضَعضَعا
كَأَنَّ المَنايا تَبتَغي عِندَهُ لَها / تُراثاً فَما يَنفَكّ مِنها مُرَوّعا
أَبٌ مُشفِقٌ بَرٌّ وَأُمٌّ حَفِيَّةٌ / سَطَت بِهِما الأَيّامُ سَطوَة أَروَعا
وَفي الدَهرِ أَسواتٌ وَلكِن تَقارَبَت / لَياليهِما فَاِستَنفَذَ الصَبرُ أَجمَعا
تَناوبُ إِتيانِ الجَديدَينِ لَم يَدَع / مِنَ الناسِ إِلّا آلِمَ القَلبِ موجَعا
وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى سوقِ لَيلَةٍ / وَيَومٍ إِذا اِحتَنا مَطيَّتهُ مَعا
إِذا غَمَّضَت فَوقي جُفونُ حَفيرَةٍ
إِذا غَمَّضَت فَوقي جُفونُ حَفيرَةٍ / مِنَ الأَرضِ فَاِبكيني بِما كُنتُ أَصنَعُ
يُعَزّيكِ عَنّي بَعدَ ذلِكَ سَلوَةٌ / وَأَن لَيسَ فيمَن وارَتِ الأَرضُ مَطمَعُ
إِذا لَم تَري شَخصي وَتُغنيكِ ثَروَتي / وَلَم تَسمَعي مِنّي وَلا مِنكِ أَسمَعُ
فَحينَئِذٍ تَسلينَ عَنّي وَإِن يَكُن / بُكاءٌ فَأَقصى ما تَبكينَ أَربَعُ
قَليلٌ وَرَبِّ البَيتِ يا ريمُ ما أَرى / فَتاةً بِمَن وَلّى بِهِ المَوتُ تَقنَعُ
بِمَن تَدفَعينَ الحادِثاتِ إِذا رَمى / عَلَيكِ بِها عامٌ مِنَ الجَدبِ يَطلعُ
فَيَومَئِذٍ تَدرينَ مَن قَد رُزئته / إِذا جَعَلَت أَركانُ بَيتِكِ تُنزَعُ
رَأَيتُ بغاةَ الخبرِ في كُلّ وُجهَةٍ
رَأَيتُ بغاةَ الخبرِ في كُلّ وُجهَةٍ / لغيبَةِ يَحيى مُستَكينَينَ خُضّعا
فَإِن يُمسِ مَن في الرَقّتينِ مُؤَمِّلاً / لِأَوبَةِ يَحيى نَحوَها مُتَطَلِّعا
فَما وَجهُ يَحيى وَحدَهُ غابَ عَنهُمُ / وَلكِنَّ يَحيى غابَ بِالخَيرِ أَجمَعا
إِلَيكَ أَبا العبّاسِ سارَت نَجائِبٌ
إِلَيكَ أَبا العبّاسِ سارَت نَجائِبٌ / لَها هَمٌّ تَسري إِلَيكَ وَتَنزِعُ
بِذِكرِكَ تَحدوها إِذا ما تَأَخَّرَت / فَتَمضي عَلى هَولِ المضيِّ وَتُسرِعُ
فَما لِلِسانِ المَدحِ دونَكَ مشرعٌ / وَما لِلمَطايا دونَ بابِكَ مفزعُ
إِذا ما حِياضُ المَجدِ قَلَّت مِياهُها / فَحَوضُ أَبي العَبّاسِ في الجودِ مُترَعُ
فَزُرهُ تَزُر حِلماً وَعِلماً وَسُؤدُداً / وَبَأساً بِهِ أَنفُ الحَوادِثِ يُجدَعُ