المجموع : 11
أَمَنزِلَتَي مِيِّ سَلامٌ عَلَيكُما
أَمَنزِلَتَي مِيِّ سَلامٌ عَلَيكُما / هَلِ الأَزمُنُ اللائي مَضَينَ رَواجِعُ
وَهَل يَرجِعُ التَسليمَ أَو يَكشِف العَمى / ثَلاثُ الأَثافي وَالرُسومُ البَلاقِعُ
تَوَهَّمتُها يَوماً فَقُلتُ لِصاحِبي / وَلَيسَ بِها إِلّا الظِباءُ الخَواضِعُ
وَمَوشِيَّةٌ سَحمُ الصَياصي كَأَنَّها / مُجَلَّلَةٌ حوٌ عَلَيها البَراقِعُ
حَرونيَّةُ الأَنسابِ أَو أَعَوجيَّةٌ / عَلَيها مِنَ القَهزِ المُلاءُ النَواصِعُ
تَجَوَّبنَ مِنها عَن خُدودٍ وَشُمِّرَت / أَسافِلُها مِن حَيثُ كانَ المَذارِعُ
قَفِ العيسَ نَنظُر نَظرَةً في ديارِها / فَهَل ذاكَ مِن داءِ الصَبابَةِ نافِعُ
فَقالَ أَما تَغشى لِمَيَّةَ مَنزِلاً / مِنَ الأَرضِ إِلّا قُلتَ هَل أَنتِ رابِعُ
وَقَلَّ إِلى أَطلالِ مَيٍّ تَحيَّةٌ / تُحَيّى بِها أَو أَن تُرِشَّ المَدامِعُ
أَلا أَيُّها القَلبُ الَّذي بَرَّحَت بِهِ / مَنازِلُ مَيٍّ وَالعِرانُ الشَواسِعُ
أَفي كُلٍّ أَطلالٍ لَها مِنكَ حَنَّةٌ / كَما حَن مَقرونُ الوَظيفَينِ نازِعُ
وَلا بُرءَ مِن مَيٍّ وَقَد حيلَ دونَها / فَما أَنتَ فيما بَينَ هاتَينِ صانِعٌ
أَمُستَوجِبٌ أَجرَ الصَبورِ فَكاظِمٌ / عَلى الوَجدِ أَم مُبدي الضَميرِ فَجازِعُ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ جَرعاءِ مُشرِفٍ / لِشَوقي لَمُنقادُ الجَنيبَةِ تابِعُ
غَداةَ اِمتَرَت ماءَ العُيونِ وَنَغَّصَت / لُبانا مِنَ الحاجِ الخُدورُ الرَوافِعُ
ظَعائِنَ يَحلُلنَ الفَلاةَ وَتارَةً / مَحاضِرَ عَذبٍ لَم تَخُضهُ الضَفادِعُ
تَذَكَّرنَ ماءً عُجمَةُ الرَملِ دونَهُ / فَهُنَّ إِلى نَحوِ الجَنوبِ صَواقِعُ
تَصَيَّفنَ حَتّى أَوجَفَ البارِحُ السَفا / وَنَشَّت جَرامِيزُ اللِوى وَالمَصانِعُ
يَسُفنَ الخُزامى بَينَ مَيثاءَ سَهلَةٍ / وَبَينَ بِراقٍ وَاِجَهَتها الأَجارِعُ
بِها العَينُ وَالآرامُ فَوضى كَأَنَّها / ذُبالٌ تَذَكّى أَو نُجومٌ طَوالِعُ
غَدَونَ فَأَحسَنَّ الوَداعَ وَلَم تَقُل / كَما قُلنَ إِلّا أَن تُشيرَ الأَصابِعُ
وَأَخذُ الهَوى فَوقَ الحَلاقيمِ مُخرِسٌ / لَنا أَن نُحَيّي أَو نُسَلِّمَ مانِعُ
وَقَد كُنتُ أَبكي وَالنَوى مُطمَئِنَّةٌ / بِنا وَبِكُم مِن عِلمِ ما البَينُ صانِعُ
وَأَشفَقُ مِن هِجرانِكُم وَتَشُفُّني / مَخافَةُ وَشَكِ البَينِ وَالشَملُ جامِعُ
وَأَهجُرُكُم هَجرَ البَغيضِ وَحُبُّكُم / عَلى كَبِدي مِنهُ شُؤونٌ صَوادِعُ
وَأَعمِدُ لِلأَرضِ الَّتي لا ترُدُّها / لِتَرجِعَني يَوماً إِلَيكَ الرَواجِعُ
فَلَما عَرَفنا آيَةَ البَينِ بَغتَةً / وَهَذُّ النَوى بَينَ الخُليطَينِ قاطِعُ
لَحِقنا فَراجَعنا الحُمولَ وَإِنَّما / يُتَلّي ذُباباتِ الوَداعِ المُراجِعُ
عَلى شَمَّرِيّاتٍ مَراسيلَ وَاِسَقَت / مَواخيدَهُنَّ المُعنِقاتُ الذَوارِعُ
فَلَمّا تَلاحَقنا وَلا مِثلَ ما بِنا / مِنَ الوَجدِ لا تَنقَضُّ مِنهُ الأَضالِعُ
تَخَلَّلنَ أَبوابَ الخُدورِ بِأَعيُنٍ / غَرابيبَ وَالأَلوانُ بيضٌ نَواصِعُ
وَخالَسنَ تَبساماً إِلَينا كَأَنَّما / تُصيبُ بِهِ حُبَّ القُلوبِ القَوارِعُ
وَدَوٍّ كَكَفِّ المُشتَري غَيرَ أَنَّهُ / بَساطٌ لأَخفافِ المَراسيلِ واسِعُ
قَطَعتُ وَلَيلي غائِبُ الضَوءِ جَوزَهُ / وَأَكنافَهُ الأُخرى عَلى الأَرضِ واضِعُ
فَأَصبَحتُ أَرمي كُلَّ شَبحٍ وَحائِلٍ / كَأَنّي مُسَوّي قِسمَةِ الأَرضِ صادِعُ
كَما نَفَضَ الأَشباحَ بِالطَرفِ غُدوَةً / مِنَ الطَيرِ أَقنى أَشهَلُ العَينِ واقِعُ
ثَنَتهُ عَنِ الأَقناصِ يَوماً وَلَيلَةً / أَهاضيبُ حَتّى أَقلَعَت وَهُوَ جائِعُ
وَرَعنٍ يَقُدُّ الآلَ قَدّاً بِخَطمِهِ / إِذا غَرِقَت فيهِ القِفافُ الخَواشِعُ
تَرى الريعَةَ القَوداءَ مِنهُ كَأَنَّها / مُنادٍ بِأَعلى صَوتِهِ القَومَ لامِعُ
فَلاةٌ رُجوعُ الكُدرِ أَطلاؤُها بِها / مِنَ الماءِ تَأَويبٌ وَهُنَّ رَوابِعُ
جَدَعتُ بِأَنقاضٍ حَراجيجَ أَنفَهُ / إِذا الرِئمُ أَضحى وَهُوَ عِرقاً مُضاجِعُ
غُرَيرِيَّةُ الأَنسابِ أَو شَدقَمِيَّةٌ / عِتاقُ الذَفارى وَسَّجٌ وَمَوالِعُ
طَوى النَحزُ وَالأَجرازُ ما في غُروضِها / فَما بَقِيَت إِلا الصُدورُ الجَراشِعُ
لِأَحناءَ أُنحيها بِكُلِّ مَفازَةٍ / إِذا قَلِقَت أَغراضُهُنَّ القَعاقِعُ
أَمِن دِمنَةٍ بَينَ القِلاتِ وَشارِعٍ
أَمِن دِمنَةٍ بَينَ القِلاتِ وَشارِعٍ / تَصابَيتَ حَتّى ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ
أَجَل عَبرَةٌ كادَت إِذا ما وَزَعتُها / بِحِلمي أَبَت مِنها عَواصٍ تَسَرَّعُ
تَصابَيتَ وَاِهتاجَت بِها مِنكَ حاجَةٌ / وَلوعٌ أَبَت أَقرانُها ما تُقَطَّعُ
إِذا حانَ مِنها دونَ مَيٍّ تَعَرُّضٌ / لَنا حَنَّ قَلبٌ بِالصَبابَةِ موزَعُ
وَما يَرجِعُ الوَجدُ الزَمانَ الَّذي مَضى / وَلا لِلفَتى مِن دِمنَةِ الدارِ مَجزَعُ
عَشِيَّةَ ما لي حيلَةٌ غَيرَ أَنَّني / بِلَقطِ الحَصى وَالخَطِّ في التُربِ مولَعُ
أَخُطُّ وَأَمحو الخَطَّ ثُمَّ أُعيدُهُ / بِكَفّي وَالغِربانُ في الدارِ وَقَّعُ
كَأَنَّ سِنانا فارِسِيّاً أَصابَني / عَلى كَبِدي بَل لَوعَةُ البَينِ أَوجَعُ
أَلا لَيتَ أَيّامَ القِلاتِ وَشارِعٍ / رَجَعنَ لَنا ثُمَّ اِنقَضى العَيشُ أَجمَعُ
لَيالي لا مَيٌّ بَعيدٌ مَزارُها / وَلا قَلبُهُ شَتّى الهَوى مُتَشَيَّعُ
وَلا نَحنُ مَشؤومٌ لَنا طائِرُ النَوى / وَلا ذَلَّ بِالبَينِ الفُؤادُ المُرَوَّعُ
وَتَبسِمُ عَن عَذبٍ كَأَنَّ غُروبَهُ / أَقاحٍ تَرَدّاها مِنَ الرَملِ أَجرَعُ
جَرى الإِسحِلُ الأَحوى بِطَفلٍ مُطَرَّفٍ / عَلى الزُهرِ مِن أَنيابِها فَهيَ نُصَّعُ
عَلى خَصِراتِ المُستَقى بَعدَ هَجعَةٍ / بِأَمثالِها تَروى الصَوادي فَتَنقَعُ
كَأَنَّ السُلافَ المَحضَ مِنهُنَّ طَعمُهُ / إِذا جَعَلَت أَيدي الكَواكِبِ تَضجَعُ
وَأَسحَمَ مَيّالٍ كَأَنَّ قُرونَهُ / أَساوِدُ واراهُنَّ ضالٌ وَخِروَعُ
أَرى ناقَتي عِندَ المُحَصَّبِ شاقَها / رَواحُ اليَماني وَالهَديلُ المُرَجَّعُ
فَقُلتُ لَها قِرّي فَإِنَّ رِكابَنا / وَرُكبانَها مِن حَيثُ تَهوَينَ نُزَّعُ
وَهُنَّ لَدى الأَكوارِ يُعكَسنَ بِالبُرى / عَلى غَرَضٍ مِنّا وَمِنهُنَّ وَقَّعُ
فَلَمّا مَضَت بَعدَ المُثَنّينَ لَيلَةٌ / وَزادَت عَلى عَشرٍ مِنَ الشَهرِ أَربَعُ
سَرَت مِن مِنىً جُنحَ الظَلامِ فَأَصبَحَت / بِبُسيانَ أَيديها مَعَ الفَجرِ تَلمَعُ
وَهاجِرَةٍ شَهباءَ ذاتِ وَديقَةٍ / يَكادُ الحَصى مِن حَميِها يَتَصَدَّعُ
نَصَبتُ لَها وَجهي وَأَطلالَ بَعدَما / أَزى الظِلُّ وَاِكتَنَّ اللَياحُ المُوَلَّعُ
إِذا هاجَ نَحسٌ ذو عَثانينَ وَاِلتَقَت / سَباريتُ أَشباهٌ بِها الآلُ يَمصَعُ
عَسَفتُ اِعتِسافَ الصَدعِ كُلَّ مَهيبَةٍ / تَظَلُّ بِها الآجالُ عَنّي تَصَوَّعُ
وَخَرقٍ إِذا الآلُ اِستَحارَت نِهاؤُهُ / بِهِ لَم يَكَد في جَوزِهِ السَيرُ يَنجَعُ
قَطَعتُ وَرَقراقُ السَرابِ كَأَنَّهُ / سَبائِبُ في أَرجائِهِ تَتَرَيَّعُ
وَقَد أَلبسَ الآلُ الأَياديمَ وَاِرتَقى / عَلى كُلِّ نَشزٍ مِن حَواشيهِ مِقنَعُ
بِمُخطَفَةِ الأَرجاءِ أَزرى بِنَيِّها / جِذابُ السُرى بِالقَومِ وَالطَيرُ هُجَّعُ
إِذا اِنجابَتِ الظَلماءُ أَضحَت رُؤوسُهُم / عَلَيهِنَّ مِن طولِ الكَرى وَهيَ ظُلَّعُ
يُقيمونَها بِالجَهدِ حالاً وَتَنتَحي / بِها نَشوَةُ الإِدلاجِ أُخرى فَتَركَعُ
تَرى كُلَّ مَغلوبٍ يميدُ كَأَنَّهُ / بِحَبلَينِ في مَشطونَةٍ يَتَبَوَّعُ
أَخي قَفَراتٍ دَبَّبَت في عِظامِهِ / شُفافاتُ أَعجازِ الكَرى وَهوَ أَخضَعُ
عَلى مُسلَهِمّاتٍ شَغاميمَ شَفَّها / غَريباتُ حاجاتٍ وَيَهماءُ بَلقَعُ
بَدَأنا بِها مِن أَهلِنا وَهيَ بُدَّنٌ / فَقَد جَعَلَت في آخِرِ اللَيلِ تَضرَعُذ
وَما قِلنَ إِلّا ساعَةً في مُغَوَّرٍ / وَما بِتنَ إِلّا تِلكَ وَالصُبحُ أَدرَعُ
وَهامٍ تَزِلُّ الشَمسُ عَن أُمَّهاتِها / صِلابٍ وَأَلح في المَثاني تَقَعقَعُ
تَرامَت وَراقَ الطَيرَ في مُستَرادِها / دَمٌ في حَوافيها وَسَخلٌ مُوَضَّعُ
عَلي مُستَوٍ نازٍ إِذا رَقَصَت بِهِ / دَياميمُهُ طارَ النُعَيلُ المُرَقَّعُ
سَمامٌ نَجَت مِنها المَهارى وَغودِرَت / أَراحيبُها وَالماطِلِيُّ الهَمَلَّعُ
قَلائِصُ ما يُصبَحنَ إِلّا رَوافِعا / بِنا سيرَةً أَعناقُهُنَّ تَزَعزَعُ
يَخِدنَ إِذا بارَينَ حَرفاً كَأَنَّها / أَحَمُّ الشَوى عاري الظَنابيبِ أَقرَعُ
جَمالِيَّةٌ شَدفاءُ يَمطو جَديلَها / نَهوضٌ إِذا ما اِجتابَتِ الخَرقَ أَتلَعُ
عَلى مِثلِها يَدنو البَعيدُ وَيَبعُدُ ال / قَريبُ وَيُطوى النازِحُ المُتَنَعنِعُ
إِذا أَبطَأَت أَيدي اِمرِئِ القَيسِ بِالقِرى / عَنِ الرَكبِ جاءَت حاسِراً لا تُقَنِّعِ
مِنَ السودِ طَلساءُ الثِيابِ يَقودُها / إِلى الرَكبِ في الظَلماءِ قَلبٌ مُشَيَّعُ
أَبى اللَهُ إِلّا أَن عارَ بَناتِكُم / بِكُلِّ مَكانٍ يا اِمرَأَ القَيسِ أَشسَعُ
كَأَنَّ مُناخَ الراكِبِ المُبتَغي القِرى / إِذا لَم يَجِد إِلّا اِمرَأَ القَيسِ بَلقَعُ
أَمِن دِمنَةٍ بِالجَوِّ جَوِّ جُلاجِلٍ
أَمِن دِمنَةٍ بِالجَوِّ جَوِّ جُلاجِلٍ / زَميلُكَ مُنهَلُّ الدُموعِ جَزوعُ
عَصَيتُ الهَوى يَومَ القِلاتِ وَإِنَّني / لِداعي الهَوى يَومَ النَقا لَمُطيعُ
أَربَّت بِها هَوجاءُ تَستَدرِجُ الحَصى / مُفَرَّقَةً تُذري التُرابَ جَموعُ
أَراجِعَةٌ يا مَيُّ أَيّامُنا الَّتي / بِذي الرِمثِ أَم لا ما لَهُنَّ رُجوعُ
وَلَو لَم يَشُقني الظاعِنونَ لَشاقَني / حَمامٌ تُغَنّي في الدِيار وُقوعُ
تَجاوَبن فَاستَبكَينَ مَن كانَ ذا هَوىً / نَوائِحُ ما تَجري لَهُنَّ دُموعُ
إِذا الحَيُّ جيرانٌ وَفي العَيشِ غِرَّةٌ / وَشَعبُ النَوى قَبلَ الفِراقِ جَميعُ
دَعاني الهَوى مَن نَحوِ مَيٍّ وَشاقَني / هَوىً مِن هَواها تالِدٌ وَنَزيعُ
إِذا قُلتُ عَن طولِ التَنائي قَدِ اِرعَوى / أَبى مُنثَنٍ مِنهُ عَلَيَّ رَجيعُ
عَشِيَّةَ قَلبي في المُقيمِ صَديعُهُ / وَراحَ جَنابَ الظاعِنينَ صَديعُ
فَلِلَّهِ شَعباً طَيَّةٍ صَدَّعا العَصا / هِيَ اليَومَ شَتّى وَهيَ أَمسِ جَميعُ
إِذا مُدَّ حَبلانا أَصَرَّ بِحَبلِنا / هِشامٌ فَأَمسى في قُواهُ قَطوعُ
أَغَرَّ هِشاماً مِن أَخيهِ اِبنِ أُمِّهِ / قَوادِمُ ضَأنٍ يَسَّرَت وَرَبيعُ
وَلا تُخلِفُ الضَأنُ الغِزارُ أَخا الفَتى / إِذا نابَ أَمرٌ في الفُؤادِ فَظيعُ
تَباعَدتَ مِني أَن رَأَيتَ حَمولَتي / تَدانَت وَأَن أَحيا عَلَيكَ قَطيعُ
وَلِلُؤمِ في صَدرِ اِمرِئِ السوءِ مَخدَعٌ / إِذا حُنِيَت مِنهُ عَلَيه ضُلوعُ
إِذا قُلتَ هَذا حينَ يَعطِفُ هاشِمٌ / بِخَيرٍ عَلى اِبنِ أُمِّهِ فَيَريعُ
أَبى ذاكَ أَو يَندى الصَفا مِن مُتونِهِ / وَيُجبَرَ مِن رَفضِ الزُجاجِ صُدوعُ
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةَ ناقَتَيكُما
خَليلَيَّ عوجا عَوجَةَ ناقَتَيكُما / عَلى طَلَلٍ بَينَ القِلاتِ وَشارِعِ
بِهِ مَلعَبٌ مِن مُعصِفاتٍ نَسَجنَهُ / كَنَسجِ اليَماني بُردَهُ بِالوَسائِعِ
وَقَفنا فَقُلنا إيهِ عَن أُمَّ سالِمٍ / وَما بالُ تَكليمِ الدِيارِ البَلاقِعِ
فَما كَلَّمَتنا دارُها غَيرَ أَنَّها / ثَنَت هاجِساتٍ مِن خَيالٍ مُراجِعِ
ظَلِلتُ كَأَنّي واقِفٌ عِندَ رَسمِها / بِحاجَةِ مَقصورٍ لَهُ القَيدُ نازِعِ
تَذَّكُرَ دَهرٍ كانَ يَطوي نَهارَهُ / رِقاقُ الثَنايا غافِلاتُ الطَلائِعِ
خَلَت غَيرَ آجالَ الصَريمِ وَقَد تَرى / بِها وُضَّحَ اللَبّاتِ حورَ المَدامِعِ
كَأَنّا رَمَتنا بِالعُيونِ الَّتي بَدَت / جاذِرُ حَوضى مِن جُيوبِ البَراقِعِ
إِذا الفاحِشُ المِغيارُ لَم يَرتَقِبنَهُ / مَدَدنَ حِبالَ المُطمِعاتِ المَوانِعِ
تَمَنَّيتُ بَعدَ النَأيِ مِن أُمِّ سالِمٍ / بِها بَعضَ رَيعاتِ الدِيارِ الجَوامِعِ
فَما القُربُ يَشفي مِن هَوى أُمِّ سالِمٍ / وَما البُعدُ مِنها مِن دَواءٍ بِنافِعِ
هِيَ الشَمسُ إِشراقاً إِذا ما تَزَيَّنَت / وَشِبهُ النَقا مُغتَرَّةً في المَوادِعِ
مِنَ البيضِ مِبهاجٌ عَلَيها مَلاحَةٌ / نُضارٌ وَرَيعانُ الحِسانِ الرَوائِعِ
وَلَمّا تَلاقَينا جَرَت مِن عُيونِنا / دُموعٌ كَفَفنا ماءَها بِالأَصابِعِ
وَنِلنا سِقاطاً مِن حَديثٍ كَأَنَّهُ / جَنى النَحلِ مَمزوجاً بِماءِ الوَقائِعِ
فَدَع ذا وَلَكِن رُبَّ وَجناءَ عِرمِسٍ / دَواءٌ لِغَولِ النازِحِ المُتَواضِعِ
زَجولٌ بِرِجلَيها نَهوزٌ بِرَأسِها / إِذا اِئتَزَرَ الحادي اِئتِزارَ المُصارِعِ
كَأَنَّ الوَلايا حينَ يَطرَحنَ فَوقَها / عَلى ظَهرِ بُرجٍ مِن ذَواتِ الصَوامِعِ
قَطَعتُ بِها أَرضا تَرى وَجهَ رَكبِها / إِذا ما عَلَوها مُكفَأً غَيرَ ساجِعِ
كَأَنَّ قُلوبَ القَومِ مِن وَجَلٍ بِها / هَوَت في خَوافي مُطعِماتٍ لَوامِعِ
مِنَ الزُرقِ أَو صُقعٍ كَأَنَّ رُؤوسَها / مِنَ القِهزِ وَالقوهِيِّ بيضُ المَقانِعِ
إِذا قالَ حادينا لِتَشبيهِ نَبأَةٍ / صَهٍ لَم يَكُن إِلّا دَوِيَّ المَسامِعِ
كَأَنّي وَرَحلي فَوقَ أَحقَبَ لاحَهُ / مِنَ الصَيفِ شَلُّ المُخلِفاتِ الرَواجِعِ
مُمَرٍّ أَمَرَّت مَتنَهُ أَسَدِيَّةٌ / يَمانِيَةٌ حَلَّت جُنوبَ المَضاجِعِ
دَعاها مِنَ الأَصلابِ أَصلابِ شُنظُبٍ / أَخاديدُ عَهدٍ مُستَحيلِ المَواقِعِ
كَسا الأَرضَ بُهمى غَضَّةً حَبَشِيَّةً / تَؤاماً وَنُقعانُ الظُهورِ الأَقارِعِ
وَبِالرَوضِ مَكنانٌ كَأَنَّ حَديقَهُ / زَرابِيُّ وَشَّتها أَكُفُّ الصَوانِعِ
إِذا اِستَنصَلَ الهَيفُ السَفا بَرَّحتَ بِهِ / عِراقِيَّةَ الأَقياظِ نَجدُ المَرابِعِ
فَلَمّا رَأى الرائي الثُرَيّا بِسُدفَةٍ / وَنَشَّت نِطافُ المُبقَياتِ الوَقائِعِ
وَساقَت حَصادَ القُلقُلانِ كَأَنَّما / هُوَ الخَشلُ أَعرافُ الرِياحِ الزَعازِعِ
تَرَدَّفنَ خُرشوماً تَرَكنَ بِمَتنِهِ / كُدوحاً كَآثارِ الفُؤوسِ القَواطِعِ
وَمِن آئِلٍ كَالوَرسِ نَضحاً كَسَونَهُ / مُتونَ الصَفا مِن مُضمَحِلٍ وَناقِعِ
عَلى ذِروَةِ الصُلبِ الَّذي واجَهَ المِعا / سَواخِطَ مِن بَعدِ الرِضا لِلمَراتِعِ
صِياماً تَذُبُّ البَقَّ عَن نُخَراتِها / بِنَهزٍ كَإيماءِ الرُؤوسِ المَوانِعِ
يُذَبِّبنَ عَن أَقرابِهِنَّ بِأَرجُلٍ / وَأَذنابِ زُعرِ الهُلبِ زُرقِ المَقامِعِ
فَلَمّا رَأَينَ اللَيلَ وَالشَمسَ حَيَّةٌ / حَياةَ الَّذي يَقضي حُشاشَةَ نازِعِ
نَحاها لِثَأجِ نَحوَةً ثُمَّ إِنَّهُ / تَوَخّى بِها العَينَينِ عَينَي مُتالِعِ
مُوَشَّحَةً حُقباً كَأَنَّ ظُهورَها / صَفا رَصفٍ مَجرى سُيولٍ دَوافِعِ
إِذا واضَحَ التَقريبُ واضَخنَ مِثلَهُ / وَإِن سَحَّ سَحّاً خَذرَفَت بِالأَكارِعِ
وَعاوَرنَهُ مِن كُلِّ قاعٍ هَبَطنَهُ / جَهامَةَ جَونٍ يَتبَعُ الريحَ ساطِعِ
فَما اِنشَقَّ ضَوءُ الصُبحِ حَتّى تَبَيَّنَت / جَداوِلُ أَمثالُ السُيوفِ القَواطِعِ
فَلَمّا رَأَينَ الماءَ قَفراً جُنوبُهُ / وَلَم يُقضَ إِكراءُ العُيونِ الهَواجِعِ
فَحَوَّمنَ وَاِستَنفَضنَ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَبَصبَصنَ بِالأَذنابِ حَولَ الشَرائِعِ
صَفَضنَ الخُدودَ وَالنُفوسُ نَواشِزٌ / عَلى شَطِّ مَسجورٍ صَخوبِ الضَفادِعِ
فَخَضخَضنَ بَردَ الماءِ حَتّى تَصَوَّبَت / عَلى الهَولِ في الجاري شُطورُ المَذارِعِ
يُداوينَ مِن أَجوافِهِنَّ حَرارَةً / بِجَرعٍ كَأَثباجِ القَطا المُتَتابِعِ
فَلَمّا نَضَحنَ اللَوحَ إِنصافَ نَضحَةٍ / بِجَونٍ لِأَدواءِ الصَرائِرِ قاصِعِ
يُحاذِرنَ أَن يَسمَعنَ تَرنيمَ نَبعَةٍ / حَدَثٍ فَوقَ حَشرٍ بِالفَريصَةِ واقِعِ
تَوَجَّسنِ رِكزاً مِن خَفِيِّ مَكانِهِ / وَإِرنانَ إِحدى المُعطِياتِ المَوانِعِ
قَليلِ نِصابِ المالِ إِلّا سِهامُهُ / وِإِلّا زَجوماً سَهوَةً في الأَصابِعِ
فَجالَت عَلى الوَحشِيِّ تُهوي كَأَنَّما / بُروقاً تُحاكي أَو أَصابِعَ لامِعِ
فَأَجلَينَ عَن خَوفِ المَنِيَّةِ بَعدَما / دَنا دَنوَةَ المُنصاعِ غَير المُراجِعِ
أُولَئِكَ أَشباهُ القِلاصِ الَّتي طَوَت / بِنا البُعَد مِن نَعفَي قَسا فَالمَضاجِعِ
لِأِخفافِها بِاللَيلِ وَقعٌ كَأَنَّهُ / عَلى البيدِ تَرشافُ الظِماءِ السَوابِعِ
أَغَذَّ بِها الإِدلاجَ كُلُّ شَمَردَلٍ / مِنَ القَوم ضَربِ اللَحمِ عاري الأَشاجِعِ
فَما أُبنَ حَتّى إِضنَ أَنقاضَ شِقَّةٍ / حَراجيجَ وَاِحدَودَبنَ تَحتَ البَراذِعِ
فَطارَت بُرودُ العَصبِ عَنّا وَبُدِّلَت / شُحوباً وُجوهُ الواضِحينَ السَمادِعِ
تَجَلّى السُرى عَن كُلِّ خِرقٍ كَأَنَّهُ / صَفيحَةُ سَيفٍ طَرفُهُ غَيرُ خاشِعِ
تُغَلَّسُ أَسدامَ المِياهِ وَتَختَطي / مَعانَ المَها وَالمُرئِلاتِ الخَواضِعِ
بِمَجلوزَةِ الأَفخاذِ بَعدَ اِقوِرارِها / مُؤَلَّلّةِ الآذانِ عُفرٍ نَزائِعِ
مُضَبَّزَةٍ شُمٍّ أَعالي عِظامِها / مُعَرَّقَةِ الأَلحي طِوالِ الأَخادِعِ
إِذا ما نَضَونا جَوزَ رَملٍ عَلَت بِنا / طَريقَةَ قُفٍّ مُبرِحٍ بِالرَواكِعِ
تَرى رَعنَهُ الأَقصى كَأَنَّ قُموسَهُ / تَحامُلُ أَحوى يَتبَعُ الخَيلَ ظالِعِ
وَحَسَّرتُ عَنها النَيِّ حَتّى تَرَكتُها / عَلى حالِ إِحدى المُنضَياتِ الضَوارِعِ
إِذا اِغتَبَقَت نَجماً فَغارَ تَسَحَّرَت / عُلالَةَ نَجمٍ آخِرَ اللَيلِ طالِعِ
إِذا ما عَدَدنا يا اِبنَ بِشرٍ ثِقاتِنا / عَدَدتُكَ في نَفسي بِأولى الأَصابِعِ
أَعَمُّ ضِياءً مِن أُمَيَّةَ أَشرَقَت / بِهِ الذِروَةُ العُليا عَلى كُلِّ يافِعِ
أَتَيناكَ نَرجو مِن نَوالِكَ نَفحَةً / تَكونُ كَأَعوامِ الحَيا المُتَتابِعِ
فَجادَ كَما جادَ الفُؤادُ فَإِنَّما / يَداهُ كَغَيثٍ في البَرِيَّةِ واسِعِ
وَمَيِّتَةٍ في الأَرضِ إِلاّ حُشاشَةً
وَمَيِّتَةٍ في الأَرضِ إِلاّ حُشاشَةً / ثَنَيتُ بِها حَيّاً بِمَيسورِ أَربَعِ
بِثِنتَينِ إِن تَضرِب ذِهي تَنصَرِف ذِهي / لِكِلتَيهِما رَوقٌ إِلى جَنبِ مِخدَعِ
تَيَمَّمنَ يافوخَ الدُجى فَصَدَعنَهُ
تَيَمَّمنَ يافوخَ الدُجى فَصَدَعنَهُ / وَجَوزَ الفَلا صَدعَ السُيوفِ الصَوادِعِ
كَمِ اِجتَبنَ مِن لَيلٍ إِلَيكِ وَواعَسَت
كَمِ اِجتَبنَ مِن لَيلٍ إِلَيكِ وَواعَسَت / بِنا البيدُ أَعناقُ المُهارى الشَعاشِعِ
سَقَينَ البَشامَ المِسكَ ثُمَّ رَشَفنَهُ
سَقَينَ البَشامَ المِسكَ ثُمَّ رَشَفنَهُ / رَشيفَ الغَريرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ
وَما الناسُ إِلاّ كَالدِيارِ وَأَهلِها
وَما الناسُ إِلاّ كَالدِيارِ وَأَهلِها / بِها يَومَ حَلّوها وَغَدواً بَلاقِعُ
إِذا الصُبحُ عَن نابِ تَبَسَّمَ شُمنَهُ
إِذا الصُبحُ عَن نابِ تَبَسَّمَ شُمنَهُ / بِأَمثالِ أَبصارِ النِساءِ الخَوالِعِ
وَقَد عَلِمَت أَسماءُ أَنَّ حَديثَها
وَقَد عَلِمَت أَسماءُ أَنَّ حَديثَها / نَجيعٌ كَما ماءُ السَماءِ نَجيعُ