المجموع : 8
أَلا لَيتَ لُبنى في خَلاءٍ تَزورُني
أَلا لَيتَ لُبنى في خَلاءٍ تَزورُني / فَأَشكوا إِلَيها لَوعَتي ثُمَّ تَرجَعُ
صَحا كُلُّ ذي لُبٍّ وَكُلُّ مُتَيَّمٍ / وَقَلبي بِلُبنى ما حَيَيتُ مُرَوَّعُ
فَيا مَن لِقَلبٍ ما يَفيقُ مِنَ الهَوى / وَيا مَن لِعَينٍ بِالصَبابَةِ تَدمَعُ
أَلا يا لِقَومي كُلُّ ما حُمَّ واقِعُ
أَلا يا لِقَومي كُلُّ ما حُمَّ واقِعُ / وَلِلطَيرِ مَجرىً وَالجَنوبِ مَصارِعُ
عَفا سَرِفٌ مِن أَهلِهِ فَسُراوِعُ
عَفا سَرِفٌ مِن أَهلِهِ فَسُراوِعُ / فَجَنبا أَريكٍ فَالتِلاعُ الدَوافِعُ
فَغَيقَةُ فَالأَخيافُ أَخيافُ ظَبيَةٍ / بِها مِن لُبَينى مَخرَفٌ وَمَرابِعُ
لَعَلَّ لُبَينى أَن يُحَمَّ لِقائُها / بِبَعضِ البِلادِ إِنَّ ما حُمَّ واقِعُ
بِجَزعٍ مِنَ الوادي خَلا عَن أَنيسِهِ / عَفا وَتَخَطَّتهُ العُيونُ الخَوادِعُ
وَلَمّا بَدا مِنها الفُراقُ كَما بَدا / بِظَهرِ السَفا الصَلدِ الشُقوقِ الشَوائِعُ
تَمَنَّيتَ أَن تَلقى لُبَيناكَ وَالمُنى / تُعاصيكَ أَحيانا وَحينا تُطاوِعُ
وَما مِن حَبيبٍ وامِقٍ لِحَبيبِهُ / وَلا ذي هَوى إِلّا لَهُ الدَهرُ فاجِعُ
وَطارَ غُرابُ البَينِ وَاِنشَقَّتِ العَصا / بِبَينٍ كَما شَقَّ الأَديمَ الصَوانِعُ
أَلا يا غُرابَ البَينِ قَد طِرتَ بِالَّذي / أُحاذِرُ مِن لُبنى فَهَل أَنتَ واقِعُ
وَإِنَّكَ لَو أَبلَغتُها قيلَكَ اِسلِمي / طَوَت هَزَناً وَاِرفَضَّ مِنها المَدامِعُ
تُبَكّي عَلى لُبنى وَأَنتَ تَرَكتَها / وَكُنتَ كَآتٍ غَيَّهُ وَهوَ طائِعُ
فَلا تَبكِيَن في إِثرِ شَيءٍ نَدامَةً / إِذا نَزَعَتهُ مِن يَدَيكَ النَوازِعُ
فَلَيسَ لِأَمرٍ حاوَلَ اللَهُ جَمعَهُ / مُشِتُّ وَلا ما فَرَّقَ اللَهُ جامِعُ
طَمِعتَ بِلَيلى أَن تَريعَ وَإِنَّما / تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِجالِ المَطامِعُ
كَأَنَّكَ لَم تَغنَهُ إِذ لَم تُلاقِها / وَإِن تَلقَها فَالقَلبُ راضٍ وَقانِعُ
فَيا قَلبُ خَبِّرني إِذا شَطَّتِ النَوى / بِلُبنى وَصَدَّت عَنكَ ما أَنتَ صانِعُ
أَتَصبُرُ لِلبَينِ المُشِتِّ مَعَ الجَوى / أَمَ اِنتَ اِمرُؤٌ ناسي الحَياءِ فَجازِعُ
فَما أَنا إِن بانَت لُبَينى بِهاجِعٍ / إِذا ما اِستَقَلَّت بِالنِيامِ المَضاجِعُ
وَكَيفَ يَنامُ المَرءُ مُستَشعِرَ الجَوى / ضَجيعَ الأَسى فيهِ نِكاسٌ رَوادِعُ
فَلا خَيرَ في الدُنيا إِذا لَم تُواتِنا / لُبَينى وَلَم يَجمَع لَنا الشَملَ جامِعُ
أَلَيسَت لُبَينى تَحتَ سَقفٍ يُكِنُّها / وَإِيّايَ هاذا إِن نَأَت لِيَ نافِعُ
وَيَلبَسُنا اللَيلُ البَهيمُ إِذا دَجا / وَنُبصِرُ ضَوءَ الصُبحِ وَالفَجرُ ساطِعُ
تَطا تَحتَ رِجلَيها بُساطاً وَبَعضُهُ / أَطاهُ بِرِجلي لَيسَ يَطويهِ مانِعُ
وَأَفرَحُ إِن تُمسي بِخَيرٍ وَإِن يَكُن / بِها الحَدَثَ العادي تَرُعني الرَوائِعُ
كَأَنَّكَ بِدعٌ لَم تَرى الناسَ قَبلَها / وَلَم يَطَّلِعكَ الدَهرُ فيمَن يُطالِعُ
فَقَد كُنتُ أَبكي وَالنَوى مُطمَإِنَّةٌ / بِنا وَبِكُم مِن عِلمِ ما البَينُ صانِعُ
وَأَهجُرُكُم هَجرَ البَغيضِ وَحُبُّكُم / عَلى كَبِدي مِنهُ كُلومٌ صَوادِعُ
فَوا كَبَدي مِن شِدَّةِ الشَوقِ وَالأَسى / وَواكَبَدي إِنّي إِلى اللَهِ راجِعُ
وَأَعجَلُ لِلإِشفاقِ حَتّى يَشُفَّني / مَخافَةَ شَحطِ الدارِ وَالشَملُ جامِعُ
وَأَعمِدُ لِلأَرضِ الَّتي مِن وَرائِكُم / لِيَرجِعَني يَوماً عَلَيكِ الرَواجِعُ
فَيا قَلبُ صَبراً وَاِعتِرافاً لِما تَرى / وَيا حُبَّها قَع بِالَّذي أَنتَ واقِعُ
لَعَمري لِمَن أَمسى وَأَنتِ ضَجيعُهُ / مِنَ الناسِ ما اِختيرَت عَليهِ المَضاجِعُ
أَلا تِلكَ لُبنى قَد تَراخى مَزارُها / وَلِلبَينِ غَمٌّ ما يَزالُ يُنازِعُ
إِذا لَم يَكُن إِلّا الجَوى فَكَفى بِهِ / جَوى حُرَقٍ قَد ضُمِّمَتها الأَضالِعُ
أَبائِنَةٌ لُبنى وَلَم تَقطَعِ المَدى / بِوَصلٍ وَلا صُرمٍ فَيَيأَسَ طامِعُ
يَظَلُّ نَهارَ الوالِهينَ نَهارَهُ / وَتَهدِنُهُ في النائِمينَ مَضاجِعُ
سِوايَ فَلَيلي مِن نَهاري وَإِنَّما / تُقَسَّمُ بَينَ الهالِكينَ المَصارِعُ
وَلَولا رَجاءُ القَلبِ أَن تَعطِفَ النَوى / لَما حَمَلَتهُ بَينَهُنَّ الأَضالِعُ
لَهُ وَجَباتٌ إِثرَ لُبنى كَأَنَّها / شَقائِقُ بَرقٍ في السَحابِ لَوامِعُ
نَهاري نَهارُ الناسِ حَتّى إِذا دَجا / لِيا اللَيلُ هَزَّتني إِلَيكَ المَضاجِعُ
أُقَضّي نَهاري بِالحَديثِ وَبِالمُنى / وَيَجمَعُني بِاللَيلِ وَالهَمَّ جامِعُ
وَقَد نَشَأَت في القَلبِ مِنكُم مَوَدَّةٌ / كَما نَشَأَت في الراحَتَينِ الأَصابِعُ
أَبى اللَهُ أَن يَلقى الرَشادَ مُتَيَّمٌ / أَلا كُلَّ أَمرٍ حُمَّ لا بُدَّ واقِعُ
هُما بَرَّحا بي مُعوِلينَ كِلاهُما / فُؤادٌ وَعَينٌ مَأقُها الدَهرَ دامِعُ
إِذا نَحنُ أَنفَدنا البُكاءَ عَشِيَّةً / فَمَوعِدُنا قَرنٌ مِنَ الشَمسِ طالِعٌ
وَلِلحُبِّ آياتٌ تَبَيَّنُ بِالفَتى / شُحوبٌ وَتَعرى مِن يَدَيهِ الأَشاجِعُ
وَما كُلُّ ما مَنَّتكَ نَفسُكَ خالِياً / تُلاقى وَلا كُلُّ الهَوى أَنتَ تابِعُ
تَداعَت لَهُ الأَحزانُ مِن كُلِّ وَجهَةٍ / فَحَنَّ كَما حَنَّ الظُؤارُ السَواجِعُ
وَجانِبَ قَربَ الناسِ يَخلو بِهَمِّهِ / وَعاوَدَهُ فيها هُيامٌ مُراجِعُ
أَراكَ اِجتَنَبتَ الحَيَّ مِن غَيرِ بِغضَةٍ / وَلَو شِئتَ لَم تَجنَح إِلَيكَ الأَصابِعُ
كَأَنَّ بِلادَ اللَهِ ما لَم تَكُن بِها / وَإِن كانَ فيها الخَلقُ قَفرٌ بَلاقِعُ
أَلا إِنَّما أَبكي لِما هُوَ واقِعٌ / وَهَل جَزَعٌ مِن وَشكِ بَينِكَ نافِعُ
أَحالَ عَليَّ الدَهرُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَدامَت وَلَم تُقلِع عَلَيَّ الفَجائِعُ
فَمَن كانَ مَحزوناً غَدا لِفُراقِنا / فَمِلآنَ فَليَبكِ لِما هُوَ واقِعُ
أَلُبنى لَقَد جَلَّت عَلَيكَ مُصيبَتي
أَلُبنى لَقَد جَلَّت عَلَيكَ مُصيبَتي / غَداةَ غَدٍ إِذ حَلَّ ما أَتَوَقَّعُ
تُمَنّينَني نَيلاً وَتَلوينَني بِهِ / فَنَفسِيَ شَوقاً كُلَّ يَومٍ تَقَطَّعُ
وَقَلبِكِ قَطُّ ما يَلينُ لِما يَرى / فَواكَبَدي قَد طالَ هاذا التَضَرُّعُ
أَلومَكِ في شَأني وَأَنتِ مُليمَةٌ / لَعَمري وَأَجفى لِلمُحِبِّ وَأَقطَعُ
أَخُبِّرتِ أَنّي فيكِ مَيِّتُ حَسرَتي / فَما فاضَ مِن عَينَيكِ لِلوَجدُ مَدمَعُ
وَلَكِن لَعَمري قَد بَكَيتُكِ جاهِداً / وَإِن كانَ دائي كُلُّهُ مِنكِ أَجمَعُ
صَبيحَةَ جاءَ العائِداتُ يَعُدنَني / فَظَلَّت عَلَيَّ العائِداتُ تَفَجَّعُ
فَقائِلَةٌ جِئنا إِلَيهِ وَقَد قَضى / وَقائِلَةٌ لا بَل تَرَكناهُ يَنزِعُ
فَما غَشِيَت عَينَيكِ مِن ذاكَ عَبرَةٌ / وَعَيني عَلى ما بي بِذِكراكِ تَدمَعُ
إِذا أَنتِ لَم تَبكي عَلَيَّ جَنازَةً / لَدَيكِ فَلا تَبكي غَداً حينَ أَرفَعُ
سَأَصرُمُ لُبنى هَبلُ وَصلِكِ مُجمِلاً
سَأَصرُمُ لُبنى هَبلُ وَصلِكِ مُجمِلاً / وَإِن كانَ صَرمُ الحَبلِ مِنكِ يَروعُ
وَسَوفَ أُسَلّي النَفسَ عَنكِ كَما سَلا / عَنِ البَلَدِ النائي البَعيدِ نَزيعُ
وَإِن مَسَّني لِلضُرِّ مِنكِ كَآبَةٌ / وَإِن نالَ جِسمي لِلفُراقِ خُشوعُ
أَراجِعَةٌ يا لُبنُ أَيّامُنا الأُلى / بِذي الطَلحِ أَم لا ما لَهُنَّ رُجوعُ
سَقى طَلَلَ الدارِ الَّتي أَنتُمُ بِها / حَياً ثُمَّ وَبلٌ صَيِّفٌ وَرَبيعُ
يَقولونَ صَبُّ بِالنِساءِ مُوَكَّلٌ / وَما ذاكَ مِن فِعلِ الرِجالِ بَديعُ
مَضى زَمَنٌ وَالناسُ يَستَشفِعونَ بي / فَهَل لي إِلى لُبنى الغَداةَ شَفيعُ
أَيا حَرَجاتِ الحَيِّ حَيثُ تَحَمَّلوا / بِذي سَلَمٍ لا جادَكُنَّ رَبيعُ
وَخَيماتُكِ اللاتي بِمُنعَرَجِ اللِوى / بِلَينَ بِلاً لَم تُبلُهُنَّ رُبوعُ
إِلى اللَهِ أَشكو نِيَّةً شَقَّتِ العَصا / هِيَ اليَومَ شَتّى وَهيَ أَمسي جَميعُ
وَما كادَ قَلبي بَعدَ أَيّامَ جاوَزَت / إِلَيَّ بِأَجراعِ الثُدِيِّ يَريعُ
فَإِنَّ اِنهِمالَ العَينِ بِالدَمعِ كُلَّما / ذَكَرتُكِ وَحدي خالِياً لَسَريعُ
فَلَو لَم يَهِجني الظاعِنونَ لَهاجَني / حَمائِمُ وُرقٌ في الدِيارِ وَقوعُ
تَجاوَبنَ فَاِستَبكَينَ مَن كانَ ذا هَواً / نَوائِحَ ما تَجري لَهُنَّ دُموعُ
لَعَمرُكَ إِنّي يَومَ جَرعاءُ مالِكٍ / لَعاصٍ لِأَمرِ المُرشِدينَ مَضيعُ
نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِنّي فَقُدتُني / كَما يَندَمُ المَغبونُ حينَ يَبيعُ
إِذا ما لَحاني العاذِلاتُ بِحُبِّها / أَبَت كَبِدٌ مِما أُجِنُّ صَديعُ
وَكَيفَ أُطيعُ العاذِلاتِ وَحُبُّها / يُؤَرِّقُني وَالعاذِلاتُ هُجوعُ
عَدِمتُكِ مِن نَفسٍ شَعاعٍ فَإِنَّني / نَهَيتُكِ عَن هاذا وَأَنتِ جَميعُ
فَقَرَّبتِ لي غَيرَ القَريبِ وَأَشرَفَت / هُناكَ ثَنايا ما لَهُنَّ طُلوعُ
فَضَعَّفَني حُبَّيكِ حَتّى كَأَنَّني / مِنَ الأَهلِ وَالمالِ التِلادِ خَليعُ
وَحَتّى دَعاني الناسُ أَحمَقَ مائِقاً / وَقالوا مُطيعٌ لِلضِلالِ تَبوعُ
إِذا طَلَعَت شَمسُ النَهارِ فَسَلِّمي
إِذا طَلَعَت شَمسُ النَهارِ فَسَلِّمي / فَآيَةُ تَسليمي عَلَيكِ طُلوعُها
بِعَشرِ تَحِيّاتٍ إِذا الشَمسُ أَشرَقَت / وَعَشرٍ إِذا اِصفَرَّت وَحانَ رُجوعُها
وَلَو أَبلَغَتها جارَةٌ قَولِيَ اِسلَمي / بَكَت جَزَعاً وَاِرفَضَّ مِنها دُموعُها
وَبانَ الَّذي تَخفي مِنَ الوَجدِ في الحَشا / إِذا جائَها عَنّي هَديثٌ بَرَوعَها
حَنَنتَ إِلى رَيّا وَنَفسُكَ باعَدَت
حَنَنتَ إِلى رَيّا وَنَفسُكَ باعَدَت / مَزارَكَ مِن رَيّا وَشِعبا كَما مَعا
فَما حَسَنٌ أَن تَأتِيَ الأَمرَ طائِعاً / وَتَجزَعَ أَن داعي الصَبابَةِ أَسمَعا
بَكَت عَينِيَ اليُمنى فَلَمّا زَجَرتُها / عَنِ الجَهلِ بَعدَ الحِلمِ أَسبَلَتا مَعا
وَأَذكُرُ أَيّامَ الحِمى ثُمَّ أَنثَني / عَلى كَبِدي مِن خَشيَةٍ أَن تَصَدَّعا
فَلَيسَت عَشِيّاتُ الحِمى بِرَواجِعٍ / عَلَيكَ وَلَكِن خَلِّ عَينَيكَ تَدمَعا
لَقَد خِفتُ أَن لا تَقنَعَ النَفسُ بَعدَها
لَقَد خِفتُ أَن لا تَقنَعَ النَفسُ بَعدَها / بِشَيءٍ مِنَ الدُنيا وَإِن كانَ مَقنَعا
وَأَزجُرُ عَنها النَفسَ إِذ حيلَ دونَها / وَتَأبى إِلَيها النَفسُ إِلّا تَطَلُّعا