المجموع : 6
إِذا كانَ في الكتب اتّصالُ لِقائِنا
إِذا كانَ في الكتب اتّصالُ لِقائِنا / فكلّ فراقٍ موجِعٌ في انقطاعها
وإن كانتِ الأَيّامُ مَطبوعة على / خِلافي فقُلْ مَنْ لي بِنَقْل طباعها
فلا تقطعوا عنّا سطورَ رسالةٍ / تُمَثِّلُ لي أشخاصَكُمْ في سماعها
فلي كَبِدٌ بالبين منكم تَصَدّعَتْ / وطولُ اغترابي زائدٌ في انصداعها
لأصْبَحْتُ في الدّنْيا حريصاً عليكمُ / ألا إِنّ مثلي زاهدٌ في متاعها
ومحسودةٍ لا تحسُدِ الغيدُ مِثلها
ومحسودةٍ لا تحسُدِ الغيدُ مِثلها / لها في عميم الخَلْقِ حُسْنٌ مُنَوَّعُ
إذا انْعَطَفَتْ فالخوطُ بالبدرِ يَنثَني / وإن نظرتْ فالعينُ بالسحرِ تنبعُ
وَلمّا تَلاقَينا تَكَلَّمَ مِقْوَلٌ / بسرِّ الهوى منها ومنِّيَ مدمَعُ
بِدُرَّينِ مَسْتُورَيْنِ فَالدرُّ مِنهُما / يُرَى جارِياً بِالشوقِ وَاللفظُ يسمَعُ
شَكَوتُ ونطقٌ بيننا فَلِأَيِّنا / ببرح الجوى في سَذْهبِ الحكم يقطَعُ
ومالتْ إلى تأنيسناً بعدَ وَحشةٍ / بأجوَفَ لم تُخلَقْ لجنبَيهِ أَضلعُ
تَمُدُّ إِلى تَنغيمِهِ سُبْطَ أَنمُلٍ / كَأَقلامِ دُرٍّ بالعقيقِ تقمَعُ
إذا وَتَرٌ هَزّتْهُ بالنقر خِلْتَهُ / يئنُّ من الآلام أو يَتَضَرّعُ
وينبضُ كالشريان إن عبثتْ به / وَجَسّتْهُ منها باللطافة إصبَعُ
عواملُ سحرٍ في عواملِ أنملٍ / بها يُخْفَضُ القلبُ الطروبُ ويُرفَعُ
ولَمّا رَأَتْ طَيْرَ الفِراقِ نَوَاعِباً
ولَمّا رَأَتْ طَيْرَ الفِراقِ نَوَاعِباً / وَقَد هَمَّ بِالتوديعِ كُلُّ مودَّعِ
شكتْ ما شَكا المحزونُ من عَزْمَةِ النَّوى / فأبكتْ لها عينيْ غَزَالٍ مُرَوَّعِ
ولم أرَ في خدٍّ يُزَرَّرُ قبلها / من الغيد شهباً في غمامة برقُعِ
وقَد سَفِرت عَن صفرةٍ عَبْرَ الأسى / لعيني بها عن وَجْد قلبٍ مفجَعِ
وأَقبَلَ دُرّ النَّحرِ فَوقَ تَريبِها / يصافِحُه من خدّها دُرّ أدْمُعِ
فيا ربِّ إنّ البينَ أضحت صُرُوفُهُ / عليّ وما لي من معينٍ فكنْ معي
على قُرْبِ عُذّالي وبُعْدِ حبائبي / وأمْوَاهِ أجفاني ونيرانِ أضلُعي
أيا جَزَعي بالدارِ إذ عَنَّ لي الجزعُ
أيا جَزَعي بالدارِ إذ عَنَّ لي الجزعُ / وقاد حِمامي من حمائمِهِ السّجْعُ
وعاوَدَني فيها رِداعي ولم أشِمْ / ترائبَ عُوّادٍ يُضَمِّخُها الرّدْعُ
وقفتُ بها والنفسُ من كلّ مقلةٍ / تذوبُ بنارٍ في الضلوعِ لَها لذْعُ
مُطِلّاً مُطيلَ النّوْح لو أنّ دِمْنَةً / لها بَصَرٌ تَحْتَ الحوادث أوْ سَمْعُ
طلولٌ عَفت آياتُها فَكأنَّما / غرابِيبُها جِزْعٌ وأدمانُها وَدْعُ
حكى الربعُ منها بالصدى إذ سألتُهُ / كلاميَ حَتَّى قيلَ هَل يَمْزَحُ الربعُ
تَخَطَّ معَ المحلِ الجنوبِ بِمَحوِها / سطورَ البلى فيها وتعجبها المِسْعُ
وَلَم يَبقَ إلّا ملعبٌ يبعثُ الأسى / وَيَدعو الفتى مِنهُ إِلى الشَّوقِ ما يَدعو
ومَجموعةٌ جمع الثلاثِ ولم تَزِدْ / عليه صوالي النار أَوجُهها سفعُ
لبسنَ حدادَ الثكل وهي مقيمةٌ / على مَيْتِ نارٍ لا يفارقها فَجْعُ
ومضروبةٌ بين الرّسوم وما جَنَتْ / عقاب النوى من هامها الضربُ والقلعُ
ومُحلَولِكٌ ما فكَّ زيجاً ولا لَهُ / بِسِرِّ قضاء النجم علمٌ ولا طبعُ
أَبانَ لَنا عَن بَيْنِنا فَلِسانُهُ / علينا له قَطْعٌ أُتيحَ له القطعُ
إِذا لَم تَكُن للحيِّ داراً فما لها / إِذا وَقَف المشتاقُ فيها جَرى الدمعُ
لياليَ عودي يكتسي وَرَقَ الصبا / وإذ أنا إلفٌ للجآذِرِ لا سِمْعُ
وينبو عنِ اللومِ المُعنِّفِ مَسمَعي / بِمَنْ حُسْنُها بَينَ الحِسانِ له سمعُ
فتاةٌ لها في النفسِ أصلٌ منَ الهوى / وكُلُّ هَوىً في النفس مِن غيرِها بدعُ
وتبلغُ بنتُ الكرم من فرح الفتى / بلذّتها ما ليس يبلغُه البِتْعُ
يَصُدُّ الهوى عن قَطفِ رمَّانِ صَدرِها / وإن راقَ في خوط القوام له ينعُ
وَكَم مِن قُطوفٍ دانِياتٍ ودونَها / تَعرِضُ أَشراع من الرمح أو شرعُ
تريكَ جبيناً يُخجِلُ الشمسَ هيبةً / وخَلْقاً عميماً في الشبابِ له جَمعُ
وتبسمُ في جُنح الدجى وهو عابسٌ / فيضحكُ منها عن بروقٍ لها لَمعُ
وَبيدٍ أَبادَتْ عيسَنا بِيَبابِها / فُهُنَّ غِراثٌ في عِجافٍ لَها رتَعُ
إذا سمعَ الحادي بها السِّمْعُ ظَنّهُ / كريماً على نَشْزٍ لمأدُبَةٍ يدعو
فكم من هزيلٍ في اقتفاءِ هزيلةٍ / ليأكلَ منها فَضْلَ ما أكل السّبعُ
فإِن يُهلِكِ الإِيجافُ حَرفاً بِمَهمَهٍ / فَإِنَّهُما السيفُ المُجرّد والنّطعُ
نَحَوْتُ عَلَيها كُلَّ حَرْفٍ بَعامِلٍ / مِنَ العَزْمِ مَخصوصٌ بِهِ الخفضُ والرّفعُ
وعاركتُ دهري في عريكةِ بازلٍ / ينوءُ به هادٍ كما انْتصَبَ الجذعُ
وما خارَ عُودي عندَ غَمزِ مُلِمَّةٍ / وهل خارَ عِندَ الغمزِ في يَدِكَ النبعُ
وَمُلتَحِفٍ بِالصقلِ مِن لَمعِ بارقٍ / يُطيرُ فَرَاشَ الهام من حَدّه القرعُ
أَقام معَ الأحقابِ حَتَّى كَأَنَّما / لِحَدّيْه عنه من حوادِثِها دَفعُ
وتَحسَب أَهوالَ الحروبِ لشَيبِه / وكلُّ خِضابٍ في ذَوائِبِهِ رَدْعُ
إِذا سُلّ واهتزّتْ مضاربُهُ حكى / أخا السلّ هزّته بأُفْكلها الرِّبْعُ
وتحسرُ منه أنفسٌ هلكتْ به / فما صارمٌ في الأرض من غمدهِ سَقعُ
أَأَذكى علَيه القينُ بالرّيحِ نارَهُ / وَأَمكَنَه في الطبعِ بَينَهُما طَبْعُ
أَصاعِقَةٌ مُنقَضَّةٌ مِن غِرارِهِ / يَهولُكَ في هامِ الرواسي لها صدعُ
وجامدةٍ فاضت فقلنا تَعَجُّباً / أَنهُرٌ تَمَشَّت فَوقَُ الرّيح أو درعُ
وأَحكَمها داودُ عن وَحْيِ ربّهِ / بلطفِ يدٍ قاسي الحديدِ لها شَمْعُ
ترى الحلقاتِ الجُعْد منها حبائِكاً / مُسَمَّرَةً فيها مساميرها القرعُ
سرابيّةُ المرأى وإن لم يَرِدْ بها / على الذِّمْرِ طعنٌ يتَّقيه ولا مصعُ
وعذراء يغشاها ذكورُ أسِنّةٍ / وتُثْنَى لِجَمعٍ كُلَّما افتَرقَ الجمعُ
وَمُنجَرِدٍ كالسيدِ يعُمِلُ أَرضَهُ / فَيبني سماءً فوقه سمكها النّقعُ
متى يمنع الجريُ الجيادَ من الونى / ففي يده بذلٌ من الجري لا منعُ
له بَصَرٌ مستخرِجٌ خبء ليلةٍ / إذا الحسّ أهداه إلى قلبه السّمعُ
ويمرقُ بي السبق في كلّ حلبةٍ / فتحسبهُ سهماً يطير به النزعُ
برأيي وعزمي أكملَ اللّه صِبْغَتي / ولولا الحيا والشمسُ ما كَمُلَ الزرعُ
وَنُورِيّةٍ للنارِ فيها ذُؤابَةٌ
وَنُورِيّةٍ للنارِ فيها ذُؤابَةٌ / تذوبُ بها ذوبُ النّضارِ المميَّعِ
تَنوبُ منابَ الشمسِ بعد غروبها / إذا بزغت كالشمس في رأسِ مَطلَعِ
تُكتّمُ ما تلقاه إلا شكيةً / تُعَبّرُ عنها في إشارة إصبَعِ
وَتَحسَبُها تُلقي ضروباً مِنَ الجوى / تَحَكّمَ فيها من غَرَامي المُنَوّعِ
كَسَقمي وإِيراقي وصَبري ومَوقفي / وصمتي وإطراقي ولوني وأَدمُعي
مَرَابِعُهُمْ لِلوحشِ أَضْحتْ مَرَاتعَا
مَرَابِعُهُمْ لِلوحشِ أَضْحتْ مَرَاتعَا / فقفْ صابراً تُسعِدْ على الحزن جازِعا
فمن مُبْلِغُ الغادينَ عنّا بأنّنا / وَقَفْنَا وأَجْرَيْنا بِهِنَّ المدامِعا
مَعالِمُ أَضحَتْ من دُماها عواطِلاً / فقلْ في نفوسٍ قد هَجَرْنَ المطامعا
وَفَيْنا بميثاقِ العُهُود لربعها / كأنّ عهودَ الرّبْع كانت شرائعا
فمن دمنةٍ تحت القطوب كمينةٍ / بها وثلاثٌ راكدات سوافعا
ومن خطِّ رمسٍ دارسٍ فكأنّما / أمرّ البلى محواً عَلَيها الأَصابِعا
تَأوَّهَ منه شَيِّقُ الركبِ نائحاً / فَطَرّبَ فيه مُلْغِطُ الطّيْرِ ساجعا
ومازِلتُ أُجري الدمعَ من حُرَق الأسى / وأدعو هوى الأحبابِ لو كان سامعا
وأفحصُ عن آثارهم تُرْبَ أرضِهمْ / كأنّيَ قد أودعتُ فيها ودائعاً
كأنّ حصاةَ القلب كانت زجاجةً / مقارعةً من لاعجِ الشوق صادعا
أماتَ ربوعَ الدار فقدانُ أهلها / فأبصرتُ منها الآهلاتِ بلاقعا
كأنّ حُداءَ العيس في السير نعيها / وقد سُقِيَتْ سمّاً من البين ناقعا
أدارَ البلى ولّى الصبا عنك لاهياً / فَمَن لي بِأَن أَلقَى الصبا فيكَ راجِعا
أما ولبانٍ درّ لي أسحمٌ به / ومن كان من أهلي بودّي مُرَاضِعا
لقد دخلتْ بي منك في الحزنِ لوعةٌ / حُرِمْتُ بها من ذِمّةِ الصبر راجعا
أيا هذه إنّ العُلى لتهزّ بي / حُساماً على صَرْفِ الحوادثِ قاطعا
ذَريني أكُنْ للعزم والليل والسرى / وللحرب والبيداءِ والنَّجمِ سابِعا