المجموع : 8
نَهى الجَهلَ شَيبُ الرَأسِ بَعدَ نِزاعِ
نَهى الجَهلَ شَيبُ الرَأسِ بَعدَ نِزاعِ / وَما كُلُّ ناهٍ ناصِحٍ بِمُطاعِ
رَأَت أُقحُوانَ الشَيبِ لاحَ وَآذَنَت / مَلاحاتُ أَيّامِ الصِبا بِوَداعِ
فَقالَت مَحاكَ الدَهرُ في صَبغَةِ الصِبا / وَكُنتَ مِنَ الفِتيانِ خَيرَ مِتاعِ
شُرَيرَ فَإِنَّ الدَهرَ هَدَّمَ قوَّتي / وَلَم يُغنِ عَنّي حيلَتي وَدِفاعي
وَشَيَّبَني في كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ / تَنَظُّرُ داعي الحَتفِ أَوَّلَ داعِ
وَإِنَّ الجَديدَينِ الَّذينِ تَضَمَّنا / قِيادي بِأَحداثٍ إِلَيَّ سِراعِ
هُما أَنصَفاني قَبلُ إِذ أَنا ناشِئٌ / وَقَد صارَعاني بَعدُ أَيَّ صِراعِ
كَناقِضَةٍ أَمرارَها حينَ أَحكَمَت / قُوى حَبلِ خَرقاءِ اليَدَينِ صَناعِ
وَغَيظاً عَلى الأَعداءِ لا يَجرَعونَهُ / وَكَيلاً لَهُم مِنهُ بِأَوفَرِ صاعِ
وَإِخوانِ شَرٍّ قَد حَرَثتُ إِخائَهُم / فَكانوا لِغَرسِ الوِدِّ شَرَّ بِقاعِ
قَدَحتُ زِنادَ الوَصلِ بَيني وَبَينَهُم / فَأَذكَيتُ ناراً غَيرَ ذاتِ شُعاعِ
وَلَمّا نَأَوا عَنّي بِوِدِّ نُفوسِهِم / غَلَبتُ حَنيني نَحوَهُم وَنِزاعي
وَمَكرُمَةٍ عِندَ السَماءِ مُنيفَةٍ / تَناوَلَها مِنّي بِأَطوَلِ باعِ
وَكَم مَلِكٍ قاسى العِقابَ مُمَنَّعٍ / قَديرٍ عَلى قَبضِ النُفوسِ مُطاعِ
أَراهُ فَيُعديني مِنَ المَكرِ ما بِهِ / فَأُكرِمُ عَنهُ شَيمَتي وَطِباعي
وَإِنّي لَأَستَوفي المَحامِدَ كُلَّها / وَقَد بَقِيَت لي بَعدَهُنَّ مَساعِ
وَتَصدُقُكَ الأَنباءُ إِن كُنتَ سائِلاً / وَحَسبُكَ مِمّا لا تَرى بِسَماعِ
عَليمٌ بِما تَحتَ الصُدورِ مِنَ الهَوى
عَليمٌ بِما تَحتَ الصُدورِ مِنَ الهَوى / سَريعٌ بِكَرِّ اللَحظِ وَالقَلبُ جازِعُ
وَيَجرَحُ أَحشائي بِعَينٍ مَريضَةٍ / كَما لانَ مَتنُ السَيفِ وَالسَيفُ قاطِعُ
وَغادَرَ مِنّي الدَهرُ عَضباً مُهَنَّداً
وَغادَرَ مِنّي الدَهرُ عَضباً مُهَنَّداً / يَفَلُّ شَبا خَصمي وَقَلباً مُشَيَّعا
وَجوداً يَحُلُّ الكَفَّ عَن خَيرِ مالِها / إِذا عُقِدَت كَفُّ البَخيلِ تَمَنُّعا
وَإِن تَطلُبَنّي في الحُروبِ تُلاقيني / أَهُزُّ حُساماً كُلَّما هُزَّ قَطَّعا
تَخالُ غَديراً غَيرَ أَن لَيسَ جارِياً / وَلا مُروِياً إِن أَنتَ حاوَلتَ مَكرَعا
وَأَنتَ الَّذي ذَلَّلتَ لِلناسِ جانِبي
وَأَنتَ الَّذي ذَلَّلتَ لِلناسِ جانِبي / وَأَكثَرتَ أَحزانَ الفُؤادِ المُرَوَّعِ
وَأَسقَيتَ عَيني رَيَّها مِن دُموعِها / وَعَلَّمتَها لَحظَ المُريبِ المُفَزَّعِ
وَما كُنتُ أُعطي الحُبَّ وَالدَمعَ طاعَةً / فَما شِئتِ يا عَيني مِنَ الآنِ فَاِصنَعي
وَلَم أَرَ عِندَ الصَبرِ وَجهَ شَفاعَةٍ / إِلى غَيرِ مَعشوقٍ مِنَ الدَمعِ فَاِشفَعي
أَلَستَ تَرى النَجمَ الَّذي هُوَ طالِعٌ / عَلَيكَ فَهَذا لِمُحِبّينَ نافِعُ
عَسى يَلتَقي في الأُفقِ لَحظي وَلَحظُهُ / فَيَجمَعُنا إِذ لَيسَ في الأَرضِ جامِعُ
أَأَسمَعُ ما قالَ الحَمامُ السَواجِعُ
أَأَسمَعُ ما قالَ الحَمامُ السَواجِعُ / وَصايَحَ بَينٌ في ذُرى الأَيكِ واقِعُ
مَنَعنا سَلامَ القَولِ وَهوَ مُحَلَّلٌ / سِوى لَمَحاتٍ أَو تُشيرُ الأَصابِعُ
تَأبى العُيونُ البُخلَ إِلّا نَميمَةً / بِما كَتَبَت مِن خَدِّهِنَّ البَراقِعُ
وَإِنّي لَمَغلوبٌ عَلى الصَبرِ إِنَّهُ / كَذَلِكَ جَهلُ المَرءِ لِلحُبِّ صارِعُ
كَأَنَّ الصَبا هَبَّت بِأَنفاسِ رَوضَةٍ / لَها كَوكَبٌ في ذَروَةِ الشَمسِ لامِعُ
تَوَقَّدَ فيها النورُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَبَلَّلَها طَلٌّ مَعَ اللَيلِ دامِعُ
وَشَقَّ ثَراها عَن أَقاحٍ كَأَنَّها / تَهادَت بِمِسكٍ نَفحُها وَالأَجارِعُ
أَلا أَيُها القَلبُ الَّذي هامَ هَيمَةً / بِشُرَّةَ حَتّى الآنَ هَل أَنتَ راجِعُ
إِذِ الناسُ عَن أَخبارِنا تَحتَ غَفلَةٍ / وَفي الحُبِّ إِسعافٌ وَلِلشَملِ جامِعُ
وَإِذ هِيَ مِثلُ البَدرِ يَفضَحُ لَيلَهُ / وَإِذ أَنا مُسوَدُّ المَفارِقِ يافِعُ
وَغاصَت بِأَعناقِ المَطِيِّ كَأَنَّها / هَياكُلُ رُهبانٍ عَلَيها الصَوامِعُ
وَراحَت مِنَ الدَيرَينِ تَستَعجِلُ الخُطى / كَأَنَّ ذُفاراها جِفارٌ نَوابِعُ
إِذا لَيلَةٌ ظَلَّت عَلَيهِ مَطِرَةً / تَجافَت بِهِ حَتّى الصَباحِ المَضاجِعُ
غَدا يَلمَحُ الأُفقَ المُريبَ بِطَرفِهِ / وَفي قَلبِهِ مِن خَيفَةِ الإِنسِ رائِعُ
لَعَمري لَئِن أَمسى الإِمامُ بِبَلدَةٍ / وَأَنتَ بِأُخرى شائِقُ القَلبِ نازِعُ
لَقَد رُمتَ ما يُدنيكَ مِنهُ وَإِنَّما / أَتى قَدَرٌ وَاللَهُ مُعطٍ وَمانِعُ
وَإِنِّيَ كَالعَطشانِ طالَ بِهِ الصَدى / إِلَيكَ وَلَكِن ما الَّذي أَنا صانِعُ
أَيَذهَبُ عُمري وَالعَوائِقُ دونَهُ / عَلى ما أَرى إِنّي إِلى اللَهِ راجِعُ
وَما أَنا في الدُنيا بِشَيءٍ أَنالُهُ / سِوى أَن أَرى وَجهَ الخَليفَةِ قانِعُ
وَهَبني أَرَيتُ الحاسِدينَ تَجَلُّداً / فَكَيفَ بِحُبٍّ ضُمِّنَتهُ الأَضالِعُ
وَإِنّي لِنُعماهُ القَديمَةِ شاكِرٌ / وَراءٍ بِعَينِ النُصحِ فيهِ وَسامِعُ
وَما أَنا مِن ذُكرِ الخَليفَةِ آيِسٌ / وَما دامَ حَيّاً عَلَّلَتهُ المَطامِعُ
وَأَقعَدَني عَنهُ اِنتِظارٌ لِإِذنِهِ / وَما قالَ مِن شَيءٍ فَإِنِّيَ طائِعُ
صُراطُ هُدىً يَقضي عَلى الجورِ عَدلُهُ / وَنورٌ عَلى الدُنيا مِنَ الحَقِّ ساطِعُ
وَسَيفُ اِنتِقامٍ لا يَخافُ ضَريبَةً / وَما شاءَ مِن ذي إِحنَةٍ فَهوَ قاطِعُ
وَإِن يَعفُ لا يَندَم وَإِن يَسطُ يَنتَقِم / فَهَل عادِلٌ فيها بِما أَنتَ واقِعُ
لَقَد لَطَفَ الرَحمَنُ بِاِبنَةِ قاسِمٍ
لَقَد لَطَفَ الرَحمَنُ بِاِبنَةِ قاسِمٍ / وَدافَعَ عَنها بِالجَميلِ مِنَ الصُنعِ
وَكانَ مِنَ الأَمرِ الَّذي كانَ فَاِنقَضى / وَرَدُّ قَضيبُ النَبعِ في مَغرَسِ النَبعِ
تَمَكَّنَ هَذا الدَهرُ مِمّا يَسوءُني
تَمَكَّنَ هَذا الدَهرُ مِمّا يَسوءُني / وَلَجَّ فَما يَخلي صَفاتِيَ مِن قَرعِ
وَأَبلَيتُ آمالي بِوَصلٍ يَكُدُّها / وَلَيسَ بِذي ضَرٍّ وَلَيسَ بِذي نَفعِ
لَئيمٌ إِذا جادَ اللَئيمُ تَخَلُّقاً / يُحِبُّ سُؤالَ القَومِ شَوقاً إِلى المَنعِ
أَيا رَبَّ لا تَقبَل صَلاةَ مَعاشِرٍ
أَيا رَبَّ لا تَقبَل صَلاةَ مَعاشِرٍ / يَأُمُّهُمُ دَيرُ النُمَيرِيِّ رُكَّعا
تَقَدَّمَ يَوماً لِلصَلاةِ فَخِلتُهُ / حِماراً أَمامَ الرَكبِ سارَ فَأَسرَعا