أيا أذن الأيام إن قلت فاسمعي
أيا أذن الأيام إن قلت فاسمعي / لنفثة مصدور وأنة موجع
وعي كل صوت تسمعين نداءه / فلا خير في أذن تنادى فلا تعي
تقاصر بي خطب الزمان وباعه / فقصر من ذرعي وقصر أذرعي
وأخرجني من موضع كنت أهله / وأنزلني بالجور في غير موضعي
بسيف ابن مهدي وأبناء فاتك / أقض من الأوطان جنبي ومضجعي
تيممت مصراً أطلب الجاه والغنى / فنلتهما في ظل عيش ممنع
وزرت ملوك النيل إذ زاد نيلهم / فأحمد مرتادي وأخصب مرتعي
وفزت بألف من عطية فائز / مواهبه للصنع لا للتصنع
وكم طوقتني من يد عاضدية / سرت بين يقظى في العيون وهجع
وجاد ابن رزيك من الجاه والغنى / بما زاد عن مرمى رجائي ومطمعي
وأوحى إلى سمعي ودائع شعره / فخبرته مني بأكرم مودع
وليست أيادي شاور بذميمة / ولا عهدها عندي بعهد مضيع
ملوك رعوا لي حرمة صار نبتها / هشيماً رعته النائبات وما رعي
ورُدَّتْ بهم شمس العطاء لوفدهم / كما قال قوم في علي ويوشع
مذاهبهم في الجود مذهب سنة / وإن خالفوني في اعتقاد التشيع
فقل لصلاح الدين والعدل شأنه / من الحكم المصغي إلي فأدعي
شكوت فقالت ناطقات ضرورتي / إذا حلقات الباب غلقن فاقرع
فأدللت إدلال المحب وقلت ما / أبالي بعفو الطبع لا بالتطبع
وعندي من الآداب ما لو شرحته / تيقنت أني قدر ابن المقفع
أقمت لكم ضيفاً ثلاثة أشهر / أقول لقلبي كلما ضاق وسع
أعلل غلماني وخيلي ونسوتي / بما صغت من عذر ضعيف مرقع
ثوابكم للوفد في كل بلدة / يفرق شمل النائل المتوزع
وكم من ضيوف الباب ممن لسانه / إذا قطعوه لا يقوم بإصبع
مشارع من نعماكم زرتها وقد / تكدر بالإسكندرية مشرعي
وضايقني أهل الديون فلم يكن / سوى بابكم منهم ملاذي ومفزعي
فيا راعي الإسلام كيف تركتها / فريقي ضياع من عرايا وجوع
دعوناك من قرب وبعد فهب لنا / جوابك فالباري يجيب إذا دعي
إلى الله أشكو من ليالي ضرورة / رجعنا بها نحو الجناب المرجع
قنعنا فلم نسألك صبراً وعفة / إلى أن عدمنا بلغة المتقنع
ولما أغص الريق مجرى حلوقنا / أتيناك نشكو غصة المتوجع
فإن كنت ترعى الناس للفقه وحده / فمنه طرازي بل لثامي وبرقعي
ألم ترعني للشافعي وأنتم / أجل شفيع عند أعلى مشفع
ونصري له في حيث لا أنت ناصر / بضرب صقيلات ولا طعن شرع
ليالي لا فقه العراق بسجسج / بمصر ولا ريح الشآم بزعزع
كأني بها من آل فرعون مؤمن / أصارع عن ديني وإن حان مصرعي
أمن حسنات الدهر أم سيئاته / رضاك عن الدنيا بما فعلت معي
ملكت عنان النصر ثم خذلتني / وحالي بمرأى من علاك ومسمع
فمالك لا توسع علي وتلتفت / إلي التفات المنعم المتبرع
فإما لأني لست دون معاشر / فتحت لهم ردن العطاء الموسع
وإما لما أوضحته من زعازع / عصفن على ديني ولم أتزعزع
وردي ألوف المال لم ألتفت لها / بعيني ولم أحفل ولم أتطلع
وإما لفن واحد من معارفي / هو النظم إلا إنه نظم مبدع
فإن سمتني نظماً ظفرت بمفلق / وأن سمتني نثراً ظفرت بمصقع
طباع وفي المطبوع من خطراته / غنى عن أفانين الكلام المصنع
سألتك في دين لياليك سقنه / وألزمتنيه كارهاً غير طيع
وهاجرت أرجو منك إطلاق راتب / تقرر من أزمان كسرى وتبع
وليتك ممن أطلع الشرق مطلعي / لتعلم نبعي إن عجمت وخروعي
وما أنا إلا قائم السيف لم يصن / بكف ودر لم يجد من مرصع
وياقوتة في سلك عقد مداره / على خرزات من عقيق مجزع
وكم مات نضناض اللسان من الظما / وقد شرقت بالماء أشداق ألكع
فيا واصل الأرزاق كيف تركتني / أمد إلى نيل المنى كف أقطع
أعندك أني كلما عطس امرؤ / بذي شمم أقنى عطست بأجدع
ظلامة مصدوع الفؤاد فهل له / سبيل إلى جبر الفؤاد المصدع
وأقسم لو قالت لياليك للدجى / أعد غارب الجوزاء قال لها اطلعي
غدا الأمر في إيصال رزقي وقطعه / بحكمك فابذل كيفما شئت وامنع
كذلك أقدار الرجال وإن غدت / بحكمك فاحفظ كيف شئت وضيع
فيا زارع الإحسان في كل تربة / ظفرت بأرض تنبت الشكر فازرع
فعندي إذا ما العرف ضاع غريبه / ثناء كعرف المسكة المتضوع
وقد صدرت في طي ذا النظم رقعة / غدا طمعي فيها إلى خير مطمع
أريد بها إطلاق ديني وراتبي / فأطلقهما والأمر منك ووقع
فبيني وبين الجاه والعز والغنى / وقائع أخشاها إذا لم توقع
وما هي إلا مدة نستمدها / وقد جفت الأرزاق من كل منبع
إلى ها هنا أنهي حديثي وأنتهي / وما شئت في حقي من الخير فاصنع
فإنك أهل الجود والبر والتقى / ووضع الأيادي البيض في كل موضع