القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بَهاء الدين زُهَير الكل
المجموع : 8
سَأُعرِضُ عَمَّن راحَ عَنِّيَّ مُعرِضاً
سَأُعرِضُ عَمَّن راحَ عَنِّيَّ مُعرِضاً / وَأُعلِنُ سُلواني لَهُ وَأَشيعُهُ
وَأَحجُزُ طَرفي عَنهُ وَهوَ رَسولُهُ / وَأَحجُبُ قَلبي عَنهُ وَهوَ شَفيعُهُ
وَكَيفَ تَرى عَيني لِمَن لا يَرى لَها / وَيَحفَظُ قَلبي في الهَوى مَن يُضيعُهُ
وَأَقسَمتُ لا تَجري دُموعي عَلى اِمرِئٍ / إِذا كانَ لا تَجري عَلَيَّ دُموعُهُ
فَلَو خانَ طَرفي ما حَوَتهُ جُفونُهُ / وَلَو خانَ قَلبي ما حَوَتهُ ضُلوعُهُ
تَكَلَّفتُ فيهِ شيمَةً غَيرَ شيمَتي / فَساءَ صَنيعي حينَ ساءَ صَنيعُهُ
وَأَصبَحتُ لا صَبّاً كَثيراً وُلوعُهُ / وَأَمسَيتُ لا مُضنىً قَليلاً هُجوعُهُ
بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ / لَعَمرُكَ مَطلوبٌ يَعِزُّ وُقوعُهُ
أَأَعظَمُ مِن قَلبي عَلَيَّ مَعَزَّةً / وَإِنِّيَ في هَذا الهَوى لَصَريعُهُ
وَأَكرَمُ مِن عَيني عَلَيَّ وَإِنَّها / لَتُظهِرُ سِرّي لِلعِدى وَتُذيعُهُ
تُكَلِّمُني بِالأَرمَنِيَّةِ جارَتي
تُكَلِّمُني بِالأَرمَنِيَّةِ جارَتي / أَيا جارَتي ما الأَرمَنِيَّةُ مِن طَبعي
وَيا جارَتي لَم آتِ بَيتِكِ رَغبَةً / وَلا أَنتَ مَن يُرجى لِضَرٍّ وَلا نَفعِ
دَعاني إِلَيكِ اللَيلُ وَالأَينُ وَالسُرى / فَصادَفتُ أَمراً ضاقَ عَن بَعضِهِ وُسعي
كَلامُكِ وَالدولابُ وَالطَبلُ وَالرَحى / فَلَم أَدرِ ما أَشكوهُ مِن ذَلِكَ الجَمعِ
كَلامُكِ فيهِ وَحدَهُ لي كِفايَةٌ / كَأَنَّ صُخوراً مِنهُ تُقذَفُ في سَمعي
لَكِ اللَهُ ما لاقَيتِ ياعَرَبِيَّتي / وَماذا الَّذي عُوِّضتِ بِالبانِ وَالجِزعِ
سَأَدعو عَلى الجُردِ الجِيادِ لِأَنَّها / سَرَت فَأَتَت بي وادِياً غَيرَ ذي زَرعِ
رُوَيدَكَ قَد أَفنَيتَ يا بَينُ أَدمُعي
رُوَيدَكَ قَد أَفنَيتَ يا بَينُ أَدمُعي / وَحَسبُكَ قَد أَضنَيتَ يا شَوقُ أَضلُعي
إِلى كَم أُقاسي فُرقَةً بَعدَ فُرقَةٍ / وَحَتّى مَتى يا بَينُ أَنتَ مَعي مَعي
لَقَد ظَلَمَتني وَاِستَطالَت يَدُ النَوى / وَقَد طَمِعَت في جانِبي كُلَّ مَطمَعِ
فَلا كانَ مَن قَد عَرَّفَ البَينَ مَوضِعي / لَقَد كُنتُ مِنهُ في جَنابٍ مُمَنَّعِ
فَيا راحِلاً لَم أَدرِ كَيفَ رَحيلُهُ / لِما راعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرِّعِ
يُلاطِفُني بِالقَولِ عِندَ وَداعِهِ / لِيُذهِبَ عَنّي لَوعَتي وَتَفَجُّعي
وَلَمّا قَضى التَوديعُ فينا قَضاءَهُ / رَجَعتُ وَلَكِن لا تَسَل كَيفَ مَرجِعي
فَيا عَينِيَ العَبرى عَلَيَّ فَأَسكِبي / وَيا كَبِدي الحَرّى عَليهِم تَقَطَّعي
جَزى اللَهُ ذاكَ الوَجهَ خَيرَ جَزائِهِ / وَحَيَّتهُ عَنّي الشَمسُ في كُلِّ مَطلَعِ
وَيارَبَّ جَدِّد كُلَّما هَبَّتِ الصَبا / سَلامي عَلى ذاكَ الحَبيبِ المُوَدَّعِ
قِفوا بَعدَنا تَلقَوا مَكانَ حَديثِنا / لَهُ أَرَجٌ كَالعَنبَرِ المُتَضَوِّعِ
فَيَعلَقَ في أَثوابِكُم مِن تُرابِهِ / شَذا المِسكِ مَهما يُغسَلِ الثَوبُ يَسطَعِ
أَأَحبابَنا لَم أَنسَكُم وَحَياتِكُم / وَما كانَ عِندي وُدُّكُم بِمُضَيَّعِ
عَتَبتُم فَلا وَاللَهِ ما خُنتُ عَهدَكُم / وَما كُنتُ في ذاكَ الوَدادِ بُمِدَّعي
وَقُلتُم عَلِمنا ما جَرى مِنكَ كُلَّهُ / فَلا تَظلِموني ما جَرى غَيرَ أَدمُعي
كَما قُلتُمُ يَهنيكَ نَومُكَ بَعدَنا / وَمِن أَينَ نَومٌ لِلكَئيبِ المُرَوَّعِ
إِذا كُنتُ يَقظاناً أَراكُم وَأَنتُمُ / مُقيمونَ في قَلبي وَطَرفي وَمِسمَعي
فَما لِيَ حَتّى أَطلُبَ النَومَ في الهَوى / أَقولُ لَعَلَّ الطَيفَ يَطرُقُ مَضجَعي
مَلَأتُم فُؤادي في الهَوى فَهوَ مُترَعٌ / وَلا كانَ قَلبٌ في الهَوى غَيرَ مُترَعِ
وَلَم يَبقَ فيهِ مَوضِعٌ لِسِواكُمُ / وَمَن ذا الَّذي يَأوي إِلى غَيرِ مَوضِعِ
لَحى اللَهُ قَلبي هَكَذا هُوَ لَم يَزَل / يَحِنُّ وَيَصبو لا يَفيقُ وَلا يَعي
فَلا عاذِلي يَنفَكُّ عَنِّيَ إِصبَعاً / وَقَد وَقَعَت في رَزَّةِ الحِبِّ إِصبَعي
لَئِن كانَ لِلعُشّاقِ قَلبٌ مُصَرَّعٌ / فَما كانَ فيهِم مَصرَعٌ مِثلُ مَصرَعي
وَقائِلَةٍ لَمّا أَرَدتُ وَداعَها
وَقائِلَةٍ لَمّا أَرَدتُ وَداعَها / حَبيبي أَحَقّاً أَنتَ بِالبَينِ فاجِعي
فَيا رَبَّ لا يَصدُق حَديثٌ سَمِعتُهُ / لَقَد راعَ قَلبي ماجَرى في مَسامِعي
وَقامَت وَراءَ السَترِ تَبكي حَزينَةً / وَقَد نَقَبَتهُ بَينَنا بِالأَصابِعِ
بَكَت فَأَرَتني لُؤلُؤاً مُتَناثِراً / هَوى فَالتَقَتهُ في فُضولِ المَقانِعِ
فَلَمّا رَأَت أَنّ الفِراقَ حَقيقَةٌ / وَأَنّي عَلَيهِ مُكرَهٌ غَيرُ طائِعِ
تَبَدَّت فَلا وَاللَهِ ما الشَمسُ مِثلَها / إِذا أَشرَقَت أَنوارُها في المَطالِعِ
تُسَلِّمُ بِاليُمنى عَلَيَّ إِشارَةً / وَتَمسَحُ بِاليُسرى مَجاري المَدامِعِ
وَما بَرِحَت تَبكي وَأَبكي صَبابَةً / إِلى أَن تَرَكنا الأَرضَ ذاتَ نَقائِعِ
سَتُصبِحُ تِلكَ الأَرضُ مِن عَبَراتِنا / كَثيرَةَ خِصبٍ رائِقِ النَبتِ رائِعِ
أَأَحبابَنا بِالرَغمِ مِنّي فِراقُكُم
أَأَحبابَنا بِالرَغمِ مِنّي فِراقُكُم / وَيا طولَ شَوقي نَحوَكُم وَوَلوعي
أَطَعتُ الهَوى بِالكُرهِ مِنِّيَ لا الرِضا / وَلو خَيَّروني كُنتُ غَيرَ مُطيعِ
حَفِظتُ لَكُم ماتَعهَدونَ مِنَ الهَوى / وَلَستُ لِسِرٍّ بَينَنا بُمُضيعِ
فَإِن كُنتُمُ بَعدي سَلَوتُم فَإِنَّني / سَلَوتُ وَلَكِن راحَتي وَهُجوعي
سَلوا النَجمَ يُخبِركُم بِحالِيَ في الدُجى / وَلا تَسأَلوا عَمّا تَجِنُّ ضُلوعي
قِفوا تَسمَعوا مِن جانِبِ الغَورِ أَنَّني / فَقَد أَسمَعَت مَن كانَ غَيرَ سَميعِ
وَإِن لاحَ بَرقٌ فَهوَ نارُ صَبابَتي / وَإِن راحَ سَيلٌ فَهوَ ماءُ دُموعي
وَذا العامَ قالوا أَمرَعَ الغَورُ كُلُّهُ / وَما كانَ لَولا دَمعَتي بِمَريعِ
فَيا قَمَري مُذ غِبتَ أَوحَشتَ ناظِري / لَعَلَّكَ لَيلاً مُؤنِسي بِطُلوعِ
وَما أَنا في العُشّاقِ أَوَّلَ هالِكٍ / وَأَوَّلَ صَبٍّ بِالفِراقِ صَريعِ
وَإِن كَتَبَ اللَهُ السَلامَةَ أَنَّني / إِلَيكُم وَإِن طالَ الزَمانُ رُجوعي
حَبيبي عَلى الدُنيا إِذا غِبتَ وَحشَةٌ
حَبيبي عَلى الدُنيا إِذا غِبتَ وَحشَةٌ / فَيا قَمَراً قُل لي مَتى أَنتَ طالِعُ
لَقَد فَنِيَت روحي عَلَيكَ صَبابَةً / فَما أَنتَ يا روحي العَزيزَةَ صانِعُ
سُرورِيَ أَن تَبقى بِخَيرٍ وَنِعمَةٍ / وَإِنّي مِنَ الدُنيا بِذَلِكَ قانِعُ
فَما الحُبُّ إِن ضاعَفتُهُ لَكَ باطِلٌ / وَلا الدَمعُ إِن أَفنَيتُهُ فيكَ ضائِعُ
وَغَيرُكَ إِن وافى فَما أَنا ناظِرٌ / إِلَيهِ وَإِن نادى فَما أَنَ سامِعُ
كَأَنِّيَ موسى حينَ أَلقَتهُ أُمُّهُ / وَقَد حَرِمَت قِدماً عَلَيهِ المَراضِعُ
أَظُنُّ حَبيبي حالَ عَمّا عَهِدتُهُ / وَإِلّا فَما عُذرٌ عَنِ الوَصلِ مانِعُ
فَقَد راحَ غَضباناً وَلي ما رَأَيتُهُ / ثَلاثَةُ أَيّامٍ وَذا اليَومُ رابِعُ
أَرى قَصدَهُ أَن يَقطَعَ الوَصلَ بَينَنا / وَقَد سَلَّ سَيفَ اللَحظِ وَالسَيفُ قاطِعُ
وَإِنّي عَلى هَذا الجَفاءِ لَصابِرٌ / لَعَلَّ حَبيبي بِالرِضى لِيَ راجِعُ
فَإِن تَتَفَضَّل يا رَسولي فَقُل لَهُ / مُحِبُّكَ في ضيقٍ وَعَفوُكَ واسِعُ
فَوَاللَهِ ما اِبتَلَّت لِقَلبِيَ غُلَّةٌ / وَلا نَشِفَت مِنّي عَليهِ المَدامِعُ
تَذَلَّلتُ حَتّى رَقَّ لي قَلبُ حاسِدي / وَعادَ عَذولي في الهَوى وَهوَ شافِعُ
فَلا تُنكِروا مِنّي خُضوعاً عَهِدتُمُ / فَما أَنا في شَيءٍ سِوى الحُبِّ خاضِعُ
وَأَسوَدَ عارٍ أَنحَلَ البَردُ جِسمَهُ
وَأَسوَدَ عارٍ أَنحَلَ البَردُ جِسمَهُ / وَما زالَ مِن أَوصافِهِ الحِرصُ وَالمَنعُ
وَأَعجَبُ شَيءٍ أَنَّهُ الدَهرَ حارِسٌ / وَليسَ لَهُ عَينٌ وَليسَ لَهُ سَمعُ
أَما آنَ لِلبَدرِ المُنيرِ طُلوعُ
أَما آنَ لِلبَدرِ المُنيرِ طُلوعُ / فَتُشرِقَ أَوطانٌ لَهُ وَرُبوعُ
فَيا غائِباً ما غابَ إِلّا بِوَجهِهِ / وَلي أَبَداً شَوقٌ لَهُ وَوَلوعُ
سَأَشكُرُ حُبّاً زانَ فيكَ عِبادَتي / وَإِن كانَ فيهِ ذِلَّةٌ وَخُضوعُ
أُصَلّي وَعِندي لِلصَبابَةِ رِقَّةٌ / فَكُلُّ صَلاتي في هَواكَ خُشوعُ
أَأَحبابَنا هَل ذَلِكَ العَيشُ عائِدٌ / كَما كانَ إِذ أَنتُم وَنَحنُ جَميعُ
وَقُلتُم رَبيعٌ مَوعِدُ الوَصلِ بَينَنا / فَهَذا رَبيعٌ قَد مَضى وَرَبيعُ
لَقَد فَنِيَت ياهاجِرونَ رَسائِلي / وَمَلَّ رَسولٌ بَينَنا وَشَفيعُ
فَلا تَقرَعوا بِالعَتبِ قَلبي فَإِنَّهُ / وَحَقِّكُمُ مِثلُ الزُجاجِ صَديعُ
سَأَبكي وَإِن تَنزِف دُموعي عَلَيكُم / بَكَيتُ بِشِعرٍ رَقَّ فَهوَ دُموعُ
وَما ضاعَ شِعري فيكُمُ حينَ قُلتُهُ / بَلى وَأَبيكُم ضاعَ فَهوَ يَضوعُ
أُحِبُّ البَديعَ الحُسنِ مَعنىً وَصورَةً / وَشِعرِيَ في ذاكَ البَديعِ بَديعُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025