المجموع : 7
لَعَمري لَقَد نوديتَ لَو كُنتَ تَسمَعُ
لَعَمري لَقَد نوديتَ لَو كُنتَ تَسمَعُ / أَلَم تَرَ أَنَّ المَوتَ ما لَيسَ يُدفَعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الناسَ في غَفَلاتِهِم / وَأَنَّ المَنايا بَينَهُم تَتَقَعقَعُ
أَلَم تَرَ لَذّاتِ الجَديدِ إِلى البِلى / أَلَم تَرَ أَسبابَ الأُمورِ تَقَطَّعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الفَقرَ يَعقِبُهُ الغِنى / أَلَم تَرَ أَنَّ الضيقَ قَد يَتَوَسَّعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَوتَ يَهتَزُّ سَيفُهُ / وَأَنَّ رِماحَ المَوتِ نَحوَكَ تُشرَعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الدَهرَ في كُلِّ ساعَةٍ / لَهُ عارِضٌ فيهِ المَنِيَّةُ تَلمَعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَرءَ يَشبَعُ بَطنُهُ / وَناظِرُهُ فيما تَرى لَيسَ يَشبَعُ
أَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني / وَيا جامِعَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَجمَعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَرءَ يَحبِسُ مالَهُ / وَوارِثُهُ فيهِ غَداً يَتَمَتَّعُ
كَأَنَّ الحُماةَ المُشفِقينَ عَلَيكَ قَد / غَدَوا بِكَ أَو راحوا رَواحاً فَأَسرَعوا
وَما هُوَ إِلّا النَعشُ لَو قَد دَعَوا بِهِ / تُقَلُّ فَتُلقى فَوقَهُ ثُمَّ تُرفَعُ
وَما هُوَ إِلّا حادِثٌ بَعدَ حادِثٍ / عَلَيكَ فَمِن أَيِّ الحَوادِثِ تَجزَعُ
وَما هُوَ إِلّا المَوتُ يَأتي لِوَقتِهِ / فَما لَكَ في تَأخيرِهِ عَنكَ مَدفَعُ
أَلا وَإِذا وُدِّعتَ تَوديعَ هالِكٍ / فَآخِرُ يَومٍ مِنكَ يَومُ تُوَدَّعُ
أَلا وَكَما شَيَّعتَ يَوماً جَنائِزاً / فَأَنتَ كَما شَيَّعتَهُم سَتُشَيَّعُ
رَأَيتُكَ في الدُنيا عَلى ثِقَةٍ بِها / وَإِنَّكَ في الدُنيا لَأَنتَ المُرَوَّعُ
وَصَفتَ التُقى وَصفاً كَأَنَّكَ ذو تُقاً / وَريحُ الخَطايا مِن ثِيابِكَ تَسطَعُ
وَلَم تُعنَ بِالأَمرِ الَّذي هُوَ واقِعٌ / وَكُلُّ امرِئٍ يُعنى بِما يَتَوَقَّعُ
وَإِنَّكَ لَلمَنقوصُ في كُلِّ حالَةٍ / وَكُلُّ بَني الدُنيا عَلى النَقصِ يُطبَعُ
إِذا لَم يَضِق قَولٌ عَلَيكَ فَقُل بِهِ / وَإِن ضاقَ عَنكَ القَولُ فَالصَمتُ أَوسَعُ
وَلا تَحتَقِر شَيئاً تَصاغَرتَ قَدرَهُ / فَإِنَّ حَقيراً قَد يَضُرُّ وَيَنفَعُ
تَقَلَّبتَ في الدُنيا تَقَلُّبَ أَهلِها / وَذو المالِ فيها حَيثُما مالَ يُتبَعُ
وَما زِلتُ أُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ / تَكادُ لَهَ صُمُّ الجِبالِ تَصَدَّعُ
فَما بالُ عَيني لا تَجودُ بِمائِها / وَما بالُ قَلبي لا يَرِقُّ وَيَخشَعُ
تَبارَكَ مَن لا يَملِكُ المُلكَ غَيرُهُ / مَتى تَنقَضي حاجاتُ مَن لَيسَ يَقنَعُ
وَأَيُّ امرِئٍ في غايَةٍ لَيسَ نَفسُهُ / إِلى غايَةٍ أُخرى سِواها تَطَلَّعُ
وَبَعضُ بَني الدُنيا لِبَعضٍ ذَريعَةٌ / وَكُلُّ بِكُلِّ قَلَّ ما يَتَمَتَّعُ
يُحِبُّ السَعيدُ العَدلَ عِندَ احتِجاجِهِ / وَيَبغي الشَقِيُّ البَغيَ وَالبَغيُ يَصرَعُ
وَذو الفَضلِ لا يَهتَزُّ إِن هَزَّهُ الغِنى / لِفَخرِ وَلا إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَضرَعُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحَقِّ أَقوى لِحُجَّةٍ / يَدُ الحَقِّ بَينَ العِلمِ وَالجَهلِ تَقرَعُ
هُوَ المَوتُ فَاصنَع كُلَّما أَنتَ صانِعُ
هُوَ المَوتُ فَاصنَع كُلَّما أَنتَ صانِعُ / وَأَنتَ لِكَأسِ المَوتِ لا بُدَّ جارِعُ
أَلا أَيُّها المَرءُ المُخادِعُ نَفسَهُ / رُوَيداً أَتَدري مَن أَراكَ تُخادِعُ
وَياجامِعَ الدُنيا لِغَيرِ بَلاغِهِ / سَتَترُكُها فَانظُر لِمَن أَنتَ جامِعُ
فَكَم قَد رَأَينا الجامِعينَ قَدَ اِصبَحَت / لَهُم بَينَ أَطباقِ التُرابِ مَضاجِعُ
لَوَ أَنَّ ذَوي الأَبصارِ يَرعونَ كُلَّ ما / يَرَونَ لَما جَفَّت لِعَينٍ مَدامِعُ
طَغى الناسُ مِن بَعدِ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ / فَقَد دَرَسَت بَعدَ النَبِيِّ الشَرائِعُ
وَصارَت بُطونُ المُرمِلاتِ خَميصَةً / وَأَيتامُها مِنهُم طَريدٌ وَجائِعُ
وَإِنَّ بُطونَ المُكثِراتِ كَأَنَّما / يُنَقنِقُ في أَجوافِهِنَّ الضَفادِعُ
فَما يَعرِفُ العَطشانُ مَن طالَ رِيُّهُ / وَما يَعرِفُ الشَبعانُ مَن هُوَ جائِعُ
وَتَصريفُ هَذا الخَلقِ لِلَّهِ وَحدَهُ / وَكُلٌّ إِلَيهِ لا مَحالَةَ راجِعُ
وَلِلَّهِ في الدُنيا أَعاجيبُ جَمَّةً / تَدُلُّ عَلى تَدبيرِهِ وَبَدائيعُ
وَلِلَّهِ أَسرارُ الأُمورِ وَإِن جَرَت / بِها ظاهِراً بَينَ العِبادِ المَنافِعُ
وَلِلَّهِ أَحكامُ القَضاءِ بِعِلمِهِ / أَلا فَهوَ مُعطٍ مَن يَشاءُ وَمانِعُ
إِذا ضَنَّ مَن تَرجو عَلَيكَ بِنَفعِهِ / فَدَعهُ فَإِنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ
وَمَن كانَتِ الدُنيا هَواهُ وَهَمَّهُ / سَبَتهُ المُنى وَاستَعبَدَتهُ المَطامِعُ
وَمَن عَقَلَ اِستَحيا وَأَكرَمَ نَفسَهُ / وَمَن قَنِعَ استَغنى فَهَل أَنتَ قانِعُ
لِكُلِّ امرِئٍ رَأيانِ رَأيٌ يَكُفُّهُ / عَنِ الشَيءِ أَحياناً وَرَأيٌ يُنازِعُ
أَلا إِنَّ وَهنَ الشَيبِ فيكَ لَمُسرِعٌ
أَلا إِنَّ وَهنَ الشَيبِ فيكَ لَمُسرِعٌ / وَأَنتَ تَصابى دائِباً لَستَ تُقلِعُ
سَتُصبِحُ يَوماً ما مِنَ الناسِ كُلِّهِم / وَحَبلُكَ مَبتوتُ القُوى مُتَقَطِّعِ
فَلِلَّهِ بَيتُ الهَجرِ لَو قَد سَكَنتَهُ / لَوُدِّعتَ تَوديعَ امرِئٍ لَيسَ يَرجِعِ
جَزِعتُ وَلَكِن ما يَرُدُّ لِيَ الجَزَع
جَزِعتُ وَلَكِن ما يَرُدُّ لِيَ الجَزَع / وَأَعوَلتُ لَو أَغنى العَويلُ وَلَو نَفَع
أَيا ساكِني الأَجداثِ هَل لي إِلَيكُم / عَلى قُربِكُم مِنّي مَدى الدَهرِ مُطَّلَع
فَوَ اللَهِ ما أَبقى لِيَ الدَهرُ مِنكُمُ / حَبيباً وَلا ذُخراً لَعَمري وَلا وَدَع
فَأَيَّكُمُ أَبكي بِعَينٍ سَخينَةٍ / وَأَيَّكُمُ أَرثي وَأَيَّكُمُ أَدَع
أَيا دَهرُ قَد قَلَّلتَني بَعدَ كَثرَةٍ / وَأَوحَشتَني مِن بَعدِ أُنسٍ وَمُجتَمِع
أَلا شافِعٌ عِندَ الخَليفَةِ يَشفَعُ
أَلا شافِعٌ عِندَ الخَليفَةِ يَشفَعُ / فَيَدفَعَ عَنّا شَرَّ ما يُتَوَقَّعُ
وَإِنّي عَلى عُظمِ الرَجاءِ لَخائِفٌ / كَأَنَّ عَلى رَأسي الأَسِنَّةَ تُشرَعُ
يُرَوِّعُني موسى عَلى غَيرِ عَثرَةٍ / وَمالي أَرى موسى مِنَ العَفوِ أَوسَعُ
وَما آمِنٌ يُمسي وَيُصبِحُ عائِذاً / بِعَفوِ أَميرِ المُؤمِنينَ يُرَوَّعُ
أَبا جَعفَرٍ هَلّا اقتَطَعتَ مَوَدَّتي
أَبا جَعفَرٍ هَلّا اقتَطَعتَ مَوَدَّتي / فَكُنتَ مُصيباً فِيَّ أَجراً وَمَصنَعا
فَكَم صاحِبٍ قَد جَلَّ عَن قَدرِ صاحِبٍ / فَأَلقى لَهُ الأَسبابَ فَارتَفَعا مَعا
فَرَرتُ مِنَ الفَقرِ الَّذي هُوَ مُدرِكي
فَرَرتُ مِنَ الفَقرِ الَّذي هُوَ مُدرِكي / إِلى بُخلِ مَحظورِ النَوالِ مَنوعِ
فَأَعقَبَني الحِرمانَ غِبَّ مَطامِعي / كَذالِكَ مَن يَلقاهُ غَيرَ قَنوعِ
وَغَيرُ بَديعٍ مَنعُ ذي البُخلِ مَلَهُ / كَما بَذلُ أَهلِ الفَضلِ غَيرُ بَديعِ
إِذا أَنتَ كَشَّفتَ الرِجالَ وَجَدتَهُم / لِأَغراضِهِم مِن حافِظٍ وَمُذيعِ