المجموع : 3
أرِقْتُ لِبُرقٍ يستطيرُ له لَمْعُ
أرِقْتُ لِبُرقٍ يستطيرُ له لَمْعُ / فعصفَرَ دمعي جائلٌ من دمي رَدْعُ
ذكرتُكِ ليلَ الركبِ يَسري ودونَنا / على إضَمٍ كُثْبانُ يَبرِينَ فالجِزْع
وللّه ما هاجَتْ حمامَةُ أيْكَةٍ / إذا أعْلَنَتْ شَجْواً أُسِرَّ لها دَمْع
تَداعَتْ هَديلاً في ثيابِ حِدادهَا / فخُفِّضَ فَرْعٌ واستقلَّ بها فَرْع
ولم أدْرِ إذ بَثّتْ حنيناً مُرَتَّلاً / أشَدْوٌ على غُصْنِ الأراكةِ أم سَجْع
خليليَّ هُبّا نصْطبِحْها مُدامَةً / لها فَلَكٌ وَتْرٌ به أنجُمٌ شَفْع
تَلِيّةُ عامٍ فُضَّ فيه خِتامُهَا / خلا قبلهُ التسعون في الدَّنِّ والتسع
إذا أبدَتِ الأزْبادَ في الصَّحن راعَنا / بِرازُ كميِّ البأسِ من فوقه دِرع
سأغدو عليها وهي إضريجُ عَندَمٍ / لها منْظَرٌ بِدْعٌ يجيءُ بهِ بِدْع
وأتَبعُ لْهوي خالعاً ويُطيعُني / شبابٌ رطيبٌ غُصْنُهُ وجنىً يَنْع
لَعمرُ اللّيالي ما دَجى وَجهُ مَطلبي / ولا ضاق في الأرض العريضة لي ذَرْع
وتعرِفُ مني البِيدُ خِرْقاً كأنّمَا / تَوَغّلَ منْهُ بينَ أرجائِها سِمْع
وأبيضَ مْحجوبِ السُّرادقِ واضِحٍ / كبدر الدجى للبرْق من بِشره لَمع
إذا خَرِسَ الأبطالُ راقَك مُقدِماً / بحيث الوشيجُ اللَّدنُ تُعطفُ والنَّبع
وكلُّ عميمٍ في النّجادِ كأنَّمَا / تمطّى بمتنَيْهِ على قَرنِه جِذع
إلى كلِّ باري أسهُمٍ مُتَنَكِّبٍ / لهَّن كأنّ الماسِخِيَّ له ضِلع
تَشَكّى الأعادي جعفراً وانتقامَهُ / فلا انجلَتِ الشكوى ولا رُئبَ الصَّدع
ولمّا طَغَوا في الأرض أعصُرَ فتنةٍ / وكان دبيبَ الكفر في الدولة الخَلع
سموْتَ بمَجْرٍ جاذبَ الشمسَ مسلكاً / وثارَ وراءَ الخافِقَينِ له نَقْع
فألقَى بأجْرَامٍ عليهِمْ كأنّمَا / تَكفّتْ على أرضٍ سمواتُها السَّبْع
كتائبُ شُلّتْ فابذَعَرّتْ أُمَيّةٌ / فأوْجُهُهَا للخزي أُثْفِيّةٌسُفع
فمهْلاً عليهم لا أبَا لأبِيهمِ / فللهِ سهم لا يطيش له نزع
ألا ليت شعري عنهم أملوكهم / تُدبِّرُ مُلكاً أمْ إماؤهمُ اللُّكع
تَجافَوا عن الحِصْن المَشِيدِ بناؤهُ / وضاقَ بهم عن عزم أجنادهم وُسْع
وقد نَفِدَتْ فيه ذخائرُ مُلكهم / وما لم يكنْ ضرّاً فأكثره نَفْع
تعَفّى فما قُلنا سُقِيتَ غمامَةً / ولا انعِمْ صباحاً بعدهم أيها الرَّبْع
وراحَ عمِيدُ المُلحِدينَ عميدُهم / لأحشائِهِ من حَرِّ أنفْاسِهِ لَذْع
ولمّا تسَنّمْتَ الجبِالَ إزاءَهُ / تَراءتْ له الراياتُ تَخفِقُ والجَمْع
تَشَرّفْتَ من أعلامِها وَدَعَوْتَهُ / فخَرَّ مُلَبّي دعوةٍ ما له سَمْع
فقُل لمُبِينِ الخُسْرِ كيفَ رأيتَ مَا / أظَلَّكَ من دَوح الكنَهْبلِ يا فَقْع
وتلك بنو مروانَ نعلاً ذليلةً / لواطِىءِ أقدامٍ وأنتَ لها شِسْع
ولو سُرِقُوا أنسابَهم يومَ فخرِهم / ونَزْوَتِهِمْ ما جاز في مِثلها القَطع
لأجفَلَ إجفالاً كنَهورُ مُزْنِهِم / فلم يَبقَ إلاّ زِبْرِجٌ منه أو قِشع
أبا أحمدَ المحمودَ لا تكفرَنّ مَا / تقلّدتَ وليُشكَرْ لك المَنُّ والصُّنْع
هي الدولةُ البيضاءُ فالعفوُ والرّضَى / لمقتبلٍ عَفواً أو السيْفُ والنِّطع
رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ / وقد راعني يوْمٌ من الحَشرِ أرْوَعُ
غداةَ كأنّ الأُفْقَ سُدّ بمثلِهِ / فعادَ غروبُ الشمسِ من حيثُ تطلع
فلمْ أدرِ إذ سلَّمتُ كيفَ أُشيِّعُ / ولم أدْرِ إذ شَيّعْتُ كيفَ أُودِّع
وكيف أخوض الجيشَ والجيشُ لُجّةٌ / وإنّي بمن قد قاده الدهَر مولَع
وأينَ وما لي بين ذا الجمْع مسْلَكٌ / ولا لجوادي في البسيطة موضع
ألا إنّ هذا حَشْدُ من لم يذُقْ لَهُ / غِرارَ الكرى جَفنٌ ولا بات يهجَع
نصيحتُهُ للمُلْكِ سَدّتْ مذاهبي / وما بين قِيدِ الرُّمحِ والرُّمح إصبع
فقد ضَرِعَتْ منْه الرّواسي لما رأتْ / فكيف قلوب الإنس والإنس أضرع
فلا عسكرٌ من قبلِ عَسكرِ جوهرٍ / تَخُبُّ المطايا فيه عَشراً وتوضِع
تسيرُ الجبالُ الجامداتُ بسَيرِهِ / وتسجُدُ من أدْنَى الحفيفِ وتركَعُ
إذا حَلّ في أرضٍ بناها مَدائنِاً / وإن سار عن أرضٍ ثَوَتْ وهي بلقع
سَمَوْتُ لهُ بعد الرّحيلِ وفاتَني / فأقسمْتُ ألاّ لاءَمَ الجنبَ مَضجَع
فلمّا تداركْتُ السُّرادِقَ في الدّجَى / عَشَوْتُ إليْه والمشاعلُ تُرفَع
فتَخرُقُ جَيبَ المُزْن والمُزْنُ دالِحٌ / وتُوقِدُ موجَ اليَمِّ واليَمُّ أسفَع
فبِتُّ وباتَ الجيشُ جَمّاً سميرُهُ / يُؤرِّقُني والجِنُّ في البِيدِ هُجّع
وهَمهَمَ رَعْدٌ آخِرَ اللّيلِ قاصِفٌ / ولاحَتْ مع الفَجرِ البَوراقُ تَلمع
وأوحَتْ إلينا الوَحشُ ما اللّهُ صانِعٌ / بنا وبكم من هوْل ما نتسمّع
ولم تعلمِ الطيرُ الحوائمُ فوقَنا / إلى أين تستذري ولا أين تَفزَع
إلى أنْ تَبَدّى سيْفُ دولةِ هاشمٍ / على وجهِهِ نورٌ من اللّه يَسْطَع
كأنّ ظِلالَ الخافِقاتِ أمامَهُ / غمائِمُ نَصْرِ اللّه لا تَتَقَشّع
كأنّ السيوفَ المُصْلَتاتِ إذا طَمَتْ / على البَرِّ بحْرٌ زاخِرُ الموجِ مُترَع
كأنّ أنابِيبَ الصِّعادِ أراقمٌ / تَلَمَّظُ في أنيابِها السمُّ مُنقَع
كأنّ العِتاقَ الجُرْدَ مجْنوبَةً لَهُ / ظِباءٌ ثَنَتْ أجيادَها وهي تُتْلع
كأنّ الكُماةَ الصِّيدَ لمّا تغَشْمَرَتْ / حوالَيْهِ أُسْدُ الغِيلِ لا تتكعكَع
كأنّ حُماةَ الرَّجْلِ تحتَ ركابِهِ / سُيولُ نَداهُ أقبَلتْ تتدفّع
كأنّ سِراعَ النُّجْبِ تُنشَرُ يَمْنَةً / على البِيدِ آلٌ في الضّحى يترفّع
كأنّ صِعابَ البُختِ إذ ذُلِّلَتْ لهُ / أُسارى مُلوكٍ عضَّها القِدُّ ضُرَّع
كأنّ خلاخِيلَ المطايا إذا غدتْ / تَجَاوَبُ أصْداءُ الفَلا تترجّع
يُهَيِّجُ وَسواسُ البُرِينَ صَبابَةً / عليها فتُغرَى بالحنينِ وتُولَع
لقد جَلّ مَن يَقتادُ ذا الخَلقَ كلَّه / وكلٌّ له من قائمِ السيْفِ أطوَع
تَحُفُّ به القُوّادُ والأمرُ أمرُهُ / ويَقدمُهُ زِيُّ الخِلافةِ أجمَع
ويَسحَبُ أذيالَ الخِلافَةِ رادِعاً / به المسكُ من نَشرِ الهُدى يَتضَوّع
له حُلَلُ الإكرامِ خُصَّ بفضلها / نَسائجَ بالتِّبْرِ المُلمَّعِ تَلمَع
بُرودُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ بُرودُه / كساهُ الرِّضَى منهُنَّ ما ليس يُخلَع
وبين يَدَيْهِ خيلُه بسُرُوجِهِ / تُقادُ عليهِنَّ النُّضَارُ المُرَصَّع
وأعْلامُهُ مَنْشُورَةٌ وقِبابُهُ / وحُجّابُهُ تُدْعَى لأمْرٍ فتُسرع
مليكٌ ترى الأملاكَ دونَ بِساطِهِ / وأعناقُهُم مِيلٌ إلى الأرض خُضَّع
قِياماً على أقدامِهَا قد تَنَكّبَتْ / صوارمَها كلٌّ يُطيعُ ويَخضَع
تَحِلُّ بيوتُ المالِ حيثُ يَحِلُّهُ / وجَمُّ العطايا والرِّواقُ المُرَفَّع
إذا ماجَ أطنابُ السُّرادقِ بالضُّحَى / وقامَتْ حَواليْهِ القَنا تتَزَعْزَع
وسَلَّ سيوفَ الهند حول سريره / ثمانون ألفاً دارعٌ ومُقَنَّع
رأيتَ مَنِ الدنيا إليه مَنوطَةٌ / فيَمضي بما شاء القضاءُ ويَصْدَع
وتَصْحبُهُ دارُ المقامة حيثما / أناخَ وشَمْلُ المسلمينَ المجمَّع
وتعنو له الساداتُ من كُلِّ مَعْشَرٍ / فلا سّيدٌ منه أغرُّ وأمنَعُ
فللّه عينَا مَن رآه مُخيّماً / إذا جمَعَ الأنصارَ للإذنِ مجْمَع
وأقبلَ فوجٌ بعد فوجٍ فشاكرٌ / له أو سَؤولٌ أو شفيعٌ مُشَفَّع
فلم يفْتَأُوا من حُكم عدلٍ يَعُمُّهُمْ / وعارفَةٍ تُسْدَى إليهم وتُصْنَع
يسوسُهُمُ منْهُ أبٌ متَكَفِّلٌ / بَرعي بَنِيهِ حافِظٌ لا يُضَيِّع
فسِتْرٌ عليهم في المُلِمّاتِ مُسْبَلٌ / وكَنْزٌ لهم عند الأئمّة مُودَع
بَطيءٌ عن الأمرِ الذي يكرهونَهُ / عَجُولٌ إليهِمْ بالنَّدى مُتَسَرِّع
وللّه عَيْنَا مَنْ رآه مُقَوِّضاً / إذا جعلتْ أُولى الكتائبِ تسرع
ونُودِيَ بالتّرحال في فحمةِ الدجى / فجاءتهُ خيْلُ النّصرِ تَردي وتمزَع
فلاحَ لها من وجهِهِ البدرُ طالعاً / وفي خَدّهِ الشِّعْرَى العَبورُ تَطَلَّع
وأضحى مُرَدّىً بالنِّجادِ كأنّهُ / هِزَبْرُ عَرينٍ ضَمّ جَنْبَيْهِ أشجع
فكبّرَتِ الفُرْسانُ للّهِ إذ بَدا / وظَلّ السّلاحُ المنتضى يتقعقع
وحفَّ بهِ أهلُ الجِلادِ فمُقدِمٌ / وماضٍ وإصْلِيتٌ وطَلْقٌ وأروع
وعَبَّ عُبابُ الموكبِ الفخم حولَهُ / وزَفّ كما زَف الصّباحُ المُلَمَّع
وثار بِرَيّا المندليِّ غبارُهُ / ونُشِّرَ فيه الروضُ والروضُ مُوقِع
وقد رُبّيَتْ فيهِ الملوكُ مراتِباً / فمن بين متبوعٍ وآخَرَ يَتبَع
تسير على أقدارها في عجاجَةٍ / ويقدُمُهَا منْه العزيزُ الممنَّع
وما لَؤمَتْ نَفسٌ تُقِرُّ بفضلهِ / وما اللؤمُ إلاّ دَفعُ ما ليس يُدفَع
لقد فازَ منْهُ مشرقُ الأرضِ بالّتي / تَفيضُ لها من مغرِبِ الأرض أدمُع
ألا كلُّ عَيشٍ دونَهُ فمحرَّمٌ / وكلُّ حريمٍ بعده فمضيَّع
وإنّ بِنا شوقاً إليْهِ ولَوعَةً / تَكادُ لها أكبادُنَا تَتَصَدّع
ولكنما يُسلي من الشوقِ أنّهُ / لنا في ثُغورِ المجدِ والدِّين أنفع
وأنّ المَدَى منه قريبٌ وأنّنَا / إليه من الإيماءِ باللّحظِ أسرَع
فسِرْ أيها المَلْكُ المُطاعُ مُؤيَّداً / فللدّينِ والدنْيا إليك تَطَلُّعُ
وقد أشعرَتْ أرضُ العِراقَينِ خِيفَةً / تكادُ لها دارُ السّلام تَضَعْضَع
وأعطَتْ فلسطينُ القِيادَ وأهلُهَا / فلم يَبْقَ منْها جانِبٌ يَتَمنّع
وما الرّملَةُ المقصورةُ الحَظوِ وحدها / بأوّلِ أرضٍ ما لها عنك مَفَزع
وما ابنُ عُبَيدِ اللّهِ يدعوكَ وحدَهُ / غداةَ رأى أن ليسَ في القوس مَنزَع
بل الناسُ كلُّ الناسِ يدعوك غيَره / فلا أحَدٌ إلاّ يَذِلُّ ويَخضَع
وإنّ بأهلِ الأرضِ فَقراً وفاقَةً / إليك وكلُّ النّاس آتيك مُهْطِع
ألا إنّما البرهانُ ما أنتَ مُوضِحٌ / من الرّأيِ والمقدارُ ما أنْتَ مُزْمِع
رحلتَ إلى الفُسطاطِ أيمنَ رِحْلَةٍ / بأيمنِ فالٍ في الذي أنتَ مُجمِع
ولمّا حثثْتَ الجيشَ لاحَ لأهْلِهِ / طريقٌ إلى أقصَى خُراسانَ مَهيَع
إذا استقبَلَ الناسُ الرّبيعَ وقد غَدَتْ / مُتونُ الرُّبَى في سُندُسٍ تتلفّع
وقد أخضَلَ المُزْنُ البلادَ ففُجِّرَتْ / ينابيعُ حتى الصّخْرُ أخضَلُ أمرَع
وأصْبحَتِ الطُّرقُ التي أنْتَ سالِكٌ / مُقدَّسَةَ الظُّهْرانِ تُسقى وتُربَع
وقد بسَطتْ فيها الرياضُ دَرانِكاً / منَ الوَشيِ إلاّ أنّها ليس تُرقَع
وغَرّدَ فيها الطيرُ بالنّصْرِ واكتَسَتْ / زرابيَّ من أنوارها لا تُوَشَّع
سقاها فروّاهَا بك اللّه آنِفاً / فنِعْمَ مَرَادُ الصّيْفِ والمُتَرَبَّع
وما جِهلتْ مِصرٌ وقد قيل مَن لها / بأنّكَ ذاك الهِبْرِزِيُّ السَّمَيذَع
وأنّك دونَ الناس فاتِحُ قُفْلِهَا / فأنْتَ لها المَرْجُوُّ والمُتَوقَّع
فإنْ يكُ في مصرٍ رجالُ حلومِهَا / فقد جاءهم نِيلٌ سوى النيلِ يُهرِع
ويمّمَهُمْ مَنْ لا يَغيرُ بنعْمَةٍ / فَيَسْلُبَهُمْ لكن يزيدُ فيُوسِع
ولو قد حططتَ الغيثَ في عُقرِ دارهمْ / كشَفتَ ظلامَ المَحْلِ عنهم فأمرعوا
وداويتَهم من ذلك الدّاء إنّهُ / إلى اليَومِ رِجْزٌ فيهمُ ليسَ يُقْلِع
وكفكَفْتَ عنهم مَن يجور ويعتَدي / وأمّنْتَ منهم من يخافُ ويجْزَع
إذاً لَرَأوْا كيفَ العطايا بحقِّها / لسائِلها منهُمْ وكيْفَ التبرُّع
وأنساهمُ الإخشيدَ مَن شِسْعُ نَعلِهِ / أعزُّ من الإخشيدِ قدْراً وأرفَع
سيعلمُ مَن ناواك كيف مصيرُهُ / ويُبْصِرُ مَن قارعتَهُ كيفَ يُقْرَع
إذا صُلْتَ لم يَكُرمْ على السيْفِ سيّدٌ / وإن قلتَ لم يُقْدِمْ على النطق مِصْقَع
تقيك اللّيالي والزمانُ وأهلُهُ / ومُصْفِيكَ محْضَ الودِّ والمُتصَنِّع
فكْلُّ امرِىءٍ في الناس يسعى لنفسِهِ / وأنتَ امرُؤ بالسّعي للملك مُولَع
تعبْتَ لكيما تُعقِبَ الملكَ راحَةً / فمَهْلاً فِداكَ المستريحُ المُوَدِّع
فأشْفِقْ على قَلْبِ الخِلافَةِ إنّهُ / حَناناً وإشفاقاً عليك مُرَوَّع
تحمَّلْتَ أعْباءَ الخلافَةِ كلّهَا / وغيرُكَ في أيّام دُنْياهُ يَرتَع
فواللّهِ ما أدري أصدرُكَ في الذّي / تُدَبّرُهُ أم فضْلُ حلمك أوسع
نصَحتَ الإمامَ الحَقَّ لمّا عرَفتَهُ / وما النُّصْحُ إلاّ أن يكونَ التَّشيُّعُ
فأنْتَ أمينُ اللّهِ بعد أمِينِهِ / وفي يدِكَ الأرزاقُ تُعطي وتَمنَع
وما بلغَ الإسكندرُ الرتبَةَ التي / بلغْتَ ولا كِسرَى الملوكِ وتُبّع
سموتَ من العَلْيا إلى الذّروة التّي / تُرى الشمسُ فيها تحت قدرِكَ تَضْرَع
إلى غايَةٍ ما بعدَهَا لكَ غايَةٌ / وهل خلفَ أفلاكِ السموات مطلع
إلى أينَ تَبغي ليس خَلفك مذهبٌ / ولا لجوادٍ في لحاقك مطمع
لقد أشبَهَتْني شَمْعَةٌ في صَبابَةٍ
لقد أشبَهَتْني شَمْعَةٌ في صَبابَةٍ / وفي هَوْلِ ما ألقى وما أتَوَقّعُ
نُحولٌ وحُزْنٌ في فَناءٍ ووحْدَةٍ / وتسْهِيدُ عينٍ واصْفرِارٌ وأدمُعُ