المجموع : 6
يقولون يومَ البين عينُك تدمعُ
يقولون يومَ البين عينُك تدمعُ / دعوا مقلةً تدري غداً من تودِّعُ
ترى بالنوى الأمرَ الذي لا يرونه / هوىً فيقولون الذي ليس تسمعُ
إذا كان للعذّال في السمع موضعٌ / مصونٌ فما للحب في القلب موضعُ
يرى القومُ فيهم أن مسراهُمُ غداً / صدقتك إني من غدٍ لمروَّعُ
لك اللّه موضوع اليدين على الحشا / صباحاً وبَيْضاتُ الهوادج ترفعُ
ودون انصداع الشمل لو يسمعونه / أنينٌ حصاة القلبِ منه تَصدَّعُ
أعد ذكرَ نعمانٍ أعد إنّ ذكرَه / من الطِّيبِ ما كررته يتضوَّعُ
فإن قرّ قلبي فاتهمه وقل له / بمن أنت بعد العامريّة مولعُ
أمنقادَ أحلامِ الكرى أن تسرَّه / سهرنا فسلْ حَسناء إن كنت تهجعُ
أرميا على الهجران والشَّيب واخِطٌ / فهلاّ وفي قوس الشبيبة منزَعُ
رويدكِ لو كانت سوى الحب خطة / لأعياك أني الخاشع المتضرِّعُ
سلي الدهر عن حملي تفاوتَ ثقله / وصبري على أحداثه وهو يجزعُ
وتوقير نفسي عن حظوظٍ كثيرةٍ / يخفُّ إليها الحامل المتسرِّعُ
وما خشُنتْ إلا وقلتُ دعي غداً / لكلِّ غدٍ رزقٌ مع الشمس يطلعُ
رشادَكِ خيرُ الكسب ما جرَّ سودَداً / عليكِ وميسورٌ من العيش يُقنِعُ
وإلا صديقاً كابن أيّوبَ حافظاً / بحيث السواد في الفؤاد مضيّعُ
حمى اللّه والمجدُ الصريحُ ابنَ حرَّةٍ / حماني وأرماح الحوادث شُرَّعُ
وناديت إخواني فأقبل وحده / علي فلبَّاني وكلُّهُمُ دعوا
من السابقين نجدةً أن تحمّسوا / لحفظ حمىً أو عفَّةً إن تورَّعوا
لهم قُضُبٌ فَلُّوا بها قضُبَ الوغى / مغامدها أيديهمُ حين تقطعُ
أراقمُ لا ترجو الرقاةُ اختداعَها / ولا يبلغُ الدِّرياقُ موضِعَ تلسعُ
طلبنا فما جازت أبا طالبٍ بنا / منىً شطَطٌ ولا رجاءٌ موسَّعُ
وطرنا بهماتٍ تحوم على العلا / فلما تراءى صاح رائدُنا قَعُوا
خلفتُ به من كلّ رثٍّ ودادهُ / كثوب العدا ينعطُّ وهو يرقَّعُ
فعش لي أقلّدك الجزاءَ مرَاسِلاً / على العِرض لا ما زين سوقٌ وأذرعُ
إذا زانت الدرَّ اليتيمةُ أصبحت / بعيدةَ يُتمٍ من معانٍ تُرصَّعُ
لها أرجٌ في السمع باقٍ وإن عدتْ / يخُبُّ بها نطقُ الرواة ويوضِعُ
على أوجه الأعياد مِيسمُ حسنِها / من اسمك سطرٌ في الجباهِ موقَّعُ
أراغم دهري بالحفاظ عليكُمُ / وحافظُ قومٍ آخرين مضيِّعُ
وقال غويٌّ إنّ في الناس مثلَكم / فقلت له غيري بمثلك يُخدَعُ
على كلّ حالٍ جانب الحقّ أمنعُ
على كلّ حالٍ جانب الحقّ أمنعُ / وكسبُ الفتى بالعزّ أولى وأمتعُ
ويصعبُ أحياناً وينتظر الغنى / فيأتي ولم يخضع له وهو طيِّعُ
ولا تترك الحرَّ الأبيَّ طباعُه / لتخطئه والذّلُّ ثَمَّ التطبُّعُ
سقى اللّه مُرَّ الحزم يعرفُ نفسَه / إلى أين ما يجري ومن أين ينزِعُ
إذا بذل الحرصُ الكرائمَ صانها / وغالى بها إنَّ الرخيص مضيَّعُ
يلومون نصلاً كيف يُزهَى بحدّه / ولا يعلمون الهندَ من أين تَطبَعُ
دعوه مصون الماء يأكلُ غمدَه / إذا كان في أيمانكم ليس يقطعُ
وجُرُّوا القنا الخوّارَ فاطّردوا به / مخادعةً ما دام في الحربِ مَخدَعُ
أألآن لمّا أن تفاقم داؤها / تبينتُمُ أيُّ العلاجين أنفعُ
فقد علم الصمصامُ أن مصيركم / إليه إذا التفّت رقابٌ وأذرعُ
أضعتم أموراً باعتزالِ محمدٍ / فلمّا مضت قلتم له كيف ترجِعُ
إذا كان في الأولى التجاربُ قبلها / لمطّلع في آخر الرأي مقنعُ
بعثتم لها الحاوي المدرَّبَ فانظروا / وشيكاً إلى صمَّائها كيف تسمعُ
لقامَ بها من لم يكن طالباً لها / يدافعُ قومٌ دونها وهو يدفعُ
فتىً لم تفُده رفعةً من حطيطةٍ / وبعض الرجال بالولاية يُرفَعُ
لئن أخلفت فيها الولاةُ وعودَكم / لقد جازها مَن وعده الصدقُ أجمعُ
وإن خان عامَيْها الربيعُ فإنها / بماء يديه الآن في القيظ تُربِعُ
رحيب نواحي الصدر يفضل باعُه / ذراعاً إذا ضاقت صدور وأضلعُ
وقور الأناة ضاحكٌ كلما بكى / على الأمر في إدباره المتسرّعُ
وجدتم به الرأيَ المبيَّتَ ناصحاً / لكم وبَدِيهُ الرأي آلٌ مشعشعُ
وجربتُمُ من قبلَه ومحمدٌ / أحدُّ وهزاتُ الهمانيِّ أقطعُ
فذاك مغطَّى العجز بالحظِّ غالطٌ / به الدهرُ مصنوعُ الرياسةِ مبدعُ
نفورٌ زجاجيُّ الإباءِ شفيفُهُ / يكاد بأولى غمزةٍ يتصدَّعُ
إذا ما أصابَ ارتاب مما تعوّد ال / خِطاءَ فيرعى الأمنَ وهو مروَّعُ
فإن ساءه من نفسه العجزُ سرّه اغ / تيابك والنقصانُ بالفضل مولَعُ
لئن قعدت من لؤمه أربعٌ به / لقد نهضت أضدادها بك أربعُ
تَفيض إذا أصفى وتعفو إذا هفا / وتُصمي إذا أشوَى وتُعطي ويمنعُ
سقى الكوفةَ البيضاءَ ما سرّ جدبَها / بكفَّيْك فيّاضُ الجداول مترَعُ
أبعد ازورار العيش بالأمس دونها / غدت وهي مرعىً للعفاة ومنجَعُ
وأسعدَ بغداداً على ما أظلَّها / من الشوق جفنٌ كلّما جفَّ يدمعُ
أعدتَ لدارٍ موضعَ الأنس قاطناً / وأوحشتَ أُخرى لا خلا منك موضعُ
وأخَّرني يومَ انطلاقك أن أُرَى / على جمراتِ البين فيمن يُشيِّعُ
فؤادٌ إذا قيل الفراقُ تسابقتْ / خُفُوقاً أواخي صبره تتقطَّعُ
وُجِدتُ صليب العودَ في كلِّ حادثٍ / ولكنني الخوَّارُ يوم أودِّعُ
فمعذرةً إن المفارق حافظٌ / هواك ومُثنِي الخيرِ بعدك مِصقَعُ
وسمعاً على بعد المزار وقربِهِ / لسيّارة فيكم تُحَطُّ وتُرفَعُ
إذا أبتُمُ سُرَّتْ وإن بنتم سُرَتْ / وراءكُمُ تقفو علاكم وتتبعُ
وقد كان بخلُ الناس باليأس صانها / فعلَّمها تأميلُكم كيف تطمعُ
لها سابقاتٌ كونُها في زمامكم / ضمانٌ وعهدٌ عندكم لا يضيَّعُ
ولان لها دهرٌ فما كلَّفتكُمُ / وقد ضيَّق الآنَ الزمانُ فوسِّعوا
لئن حُلِّئت فاستحلبتكم صوادياً / لقد أنظرتكم بُرهةً وهي نُزَّعُ
دعوها ترِدْ أورادَها من حياضِكم / ولا تدفعوها والغرائبُ تكرعُ
إليك وقد عَيَّ الخطيبُ أخو العصا / وخامَ عن النصح الكميُّ المقنّعُ
رغبتُ بها عن ناصلِ الود قلبُهُ / خبيث وإن طاب اللسان المصنِّعُ
يريني بفرط البشر أني قسيمُه / وشافعُه مما يضرُّ وينفعُ
وقد كذب الإنسانُ في أنه أخي / دعيٌّ يراني جائعاً وهو يشبعُ
إذا قمتُ أشكو عنده الدهرَ ذمَّه / وإياه أعني ما أقول وأُسمعُ
لكلِّ هوىً من رائدِ الحزمِ رادعُ
لكلِّ هوىً من رائدِ الحزمِ رادعُ / وحبّكُمُ ما لم يَزَعْ عنه وازعُ
تُحلُّ عقودُ العين مبذولةً له / وتُشرجُ من ضنٍّ عليه الأضالعُ
صفاةٌ على العذَّال لا يصدعونها / ولو شَقَّ شعباً من أبانَيْنِ صادعُ
غرامُ الصبا كيف التفتُّ بصبوةٍ / إلى غيركم فالقلبُ فيكم ينازعُ
يقولون حوليُّ اللقاءِ ونظرةٌ / مسارِقةٌ حبّ لعمرك قانعُ
أجيرانَنا أيامَ جمعٍ تعلّةً / سلوا النَّفْرَ هل ماضٍ من النَّفْرِ راجعُ
وهل لثلاثٍ صالحاتٍ على مِنىً / ولو أنّ من أثمانه النفسَ فاجع
أُجِنُّ بنجدٍ حاجةً لو بلغتها / ونجدٌ على مرمَى العراقيِّ شاسعُ
وحلَّ لظبي حرَّم اللَّهُ صيدَه / دمٌ ساء ما ضلَّت عليه المسامعُ
يفالتُ أشراكي على ضُعف ما به / فطارَ بها قَطْعاً وقلبيَ واقعُ
وكم ريع بالبطحاء من متودِّع / وقُلقِلَ ركب للنوى وهو وادعُ
ومشرفةٍ غيداءَ في ظهر مشرفٍ / له عُنُقٌ في مِقود البين خاضعُ
جرى بهم الوادي ولو شئت مسبلاً / جفوني لقد سالت بهن المدامعُ
وبيضاءَ لم تنفر لبيضاءِ لِمّتي / وقد راع منها ناصلُ الصبغ ناصعُ
رأت نحرَها في لونه فصبتْ له / وما خلتُ أن الشيبَ في الحبّ شافعُ
عفا الخَيفُ إلا أن يعرِّج سائلٌ / تعلَّة شوقٍ أو يغرّدَ ساجعُ
وإلا شجيجٌ أعجلَ السيرُ نزعَهُ / عسا فتعافته الرياح الزعازعُ
وفي مثل بطنِ الراح سُحْمٌ كأنها / ثلاثُ بناناتٍ قضاها مقارعُ
وقفتُ بها لا القلب يصدُق وعدُهُ / ولا الجفنُ يرضيني بما هو وادعُ
فيا عجبي حتى فؤادي بودّه / مداجٍ وحتى ماءُ عيني مصانعُ
أبى طبعُ هذا الدهرِ إلا لجاجةً / وأتعبُ شيءٍ أن تُحال الطبائعُ
يعزُّ حصا المعزاء والدرُّ هيِّنٌ / ويشبع عَيْر السرح والليثُ جائعُ
وأودعتُه عهداً فعدتُ أرومهُ / ومن دِينِهِ ألا تردَّ الودائعُ
وأقسمَ لا استرجعتُه ولوَ اَنّهُ / قضى من شبابي أنه لِيَ راجعُ
هَنَا المانعين اليوم أنَّ سؤالَهم / مُنىً ما أَملَّتْها عليَّ المطامعُ
وإني بعنقي من يد المنِّ مفلتٌ / وما المنُّ في الأعناق إلا جوامعُ
وفي الأرض أموال ولكن عوائق / من اللؤم قامت دونها وموانعُ
حماها رتاجٌ من صدور شحيحةٍ / وأيدٍ خبيئات عليها طوابعُ
بأيِّ جِمامِ الماء أرجو عُذوبةً / إذا أملحت طعمَ الشفاهِ الوقائعُ
وما خلتُني أمشي على البحر ظامئاً / وخِمس فمي منه بما بلَّ قانعُ
لعل لفخر الملك آنفَ نظرةٍ / يعود بها الحقُّ البطيءُ يسارعُ
وكم مثلها مضمونة عند مجده / وفَى لي بها والدهرُ عنها يدافعُ
شفتْ يدُهُ غيظَ البلاد على الصدى / وردَّت جُرازَ الأرض وهو مراتعُ
زكا تحتها التربُ اللئيمُ وأورق ال / قَتادُ الجفيفُ فهو ريّان يانعُ
وجرَّدها بيضاءَ واحدةَ الندى / وخُضْر البحارِ السبعِ منها نوازعُ
وقد زعموا أن لا مردَّ لفائتٍ / وأنّ الردى يومٌ مَتى حُمَّ قاطعُ
وهذي العلا والمكرماتُ مَواتُها / بجودك من تحت التراب رواجعُ
برغم ملوك الأرضِ أنَّ ظهورَهم / من العجز عما تستحقُّ ظوالعُ
تركتَهُمُ مِيلاً إليك رقابُهم / فلا تستقمْ من حاسديك الأخادعُ
وقد سبروا غوريك عفواً ونقمةً / فما عرفوا من أين ماؤك نابعُ
وكنتَ متى تقدحْ بزَندك ثاقباً / سُرى النجمِ لم تُسدَدْ عَليك المطالعُ
وكم قمتَ دون الملك كاشفَ كربةٍ / تيقَّظ منها الخطبُ والملكُ هاجعُ
وضيّقة الأقطار عمياءَ مالها / إذا انخرقت من جانب الرأي راقعُ
تجانبُ مَثناةَ النَّصوحِ فتوقُها / إذا وصَلتْ أسبابَها فتقاطعُ
تداركتَها بالحزم لا السيفُ قاطعٌ / حديدته فيها ولا الرمح شارعُ
وَلِيتَ بصُغْرَى عزمتيك كبيرَها / كما دبَّرتْ نزعَ القناةِ الأصابعُ
وأخرى أبتْ إلا القراعَ رددتَها / تذمُّ وترضى ما جنته المَقارعُ
ركبت إليها السيفَ جسمُك حاسرٌ / وقلبُك من لُبس التصبُّر دارعُ
وفيت بعهدِ الصبر فيها حميَّةً / وقد غدرت بالراحتين الأصابعُ
ومخطوبةٍ بالكُتب والرُّسْل مهرُها / غرائبُ أبكار الكلام البدائعُ
يقوم الخطابُ الفصلُ والجوُّ ساكنٌ / لديها مقامَ النصلِ والنقعُ ساطعُ
كتبتَ فأمليت الرياضَ وماءها / وكالنار وعظٌ تحتها وقوارعُ
لك النصرُ فاسمع كيف أُظلَمُ وانتصرْ / فما تضع الأيامُ من أنت رافعُ
حُرمتُ عطاياك المقسَّمَ رزقُها / وعاقت مديحي عنك منك موانعُ
وحلَّأَني عن بحر جودك راكبٌ / هواه وقد لاحت لعيني الشرائعُ
ثلاث سنين قد أكلتَ صُبابتي / فغادرتني شِلواً وذا العامُ رابعُ
أرى من قريبٍ شملَ عزّي مبدّداً / وقد كان ظني أنه بك جامعُ
على كل ماءٍ لامعٍ من نداكُمُ / سنانٌ من الحظ المماكسِ لامعُ
أيا جابر المنهاض لم يبق مفصِلٌ / وإلا ندوبٌ تحته ولواذعُ
أعيذك بالمجد المحسَّد أن يُرَى / جنابُك عني ضيّقاً وهو واسعُ
وأعجبُ ما حُدِّثتُه حفظُك العلا / ومثليَ في أيام ملكك ضائعُ
أأنطَقُ مني بالفصاحة يُجتبَى / وأمدحُ إن لفَّتْ عليك المجامعُ
أبى اللّه والفضل الذي أنت حاكم / به لِيَ لو قاضَى إليك منازعُ
وما الشعر إلا النشر بعداً وصورةً / فلو شاء لم يُطمِعْ يداً فيه رافعُ
وقد أفل النجمان منه فلا يُضَعْ / على غير سير ثالثٌ فيه طالعُ
بقيتُ لكم وحدي وإن قال معشر / ففي القول ما تنهاك عنه المسامعُ
ولو شئت بي أخفَى زهيرٌ ثناءهُ / على هَرِمٍ أيّام تُجزَى الصنائعُ
وما شاع عن حَسّان في آل جفنة / من السائرات اليومَ ما هو شائعُ
وكان غبيناً من أميَّةَ من شَرَى / مديحَ غِياثٍ وهو مغلٍ فبائعُ
على كلّ حال أنتَ معطٍ وكلّهم / على سَعة الأحوال معطٍ ومانعُ
وقد وهبوا مثل الذي أنت واهب / فما سمعوا بعض الذي أنت سامعُ
ذرائعُ من فضل عليك اتكالها / فما بالها تُدنَى وتقصَى ذرائعُ
وما لكُمُ واللّهُ يعطف خصبَكم / على مجدبٍ دنياه منه بلاقعُ
تصان الأسامي عندكم باشتهارها / وغمض المعاني مهملاتٌ ضوائعُ
وموشيَّةٍ حَوكَ البرودِ صفاتُك ال / حسان تساهيمٌ لها ووشائعُ
تهبُّ رياحاً في عداك خبيثةً / وطيباً عليك رَدعُها متسارعُ
كأن اليماني حلَّ منها عيابه / تفاوحُ من دارين فيها البضائعُ
متى ضحكت لي من سمائك برقةٌ / حكت لك أرضي كيف تزكو الصنائعُ
وإن كان يومٌ في الحوائج شافعاً / إلى النجح إن المهرجان لشافعُ
أمرتجِع لي فارطَ العيش بالحمى
أمرتجِع لي فارطَ العيش بالحمى / غرامي بتذكار الهوى وولوعي
وكرّي المطايا أشتكي غيرَ ضامن / وأدعو من الأطلالِ غيرَ سميعِ
نعم يُقنع المشتاقَ ما ليس طائلاً / وإن لم يكن قبل النوى بقنوعِ
وقفنا بها أشباحَ وجدٍ ولوعةٍ / وأشباهَ ذلٍّ للهوى وخشوعِ
نحولُ ركابٍ ضامها السيرُ فوقه / نحولُ جسوم في نحولِ ربوعِ
لعمر البلى ما اقتاد من ضوء ضارجٍ / سوى مسمح للنائبات تَبيعِ
وقد كُسيت أطلالُ قومٍ وعُرِّيتْ / فما مُنعتْ دارٌ كأمّ منيعِ
رحيبة باع الحسنِ طاولتِ الدُّمَى / فزادت بمعنىً في الجمال بديعِ
خطَت في الثرى خطوَ البطيء وقاسمت / لحاظاً لها في القلب مشيُ سريعِ
كأنّ مُطيباً قال للعِترةِ افتقى / يقول لها جُرِّي الذيولَ وضُوعي
وأعهدها والدمع يجري بلونه / فتصبغه من خدّها بنجيعِ
كأنّ شعاعَ النار في وجناتها / يُطيرُ شرارَ النار بين ضلوعي
وعصر الحمى عصري وضلع ظبائه / معي وربيعُ العيشِ فيه ربيعي
لياليَ أغشَى كلَّ جيدٍ ومِعصمٍ / يبيت وحيداً من فمي بضجيعِ
إذا رعتها من وصل أخرى بزلّةٍ / تلافيتها من لِمّتي بشفيعِ
وفحمةِ ليل كالشعور اهتديتها / بقدحة برق كالثغور لموعِ
إلى حاجة من جانب الرمل سُخِّرت / لها الشمسُ حتى ما اهتدت لطلوعِ
وجوهٌ تولّت من زماني وما أرى / بأظهرها أمارة لرجوع
تعيبُ عليَّ الشيبَ خنساءُ أن رأت / تطلّع ضوءِ الفجرِ تحت هزيعِ
وما شبتُ لكن ضاع فيما بكيتكم / سوادُ عِذاري في بياض دموعي
وقالت تفرقنا ونمتَ على الهوى / سلى طيفك الزوَّارَ كيف هجوعي
خلعتُ الهوى إلا الحفاظَ ولم أكن / لأُخدعَ فيه عن مقام خليعِ
وكنتُ جنيباً للبطالة فانثنى / زمامُ نزاعي في يمين نزوعي
سأركبها خرقاء تذرع بوعها / فضا كلّ خَرْق في البلاد وسيعِ
إذا قطعتْ أرضاً أَعدّتْ لأختها / ظنابيبَ لم تُقرع بمرّ قطيعِ
ضوامن في الحاجاتِ كلَّ بعيدة / وصائل في الآمال كلَّ قطوعِ
تزور بني عبد الرحيم فتعتلي / بأخفافها خضراءَ كلِّ ربيعِ
تحطّ بماءٍ للندى مترقرقٍ / مَعينٍ وواد للسماح مَريعِ
ترى المدح وسماً والثناءَ معلَّقاً / لهم بين أغراض لها ونسوع
وكائنْ لديهم من قراعٍ لنكبةٍ / وللمجد فيهم من أخٍ وقريعِ
وعندهم من نعمةٍ صاحبيّةٍ / تَرُبُّ أصولاً من علا بفروعِ
حموا بالندى أعراضَهم فوقاهُمُ / من العار ما لا يُتَّقَى بدروعِ
ونالوا بأقلامٍ تجول بأنملٍ / مَطارحَ أرماحٍ تطول ببوعِ
بنو كلِّ مفطومٍ من اللؤم والخنا / وليد وتِربٍ للسماح رضيعِ
إذا حولموا زادوا بأوفى موازنٍ / وإن فاخروا كالوا بأوفر صُوعِ
وإن ريع جار أو تنكَّر منزلٌ / فربَّ جنابٍ للحسين مَريعِ
رعى اللّهُ للآمال جامعَ شملها / مُشتِّاً من الأموالِ كلَّ جميعِ
وحافظَ سِرب المكرمات ولم تكن / لتُحفظَ إلا في يمين مضيعِ
أخو الحرب أنَّى ربُّها كان ربَّها / وأبطالُها من سجَّدٍ وركوعِ
وكالراح أخلاقاً إذا امتزجت به / ولكنه للكأس غيرُ صريعِ
ومشفقةٍ تنهاه من فرط جوده / ألا تَعباً تنهين غير مطيعِ
تسومين كف المزن أن تضبِط الحيا / ولا تسلم الأسرارُ عند مذيعِ
شددت بكم أيدي وسدّدت خَلّتي / ورشتُ جناحي والتحمت صدوعي
وأقنعني تجريب دهري وأهله / بكم فحسمتم بذْلَتي وقنوعي
فإن أنا لم أفصح بحسن بلائكم / بشكري فذمّوني بسوء صنيعي
بكلّ مطاعٍ في البلاغة أمرُها / مخلّىً لها استطراقُ كلِّ بديعِ
لها في القوافي ما لبيتك في العلا / سَنامُ نصابٍ لا يُنالُ رفيعِ
إذا عَرِي الشعرُ ارتدت من بروده / بكل وسيم الطرتين وشيعِ
أمدّ بها كفاً صَناعاً كأنني / أهيب بسيفٍ في الهياج صنيعِ
على كلّ يوم طارفِ الحسن طارفٌ / لها غيرُ مكرورٍ ولا برجيعِ
هدايا لكم نفسي بها نفسُ باذلٍ / وضنيّ بها في الناس ضنُّ منوعِ
وكنتُ وأيّام المزار رخيّةٌ
وكنتُ وأيّام المزار رخيّةٌ / عليَّ ورُخصُ الوصل لي فيك يُطمعُ
أعِزُّ فلا أعطي الهوى فيك حقَّه / من الشكر والمعطَى مع الكفرِ يُمنعُ
فلما استردّ الدهرُ منّي عطاءه / وعادت شُعوبٌ في الهوى تتصدعُ
قعدتُ مع الهجران أبكيه نادماً / وأسأل عنه ماضياً كيف يرجعُ
بعثتُ لقلبي الهمَّ يوم هويتُكم
بعثتُ لقلبي الهمَّ يوم هويتُكم / وبايعتُ عيني بالرقاد دموعا
وكنت عزيزاً لو عصيتُ خلاعتي / وبتُّ لنصح العاذلات مطيعا
بحقّكُمُ لا تهجروني فإنني / أملتُ إليكم جانبيَّ جميعا