القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الفضل الوليد الكل
المجموع : 6
أيا نجمة في قربها القلبُ طامعُ
أيا نجمة في قربها القلبُ طامعُ / ضِياؤك وَعدٌ للمحبين جامعُ
أطالعَةٌ بين الغيومِ كأنها / مُخَدَّرةٌ تنجابُ عنها البراقع
أرى ليلتي في الروضِ مثلي حزينةً / تنوحُ وتبكي والعيونُ هواجع
إليّ انظري إني إليكِ لناظرٌ / فيا حبذا منك السنى والمَرابع
ففي القبَّةِ الزرقاءِ نورُكِ مُشرِقٌ / ونوري على وَجهِ البَسيطَة لامع
إليكِ يحنُّ القلب في ظلمة الأسى / وتشتاقُ مرآكِ الجفونُ الدوامع
فكم آنسَ العشاقَ في سمراتهم / ضياءٌ على كلّ البريّةِ ساطِعُ
أطلّي على أطلالهم وقبورِهم / وولّي عليها كي تصانَ الودائع
فيا ليت نفسي في سناك مقيمة / فقد راعَها لونٌ من الأرضِ سافِع
وما هي إلا ذاتُ نورٍ تدَهورت / إلى ظلمةٍ فاستعبدتها المطامِع
ولكنها عند التَّذكُّرِ تنتمي / إلى الملإ الأعلى فتقوى المنازِع
ليالي النّوى حتّامَ ترخينَ برقعا
ليالي النّوى حتّامَ ترخينَ برقعا / لينتابني ذكرُ الأحبَّةِ أفجعا
فتنظمنَ من دمعي عقوداً ثمينةً / يُعَدُّ لها شِعري من الخلدِ مَوضِعا
أنارت دجاكنَّ المدامعُ فاهتَدى / إِلى الصبرِ قلبٌ لن يملَّ ويجزعا
ولما رأيتُ اليأسَ يحملُ خنجراً / حكمتُ عليهِ أن يظلَّ مدرَّعا
فما الكوكبُ السيّارُ إن ذرَّ مُشرقاً / بأجملِ منهُ في دُجَى الخَطبِ مطلعا
خمائلكنَّ الزافراتُ سمعنَني / أنوحُ وأهوى إن يَنُحنَ وأسمعا
وموجاتكنَّ الهادراتُ رأينني / أُشير إلى النّجمِ البعيدِ مودّعا
وأنفاسكن العاطراتُ حملنَ لي / زفيراً وشعراً من شذا المسكِ أضوعا
ذكرتُ الليالي السالفاتِ فلُحنَ لي / يُزَحزحنَ عن وجهِ السّعادةِ برقعا
ومثَّلنَ لي طيفَ الفتوَّةِ باسماً / يمدُّ لضمّاتِ المعاطفِ أذرعا
نعم كنتُ فتاناً لكلِّ خريدةٍ / وكانَ فؤادي للمحاسنِ مَرتعا
تولّينَ بيضاً باسماتٍ لبهجتي / وجئتنَّ سوداً لا تنوِّلنَ مطمعا
فيا حبّذا تِلكَ الليالي وطيبُها / وهيهاتِ أن تصغي إليّ وترجعا
أُحاولُ فيكنَّ التناسي لأنني / رأيتُ التناسي للمحبّينَ أنفعا
ولكنَّ تذكاراً مذيباً لِمهجتي / يمرُّ فأبقى منه ولهانَ مولعا
أيا ليلةً بينَ الليالي عَشِقتُها / أسرِّي إِلى قلبي كلاماً مشجِّعا
تمرّينَ بيضاءَ الوشاحِ خفيفةً / تجعِّدُ منكِ الريحُ بُرداً ومقنعا
وتزفرُ للأطيابِ نفّاثةً كما / سَمعتِ لأنفاسِ المشوقِ تقطعا
إذا زرتِ هاتيكَ الربوعَ وأهلها / تهزّينَ من بيضِ الأمانيّ مَضجعا
هنالكَ أمٌّ تذرفُ الدّمعَ فاعبري / برفقٍ لتَسلوني قليلاً وتهجعا
وأوصي كذا من جانبِ الشّرقِ نجمةً / تقولُ لها لا بدَّ أن نتَجَمَّعا
وإني لاستَحلي جبينَك شاحباً / وشَعرك مُرخىً بالنجومِ مرصّعا
وأصبو إِلى حفّاتِ أذيالكِ التي / عَليها جَرى دَمعي ودمعُ النّدى معا
وفي ذلك الروضِ الكثيفِ بحيرةٌ / نثرتُ عَليها عقدَكِ المتقطّعا
كحباتِه ضاءت عيونُ أحبتي / بقَلبي فكانت منه أغلى وأسطعا
بدمعِ النّدى هَل تذكرينَ مواقفي / هنالك أرعى بَدرَكِ المتطلعا
يلوحُ ويخفى كالسعادةِ هازلاً / خجولاً بشفَّافِ الغمامِ مُلفَّعا
أرى بسماتِ الصبحِ تبدو على الرُّبى / فهل حانَ أن أحني جبيني مودّعا
حنانيكِ مهلاً لا تمّري سريعةً / فإنّ مِنَ الإسراعِ للصبِّ مَصرعا
خُذي لكِ شيئاً من زَفيري ومَدمعي / وأبقيه ذكراً بينَ نهدَيكِ مُودَعا
وهاتي لقلبي من خمارِك نفسةً / لعلَّ له منها شفاءً ومقنعا
قِفي نتَشاكى بينَ ماءٍ وخضرةٍ / فلا يتباكى من بكى متوجِّعا
فنذكر منسيّاً وننضرُ ذابلاً / وننشرُ مطويّاً ونمطرُ مربعا
سنونَ ثلاثٌ من شبابي تصرّمت / وما تَشتهيه النفسُ يهربُ مُسرعا
عريتُ كما يعرى من الرّيشِ طائرٌ / فأصبحَ شِعري للنواحِ مُرَجِّعا
بما جدتِ لي من بهجةٍ وسكينةٍ / تذيبانِ قلبي لذةً وتخشُّعا
لئن جاءَ بعدي عاشقٌ يذكرُ الهوى / ويشكو نوىً فيها الشبيبة ضَيّعا
ويُلقي جبيناً في ذراعَيكِ مُثقَلاً / فقولي له ذيّاكَ لم يُبقِ مَنزعا
كثيرون ناحوا مثلهُ وتألّموا / فلم أرَ صبّاً منهُ أصبَى وأوجعا
سأجعل نجمي ساطعاً فوقَ رَمسِهِ / فقد كان ذا نفسٍ من النَّجمِ أرفعا
قَضى الدهرُ أن أهواكَ غير مُمتَّعِ
قَضى الدهرُ أن أهواكَ غير مُمتَّعِ / فلم نجتمع يوماً ولم نتودَّعِ
إذا لم يكن لي في السّلام تعلَّةٌ / رضيتُ وداعاً منهُ علّةَ مُوجَع
ولكنَّ من يَهوى كثيراً منالُهُ / قليلٌ فما أشقى الفَتى بالتولُّع
وهذا نصيبُ الطِّيبينَ فطالما / شكوتُ الذي أشكوهُ غيرَ مشفَّع
فأنتَ نَسيبي والقرابةُ بيننا / شعورٌ وفهمٌ فاسترح وترفَّع
عهدتُك طَلقَ الوجهِ والكفِّ للألى / رَجوكَ فلم تَمنَع ولم تتمنَّع
وكنتَ كريماً عسرُهُ مثلُ يُسرهِ / أبى عزَّةً أو عفةً ذلَّ مَطمَع
فما ضاع دمعُ الأهلِ والصحبِ في الأسى / وقد كنتَ للأحبابِ غيرَ مضيّع
نُعيتَ فكان الحزنُ للناسِ شاملاً / ونَعيُكَ للأحبابِ غيرَ مضيّع
فلا كان يومٌ قيلَ في صُبحهِ قَضى / عميدٌ فأنسُ الدّارِ وحشةُ بَلقَع
لقد شهدت أطوادُ لبنانَ هولَهُ / فكادت تهي من هيبةٍ وتخشّع
تمثّلَ يومُ الحشرِ فيهِ ونورُهُ / ظلامٌ كأنَّ الجوَّ وجهُ مقنَّع
فلم أرَ فرقاً بينَ عرسٍ ومأتم / لما كانَ في ذاكَ الحفالِ المجمَّع
فُجِعنا بمن إحسانُه مثلُ حسنهِ / وأيُّ محبٍّ عاشَ غيرَ مروّع
وجدنا على روقِ الشّبابِ بدَمعِنا / فكان كغيثٍ فوقَ ريانَ مُمرع
وأصعبُ شيءٍ فرقةٌ بعد إلفةٍ / فكم مهجةٍ منها تسيلُ بمدمع
فما أوجد الإخوانُ والأخواتُ في / مماتِ الذي قد كان بهجةَ أربُع
مَضى وقلوبُ الصَّحبِ حوليه جمةٌ / وأدمعُهم ماءٌ على نارِ أضلع
ومن ذا يردُّ الموتَ عنهُ وقد سطا / على كلِّ ذي عرشٍ وجيشٍ مدرَّع
فلو أنه يفدَى ببعض حياتنا / لجدنا له من كل عمر بأربع
ولم نكُ يوماً آسفينَ لأنّنا / نُقاسمهُ ما هانَ عند التفجُّع
ويا حبّذا ما كان منه وذِكرُهُ / لهُ نفحاتُ الفاغمِ المتضوّع
فأنّى لنا ذيّالِكَ الظرفُ والنَّدى / وتِلكَ السَّجايا بعد أهولِ مَصرَع
ولطفُ ابتِسامٍ في عذوبةِ مَنطقٍ / وحسنُ كلامٍ في حديثٍ منوَّع
فكيفَ أُعزّي أهلهُ وأنا الذي / يُشارِكُهم في حزنِهم غيرَ مدّع
ألا يا أخا الفتيانِ كيفَ تركتَنا / فأوحَشتَ منا كلَّ قلبٍ ومَوضع
عزيزٌ علينا أن تواريكَ تربةٌ / فتفقدُ منكَ الدارُ أجملَ مطلع
ولو فزتُ قبلَ الموتِ منكَ بنظرةٍ / لكانت عزاءً لي على غيرِ مقنع
ولكنَّ نفسي لاعها الموتُ في النَّوى / وليست على مرأى حبيبٍ ومسمع
ترنَّحتَ غصناً مزهراً في خَميلةٍ / غدا بعد طلِّ الصبحِ يُسقى بأدمع
تناثرَ مِنكَ الزَّهرُ وارتحلَ الشّذا / فبعدَكَ لا أرجو ربيعاً لمربع
وكنتَ حبيبَ الكلِّ في علو مجلسٍ / فبتَّ فقيدَ الكلَّ في عمقِ مضجع
عزاءً ذوي القُربى فما المرءُ خالدٌ / ولو حازَ دَهراً ملكَ كِسرى وتُبّع
تأسّوا بإخوانٍ أُصيبوا بإخوةٍ / فما الأرضُ إِلا مرقدٌ بعد مرتع
لقد ذهبت تلكَ الأماني الخوادعُ
لقد ذهبت تلكَ الأماني الخوادعُ / وما هي يوماً للضَّعيفِ خواضعُ
فكانت سراباً لاحَ ماءً لِظامئٍ / ومَن لي بها فالوهمُ في الهمِّ نافع
ففي الدّمنَة الخضراءِ تعليلُ رائدٍ / بهِ في زمانِ الجدبِ تَنبُو المرابع
إليكِ فؤادي قد صَبا أيها الصَّبا / ولو كانتِ الآمالُ فيكَ تُخادِع
أعِدها وعُد فالقلبُ ليسَ بمُشتفٍ / ولا مُكتفٍ والطَّرفُ سَهرانُ دامِع
مَرَرتَ ومرَّت كالخيالاتِ في الكرى / وما أقصرَ اللذَّاتِ والمرءُ هاجع
قرأتُ رواياتٍ وعند انتِهائها / قبَضتُ على ريحٍ وزالت مطامع
وقد أورَثتني ضعفَ قلبِ وهمّةٍ / بدائعُ فيها للنفوسِ خدائع
وطالعتُ أشعاراً وأنشَدتُ بعَضَها / وأبياتُها مثلَ البروقِ لوامع
فذقتُ الهوى العذريَّ في كأسِ شاعرٍ / وقد مُزجَت بالسمِّ والسمُّ ناقع
فما صدَقت بالخبرِ أخبارُ كاذبٍ / وذلكَ طيفٌ زَخرَفتهُ المضاجع
فيا خَيبةَ المسعى ويا ضَيعةَ الهوى / لدى صنمٍ عنهُ تُزاحُ البراقع
لعلَّ وليتَ الآنَ لا يَنفَعانني / وما في الترجِّي والتمنّي منافع
على صغَري في السنّ أَكبرتُ بلوتي / وقد أُغلقَت مني الحشى والمسامع
وفي القلب لا صوتٌ يرنُّ ولا صدى / وكيفَ ومن حولي الديارُ بلاقِع
قبَضتُ على جمر ليخمدَ في يَدي / فعدتُ وقد ذابت عليه الأصابع
وما المرءُ بينَ الناسِ إلا كطائرٍ / يُعالجُ أشراكاً وخصمٌ يصارع
فيا حبّذا ركبُ السفينِ وحبَّذا / محيطٌ خِضمٌّ فوقهُ النَّجمُ ساطع
لعلّ مِنَ الأسفارِ تنفيس كربتي / فمن كان مثلي عرَّفتهُ الوقائع
فأُصبح ذا مالٍ ومجدٍ ورفعةٍ / وصيتي كذا في الشَّرقِ والغرب ذائع
رَغبتُ عَنِ العلمِ الذي هو شقوتي / وماذا يُفيدُ العلمُ والعلمُ ضائع
فما لابسٌ صوفاً خشيناً لفقرهِ / كلابسِ خَزٍّ عندَهُ المالُ شافع
توالت ليالي الحبّ وهي سراعُ
توالت ليالي الحبّ وهي سراعُ / وما الوَصلُ إلا رؤيةٌ وسماعُ
وكنتُ أُمنِّي النفسَ حتى إذا انقَضَت / تَبيَّنَ لي أنَّ الرجاءَ خِداع
أليفَةَ هذي الرُّوحِ قد كان حبُّنا / سلاماً وأَمَّا اليومَ فهو وداع
فما أَلمي إِلا بما فيهِ لذَّتي / وإنَّ عذابَ المطلِ منك نِزاع
قضى الدَّهرُ أن أحيا شقيّاً مروَّعاً / ففي القربِ نفسي والبعادِ تُراع
قِفي زَوِّديني من جمالِكِ ساعةً / ففي القلبِ والعينَينِ منهُ شُعاع
وإن تذكُري بعدي مواقف حبِّنا / تأكَّدتُ أن العهدَ ليس يُضاع
كما شئتِ كوني إنني لكِ عاشقٌ / ولي فيكِ أوطارٌ ومنكِ دِفاع
سأرجِعُ يوماً والهوى في مكانهِ / فحبُّكِ حبٌّ ليسَ فيهِ صِراع
ودَمعُكِ في خدَّيَّ منه بلالةٌ / وطيبُكِ في كفيَّ منه رداع
لكَ الويلُ يا قلبي فذُب أو تصَدَّعِ
لكَ الويلُ يا قلبي فذُب أو تصَدَّعِ / كفاكَ عذاباً بينَ حبٍّ ومَطمَعِ
سَئمتُ من الأيامِ وهيَ قصيرةٌ / فكيفَ إذا طالت وطالَ توجُّعي
وأعرَضتُ عن دُنيا نفضتُ غُبارَها / وباتَ عزائي من قنوطِ المودِّع
وقلتُ لسلمى لن ترُوحي وتغتَدي / بقلبٍ رفيعٍ في النُّهى مترفِّع
نصَبتِ لنا في المُقلتَينِ حبالةً / وخلَّفِتنا صَرعى بأهولِ مَصرَع
لحاظُكِ أسيافٌ تجَرَّدُ للرَّدَى / ولفظُكِ سمٌّ في فؤادٍ ومَسمَع
فسمُّكِ لا يُؤذي طبيباً مجرَّباً / وسيفُكِ يَنبو عن شجاعٍ مدرَّع
سأخلصُ من أسرِ الغرامِ وقَيدِهِ / وألعنُ منهُ ما فقَدتُ وما معي
فسيري جزاكِ اللهُ خيراً لأنني / خلعتُكِ من أُذني وعَيني وأضلعي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025