أهاب به الداعي فلباه إذ دعى
أهاب به الداعي فلباه إذ دعى / وكان عصي الدمع فانصاع طيعا
عصى دمعه حاوي المطايا فمذ رأى / بعينيه ظعن الحي أسرع أسرعا
فبادر لا لوى به عذل عاذل / إذا قيل مهلاً بعض هذا تدفعا
تجلد إذ ظن النوى حكم هازل / فلما رأى جد المطايا تصدعا
فاوغل يجري خلفها لا يصده / حياء ولا لاح لحاه فاقذعا
ظعائن تسري والقلوب باسرها / على أثرها يجرين حسرى وظلعا
ظعائن في الاقمار تجري فحيثما / توجه حادي الركب ابصرت مطلعا
وفي البين عذراً للكريم إذا بكى / لذكرى حبيب إذ تشوق مربعا
خليلي ما بعد النوى من تعلة / وقد غرد الحادي بنجد ولعلعا
فلا ترج بعد الركب غلا مدامعاً / تسح واحشاء من الضعف وقعا
وبالنفس افدي ظاعنين تجلدي / لبينهم قبل التودع ودعا
مضوا والمعالي الغر حول قبابهم / تطوف جهات الست مثنى ومربعا
سروا وسواد الليل داج فشعشعت / على لونه انوارهم فتشعشعا
يحل الهدى أني يحلون والندى / فان أقلعوا لا قدر اللَه أقلعا
ترى الكون من آثارهم حزن روضة / سقا نورها عذب الحيا فترعوعا
مصاليت يوم الحرب رهبان ليلهم / بوارع في هذا وفي ذاك خشعا
ترى الفرد منهم يجمع الكل وصفه / كما لا كأن الكل فيه تجمعا
وتهوي الأيامي لو تحل ربوعهم / وقد تركت من حولها الروض ممرعا
رمت بهم نحو العلى المحض عزمة / لو الطود وافاها وهي وتصدعا
عشية أمسى الدين دين أمية / وأمسى يزيد للبرية مرجعا
يقول بلا فضل ويفتى بلا هدى / ويحكم لا عدلاً ولا رأي أمنعا
وهل خبرت فيما تروم أمية / بأن العلى لم تلف للضيم مدفعا
وقد علمت أن المعالي زعيمها / حسين إذا ما عن ضيم فافزعا
رأى الدين مغلوباً فمد لنصره / يمين هدى من عرصة الدهر أوسعا
فاوغل بطوي الكون ليس بشاغل / على ما به من كف علياه اصبعا
أفاد الفلا وخد المطايا ونصها / كأن السرى يجري رقانا وأذرعا
بقود إلى الحرب العوان ضراغماً / حواسرها امضى من الغير درعا
يجر من الرمح الطويل مزعزعاً / وينضي من السيف الصقيل مشعشعا
مطلا على الاقدار لو شاء كفها / جائته تترى حسبما شاء طيعا
فالقى ببيداء الطفوف مشمراً / إلى الموت لن يخشى ولن ينزوعا
وقامب رجال للمنايا فارخصوا / نفوساً زكت في المجد غرساً ومنبعا
تفرع من عليا قريش فان سطت / رأيت أخا ابن الغاب عنها تفرعا
بدور زهت افعالهم كوجوههم / فسرتك مرئى إذ تراها ومسمعا
أبو جانب الورد الذميم واشرعوا / مناهل أضحى الموت فيهن مشرعا
فاكسبها المجد المؤثل ابلج / غشى نوره جنح الدجى فتقشعا
إلى أن ثووا صرعى الغداة كأنهم / ندامى سقاها الوصل كاساً مشعشعا
وأقبل ثم الليث يحمي عرينه / بباس من العضب اليماني اقطعا
يكر فتلقى الخيل حين يروعها / أضاميم سرب خلفها الصقر زعزعا
فذعذع جمع الجمع قسراً كأنما / تجمع جمع الجمع كي يتذعذعا
يصرف آحاد الكتيبة رأيه / فلا ينثني إلا الكمي المقنعا
عصت أمره لما دعاها إلى الهدى / وجاءت لأمر السيف تنقاد طيعا
بطعن يعيد الزوج بالضم واحداً / وضرب بعيد الفرد بالقطع اربعا
ولما رمت كف المقادير رميمها / وحان لشمل الدين أن يتصدعا
بدى عن سراة السرج يهوي كأنما / جبال شروري من علاها هوت معا
وخر فلا تدري المقادير أيها / أصاب فاخطى حين أردى السميدعا
وجاء سنان طاعناً بسناته / يرى أنه كان الهزبر المشجعا
وأفبل شمر يعلن العجب اذ رقى / على الليث إذ امسى له الحتف مضجعا
وراح بأعلى الرمح يزهو كريمه / كبدر الدجى إذ تم عشراً واربعا
وعاثت خيول الظالمين فابرزت / كرائم أعلى ان تهان وأرفعا
فواطم من آل النبي حرائر / بكف العدى امست سواغب جوعا
ثواكل لم يبق الزمان لها حمى / يكن لا ولم يترك لها الدهر مفزعا
سوافر أعياها التبرقع والحيا / ينازعها مع سلبها أن تبرقعا
دعاها إلى معنى التقنع صونها / واعوزها الاعداء ان تتقنعا
فراحت ويمناها قناع لرأسها / وللوجه يسراها مع اللطم برقعا
عفائف افراط الصيانة طبعها / إذا غيرها نال العفاف تطبعا
تكاد إذا ما اسبلت عبراتها / تعيد الثرى من وابل الدمع مربعا
وكادت إذا ما اشعلت زفراتها / بأنفاسها يغدو لها الروض بلقعا
فما الفاقدات الالف شتت جمعها / غداة النوى أيدي العداة ووزعا
نوت فرقة للغرب منها وفرقة / إلى الشرق فالشملان لن يتجمعا
ولا مدنف يدعو الطلول فكلما / تصاممن لان القول منه تخضعا
ولانار مقر خاف اخماد ضوئها / فاذكى لظاها في الظلام ورفعا
ولا شنتا خرقاء أبلاهما البلا / ودامى على مجراهما فتقطعا
بأوهى قوى منها وأبين ذلة / واضرم احشاء وأضيع أدمعا
نوائح من فوق الركاب كأنها / حمام نأى عنه الخليط فرجعا
سبايا يلاحظن الكفيل مصفداً / على الرحل مغلول اليدين مكنعا
واسرتها الحامون للبيض مطعماً / وأموالها في النهب للقوم مطعما
وأَوجهها مكشوفة لعداتها / واطفالها في الذل غرثى وجوعا
إلى اللَه اشكو معشراً ضل سعيها / فجاءوا بها شنعاء تحمل أشنعا
جزا اللَه تيماً واللئيمة اختها / عن المصطفى شر الجزاء وأفضعا
فاقسم لولا بغيها وفجورها / وغصب علي ما ادعاها من ادعى
ولا راح يدعى حجة اللَه في الورى / يزيد فيعطي من يشاء ويمنعا
ولا راح يوم الطف سبط محمد / لدى القوم مطلول الدماء مضيعا
وكانت بنو حرب أذل وجمعها / أقل ولا شمت به العز أجدعا
دعتها نفاق الدهر حتى تراجعت / نكوصاً على الاعقاب لن تتنعنعا
فقامت على رغم المعالي امية / بنقض الذي قر ابرم المجد ولعا
أباحت لهم افعالهم سنن الأولى / وعهد عليه سالف الدهر أجمعا
أتاها يزيد بالذي فجرت به / وكر على آثارهم متوسعا
فمن ناشد تيماً على ضعف رأيها / وقبح الذي أبدى أخوها وابدعا
خليلي قولا وانصفا واسئلا الذي / تبرعها عن أي وجه تبرعا
بأي بلاء كان منه اغصه / بمر المنايا مقدماً فتجرعا
بادبارهم يوم اليهود وفرهم / غداة ابن ود قارعا ومقرعا
ولم تر في الإسلام تيم واختها / لها ناجماً في افق مجد تطلعا
أقل عناء في العلا جاهلية / واخفظ في الاسلام قدراً واوضعا
وما برحت ذلاً تشم باجدع / وترنوا بعماء وتسطوا باقطعا
مسودين اذناباً جاهلية / تسدد نصلاً حين تغرق منزعا
وكل على الإسلام غطى عيوبها / كما ان ضوء الشمس غطاه لعلعا
فباتت له ترعى الغوائل لا ترى / له مضجعاً إلا تمنته مصرعا
فماذا الذي ترجوه لو عاد عودها / على بدؤها في الشرك لو ثم من وعا
وما ضربت في الفضل أيام شركها / بسهم ولا قامت مع القوم مجمعا
بني المصطفى باخير من وطأ الحصى / وأكرم من لبى وطاف ومن سعى
ويا خير من أم المروعات ركنة / فامتها مناً وراع المروعا
ويا خير من أمته غرثى سواغباً / فاطعمها عذب النوال فاشبعا
ويا خير من جاءته ظمئاً نواهلا / فاصدرها ري القلوب فانقعا
ويا خير من يرجو المسيئون عفوه / فاولى به الصفح الجميل وأوسعا
سما رزؤكم كل الرزايا كما سما / على كل مجد مجدكم وترفعا
فاحرزتم الغايات في كل حلية / فقصر عن مسعاكم كل من سعى
سوابق في الهيجا سوابق في الندى / سوابق ان صد الخصام المشيعا
فوارس يوم البحث والخصم مانع / فاجلب صعب النقض قصداً وجعجعا
مصابكم اضنى فؤادي من الأسى / وازعج عيني أم تنام فتهجعا
إذا ذكرت نفسي عظيم مصابكم / تقسمها الشجو العظيم ووزعا
فقلبي لحر الوجد لم يفت صالياً / وطرفي بماء الدمع ريان منقعا
أروح بأنفاس السليم توجعاً / واغدوا بتذكار السقيم تفجعا
وهل ندم يجدي على فوت نصركم / كما نصركم في العالمين مشفعا