برامة أَوطان لَنا وَرُبوع
برامة أَوطان لَنا وَرُبوع / سَقاهن مِن فَيض السَحاب هموع
وَروَّحها غض النَسيم بِنافح / شَذى الشيح وَالقَيصوم مِنهُ يَضوع
نعمت صَباحاً يا مرابع رامة / وَحيّاك بسّام العَشي لموع
فَكم زَهرت للمجتني بِك وَردة / وَكَم عنَّ للغزلان فيكَ قَطيع
عَهدنا لياليك القصار مع الدُمى / لَيالي تَشريق لَهُن سُطوع
وَكُل مَكان فيكَ مَوسم لذَّة / وَكُل زَمان في حِماك رَبيع
إِذا الدَهر سلم وَالشَبيبة غَضة / وَشمل الهَوى في عقوتيك جَميع
فَأهتصر الأَغصان وَهِيَ مَعاطف / وألتثم الريحان وَهوَ ضَجيع
أَرى الشعرات البيض في عرض لمتي / كَواكب لَم يَحمد لَهن طُلوع
نَواصح لي قبل الثلاثين سارَعَت / وَمثلي بَياض الراس مِنهُ سَريع
فَفي الصَدر مِن صَد الحَبيب وَهجره / غَليل يَشيب الطفل وَهوَ رَضيع
وَاذكر ترحال الفَريق فتلتوي / إِلَيهِ بِنَفسي حَسرة وَنزوع
وَيَوم وَقفنا وَالنياق مَناخة / تَشد عَلَيها أَرحل وَنسوع
وَنادى مُنادي الحيّ حي عَلى السَرى / فَزالَت خِيام بِاللوى وَرُبوع
فَقيَّد وشك البين خطوي كَأَنَّني / أَسير وَمالي بِالفِداء شَفيع
وَأَرسَلت للسجف الممنع نَظرة / كَما اِستَعطَف الراقي الحَكيم لَسيع
فعنّت لي الحَسناء وَهِيَ مَروعة / كَما عَن ريم الوَحش وَهوَ مروع
بَكَيت فاخفت شَجوَها وَتَبسمت / وَشتان مِنا صابر وَجزوع
فَمنها يَلوح البَرق وَهوَ مَباسم / وَمني يَسح القطر وَهوَ دُموع
كِلانا سِواء في مكابدة الجوى / سِوى أَنَّها تَخفي الهَوى وَأذيع
لَكَ اللَه يا قَلب المُحب فَكَم تَرى / يعاصيك مِن تَهوى وَأَنتَ تُطيع
وَلو كُنت مِن صَخر للانت صِفاته / وَبانَت علَيهِ للغَرام صُدوع
أَحبة قَلبي لا محتكم يَد النَوى / وَلا شط فيكم للفراق شسوع
بَعدتم وَكَم في أَثركم سح ناظر / وَعوّج قدٌّ وَاعتدلن ضُلوع
فَيا لَيت شعري هَل تبلغني لَكُم / مِن البَدَن عيس كَالعلاة شموع
تَبوع بأَيديها اليباب إِذا مَشَت / كَأَيدي تجار للثياب تبوع
بِحيث ظَليم الدو لَو رامَ خطوها / لأوَقفه الإعياء وَهوَ ضَليع
وَتنظرها العقبان نظرة حاسر / فَهُن وَراها حوّم ووقوع
تعب بريق الضح إِن هيَ أعطشت / وَتَرعى سُموم الريح حين تَجوع
إِذا صَعبت وَهِيَ الذُلول حدوتها / بذكر مَزايا ناصر فَتطيع
هوَ الناصر الدين الحَنيف بعزمة / شباه كحد المشرفي قطوع
هوَ ابن جلا الجلى وَهَيهات مثله / فَتى لِثَنايا المعضلات طلوع
عَميد بَني الأشراف مِن آل هاشم / يَطيب الثنا في ذكره وَيَضوع
تورث مِن أَهليه ثَوب رِياسة / بِهِ لخلوق المكرمات ردوع
كَساه بِهِ من أَلبس الشَمس بَهجة / وَلَيسَ لَما يَكسو الإِله نزوع
تَخف بِهِ يَوم النَدى أَريحية / تَعودها حَتّى يقال خَليع
خَصيب حمى وَالمحل ملقٍ جرانه / يطبق وجه الأَرض مِنهُ هَزيع
فَلا بمصاب الغَيث توجد قطرة / وَلا بحمى المَرعى يُصاب ضَريع
ثَراه يَطيب الزاد للضَيف وَالروى / إِذا الناس طرّاً أَعطَشوا وَأَجيعوا
إِذا الضَيف وافى تعلم الكوم أنه / سَينهل مِن أَوداجهن نَجيع
فَيا ناصر الإِسلام يا فرع دَوحة / ضَربن لَها فَوق السَماء فُروع
سَلمت لَنا ما أَبيض نحوك شارع / وَما طابَ للوراد منك شروع
وَلا زالَ واديك الخَصيب تؤمه / رذايا رجاء وَخدهنَّ سَريع
تَناخ عَلى أَرجاء واديك لغَّبا / خماصا فيقربهن منكَ رَبيع
وَجودك غَوث للعصاة مروع / وَجودك غَيث للعفاة مريع
تَثقف في يمناك في كل معضل / يراعاً قُلوب الشرك فيهِ تَروع
فَأَسطره للمسلمين سَلاسل / كَما أَنَّها للمسلمين دُروع
تَجرده يمنى يَديك كَأَنَّهُ / مِن القضب مشحوذ الغرار صَنيع
وَيَنساب بِالطُرس انسيابة أَرقم / بِأَنيابهِ سمُّ المداد نَقيع
مِن الرَقش صلٌّ لَيسَ يَرقى لِسَعيه / وَهَل كَيفَ يَرقى للصلال لسيع
إِذا كان دين اللَه أَنت كَفيله / فَكف يَريد السوء فيهِ قَطيع
أَياديك إِن سحَّ السحاب مطلة / وَصَدرك إِن ضاقَ الزَمان وَسيع
وَنَفسك فيها عزَّة وَتَواضع / وَمَجدك عاديُّ البناء رَفيع
أَظن الَّذي باراك يمكن عِنده / لما فات مِن عَصر الشَباب رُجوع
وَكَيفَ يقاسون الوَرى بِكَ رُتبة / وَقدر السها إِن قَيس فيكَ وَضيع
مَزاياك تحكي وَالوُجود مصدق / وَتقرأ وَالدَهر الأَصم سَميع
لَكَ الصَدر دُون الناس في مجلس العُلى / إِذا بسماطيه احتشدن جُموع
وَتَعلو الوَرى إِن لحت فُرصة صائم / إِذا الهِلال العيد حانَ طُلوع
خَضعت إِلى علياك يا اِبن محمد / وَوَاللَه مابي ذلة وَخضوع
وَلَكن للأَرحام عِندي وَشيجة / تَراعي وَعِندي الوَد لَيسَ يَضيع
محضتك وَد النَفس غَير مخادع / وَفي ودّ أَبناء الزَمان خدوع
سَيصفق كَفيه الَّذي باعَ صحبتي / كَما صفق المَغبون حينَ يَبيع
إِذا صردت مِن حالب الشول حفل / وَأَرضاه مِنها النزر فهوَ قَنوع
عَليكَ سَلام اللَه ما هَبت الصبا / وَما ناحَ مِن وَرق الحمام سجوع