القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حسن الطّويراني الكل
المجموع : 15
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ
أَرِقْتُ فرَّقَتْ لي البُدورُ الطَوالعُ / وَنَحت فَناحَت لي الطُيور السَواجعُ
وَأَسكرني مَسرى الصَبا عَن أَحبَتي / فَملت فَمالَت بي الغُصون اليَوانع
فَبت وَلَيلي لَيل يَأس وَوحدة / وَقَد شغلت عَني العُيون الهَواجع
أُردّدُ لِلأَعقاب رَأياً وَفكرةً / لَها بَين غارات الأَماني مَصارع
أُناجي ضَميري ذكر خل وَصاحب / وَقَد ذَهبت تَتَرى العُيون الهَوامع
فَشُكراً لِأَفكار الكِرام وَوَحدتي / لَقَد وَاصلاني وَالأَحبا قَواطع
فَللهمِّ عِندي أَيُّ أَيدٍ كَريمةٍ / أَقلّ وَفاها أنَّها لا توادع
وَيَعجب قَوم أنَّني لا أَذمها / وَتِلكَ الَّتي عَني الفَراغ تُمانع
نعم إِنَّها وَفّت وَقَد خانَ غَيرُها / فَأَمسَت لَها دُون السُرور الصَنائع
وَحَمداً لِدَمعٍ ردّ نارَ حشاشتي / وَإِن فَضحت أَهلَ الهُموم المَدامع
أَلا مَرحباً بِالهمِّ وَالوَقتُ وَقتُه / وَأَهلاً بِهِ قَد زارَ وَالغَير خاشع
وَبئساً لِأَوقات المَسرات إِنَّها / سَحابة صَيفٍ أَو بُروقٌ لَوامع
تُسيء إِذا وَلت بِتذكار أُنسها / وَإِن أَقبلت كانَت غُروراً تخادع
يَقولون لي إِن الشَدائد محنةٌ / فَقُلت وَلَكن الرَخاء مَصانع
بَلى إِنَّها تَهدي التَجارب لِلفَتى / فَتُعرَفُ أَخلاقٌ وَتصفو طَبائع
وَإِني أُوفّيها الصَحابةَ حَقَّها / وَآمل في الأَعقاب ما اللَه صانع
وَحَسبيَ ركناً في المَصاعب أَنَّني / لِأَعتاب سُلطان النبوّة راجع
فَهَل أَتّقي الدُنيا وَمَولاي قادرٌ / وَخَير البَرايا سَيد الخَلق شافع
ليقدم صَرفُ الدَهر ما شاء وَلْيُرِعْ / فَلي منهما رُكن شَديد مَدافع
أَثمت إِذاً إن لَم أُجابِهْ خَطوبَه / بِعَزمٍ يَردّ البَأس وَالبَأس خاضع
فَذاكَ حمى اللاجي العَزيز جواره / وَمَن يَرتجي مَغناه عاصٍ وَطائع
فَكَيفَ يَروع الخَطبُ مَن في أَمانِه / وَهَل تَخفض الدُنيا مِن اللَه رافع
أَما وَجلال اللَه لَيسَت تَروعني / خُطوب اللَيالي وَالصُروف الفَواجع
يَثبّتني أنَّ المهيمن مالك / وَأن الَّذي قَد شاءَ لا رَيب واقع
وَيقنعني أَني رَجَوت محمداً / نَبيَّ الهُدى وَالجار لا شَكَ مانع
أَنخت بِمَغناه رحالَ مَقاصدي / فَوطنت نَفسي وَاطمأنت مَضاجع
وَوَجهت آمالي لِمَولى يُنيلها / وَإِني بِما تَرضاه عَلياه قانع
فَلا يا رَسول اللَه إِنيَ مُقبلٌ / عَلَيكَ وَمستجدٍ نداك وَضارع
مَددتُ إِلى عَلياك كَفاً وَطالما / مَنحتَ الَّذي يَرجوك ما هوَ طامع
وَلَست أَراني آيباً أَوبَ خَيبةٍ / وَجاهك مَرجوّ وَفضلك واسع
عَلَيكَ صَلاة اللَه ما قُلت مُنشداً / أَرِقْتُ فَرَقَّتْ لي البُدورُ الطَوالع
رويد الليالي كَم تَجور وَتمنعُ
رويد الليالي كَم تَجور وَتمنعُ / وَكَم ذا تَردّى بِالأَماني وَتردعُ
وَحسب زَماني في الأُمور مذمَّةً / تَفرُّقُ شملٍ أَو محبٌّ يروّعُ
فَلو ذاقَ مرّاً قَد سَقاه لَما سَقى / وَلا سرّ مغرور بما لَيسَ يَدفع
وَلو أَن لي بِالغَيب في الدَهر قُدرةً / كشفت قناع الستر عما يُطمِّع
فَباعدت بَين الفرقدين وَلم أَدع / سُهيلاً تنائيه الثريّا فيجزع
وَخالفت قانون الزَمان بحكمة / تَرى كُلَّ نَفس تجتليها فتقنع
وَباينت ما بين الدَواعي بهمة / تُفرِّقُ ضداً أَو أليفاً تُجمِّع
فَلم تَبك عَينٌ قَد جفت أنسَ نومِها / وَلم يَشكٌ مِن صبٍّ زَفيرٌ وَأَدمع
وَلم يَنفصل وَصلٌ وَلم تبق فرقةٌ / وَلم يَهو دريّ وَلم يَخو مطلع
وَلكنّ آمالي ابن آدم عادة / يحوّلها ربٌّ يضر وَيَنفع
فَيا صاحبي دَعني أَعلّل مهجتي / بكذبِ مُنىً علَّ الليالي ستشفع
فتصدق آمالي وَتُزجَى رَكائبي / إِلى مَعهد أَقوى فَيدنو مودّع
وَيبزغ في أُفق المُنى كَوكَبُ الهَنا / وَيَروي الصَفا كَأسَ الوَفا فَيشعشع
وَأَبصر طودَ المَجد يَزهى ركانةً / وَفي أَوجهٍ شمسٌ من البِشر تطلع
فَيا واحداً في العصر وَالمصر مجده / وَمَن شأوُهُ السامي على النجم يرفع
وَيا من إِلى سُحبانَ يُنسَبُ نطقُه / وَيا من له أَهلُ البلاغة خُشَّع
وَيا من يكون الدرّ من بعض نثره / وَيا من له في النظم سحرٌ منوّع
لعل شموس القرب يشرق نورُها / وَإِن فاتنا مما رَجوناه يوشع
عَليك سَلام اللَه ما قلت مُنشئاً / رويد الليالي كم تجور وَتمنع
أَشمس تبدّت في سعود المطالعِ
أَشمس تبدّت في سعود المطالعِ / وَإِلا وجوهٌ أَسفرت في بَراقعِ
وَفي الرَوضة الغَناء صاحَت بَلابلٌ / فَغنّت فهِمنا بَين شادٍ وَساجع
تَميل غُصون البان وَالنَهر قَد صَفا / فَتحسب صبّاً غارقاً في مَدامع
وَللورد وَجناتٌ وَللطلّ أَدمعٌ / يَكفكفها مَنثورها بِالأَصابع
وَريح الصَّبا وَافت فَأَسكرني الشَذا / فَيا طيب بردٍ فَوق حرّ الأَضالع
وَلليل أستار من الندّ مَدَّها / عَلينا رواقاً فَوقَ أَطناب يانع
فَقُم هاتها الصَهباء حَمراء تَلتَظي / عَلَيها حَباب كَالدُموع الهَوامع
فَقد راقَ لي دَهري وَوافت مسرّتي / وَصافى الَّذي أَهوى وَأَزهَر طالعي
فَلا زَمَنٌ إِلا بِصَفو قضيته / أَتَتك اللَيالي فيهِ وَفق المَطامع
وَلا مدحة إِلا لخضرم ماجدٍ / مَجيدٍ لِأَعلام الفَصاحة رافع
هوَ المصطَفى العلويُّ من ساد دَهره / بفضل سَما أَوج المَكارم شائع
همام تَرى الأَحرار دونَ مَنالها / لِمَن رامَها كَدحٌ جَليل المصارع
سلالة أَمجاد كِرام أَماثل / وَأَنكى مضرٍّ بل وَأَعظَم نافع
لَهُ الطَول وَالحول الشَديد ظَهيرُه / ظَهير بَني العليا طهور المَراضع
أَخا المَجد عُذري في مَديحك ظاهرٌ / وَلكن سَجاياك الكَريمة شافعي
أَرقت عَلى ذكر الحَبيب المودّعِ
أَرقت عَلى ذكر الحَبيب المودّعِ / بجفنٍ شكا دَمعاً وَقلبٍ مروَّعِ
وَأَطربَني مَسرى النَسيمِ كَأَنَّما / سُقيتُ من الزرجون من كفِّ مُترَع
وَماذا عَلى صبٍّ إِذا ما بَكى الحِمى / وَعَهداً أَبَى رجعاً لمغنىً وَمَربَع
وَما كانَ ممن قد يذلّ عَزيزُه / وَلكنَّ من يَهوى مع الحُبِّ يُخدَعِ
يَقول عذولي وَهوَ أَدرى بلوعتي / أَما لك سَلوى عن حَبيبٍ مُمنَّع
عَلى أَنَّني ما زلتُ أَلعب بِالهَوى / إِلى أَن غَدا بي لاعباً في تورُّعي
وَكُنتُ أَرى مِنهُ العصابَ ذَليلةً / وَأَحسبُ أَن القَلب إِن رمتُهُ معي
وَلَكن أَبي سلطانُ حبي سِوى الَّذي / أَذلّ بِهِ أَو لا فَيقضي بمصرعي
أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي
أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي / وَقَد عاينت عَيناكَ في الحُبِّ مصرعي
أَما يبعث الأَحزان مَرأى معاهدٍ / مِن الأنس قَد أَمسَت كَبيداء بلقع
رَعى اللَه من راعوا فؤادي وَأَجمعوا / عَلى طُول هجري وَاِرتضوا لي تفجُّعي
أَقاموا غرامي وَاستجادوا تهتُّكي / وَلذَّ لهم ذلّي وَعافوا تولُّعي
وَما ساءَني إِلا عُهودٌ تقدّمت / أَضاعوا وَما لي في الهَوى لَم أُضيِّع
فَيا رُبَّ يَومٍ لي وَيا رُبَ لَيلةٍ / قضيتُ بهم زاه اللقا وَالتجمُّع
أَروح بهم لاهٍ وَأَغدو مُهَلِّلاً / بما نال طَرفي أَو بما سَرّ مسمعي
فَلا غَدوةٌ إِلا إِليهم غدوتُها / وَلا روحةٌ إِلا أَروحُ وَهم معي
تعشّقتُ ظبياً بين رَبربهم طَلاً / فطبَّعتُه حتى نأى عن تطبُّعي
أَلا لا يَلوم اللائمون صبابَتي / وَإِلا فَإِن لاموا فها أَنا لا أَعي
أَلا لا يسرّ الشامتون فربما / يَعودُ التَداني بَعد هَذا التمنّع
يَقولون لا تجزع وَمَن يَحمل النَوى / فَيا قَلب ذُب وَجداً وَيا عَينُ فاهمعي
فَقلت أَخا النصح اتّئد في نصيحتي / أَتُنكرُ وَجدي وَانتحابي وَأَدمعي
وَداعاً وَداعاً وَدِّعي مصر وَدّعي
وَداعاً وَداعاً وَدِّعي مصر وَدّعي / سَقتكِ الغَوادي من مَغانٍ وَأَربُعِ
ديارٌ بِها وَلّى غُرورُ الهَوى وَقَد / أُروَّعُ عَنها اليَومَ من بَعد أَربع
سُرورٌ وإخوانٌ وَخلٌّ وَصاحبٌ / وَكُلٌّ عَلى ما شئتَه وَفق مطمعي
وَأَمسيتُ بي من حيرةٍ أَيُّ لَوعةٍ / عَلى أَسفٍ يُجري العُيونَ بِأَدمُع
إِذا ذكرت نَفسي حَبيباً أَلفتُه / بَكيتُ عَلى التَفريق بَعد التجمُّع
وَهمتُ وَلا أَشكو لغيرِ تَأمّلي / وَلَيسَ سِواه بعدَهم يا أَخي معي
وَلم أَدرِ ما أَبكي أَعهداً وَقَد مَضى / وَمَغنىً وَقَد أَمسى كَبيداءِ بلقع
وَكَأسَ مدامٍ أَو ندامى عَلى صَفا / وَرَوضاً أَريضاً من أَمانٍ وَمَطمع
أَسيرُ وَأَثني الطَرفَ نَظرةَ باهتٍ / فَلا أَملٌ يُغري وَلا البَأس مقنعي
وَيا رُبَّ يَومٍ لي بمصرَ وَلَيلةٍ / نَهبتُ الصفا بالبابليِّ المُشعشَع
مدامٌ تريك الدَهرَ عَبداً إِذا سعَت / إِلَيك بها ذاتُ البَها وَالتمنُّع
يُذيبُ لكَ الياقوتَ في الكأسِ خدُّها / وَتُنشدُكَ الأَزمانُ خُذ وَتَمتِّع
وَإِن بَدرَت وَالبَدرُ في ليلِ تَمِّهِ / تحيّرتَ وَجداً بينَ أُفقٍ وَبُرقُع
فَيا نَفسُ صَبراً وَاحتساباً لفرقةٍ / يَطولُ مداها بعد طُولِ التجمُّع
وَيا صاحبي رَدّد ليَ الدَمع قائِلاً / وداعاً وداعاً وَدّعي مصرُ وَدّعي
أَراقبُ بدراً بين هذي المطالعِ
أَراقبُ بدراً بين هذي المطالعِ / وَيؤنسي تضلالُ تيك المطامعِ
وَآمُلُ في الدُنيا لقاهم وَقربَهم / وَبيني وبين القَوم جوبُ الشَواسع
أَأَحبابَنا إن يَبعُدِ الدَهرُ بيننا / وَتُمسي النَوادي بعدَنا كَالبلاقع
فما زالَ بي وَجدٌ وَعندي تجلدٌ / أَصادم ريبَ الدَهر وهوَ منازعي
وَما غَيَّر التَفريق مني سجيةً / وَما كان عندي ما حفظتم بضائع
ولي كلما مرّت بفكري صبابةٌ / شُجونٌ أُواريها بسترِ المدامع
فَيا لَيتَ شعري هَل لهذا النَوى انقضا / وَهل من تدانٍ بعدَ ذاكَ التَقاطع
وَيبسمُ لي ثغرٌ من الدَهر أَو أَرى / لَدى مالكي منهُ الحزامة شافعي
خليليَّ لَو يَدري النَوى كَيفَ حالَتي / لأجدى لديهِ ما يَرى من صنائعي
وَلا بت ذا قَلبٍ حزينٍ مُروّعٍ / وَجفنٍ حليفِ السهد شتى المدامع
ولكنما الأَيام فيها عجائبٌ / وَأَبناؤها مِن هَولها في مصارع
تُروّعُ محبوباً وَتُردي أَعزةً / وَتدهى خليّ البال منها بفاجع
وَما دام جمعٌ بين خلٍّ وَصاحبٍ / وَلا اعتزَّ ذو بطش بجار ومانع
فما أَذكر اللقيا التباعد للنهى / وَما أَدنى تفريق لتذكار جامع
عَلى أَنني منهُ بِأَيسر ما يَرى / قَنوعٌ وَقيل العَيشُ يَصفو لقانع
فَهل من كَفيل لي بحسن الَّذي بقي / فَأَسلو الَّذي وَلَّى وَلَيسَ براجع
فَلا بت يا نُور العُيون مفكراً / جفاك وَعَهدي فيك حفظُ الوَدائع
وَردّ شُموسَ القُرب يوشعُ حظِّنا / فَما زالَت الآمالُ تَزهو لطامع
سَلام عَلى أَرض الأَحبة كلَّما
سَلام عَلى أَرض الأَحبة كلَّما / ذكرتُ التَلاقي فاستهلتْ مدامعي
سَلام عَلى بدر مع اللَيل زاهر / وَوَجد عَلى غُصن مع التيه يانع
وَشوق إِلى تلك الدِيار وَأَهلها / جِنان وَحور من ظبى في مراتع
وَحُزن لِمَن وَدّعتُها وَدموعها / تَجود وَقَد باتَت بمهجة جازع
تَقول وَقد حَقّ النَوى وَاِنقَضى اللقا / وَلم تَبقَ إِلا وَقفةٌ للتوادع
فَديتُك يا مَن أَعجل البعدَ صابراً / ستوصلنا الأَيام بَعدَ التَقاطع
وَمثلي مَن لا يَقتضي الحُبُّ صَبره / عَلى ذلةٍ يَمشي بمشية خاضع
دَعيني فإمّا آيبٌ تَتّقي العِدا / وَإِلا فميْتٌ غَير راجٍ وَخاشع
وَإِني وَإِن شطت بِنا غربةُ النَوى / لَفي الواهب الدَيان تَزهو مَطامعي
فَيا لَيتَ شعري هَل تزجّ رَواحلي / إِلى مَوطن الأَحباب وَالدَهر شافعي
وَهَل تذكر الأَيام عهداً تَفي بِهِ / وَأَبصر للعادين يَومَ مصارع
وَيقبل دَهر أَدبرت بي صروفه / فَأَسعى عَلى رَغم العِدا وَالعلا معي
وَإِلا فَإني رزق دوّ وفدفد / أَدافع حتى يسبق الدَهر مانعي
وَلما نَأى بَيني وَبينك مَنزلٌ
وَلما نَأى بَيني وَبينك مَنزلٌ / وَأَقفر مغناه وَبادت جُموعُهُ
وَقالوا لقاءٌ لا يَنالُ وَمَعهدٌ / تَجافاه أَصحاب وَأَقوت ربوعُهُ
وَعز مسير المرسلين وَلم ترد / رواة الهَوى عَما يرجَّى صَريعه
رَوى القَلب عن نار الغَضا ما أَكنّه / وَجفني رَوَت عَهد العَقيق دُموعه
فَديتُ اللَيالي ما سيَأتي وَما مَضى
فَديتُ اللَيالي ما سيَأتي وَما مَضى / تَرجّي وَتَخشى لَيسَ تَبقى وَترجعُ
وَكُل عَواديها تَروعُ وَتَنقضي / وَكُل صفاها يَنتهي أَو تودّعُ
فَلا ما ترجّي دائم تَزدهي بِهِ / وَلا ما الَّذي تَخشاه باقٍ فتفزع
وَلا الجدّ في الدُنيا بمجد سِوى القَضا / وَلا الكَف عِندَما قَضى اللَه يَمنع
وَلا شَيء إِلا اللَه فيما رَأيتُه / يرَجَّى وَيُخشَى أَو يضرّ وَيَنفع
تصبّرتَ أَم جَفَّت شؤونُ المدامعِ
تصبّرتَ أَم جَفَّت شؤونُ المدامعِ / وَما كُنتَ تَدري يا فَتى غَير جازعِ
وَطالَ مَقامٌ فاتخذت أَحبة / وَإلا على عهدِ الحبيب الموادع
وَطالَ اغترابٌ عن خليلٍ وَصاحبٍ / وإلا لأَمر ما جَرى بالتقاطع
ألا إن دَهري حال بي عن لقاكمُ / فبيني وَبين الحي جوبُ الشَواسع
وَحَوّل أَحوالي وَغَيّر عهدَكم / بحزمي وَصَبري واستردّ ودائعي
فَطائعُ حَزمي أَصبح اليَوم عاصياً / عَليَّ وَعاصي الدَمع قَد باتَ طائعي
وَكُنتُ عَلى ما قيل في الناس شاعراً / وَقَد كانَ نَظمي مؤنسي بل وَرافعي
وَها غالني فيهِ الردى ما أَضره / وَأعلمه بالفاتكات الفَواجع
أَقول رثاه أَو أَعزّي أَحبةً / وَأَشكو زماناً أَم أَرى رَأيَ خاشع
أَأَحمدُ إن لاقيتَ جيشاً عرمرماً / فبعدَك لاقينا جيوشَ الفجائع
أَأَحمدُ إن ساءتك منهم مكائدٌ / فكم لك فيهم من فعالٍ رَوائع
يحدِّثُ عنها شيخُهم وَوَليدُهم / وَيَذكُرُ عنها سامعٌ لابن سامع
وَما ميِّتٌ من كان في المجد مَوتُهُ / وَلا حيَّ من يحيى بذلّةِ خاضع
فَمَوتُ الفَتى بين الصَوارم والقَنا / وَمَوتُ جَبان الحيِّ بَينَ المَصانع
وَشتان ما بين امرئٍ عاش لا يَرى / يَموتُ وَيَحيى لَيس يَبكي وَلا يَعي
وَبين فتى للسيف وَالرمح صدرُه / فإِن ماتَ أَبكى عارفاً بالصنائع
لبستَ ثياباً من دم نعمَ ملبسٌ / كذاك لباسُ الفخرِ يَومَ التدافع
وَخضتَ خضمَّ الجيش وَالجَيشُ مقبلٌ / يموجُ فلم تخشَ انكدارَ المعامع
عرجتَ سماء النقع وَالجَوُّ حالكٌ / بعزمٍ مضيءٍ في الكَريهة لامع
سلامٌ عَلى جسمٍ وَروحٍ تفارقا / وَقالا بأن اللَه أفضل جامع
أتُضحي وحيداً وَالمحبون معشر / وَتردى قتيلاً بعد تلك البدائع
وَتمسي فَريداً بعد ما كُنت مفرداً / عَزيزٌ عَلينا يا جَميلَ الصَنائع
تَليق لك الجَناتُ يا غُصنُ فازدهر / وَدُم في أَمان من مهيمن واسع
فإِني أَرى رضوان يشدو مؤرخاً / لأحمد دم هذا البقا بالصفا معي
تُرى أَين حلّوا أَو إِلى أَين أَزمعوا
تُرى أَين حلّوا أَو إِلى أَين أَزمعوا / وَلم يعلموا من ودّعوه فروّعوا
تَنأَّت بهم عنّا ونافت تنائفٌ / وَعزّ انفصالٌ حيثما عزَّ مرجع
فشُلّت يدٌ مُدَّت لتوديع راحلٍ / عَلى إثره يَشقى الفؤادُ المفجّع
وَذُمَّ زَمانٌ ما وفي بدوامه / وَلا ذُمَّ عيشٌ مرَّ إذ نحن جُمَّع
فيا راحلاً بالرغم عني رحيلُه / بودي تَرى بعد النَوى كَيفَ تصنع
لقد شُفيَ الحسّادُ وارتاح من وشى / وَنال الَّذي يَرجو العذول وَمن سعوا
وَأَعقبتَ قلبي زفرةً بعد زفرةٍ / عَلى حسرةٍ من حرِّها يتصدّع
وَعوّضتَ عيني بعد طلعتك البُكا / فلا أَدمعٌ تجدي وَلا أَنا أَقنع
عَلى طلل أَبكي وَقَد كانَ آهلاً / وَأَصبح هذا اليَوم والدارُ بلقع
وَما زالَت الدُنيا يذلُّ عزيزُها / وَتصريفُها فينا يضرُّ وَينفع
هنيئاً لجفن لَيسَ تعرف ما البُكا / وَطوبى لقلبٍ ليس يبلى فيجزع
خليلي إني بالتأسي لقانعٌ / وَلكن بنوحي بعد ما صار مولع
أَتجمَع حَتّى تفرح النفس وَالَّذي / تغرُّ به نردى وَهيهات ندفع
نؤلَّفُ حَتّى نطمئن إِلى البقا / وَمِن حَيثُ أَعطَت في الحَقيقة تَمنع
وَحسبُك في الأَيام تحدو بركبنا / إِلى منزل نهوى سِواه فنفزع
بصائرنا تدري وَتجهل ما درت / وَأَبصارنا مما رَأَيناه تخشع
وَما الناس إلا جاهدٌ بعد فاقدٍ / وَباكٍ عَلى باكٍ وَكُلٌّ مودع
وَما المَرء إِلا كالذُكاء حياتُه / وَيَدري غُروب الشمس من حين تطلع
وَما العَيش إِلا مَنزِلٌ قَد تداوَلَت / تَعاوُرَهُ عادٌ وَخَلَّفَ تُبَّعُ
كَأني أَراهم أَمةً بعد أَمةٍ / تدافع بعضٌ بعضَهم إذ تدفعوا
كأَني أَراهم هالكاً بعد هالكٍ / أَو اِنِّي أَراهم تابعاً ثم يتبع
غصوناً متى تنمو وَيضفرْ طليلُها / تهشَّمْ وهين ثم ينمو وَيَينَع
وَما فنيت أَرضٌ ولا زال جوُّها / وَلا اختل منها مستصافٌ وَمربع
وَكُل سحابٍ قَلا تلاشته صرصرٌ / تداولها عنا السوافي فتقشع
وَإني أَرى فيها الحَياة وَأختها / تبادلنا أَرواحنا حين تنزع
فسيان فيها فرقةٌ وَتجمّعٌ / وَخسران منها كدُّ نفسٍ وَمطمع
وَسيان فيها أَرضُها وَسماؤها / وَقَد خُطَّ للأقمار في الترب مطلع
أَما هذه بنت الخليل أَخت أَحمد / شَقيقة من للعلم وَالفَضل منبع
دَعاها وَريعان الشَباب يصده / وَوُرْقُ الصِّبا في جنة العُمر يسجع
عفا اللَه عن دُنيا أَضاعَت جَمالَها / وَفازَت بهِ الأُخرى وَإِن هيَ تفجع
أَما كان حق للشبية واجبٌ / فيُرعَى لدى داعي الفَنا أَو يُشفَّع
ليبك العفافُ المحضُ وَالزهدُ وَالتُقى / وَحسن السَجايا وَالحجاب الممنع
لتبكي البواكي أَو تشق جيوبها / وَأَكبادها قد غالَ ما تتوقع
وَما مصرع أَودى بحسن صفاتها / وَلكنه للستر وَالخدر مصرع
منزهة عما يشين حقيقة / بحسن الثَنا وَالخُلقِ وَالخَلقُ أَبدع
سمت بأبيها وازدهت بشقيقها / وَعزت فمرأىً كم بكاها وَمسمع
لتبك عليها الحاسرات وجوهها / وَيندبها من كان بالحق يصدع
فلا زالت الدُنيا تردد ذكرها / وَلا زالت الأُخرى بها تترفع
وَلازالَ هذا الدَهر يتلو مؤرخاً / لزينب ما بين الجنان تمتع
ترقرق دَمعُ العين والقَلبُ جازعُ
ترقرق دَمعُ العين والقَلبُ جازعُ / وهاجت بي الأفكارُ وهيَ تمانعُ
فلم أَدر من هاج الهَوى بعد ما سعوا / أَبرقٌ بدا من جانب الغورِ لامعُ
أم ارتفعت عن وَجهِ سلمى البراقعُ /
وما لفؤادي بعد ما مل وارتضى / بذلِّ التسلّي هام وجداً لما مضى
فماذا الَّذي أَغراه بالشوق واقتضى / أَنار الغضا ضاءت وسلمى بذي الغضى
أَم ابتسمت عما حكته المدامعُ /
وفيم أَرى الأحبابَ ما بين حائرِ / وما بين شاكٍ من هواه وشاكرِ
وفيم سكارى من تذكر هاجرِ / أَنشرُ خزامى فاحَ أَم عَرفُ حاجرِ
بأم القرى أَم عطرُ عزةَ ضائعُ /
أَخلايَ عزَّ القربُ وهوَ غنيمةٌ / فهل من تلاق والأماني عقيمةٌ
وما لزمان الوصل بالعمر قيمةٌ / فيا ليت شعري هل سليمى مقيمةٌ
على عهديَ المعهود أو هو ضائعُ /
وإلا فحلّت أَربعاً بعد أَربعِ / كبدر تَنقَّلْ مطلعاً بعد مطلعِ
وهل رَوضُ ذاكَ العَهد يُسقى بأدمعِ / وهل لعلع الرعد الهتون بلعلعِ
وهل جادها صوبٌ من المُزن هامعُ /
وهل منزه الأحباب بين أَزاهرِ / وندمان صدق كالنجوم الزَواهرِ
وهل يشتفي قلبي ويهنأ ناظري / وهل أَرِدَنْ ماءَ العُذَيبِ وحاجرِ
جهاراً وسر الليل بالصبح شائعُ /
وهل تُرجِع الأيام صفواً وملعبا / لتلك الأماني بعد ما عزّ مطلبا
وهل لم تزل تلك القباب على قِبا / وهل قاعة الوعساء مخضرّة الرُبى
وهل ما مضى فيها من العيش راجعُ /
وهل يصفو من تلك المناهلِ موردُ / وهل سر من بعدي مقامٌ وَمقعدُ
وهَل عهد من أَهوى كما كنت أَعهدُ / وهل برُبى نجدٍ فتُوضِحَ مسندُ
أُهيلَ الفضا عما تجنُّ الأضالعُ /
وهَل من خليصٍ بالخليصاءِ ينتمي / لحفظ الوفا يَرعى به حقَّ مغرمِ
وهل ذاكرٌ لي شرب صحبي بزمزم / وهل بلوى سلعٍ يُسَل عن متيَّمِ
بكاظمة ماذا به الشوق صانعُ /
وهل ظبيات الخيف قد حال طَورُها / فآنسها ود وبُدَّل جَورُها
وهل كاس أَزهارها الربى طاب دَورُها / وَهل عَذبات الرند يقطف نَورُها
وهل سلماتٌ بالحجاز يوانعُ /
وهل ضحك الوردُ الجني بما حجلْ / وهل ربع نرجسها فغيّره الوجلْ
وهل مال قدُّ البان بالتيه واعتدلْ / وهل أَثلاتُ الجزع مثمرةٌ وهلْ
عيونُ عوادي الدَهر عنها هواجعُ /
وهل للبدور الزهر حسنُ تبالجِ / لها تهتدي الأبصار من كل دالجِ
وهل لحَريضٍ دونها من معالجِ / وهل قاصرات الطرف عينٌ بعالجِ
على عهديَ المعهود أم هوَ ضائعُ /
وهل بطريق القَوم صبٌّ تفنّنا / فأضحى كما أَمسى له النوحُ ديدنا
وهل مغرمٌ بعدي لأعتابهم دنا / وهل ظبيات الرقمتين يعيدنا
أَقمن بها أَم دون ذلك مانعُ /
فيا صاحبي جدد هواهم وغنّني / وإن لم يُرَجَّ القرب منهم فَمَنّني
فهل ثم من خلّ بودّيَ يعتني / وهل فتياتٌ بالغوير يرينني
مرابعَ نُعمٍ نِعمَ تلك المرابعُ /
أَطِل ذكرَهم عندي لِتُبردَ مارجي / وتُهدِئ رَوعي أَو تُسكِّنَ لاعجي
فهل ذلك المغنى مقيمٌ بعالج / وهل ظلُّ ذاكَ الضال شرقيَّ ضارج
ظليلٌ فقد روَّته مني المدامعُ /
وَما حالُ أَحبابي وَودّ معاشري / وخلّي وخلاني الكرام العشائرِ
فهل منهم يوماً على اليأس ذاكري / وهل عامر من بعدنا شِعبُ عامرِ
وهل هوَ يوماً للمحبين جامعُ /
فديت الهَوى فيما أَضل مسالكي / ومذهبه ديني وما زالَ مالكي
فهل من مجير شافع في وصالكِ / وهل أَمَّ بيت اللَه يا أُمَّ مالك
عريبٌ لهم عندي جميعاً صنائعُ /
فهل هجروا مغنى وجابوا صفاصفا / وأَجدت بهم مسعى بمروة فالصفا
وهل وردوا عَذباً وأَمّوا بما صفا / وهل نزل الركب العراقي معرفا
وهل شُرِعت نحو الخيام شرائعُ /
وهل من مِنى نالوا المُنى أَم تخاصصوا / سرورَ التهاني والليالي فرائصُ
وهل طربت للبين هيفٌ رواقصُ / وهل رقصت بالمأزمين قلائصُ
وهل للقباب البيض فيها تدافعُ /
خليليَ بَيني والحمى جوبُ فدفدِ / وطولُ اغترابٍ عزَّ عنه تجلّدي
فهل منجدي بالقرب دهرٌ مُبَعِّدي / وهل لي بجمع الشمل في جمعِ مسعد
وهل لليالي الخيف بالعمرِ بائعُ /
أبيتُ بقلبٍ في هواهم مجذَّذِ / أَرى عوَّدي تبكي وتيأسُ عُوَّذي
فهل نعمت نعمٌ على حالة كذي / وهل سلَّمت سلمى على الحجر الَّذي
به العهدُ والتفّت عليه الأصابعُ /
وهل سكَّنَت من ضمها الركنَ لوعةً / وهل غَيَّضَت من رؤية الجَمع دمعةً
وهل أمَّلت لي بعد بُعدي رجعةً / وهل رضعت من ثدي زمزمَ رضعةً
فلا حرمت يوماً عليها المراضعُ /
ولا غالها صرفُ الزَمان المبدِّدُ / ولا راعها جَمعٌ كما سن تبعدُ
ولا زالَت الدُنيا إليهم تودّدُ / لعل أصيحابي بمكةَ يُبردوا
بذكر سليمى ما تجن الأضالعُ /
وإني لأبكي وصلةً قد تقدمت / وأزمان بين في فؤادي تحكّمت
لعلي أَرى الأيام تبذل ما حمت / وعل اللويلات التي قد تصرّمت
تعود لنا يوماً فيظفرَ طامعُ /
فينسى الشقا لما يحق التنعمُ / وتصفو الليالي والأحبة تَغنمُ
فيضحك باك والمروّعُ يبسمُ / ويفرح محزونٌ ويحيى متيَّمُ
ويأنسُ مشتاقٌ ويلتذُّ سامعُ /
فَواللَه ما أَدرى أَأَحلامُ نائمٍ
فَواللَه ما أَدرى أَأَحلامُ نائمٍ / وإلا خيالاً كان ذاكَ التَجَمُّعُ
وليلى وقد نادى منادي رحيلِنا / تجلّت لنا أَم كانَ في الرَكب يُوشعُ
ولا بدّ من شَكوى إِلى ذي مروءة
ولا بدّ من شَكوى إِلى ذي مروءة / يصونُك أن ترجو سِواه ويمنعُ
ترى الكَفَّ منهُ واللسان وقلبه / يواسيك أَو يسليك أَو يتوجّعُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025