أهاجك برق في دجى الليل لامعُ
أهاجك برق في دجى الليل لامعُ / نعم واستخفتك الربوع البلاقِعُ
أضاء فجلباب الظلام ممزق / كما مزق النقع السيوف القواطع
أما وامتطاء العيس في كل مهمه / مواضي كما شاء الهوى ورواجع
وركب تعاطوا في الدجى دلج السرى / يقودون داجي الليل والليل طالع
يجدون عن طعم الكرى فجنوبهم / جنوب خيول ما لهن مضاجع
لقد ذكرتني سالف العهد بالحمى / حمائم أيك في ذراه سواجع
ذكرتكم والخيل تعثر بالقنا / وبيض المواضي والرماح شوارع
فبت كأني ساورتني ضئيلة / من الرقش في أنيابها السم ناقع
وبين جفوني والسهاد تواصل / وبين ضلوعي والهموم تقارع
ولم يستطع كتم الهوى ذو صبابةٍ / له فيض دمع بالتباريح صادع
إذا سألوا عن سره فهو كاتم / وان سألوا عن وجده فهو ذائع
وما الحب إلا عبرة مستهلة / ونار جوى تطوى عليها الأضالع
وقد زارني طيف الخيال فزادني / إلى الوجد وجداً والعيون هواجع
فطيف للذات التواصل مانح / وخل لإهداء التحية مانع
أكان حراما لو تدارك مهجة / لئن لم تمت في الحب فهي تنازع
ألم يأن أن تروى قلوب من الصدى / وأن يجمع الشمل المشتت جامع
حلفت بمن وارى الستار وما هوت / إليه رقاب العيس وهي خواشع
لئن بعدت منا الجسوم عن الحمى / ففي ربعه منا القلوب ودائع
وليل بجنب الحي لا أستعيده / جنيت به حلو الجنى وهو يانع
يخادعني فيه رسيس من الهوى / ومن عجب الأيام مثلي يخادع
ألا ليت شعري هل أرى ذلك الحمى / وهل فيه أيام مضين رواجع
هي الدار لا شوقي القديم بناقص / إليها ولا قلبي من البين جازع
ولولا احمرار الدم لانبعثت لها / سحائب من دمعي هوام هوامع
هجرت الحمى لا أنني قد سلوته / وكيف ولي قلب إليه ينازع
ولكنني جانبت قوما كأنني / لآنافهم لما يَرَونِيَ جادع
أقلب طرفي لا أرى غير ناكث / يماذقني في وده ويصانع
قذفت إخاء كدر المذق صفوه / ولاحت عليه للضغون طلائع
يصافي أخاه إن بدا منه مطمع / ويهجره إن جانبته المطامع
سأشكوهم والعين يسفح ماؤها / وطير الجوى بين الجوانح واقع
إلى من إذا قد قيل من نفس أحمد / أشارت كليب بالاكف الاصابع
وروح هدى في جسم نور يمده / شعاع من النور الإلهي ساطع
وكنز عن العلم الربوبي إن تشا / يخبرك ظهر الغيب ما أنت صانع
مليك تجلى في سما المجد رفعة / شمائله فيها النجوم الطوالع
دنا فتدلى للعقول وإنها / لتقصر عن إدراكه فهو شاسع
يريك الندى في البأس والبأس في التقى / صفات لأضداد المعالي جوامع
يهم بمقدام على كل فتكة / يضيق بها رحب الفضا وهو واسع
مضت حيث لا لدن المثقف شائك / فيخشى ولا السيف المهند قاطع
خلال يضوع الشعر من طيب نشرها / ألا كل مد في سواك لضائع
وكم جحفل قد دك منه صفاته / له فوق أصوات الحديد صواقع
سقبت المنايا واقعا بنفوسهم / إذا الحرب سوق والنفوس بضائع
فليس لهم إلا الدماء مدارع / وليس لهم إلا القبور مضاجع
أراع فؤاد الدهر بطشك فانطوت / على ومجل أحشاؤه والاضالع
حسامك في الاعمار أمضى من الردى / وحلمك يوم الصفح للصفح شافع
وأنت أمين اللَه بعد أمينه / وأنت له صهر وصنو وتابع
لعمري لقد أيدته في حروبه / كما أيدت كفيه منه الاصابع
فلا واصل إلا الذي هو واصل / ولا قاطع إلا الذي هو قاطع
أقول لقوم أخروك سفاهة / وللذكر نص فيك ليس يدافع
دعو الناس ردوهم إلى من يسوسهم / فهل يستوي شم الذرى والاجازع
وهل يستوي السيف اليماني والعصا / وهل تستوي أسد الشرى والضفادع
ألا إن هذا الدين لولا حسامه / لما شرعت للناس منه الشرايع
ألا إنما الأقدار طوع بنانه / إذا ما دعي للأمر وافت تسارع
ألا إنما الأرزاق عند اقتسامها / فهذا له معطي وذلك مانع
إلا إنما التوحيد لولا علومه / لما كشفت للناس عنه البراقع
لك المعجزات الباهرات أقلها / لك الميت يحيا والضلوع جراشع
وفيك استغاث اللَه للذنب آدم / فلاح له برق من العفو لامع
وفيك التجى في اليم نوح وقد طغى / على كل طود لجه المتدافع
وفيك اغتدى في السجن يوسف راجيا / نجاة وقد سدت عليه المطالع
وآنس منك النار موسى بذي طوى / فسار إليها وهو للنعل خالع
وباسمك قد نادى الخليل فلم يخف / من النار هولا وهو في النار واقع
ومعناك كم أبدى لذي اللب معجراً / وكم رد وقع الخطب والخطب فاضع
وما هي إلا آية بعد آية / تسك بها للملحدين مسامع
حمى لا يريع الليث ظبي كناسه / فيذعره عن سربه وهو راتع
وجارك لا يعطي الزمان مقاده / ومنك له ركن شديد مدافع
ولا فاضعاً للدهر خوفا وان مضى / على الناس جوراً صرفه المتتابع